عن الحشد والفصائل .. كلام في الصميم !
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا: بين فترة وأخرى نسمع من بعض السياسيين والنواب العراقيين تشدقاً وتجاوزاً غير مبرر وغير بريء بالضد من فصائل المقاومة ” المسلحة” وبالضد من الحشد الشعبي وهم يغازلون مشاريع خارجبة واعلام خارجي يشوه بالحقائق داخل العراق. والغريب ان هؤلاء النواب وهؤلاء السياسين ومعهم بعض الاعلاميين والصحفيين وبعض وسائل الاعلام بدأوا ولازالوا يقومون بخلط مقرف وغير عادل متناسين انه لولا الحشد الشعبي والفصائل التي انصهرت بالحشد لما بقي نظام سياسي ولما بقي برلمان يتشدق تحت قبته البعض ضد الحشد الشعبي ولما بقيت عملية سياسية أصلا .
ثانيا : فالواقعية والمهنية تحتمان على كل شخص وباحث يتناول الفصائل والحشد ان يفصل بين اربع مراحل مهمة وهي:
١-مرحلة مقاومة الاحتلال التي بدأت أواخر عام ٢٠٠٣ وعام ٢٠٠٤ صعوداً وعندما كانت جميع عناوين الفصائل تابعة للتيار الصدري وللمدرسة الصدرية التابعة لزعيمها الوطني والكبير الذي اغتيل عام ١٩٩٩ بأمر من جهات خارجية وبالتنسيق مع جهات داخلية ” دينية وسياسية” لم تتحمل خطاب ونهج ومشروع هذا الزعيم الوطني والديني والاجتماعي وهو المرجع الشيعي محمد صادق الصدر ” رض”.فمنها من تمرد على نهج ومشروع الصدر الثاني، ومنها من اجتهدت هي من نفسها ومضت، وأخرى ذهبت لتلتحق بخط ولاية الفقيه وايران ونالت الدعم العسكري والمالي والإعلامي واللوجستي من إيران !
٢- مرحلة تحديد الهويات والعناوين ” فصائل متعددة ” حصلت على تدريب وتمويل ووسائل إعلام فصنعت لنفسها جزر معزولة ومقرات ضخمة وثقافة خاصة وسلوك خاص وخدمتها الاحداث في سوريا التي بدأت عام ٢٠١١ لتعود باحثه عن حصص في الحكم والسلطة وعن مقاولات وصفقات بحيث شعر بعضها انها اقوى من الدولة. من هنا بدأت حساسية الشعب العراقي ضدها خصوصا عندما بدات بعض الفصائل بفرض ممارسات وثقافات إيرانية داخل العراق “باللباس والسلوك والممارسات والولاءات” بحيث حتى سببت هلعاً داخل الحوزات العراقية وداخل مرجعية النجف نفسها !
٣- ولكن عندما احتل تنظيم داعش الأرهابي مدينة الموصل والمدن الأخرى” السنيَة” عام ٢٠١٤ و بلعبة دولية واقليمية ومحلية قذرة وبدأ التنظيم يتمدد باتجاه العاصمة بغداد بسبب انهيار معنويات الجيش العراقي والشرطة العراقية . هنا صدرت فتوى المرجعية الشيعية في النجف وهي ( فتوى الجهاد الكفائي ) والتي هي ( تطوع بدون مقابل مادي ،ولا مخصصات، بل هو تطوع عقائدي ووطني واخلاقي وديني) وكل حسب قناعاته وتلبيته للفتوى. وبالفعل انصهرت الفصائل مع المتطوعين الشيعة القادمين من جميع المحافظات والمدن والقرى الشيعية في العراق وتبخر التوجس الشعبي من تلك الفصائل لان الجميع انصهروا تحت عنوان ( الحشد الشعبي ) والذي كان له الدور الأساسي والمهم بعودة الثقة والمعنويات للجيش الخرافي والشرطة العراقية لتعود وتمارس القتال الشرس والبطولي إلى جانب جهاز مكافحة الأرهاب والصنوف الأخرى. ومعهم الشرفاء من ابناء المحافظات السنية الذين رفضوا مشروع داعش والتصقوا بالحالة الوطنية .هنا اصبح الحشد الشعبي بعنوانه الكبير وجميع تضاريسه مجد وعز وفخر يتغنى به العراقيين وجميع الشيعة في العالم ويتغنى به الاعلام والمجتمع العراقي بل هناك من اسبغ عليه صفة القداسة واخذ يكتبه ويتحدث به ب ” الحشد المقدس” !
