وصول جوزاف عون لرئاسة لبنان.. ملخص من رسالة أرادها حزب الله إلى الدعم الأمريكي
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
(CNN)-- انتخب البرلمان اللبناني، قائد الجيش المدعوم من الولايات المتحدة، جوزاف عون، ليكون رئيسًا جديدًا للبلاد، منهيًا بذلك جمودًا سياسيًا وفراغًا رئاسيًا دام سنوات.
وانتخب جوزيف عون رئيسا بعد جولتين من التصويت، جاء ذلك بعد جهود حثيثة بذلتها السعودية والولايات المتحدة لحشد الدعم لعون المقرب من واشنطن والرياض، وبعد إعلانه رئيساً، استقال عون فعلياً من منصبه كقائد للجيش، ووصل إلى البرلمان ليؤدي اليمين وهو يرتدي ملابس مدنية.
وقبل انعقاد جلسات البرلمان، الخميس، جرت 12 محاولة فاشلة لانتخاب رئيس خلال العامين الماضيين، وقالت كتلة حزب الله النيابية إنها أدلّت بصوتها لعون خلال الجولة الثانية من التصويت لتعزيز “التماسك الوطني”، لكنها امتنعت عن التصويت خلال الجولة الأولى "لإرسال رسالة"، حيث قال رئيس الكتلة، محمد رعد للصحافيين: "أردنا أن نبعث برسالة… أننا حماة السيادة"، وحصل عون على 99 صوتا نيابيا من أصل 128 في الجولة الثانية من الأصوات.
وكجزء من نظام تقاسم السلطة الطائفي في الدولة الصغيرة الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط، فإن الرئيس اللبناني هو عادة مسيحي ماروني.
وفي خطاب قبوله، أشاد عون بفجر "حقبة جديدة" في لبنان، وتعهد بتخليص البلاد من أزماتها الاقتصادية والسياسية التي لا تعد ولا تحصى، كما قدم وعدًا نادرًا بـ”احتكار الأسلحة” تحت تفويض الدولة، في إشارة واضحة إلى ترسانة جماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، والذي تم التوقيع عليه في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، على ضرورة انسحاب حزب الله من المنطقة الحدودية مع إسرائيل، مما يزيد من تقويض موقعه العسكري، كما يتعين على القوات الإسرائيلية مغادرة الأراضي اللبنانية بحلول نهاية يناير/ كانون الثاني بموجب شروط الاتفاق.
ولم يشارك الجيش اللبناني في الحرب الشاملة مع إسرائيل لكنه لاعب أساسي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال عون في كلمته: "الدولة اللبنانية – وأكرر الدولة اللبنانية – ستتخلص من الاحتلال الإسرائيلي"، كما أثار الرئيس الجديد شبح "استراتيجية دفاعية" لبنانية ضد إسرائيل، المصنفة رسمياً كدولة معادية، من دون حزب الله، ولطالما اعتبرت الجماعة المسلحة القوة العسكرية الفعلية المكلفة بمحاربة إسرائيل.
وظل لبنان بلا رئيس منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون – الذي لا تربطه صلة قرابة بجوزيف عون – في أكتوبر 2022. وكان الرئيس السابق مدعوما من حزب الله المدعوم من إيران. ولم تنجح المفاوضات بشأن خليفته، مما أدى إلى تجدد التوترات بين المعسكرين الموالي للغرب والمؤيد لإيران في البلاد.
ويذكر أن حزب الله هو أقوى جماعة مسلحة في الشرق الأوسط، حتى الحرب المدمرة مع إسرائيل في الخريف الماضي، كان له نفوذ في ثلاث دول على الأقل، وكانت الضربات القاصمة التي وجهتها إسرائيل خلال الصراع، إلى جانب سقوط حليفها الرئيس السوري، بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول، سبباً في إضعاف حزب الله بشدة، وإحياء نقاش داخلي طويل الأمد حول نزع سلاح الجماعة.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: البرلمان اللبناني الانتخابات الرئاسية في لبنان الانتخابات اللبنانية البرلمان اللبناني الجيش اللبناني حزب الله رئیس ا
إقرأ أيضاً:
ماذا لو قرر حزب الله التصديق على خطاب خصومه؟
بعد تشكيل الحكومة الجديدة، بات حضور "حزب الله" فيها واقعاً لا يُنكر، بل كرس فكرة انه جزء من المعادلة السياسية التي تُدار بها الدولة في المرحلة المقبلة، وبالرغم من خطاب خصومه الذين يتّهمونه بالهيمنة على القرار السياسي، لكن بعيدا عن الواقع الحكومي الحالي، ماذا لو قرر الحزب الانسلاخ ظاهرياً من صفة "الشريك في الحكم"، والتحوّل إلى قوة ضاغطة من خارج السلطة، تماماً كما يروّج خصومه؟ يمعنى ماذا لو قرر الحزب رغم حضوره في الحكومة، التعامل كما انه ليس موجودا فيها. اوليس هذا ما يروج له خصومه على اعتبار انهم انتصروا عليه؟
في حال اختار "حزب الله" التعامل مع الحكومة بإعتباره خارجها، سيكون أوّل مستفيد من أي فشل تُسجّله السلطة في معالجة الأزمات المتفاقمة. فبعد سنواتٍ من اتهام الحزب بأنه "عقبة" أمام تشكيل الحكومات واتخاذ القرارات، سيتمكّن من تحويل هذه السردية إلى ورقة ضغط لفضح خصومه المباشرين، وعلى رأسهم "القوات اللبنانية" وقوى سياسية تُوصف بأنها ممثلة لـ"الثورة". فالفشل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو إصلاح القطاعات المنتجة، سيكون دليلاً يُقدّمه الحزب لإثبات أن المشكلة ليست في وجوده داخل السلطة، بل في عجز الخصوم عن إدارة الدولة حتى مع تفريغها من نفوذه.
