الجوامع الكويتية.. ذاكرة حية لجماليات العمارة الإسلامية
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
تشكّل العمارة الكويتية انعكاسا لتأثيرات ثقافات متعددة كالعثمانية والهندية والفارسية، إذ ارتبطت العمارة العثمانية في الكويت بامتداد السلطنة العثمانية في أقطار العالم الإسلامي على مدى قرون.
بينما جاءت العمارة الهندية، نتيجة للاحتكاك الوثيق بين الكويتيين من التجار والعاملين بالسفن التجارية، الذين كانوا يزورون الأقاليم الهندية لنقل البضائع.
وبالنسبة للتأثير الفارسي، فقد تمثل في لمسات عمال البناء الإيرانيين الذين أسهموا في تشكيل ملامح العمارة الكويتية.
المساجد شواهد حيّة على التراث المعماريتمثل المساجد جزءا مهما من العمارة الكويتية، كونها شواهد حيّة على التراث والحضارة الكويتية، وهي ليست مجرد أماكن للعبادة، بل تعكس ما حظيت به المساجد من اهتمام من قبل الكويتيين، حكاما ومحكومين، على مر العصور.
وفي هذا السياق، يأتي كتاب "الآثار والتراث المعماري للمساجد القديمة في الكويت"، لمؤلفه بشار محمد خالد خليفوه، والصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ليقدم توثيقا دقيقا لهذا الجانب المضيء من التراث الكويتي. ويستعرض الكتاب عناية الكويتيين بالمساجد، سواء في حقبة ما قبل الثورة النفطية أو بعدها، مسلطا الضوء على الآثار المعمارية التي تميز هذه المساجد.
ويتناول الكتاب نشأة وتطور النمط المعماري في المساجد التراثية، ويسلط الضوء على مساجد الكويت الأولى. ويقدم دراسة فنية وتاريخية دقيقة تشمل تفاصيل التصاميم المعمارية للمآذن، وإضاءة القباب، وتطور المحراب والمنبر، إلى جانب الأعمدة والزخارف والأبواب التراثية وتصميماتها المميزة.
إعلان إحياء التراث المعماري للمساجديشرح المؤلف، بشار محمد خالد خليفوه، التطور الملحوظ في عمارة المساجد في الكويت، ويركز على الدور البارز الذي لعبته دائرة الأوقاف العامة الكويتية في إعادة إحياء النمط التراثي القديم للمساجد، بدءا من عام 1949. ويناقش الكتاب تأثير هذه الدائرة في تحديد معالم العمارة الإسلامية المحلية وإبراز هويتها.
ويتضمن الكتاب مباحث عدة، من بينها "مساجد الكويت الأولى"، التي تتناول النقلة النوعية التي شهدها الأثر المعماري لهذه المساجد. و"التطور العملي للأثر المعماري ودور دائرة الأوقاف"، حيث يركز هذا المبحث على الأنشطة التي قادتها الدائرة لإحداث تغييرات جوهرية في المعمار القديم، مما أضفى طابعا فريدا على المساجد الكويتية.
ويمثل الكتاب مرجعا مهما لتوثيق تطور العمارة الإسلامية في الكويت. فهو لا يكتفي بتسليط الضوء على الإرث التاريخي للمساجد، بل يناقش أيضا كيف ساهمت الممارسات الحديثة في الحفاظ على الهوية المعمارية الكويتية. ويعكس هذا العمل رؤية متكاملة، تجمع بين الماضي والحاضر، لتظل المساجد منارة للثقافة والتراث في الكويت.
وقدم المؤلف بشار محمد خالد خليفوه في كتابه دراسة شاملة وموسعة للمعالم الفنية والجمالية للآثار المعمارية للمساجد الكويتية. وتناول المؤلف تفاصيل دقيقة شملت الزخارف والنقوش بأنواعها، مع تحليل نمط الأعمدة والأبواب والنوافذ وأشكالها. كما خصص فصولا لدراسة المآذن والقباب والمنابر والمحاريب، مسلطا الضوء على التصاميم والنقوش الفنية التي ترتبط بمدارسها الإسلامية المختلفة.
ذائقة جمالية متأصلة في عمارة الكويتتشير فصول الكتاب إلى أن الكويتيين تمتعوا بذائقة جمالية عالية قديما وحديثا، وهو ما انعكس بوضوح في جماليات مساجد خمسينيات القرن الـ20. وأظهرت تلك المساجد هوية كويتية بارزة في معمارها، حيث امتزجت الأصالة بالابتكار لإعطاء هذه المباني طابعا روحانيا ومعنويا خاصا.
إعلانوبحسب الكتاب، شهد عام 1949 تحولا نوعيا في عمارة المساجد الكويتية. إذ قامت دائرة الأوقاف العامة، منذ إنشائها، بدور محوري في تطوير المعمار الإسلامي في البلاد، من خلال توسيع المساجد وبناء مآذن شاهقة، وهو أمر لم يكن مألوفا في النمط المعماري التقليدي للمساجد التراثية. ومع تحول الدائرة إلى وزارة عصرية في أوائل ستينيات القرن الماضي، بدأت حقبة جديدة من الأنشطة الإسلامية والتطوير العمراني.
ويشير المؤلف إلى أن دائرة الأوقاف استعانت بمجموعة من المهندسين والمعماريين وخبرات البنائين الكويتيين لإضفاء طابع متجدد على المساجد القديمة. ولعبت هذه الجهود دورا أساسيا في إعادة إحياء التراث المعماري، حيث استُخدمت أساليب حديثة ومخططات هندسية متطورة سواء في بناء مساجد جديدة أو في ترميم المساجد القديمة.
