موقع 24:
2025-02-11@01:03:21 GMT

هل خلافات الشارع السوري من تأثيرات الدولة الأمنية؟

تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT

هل خلافات الشارع السوري من تأثيرات الدولة الأمنية؟

قد يتساءل الكثير من المتابعين لما حدث في سوريا في 8 ديسمبر (كانون أول) الماضي، لماذا الشارع السوري اليوم في حالة خلاف شديدة بعد أن تم خلع نظام آل الأسد من الحكم، حول شكل الحكم البديل الذي يرغبون فيه؟ وتتجسد حالة الخلاف هذه من خلال ما ينشر على صفحات الفيس بوك العامة والخاصة، فتعليقاتهم والردود عليها تعطي صورة إلى حدٍّ كبير، عن عِدَائهم لبعض المفاهيم والمصطلحات نتيجة جهلهم بها.

فمعظمهم يدلو برأيه في كل المسائل والقضايا وكأن ما كان متداولاً منذ بدء المظاهرات والحراك الشعبي الذي بدأ سلمياً ثم نتيجة الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب، فتحوّل ما كان سلمياً إلى حراكٍ مسلح ليدافع عن نفسه. فلا نزال نجدهم على الشاشات ومنصات التواصل يحللون ويفتون بكل الحقول في السياسة وأسعار الغاز، في الدين وشعائره، في الموسيقا ووطنية من تظاهر، أو تخوين من خرج من البلاد، والعكس صحيح أيضاً، فطريقة الخلافات والنقاشات ذاتها لم تتبدل، وأغلبهم لا يقرأ رغماً عنه.

ولمقاربة هذا الاختلاف والنقاش حتى نصل لأسبابه لا بد أن نتنبّه إلى جهلهم وخوفهم، والجهل يضاعف الخوف، وهي مجاميع بشرية كأنها تولد اليوم ولا تزال تحبو غير مبصرة طريقها، يقودها جهلها لأسباب كثيرة، فهي تجهل حتى ذواتها وصحة مفاهيمها، فلا يحق لها أن ترفض شعارات تُرفع في مظاهرة أو اعتصامٍ، أو ترد في مقال هنا ومنشور هناك، من دون أن تعي معناها الحقيقي، وضرورتها كمفاهيم أكثر حيوية وديناميكية في تقدّم المجتمعات، لا معناها الذي يُروّجُ له مَنْ يُعادي تطور المجتمعات!

فالطرف الذي يتمسك الإسلام السياسي، يجهل ما هي العلمانية، ويأخذ تفسيراً سطحياً لها من رجل فكر أو دين، ما زالا يفكران على طريقة العصور الوسطى، ولذلك لن يقبل بهذا الشعار وسيتهجم على كل من يطالب بنظام حكم علماني، حتى أنه يجهل أنها نظام حكم سياسي، ولا تعني البتة حكم الملحدين، كما نقرأ في تعليقاتهم وردودهم، ولا يمكن أن يتقبل قسم كبير منهم بحكم مدني ديمقراطي، فهو يخاف على ثورته وعلى عودة النظام المخلوع من خلال فلوله.

غياب الحياة السياسية

وفي حقيقة الأمر ثمة أسباب جلية وراء كل ذلك الاختلاف الذي هو من حيث الشكل ضروري لكنه من حيث الجوهر لا ينتج عنه أي شيء، فكل هذا الجهل وعدم وجود وعي في حقل سياسي أو ديني أو اجتماعي، سببه الأساسي غياب الحياة السياسية التي فرضها النظام المخلوع منذ أن حكم الأسد الأب بعد حركته التصحيحية الجائرة وإن ترك لها شكلاً صورياً تجسد بالجبهة الوطنية التقدمية التي ساهمت بِصَمْتِها على دمار البلد، منذ عهد الأسد الأب وتفاقم ضرر صمتها في عهد المخلوع. فوعي الإنسان بشتى أنواعه، هو وعي مكتسب وتراكمي، تسهم فيه بشكل أساسي المؤسسات الثقافية والإعلامية والتعليمية.

