مجلة أمريكية: فتح سجن صيدنايا أعاد التذكير بدور CIA في التعذيب
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
نشرت مجلة "ذي نيشين" تقريرا أعده باربرا كوبل، قالت فيه إن التغطية للسجون السورية وبخاصة سجن صيدنايا الرهيب، أهمل الفترة التي استخدمت فيها المخابرات الأمريكية هذه السجون كوجهة للمعتقلين الذين اتهمتهم بالإرهاب.
ومع تدفق قوات المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق وفرار الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، خرج السوريون إلى الشوارع للإحتفال، واندفع بعضهم نحن سجن صيدنايا العسكري الذي وصفوه بـ "المسلخ البشري" للبحث عن المفقودين من عائلاتهم في أقبيته وزنازينه.
وللأسف، لم يعثر إلا على قلة منهم. وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد مات أكثر من 30,000 شخصا في الفترة ما بين 2011- 2013 فيه "إما إعداما أو بسبب التعذيب والتجويع" و "مات 500 على الأقل، في الفترة ما بين 2018- 2021". واختفى آخرون في بداية الإنتفاضة، وقد أحكم الجلادون في السجون السورية أساليب التعذيب، خلال العقود الماضية.
ومع ذلك، فإن التغطية العالمية لسجون سوريا تجاهلت دور السجون قبل 20 عاما كواحدة من الأماكن التي لجأت إليها الولايات المتحدة لإرسال المشتبه بهم في الإرهاب للاستجواب.
وتقول إن التفاصيل المخزية للتعذيب المروع تتجاهل حقيقة سيئة إلى حد ما وهي أنه حتى قبل أحداث 9/11 وبينما كانت الولايات المتحدة تطارد الإرهابيين، أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية برنامج "التسليم الاستثنائي"، وهو ترتيب بارع لاستجواب المشتبه بهم من "المعتقلين المهمين " خارج الولايات المتحدة وبالتالي التحايل على القوانين الأمريكية المتعلقة بالتعذيب. وتم نقل المشتبه بهم الأوائل إلى مصر في وقت مبكر من منتصف التسعينيات واستمر البرنامج حتى عام 2007.
وتتساءل الكاتبة: كم عدد المشتبه بهم الذين سلمتهم وكالة الاستخبارات المركزية؟
أشار تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ لعام 2014 إلى أنه لا يمكن معرفة الأرقام الدقيقة لأن "مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك، مايكل هايدن، قدم للجنة مرارا وتكرارا معلومات مضللة، من فعالية أسلوب الإيهام بالغرق إلى عدد المعتقلين الذين كانت وكالة الاستخبارات المركزية تحتجزهم".
لكن، وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في 26 كانون الأول/ديسمبر 2002 وجاء فيه "تم اعتقال الألاف واحتجزوا بمساعدة أمريكية في بلدان معروفة بمعاملتها الوحشية للسجناء".
وأخبر العميل السابق في سي آي إي، روبرت باير مجلة "نيوستيسمان" بأن "الممارسة من الناحية النظرية هي تسليم للتعذيب. إذا كنت تريد تحقيقا جديا، فعليك إرسال السجين إلى الأردن. وإذا كنت تريد تعذيبه، فعليك إرساله إلى سوريا. وإذا كنت تريد اختفاء شخص ما، فعليك إرساله إلى مصر".
ويروي الناجون من صيدنايا حكايات مروعة: فقد تعرضوا للاغتصاب بالسيوف، وعلقوا في أغلال من أقفاص وضربوا بقضبان حديدية وظلوا عراة في زنازين باردة بحجم التوابيت، وأجبروا على قتل زملائهم في الزنزانة وتجويعهم. ويقول البعض إن أعضائهم التناسلية كانت تخضع لصدمات كهربائية. وقال أحد السجناء السابقين إن السجناء أجبروا أيضا على أكل لحوم البشر. وطالبهم جلادوهم بالاعتراف بالجرائم، وبعد ذلك أعدموا (شنقوا في الغالب).