مصادر مطلعة تشير إلى أن هذا التوجّه قد يترافق مع حملة إعلامية موسّعة لتبرئة ساحة الحزب من تهمة التعطيل، لا سيّما في ظلّ عودة الحديث عن ان الحزب انتهى ولم يعد قادرا على المواجهة والتعطيل.
كذلك، سيوظّف الحزب فشل الحكومة في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية في جنوب لبنان كأداة لإثبات أن "سلاح الدولة" غير قادر على حماية الحدود، وأن المشروع الذي تتبنّاه القوى الموالية للغرب – والمتمثّل بحصر السلاح بيد الجيش – هو مشروع وهمي في مواجهة عدوانٍ يستهدف لبنان منذ عقود. هنا، سيعود الحزب إلى خطابه التقليدي الذي يربط بين المقاومة وعجز الدولة، مع إلقاء المسؤولية على الحكومة التي توصف بأنها "تابعة لواشنطن"، والتي لم تحقّق أي تقدّم في ملفّ التحرير أو التصدّي للاحتلال، بحسب تعبير المصادر نفسها.
حتى ان الحزب سيضع فكرة إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي – خاصة في القرى الجنوبية – في عهدة الدولة و"رعاتها الإقليميين"، في إشارة إلى الدول الخليجية التي تعهّدت بدعم لبنان شرط إبعاد الحزب عن السلطة. بهذه الخطوة، سيتخلّص الحزب من عبء التعويض على المتضرّرين، وفي حال عجزت الحكومة عن اعادة الاعمار سيصبح الحزب المنقذ مجددا. بل سيعيد توجيه سخط الشارع نحو السلطة التي تلقّت وعوداً بالتمويل ولم تُحقق شيئاً، بينما سيبدو الحزب كـ"حامي الجنوب" الذي أنجز واجبه بالتصدّي للعدو، تاركاً ملفّ التعويضات للجهات التي ربطت الدعم بالإملاءات السياسية.
الأهمّ في هذه الاستراتيجية هو تحوّل الحزب نحو خطاب إصلاحي صريح، ينتقد الفساد المالي والإداري، ويربط بين انهيار الدولة وهيمنة النخبة التقليدية التي تحالفت مع الغرب. هذا التحوّل سيكون مغرياً على المستوى الانتخابي.
فبينما سيُظهر الحزب نفسه كقوة تغييرية قادرة على كسر تحالفات المحاصصة، سيجد خصومه أنفسهم في موضع المدافع عن سلطة فاشلة، وهو ما قد يقلب المعادلات في أي استحقاقٍ قادم، إذ أن الناخب اللبناني يميل إلى معاقبة من يتحمّلون المسؤولية.
في الخلاصة، قد لا يكون خروج حزب الله الظاهري من السلطة سوى مسرحية سياسية تُعيد إنتاج نفوذه عبر أدواتٍ أكثر دهاءً. فالحزب، وخلال تجاربه السابقة، أظهر مرونة في تحويل التحديات إلى فرص، سواء عبر استغلال التناقضات الدولية أو تفكيك سرديات الخصوم. لكن هذه المرة، يبدو أن اللعبة تتطلّب شيئاً من "التواضع المزيف"، حيث يترك الحزب أعداءه يغرقون في مستنقع السلطة، بينما يعدّ نفسه لمعركة الشرعية الأهم: معركة أن يكون الحلَّ بدل أن يُتّهم بأنه المشكلة.
المصدر: خاص "لبنان 24"