كما أن ما ضاعف من تأثير غياب الحياة السياسية، تغوّل السلطة الأمنية التي هيمنت وابتلعت مؤسسات الدولة،  فأصبحت هي الدولة، ما يعني أيضاً هيمنتها على خطاب مؤسسات الثقافة والإعلام والتعليم، ومع الأسف لم تتنبه قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، الحزب القائد، كما كان يسمي نفسه، للدولة والمجتمع،  إلى تلك الهيمنة، رغم جرأة صوت المفكر الراحل د. طيب تيزيني، الذي طالب بتفكيكها عام 1992 في إحدى فعاليات الملتقى الفكري الذي كان يعقده مكتب الإعداد في فرع حزب البعث الاشتراكي بحمص، والذي كان يرأسه الراحل خضر الناعم، هذا الملتقى الذي تنبهت السلطة الأمنية لخطورة ما يُطرح فيه، وإلى ما يفعل هذا الرجل المتنوّر الذي كان هاجسه وديدنه دعم الهيئات الثقافية الحكومية والأهلية، وفعالياتها، فدفعت به وعينته عضواً في مجلس الشعب في قائمة الجبهة، فتوقف الملتقى، وبدأ التّكلس سمةً، لكل الفعاليات الثقافية من بعده.

تجدر الإشارة إلى أن الراحل د. تيزيني كان قد أعاد مطالبته بتفكيك الدولة الأمنية بعد بداية الحراك الشعبي عام 2011 عندما دعت السلطة المخلوعة للقاء تشاوري في شهر تموز، بثّت وقائعه على الهواء مباشرة صوت وصورة، وكانت الناس في سوريا قد استبشرت خيراً وقتذاك من سوية هذا الحوار وجرأته وعمقه، لكن بعد أيام قليلة عادت السلطة الأمنية لتغلق آذانها ولتتأبط سلاحها وتوجهه إلى صدر الحراك الشعبي وإطلاق تهم التخوين له مع كل رصاصة تطلقها ضده!!

خطاب إعلامي هشّ

أمّا الضلع الثالث الغائب في عملية زرع الوعي وتنميته لدى جيل الشباب الذي لا يعرف تلك المفاهيم بدقتها فظل الخوف منها لجهله بها، فهو غياب الإعلام الخاص بكل وسائطه.  

ليس أخيراً

لا شيء ينهي الخلاف بين السوريين وبالأحرى يضع حوارهم  الحاد على السكة الصحيحة سوى عودة الحياة السياسية التي سبق وأن شهدتها البلاد في خمسينيات القرن المنصرم عقب رحيل الاحتلال الفرنسي، حيث التنافس بين الأحزاب تحت قبة البرلمان، سمة تلك المرحلة، فوحدها ستقلص المسافات بينهم وتعيد لنسيجهم الاجتماعي قوته وعزيمته في بناء سوريا جديدة لكل أبنائها اعتماداً على دستور جديد، وقانون عصري للأحزاب التي يمكن أن تنشأ وليس للأحزاب الهرمة التي ساهمت في دمار البلد، وإعادة إحياء "لجان إحياء المجتمع المدني" التي كنا قد شهدنا حراكها  بين عامي 2000 و2011. فهي القادرة على خلق علاقات صحّية بين الناس بتنوع شرائحهم بعيداً عن لغة الإقصاء. 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الحیاة السیاسیة

إقرأ أيضاً:

صندوق الإسكان يستعرض تأثيرات مبادرة "سكن لكل المصريين" للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل

استقبلت مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، وفدًا إعلاميًا تابعًا لمؤسسة الرئاسة الكينية، والذي يجري عدة لقاءات تليفزيونية لصناعة فيلم وثائقي حول المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل.