ومنذ تأسيس دائرة الأوقاف العامة عام 1949، ظهرت تغييرات جوهرية في زخارف المساجد وأنماطها المعمارية. حيث تم إدخال أساليب تصميم جديدة، مع الاستعانة بخبرات معمارية من دول أخرى، مما أسهم في تطور الزخرفة وإحياء الهوية الفنية للعمارة الإسلامية في الكويت. ويبرز الكتاب الفارق الواضح بين فترة ما قبل تأسيس دائرة الأوقاف وما بعدها، حيث أضحت المساجد رموزا حية للتطور الثقافي والجمالي للعمارة الكويتية.
وسلط المؤلف الضوء على تاريخ العمارة الكويتية من خلال دراسة النماذج التصميمية القديمة وربطها بجوانبها الفنية والجمالية ومدارسها الفنية الإسلامية. ويظهر هذا الربط بين الماضي والحاضر في تصميم المساجد الذي يعكس التطور الثقافي والفني، بينما يحمل في الوقت نفسه روح الأصالة والتراث.
من البساطة إلى الأصالة المعماريةاستعرض المؤلف بشار محمد خالد خليفوه في كتابه "الآثار والتراث المعماري للمساجد القديمة في الكويت" تطور بناء المساجد وعمارتها، مُبينا كيف كانت المساجد في الكويت قبل تأسيس دائرة الأوقاف. ووصف المؤلف تلك المساجد بأنها كانت تفتقر إلى البساطة في التصميم، إذ كانت تتكون من عريش أو غرف صغيرة مبنية من صخور البحر والطين، مدعومة بأعمدة خشبية تُعرف بـ"الجندل" التي تحمل الأسقف.
إعلانوأوضح المؤلف أنه مع بداية النهضة العمرانية الأخيرة في الكويت، ومع تولي كل دائرة دورها في الإسهام في هذا التطور، واكبت دائرة الأوقاف العامة هذا التحول. وشيّدت مساجد حديثة، وهدمت وأعادت بناء المساجد القديمة المتداعية، بما يتناسب مع التقدم العمراني السريع الذي شهدته البلاد. وكانت هذه الخطوات جزءا من رؤية شاملة لتطوير البنية التحتية للعمارة الدينية في الكويت، وجعل المساجد تعكس روح التطور والحداثة مع الحفاظ على التراث.
وفي خاتمة كتابه، أشار المؤلف إلى أن الزخارف التي استعانت بها العمارة الكويتية القديمة تمثل رمزا أساسيا يعبر عن هوية تلك العمارة. وأكد أن تلك الزخارف استُلهِمت من التراث والمواريث الإسلامية المتنوعة، مضيفة لمسات فنية وجمالية على جميع مكونات المساجد، من المآذن إلى المنابر، ومن الأعمدة إلى الأبواب والنوافذ، وحتى الجدران.
وأوضح المؤلف أن هذا الكتاب جاء لتوثيق النمط المعماري القديم الذي يُعبر عن الهوية الكويتية. وأبرز كيف استطاعت العمارة الكويتية دمج أصالة التراث مع التطور الحضري، لتبني معالم دينية تحمل طابعا فريدا يمزج بين الماضي والحاضر. ويمثل هذا التوثيق إضافة قيمة لفهم تاريخ الكويت وتراثها المعماري الإسلامي، ويحفظ للأجيال القادمة قصة تطور المساجد الكويتية من البساطة إلى الأصالة والإبداع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اجتماعي العمارة الإسلامیة التراث المعماری مساجد الکویت عمارة الکویت فی الکویت الضوء على
إقرأ أيضاً:
النساء لن تدخل الجحيم.. إصدار جديد بهيئة الكتاب لـ سليمان العطار
صدر مؤخرا عن وزارة الثقافة بالهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، المجموعة القصصية «النساء لن تدخل الجحيم»، للدكتور سليمان العطار، ومن تحرير وتقديم قحطان الفرج الله.
وفي تقديمه للمجموعة يقول قحطان فرج الله: «لم يكن العطار يحلم وهو غارق في سُبات النوم، بل كان يحلم وعيناه مفتوحتان على العالم، يتأمل بصفاء ويناغم الحياة بكل تقلباتها، يتجنب مرارتها ليطرح أفكارًا تنبض بالأمل والطموح، راسما في أذهاننا صورة لعالم يزدهر بالفكر والعمق، ومستقبل واعد لجيل عربي وإنساني واعد.
في هذه الصفحات، ستجدون العطار يتنقل بين الأحلام والواقع يخلق من التأملات جسورًا إلى عوالم مليئة بالإمكانات والأفكار الجديدة، كل قصة هي دعوة للتفكير والتأمل، وتحدي للنظر إلى الحياة بعين الأمل والإيجابية.
تعد هذه المجموعة القصصية منارة تضيء دروب الفكر والروح وهي بمثابة رحلة تنقلنا بين أروقة الفكر، والفلكلور والطرافة والتصوف والفلسفة، لتكشف لنا عن جوهر الإنسانية في أبهى صورها، ندعوكم فيها للغوص لتكتشفوا كيف أن النساء، بكل ما يحملنه من قوة ورقة لن يدخلن الجحيم، بل سيكن مصدر إلهام لعالم يسعى نحو النور والمعرفة.
و لا يسعنا إلا أن نتوقف بكل وفاء وإجلال أمام ذكرى الأستاذ العطار، الذي رحل عن عالمنا تاركا وراءه إرثا ثقافيا وفكريا يعانق الأفق. إن النصوص التي بين أيدينا اليوم هي ما تبقى من آلاف الأوراق التي ضاعت في كواليس النسيان ولكن بفضل جهود مجموعة من الأصدقاء قمنا بجمعها وترتيبها وتقدمها الآن للقارئ، علها تكون مفتاحا لاستعادة وقراءة فكر هذا الأديب والمفكر العربي البارز».