٤- حالة مابعد داعش … هناك تبخرت النوايا الطيبة سواء كانت عقائدية او وطنية او دينية وعلى الاقل من الكم الأكبر من قيادات الفصائل والحشد وتم نسيان تضحيات الفقراء والمحرومين من ابناء الشيعة وصار التفكير بالرواتب والحصص والميزانيات الضخمة من الدولة. اي تبخر الجهاد وتبخرت الفتوى وصار السباق نحو ( المال ، والصفقات ، والحصص في المناصب ، والمشاركة في السلطة ، والتوسع على حساب الدولة ، والتثقف بثقافات وافدة جعلت العراق اشبه بالاقليم التابع لإيران، واصبح من لديه صورة بجوار سليماني وبجوار ابو مهدي وبجوار رموز الحرس الثوري الايراني يحكم ويأمر )٠بحيث صار الذي ينتقد إيران والسياسات الإيرانية في العراق يتعرض للتهديد والترهيب والاجتثاث من الوظيفة وربما حتى من الحياة. فسادت ثقافة جديدة أرعبت وأرهبت العراقيين بصورة عامة والشيعة العراقيين بصورة خاصة وتعاظمت ولازالت مستمرة . من هنا تراجع الدعم الشعبي للحشد والفصائل ، وسقطت القدسية عن الحشد عند معظم العراقيين ، وتنامت ثقافة الخوف على الوطن والمجتمع والهوية العراقية بسبب سلوك وتصرفات وثقافات وتمدد الحشد والفصائل . وكل هذا بسبب تصرفات ونهج وخطاب معظم قيادات الحشد والفصائل !
الخلاصة :
فلا يجوز دمج تلك المراحل وتوجيه الاتهام والتسقيط والفوبيا من الفصائل والحشد . بل يجب فصل المراحل وتقييمها اولا .وثانيا يجب كشف اسباب النأي الشعبي ونأي الثقة وهبوط القدسية عن الحشد وبعض والفصائل. ونعود ونكرر ان المافيات التي انتفخت داخل بعض الفصائل وداخل الحشد والتي باتت تخيف المجتمع والدولة هي السبب بالتوجس من مشروع الحشد الشعبي. وطبيعي وفي جميع دول العالم من ليس لديه حاضنة شعبية يتراجع سواء كان مشروع سياسي او مشروع مقاومة او مشروع معارضة ” وان هذا الأمر الاستراتيجي لم تكترث له معظم القيادات داخل الحشد وداخل الفصائل ” فتراجع تلك التجربة خصوصا عندما تشبثت بالشعارات والثقافات الصادرة من ولاية الفقيه وتناست انها تعمل وتتحرك في داخل العراق وداخل المجتمع العراقي !
فلاش مهم :-
ونكرر ونعيد ان داخل الحشد وداخل الفصائل شخصيات وقادة ومقاتلين لازال ولاءهم للعراق. ولا يؤمنوا بالعنف والترهيب والتكميم ضد منتقديهم وضد معارضيهم . ولكنهم لم يمتلكوا قرار الانفصال لوحدهم ، او قرار الاعتراض على انتفاخ وتمدد المافيات التي تحدثنا عنها في سياق المقال !
سمير عبيد
١٠ يناير ٢٠٢٥
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الحشد الشعبی
إقرأ أيضاً:
الحشد والتعبئة .. لماذا ؟
تتواصل على قدم وساق دورات طوفان الأقصى الخاصة بالحشد والتعبئة للمجتمع من أجل الاستعداد لمواجهة أي طارئ قد يطرأ على الساحة المحلية من قبل تحالف البغي والعدوان والإجرام، وتأتي هذه الدورات والفعاليات التدريبية والتأهيلية والتثقيفية في سياق الاستجابة العملية للتوجيهات الإلهية التي تضمنتها الآية القرآنية (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) وترجمة لتوجيهات القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-، للاستعداد والجهوزية العالية لمواجهة أي حماقات قد يذهب العدو الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي لارتكابها بحق بلادنا على خلفية مشاركتنا الفاعلة في نصرة ودعم وإسناد إخواننا في قطاع غزة، من خلال معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس والتي كان لها بفضل الله وتأييده وتوفيقه أبلغ الأثر في تحقيق الانتصار الكبير لغزة ومقاومتها على هذا الكيان المؤقت بعد أكثر من خمسة عشر شهرا من حرب الإبادة الجماعية التي مارسها بحق نساء وأطفال وأهالي قطاع غزة .