وقدمت مي عبد الحميد شرحًا مفصلًا للمبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين"، حيث أكدت أن المبادرة الرئاسية تعد تنفيذًا واقعيًا للحق الدستوري بضرورة توفير السكن الملائم للمواطنين منخفضي الدخل، كما عملت على توفير البيئة التشريعية اللازمة للمبادرة من خلال إصدار قانون يختص بتنظيم الإسكان الاجتماعي ويوضح شروطه وآليات العمل به.


وأبرزت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري الخطوات التي يتخذها الصندوق قبيل طرح كل إعلان، سواء على مستوى دراسة الأماكن الأكثر طلبًا لطرح وحدات سكنية بها، وكذلك تحديد حدود الدخل التي يجب العمل بها ضمن الإعلان، وذلك وفقًا لأحدث البيانات والمعلومات في هذا الشأن.


كما أوضحت مي عبد الحميد الوضع التنفيذي للمبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل، حيث نجح الصندوق في طرح مليون وحدة سكنية، وانتقل نحو 3 ملايين شخص لوحداتهم الجديدة حتى الآن.


واستعرضت النتائج الإيجابية التي حققتها المبادرة على أرض الواقع، والتأثيرات الخاصة بها على حياة المواطنين وعدد من الفئات التي لم يكن من السهل حصولهم على وحدات سكنية مثل المرأة والعاملين بالقطاع الخاص والأعمال الحرة.


كما أوضحت نظام الأولويات المتبع في ترتيب المتقدمين، ونظام التمويل العقاري وتفاصيله، وكذلك آليات تعاون الصندوق مع جهات التمويل المختلفة، بالإضافة إلى شرح مبادرة العمارة الخضراء، ومنظومة الضبطية القضائية، ومنظومة الشكاوى، والتحول الرقمي الذي اتبعه الصندوق في تقديم خدماته.


ووجهت  مي عبد الحميد بتنظيم زيارات ميدانية للفريق الإعلامي الكيني، حيث نظم صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري زيارات لوحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" ومبادرة "العمارة الخضراء"، وذلك على مدار يومين متتاليين.
وزار الوفد الكيني مدن 6 أكتوبر الجديدة، والعبور الجديدة، وحدائق العاصمة، حيث التقى بالمسئولين عن أجهزة المدن بهذه المدن، بالإضافة إلى زيارة نماذج مؤثثة من وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين"، وتحدث إلى بعض المستفيدين من المبادرة للتعرف على التأثيرات الإيجابية لها على حياتهم.


كما تفقد الوفد الكيني وحدات مبادرة العمارة الخضراء، وتعرف على مراحل العمل المختلفة بها، والتأثيرات الإيجابية المتوقعة لها على البيئة وقدرتها على توفير استخدام الطاقة، وإعادة استخدام المياه الرمادية في ري المناطق المحيطة.


يذكر أن الرئيس ويليام روتو، رئيس جمهورية كينيا، كان قد تفقد عددًا من نماذج الوحدات السكنية المنفذة ضمن المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين، وكذلك مبادرة العمارة الخضراء، والتي يتم تنفيذها بمدينة حدائق العاصمة.

مقالات مشابهة

  • عمرو أديب: غزة تحولت لفرصة استثمارية لإسرائيل رغم غياب الحياة الآدمية
  • عمرو موسى: الحياة السياسية تحتاج لأحزاب حقيقية وليس مجرد رقم على الساحة
  • رئيس حزب الوعي: ننحاز للطبقة المتوسطة ونستهدف إنعاش الحياة السياسية
  • تظاهرات الاقليم: الطبقة السياسية تعيش في عزلة عن معاناة الشارع
  • صندوق الإسكان يستعرض تأثيرات مبادرة "سكن لكل المصريين" للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل
  • إليكم السبب الذي قد يؤدي إلى رفض طلبكم نحو هذه الدولة الأوروبية
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • الخارجية السودانية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • الخارجية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • خطاب البرهان الذي شاهدته يختلف عما يمكن أن تفهمه من تحرير بعض منصات الإعلام