إن حرص القيادة على تزويدنا بالمهارات وامتلاكنا للقدرات القتالية والتعامل الإيجابي مع مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتزويدنا بالعلوم والمعارف والمهارات والتكتيكات القتالية هو من باب استشعارها للمسؤولية الدينية والوطنية الملقاة على عاتقها، وكذا من باب إلزام الحجة أمام الله، وخصوصا أننا أمام أعداء تجردوا من كل القيم والأخلاق، واستحلوا كل الحرمات، وارتكبوا المحرمات، ومارسوا بحق المستضعفين من الوحشية والإجرام ما تقشعر من هوله وفظاعته الأبدان، وهؤلاء يجب الاستعداد لمواجهتهم على الأقل من باب الدفاع عن النفس، ولا يمكن لنا أن نردعهم إلا إذا كنا على استعداد وجهوزية عالية لذلك، ولا أعتقد أن مثل هذه الدورات التأهيلية التوعوية التثقيفية تشكل أي ضرر على أحد، أو أن فيها ما يجعل البعض ينفر منها، أو يقاطعها على الإطلاق .
نحن في معركة تتطلب أن نتسلح بالوعي والبصيرة والحكمة، وأن نكون على درجة عالية من الوعي والثقافة بطريقة استخدامنا وتعاملنا مع الأسلحة، حتى نسهم في ردع أي قوى غاشمة وظالمة قد تقدم على الاعتداء على بلدنا، ولذا أشد على أيادي الجميع من أجل العمل الجاد على الاستفادة التامة من العلوم والمهارات والمعلومات والمعارف التي تقدم خلال هذه الدورات، والحرص على ترجمة هذه المهارات والمعارف على أرض الواقع عند يتطلب الأمر ذلك وخصوصا أننا نتعامل مع عدو مجرد من كل القيم والمبادئ والأخلاق، عدو عرف بالغدر والمكر والخديعة، وهو ما يستدعي منا اليقظة والجهوزية التامة لمواجهته وإفشال مؤامراته ومخططاته الشيطانية .
لقد انتصرت غزة العزة بعون الله وتوفيقه وتأييده، ومن ثم بفضل بطولات وصبر وتضحيات أبناء قطاع غزة، الذين شكلوا بوعيهم وبصيرتهم الصخرة الصلبة التي تحطمت عليها مشاريع الكيان الصهيوني في استهداف وضرب وتفكيك النسيج الاجتماعي لقطاع غزة، وكان للمواقف اليمنية الرسمية والشعبية اليمنية الدور البارز في دعم وإسناد إخواننا في قطاع غزة، حيث اعترف هذا العدو بقلقه الشديد من دورات طوفان الأقصى، والتعبئة العامة التي يقوم بها أبناء الشعب اليمني وشعر بالخطر مما ينتظره من البأس اليماني الشديد، لذا ذهب مرغما إلى التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا فضل من الله نحمد الله عليه .
بالمختصر المفيد، لدينا قيادة قرآنية حكيمة تبصرنا بالحق وتعيننا عليه وتدلنا على أبوابه وطرقه، لذا فإننا مطالبون اليوم أن نكون أكثر وعيا وإدراكا لما يدور حولنا، وأن نعمل جميعا بروح الفريق الواحد، ونتفرغ للاستفادة من هذه الدورات والخروج منها بأفضل النتائج والحصول على أعلى معدلات التقييم الإيجابي، فهذه فرصة وعلينا أن نستغلها الاستغلال الأمثل، لما يعود علينا وعلى بلدنا بالخير والنفع