وأشارت الكاتبة للكيفية التي كان يتم فيها تسليم المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب. فقد أعدت سي آي إيه قوائم بالمشتبه بهم الذين تبحث عنهم، ثم استأجرت شركات طيران صغيرة (لا علامات مميزة لطائراتها) لنقل عملائها كي يقبضوا عليهم وبمجرد أن جمعت الطائرات حمولتها البشرية، نقلوا جوا إلى حلفاء كانت الولايات المتحدة تعلم أنهم لا يتذرعون عن استخدام أي نوع من أساليب التحقيق.
وإلى جانب سوريا، ارسلت سي آي إيه المشتبه بهم إلى مصر وأزبكستان والمغرب والجزائر والأردن وباكستان وبولندا وتايلاند ورومانيا.
ولم تكن سي آي إيه حريصة على اختيار الأماكن. وأشارت مقالة نشرتها مجلة "تايم" 13 تشرين الأول/أكتوبر 2006 أنه "في ظل انعدام الثقة السياسية العميق بين سوريا والولايات المتحدة، فإن البلدين لم يكونا شريكين طبيعيين في الحرب على الإرهاب". ولكن سي آي إيه كانت تريد إنجاز المهمة وكانت تعرف من سيقوم بها.
وفي مقابل مساعدتها، كافأت الدول التي استجابت بسخاء. وذكر تقرير مجلس الشيوخ أن "سي آي إيه قدمت ملايين الدولارات نقدا لمسؤولين حكوميين أجانب مقابل فتح مواقع احتجاز سرية تابعة لسي آي إيه".
ولكن كم من هذه الأموال ولمن؟ من الصعب أن نعرف، لأن التقرير حجب الأسماء والأرقام. ولكن أحد وكلاء سي آي إيه السابقين قال "لقد حصلوا على أسلحة وكاميرات تجسس وحتى مناظير. لقد حصلوا على كل ما يريدونه".
وقد وثقت منظمة أمنستي انترناشونال والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا لحقوق الإنسان هذه الرحلات في عام 2006.
وتساءلت: لماذا هذه العمليات المعقدة؟ ولأن التعذيب محظور على الأراضي الأمريكية، فقد كان لزاما على سي آي إيه أن تتعاقد مع وكالة أخرى. وبناء على مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في17 آذار/مارس 2005، اعترف مسؤول أمريكي لم تكشف عن هويته: "يقولون إنهم لا يعاملون المعتقلين معاملة سيئة، وأن هذا يفي بالمتطلبات القانونية. ولكننا جميعا نعلم أنهم يفعلون ذلك".
ولتوضيح الإجراءات الأمريكية، كتب محامي البيت الأبيض جون يو في آب/ أغسطس 2002 ما أطلق عليها "مذكرة التعذيب"، والتي تنص على ما تستطيع سي آي إيه أن تفعله مع المشتبه بهم. وقد وافق على المذكرة جورج تينيت ومايكل هايدن، مديرا وكالة الاستخبارات المركزية من عام 2002 إلى عام 2007، وكان لنائب الرئيس ديك تشيني السلطة الكاملة في أنشطة مكافحة الإرهاب.
وقد اتخذ كبار المسؤولين في وحدة مكافحة الإرهاب بسي آي إيه، وهي أكبر وحدة في الوكالة، برئاسة جون برينان، قرار إطلاق برنامج التسليم. وقال عميل سي آي إيه السابق: "لم يكن أحد على أي مستوى من مستويات الحكومة على استعداد لوقف هذا".
وتعطي قضية ماهر عرار، مهندس الاتصالات، درسا مفيدا. كان عرار مواطنا كنديا من أصل سوري عائدا إلى وطنه من زيارة إلى تونس، وقد اختطفه عملاء أمريكيون في مطار جون كينيدي في 26 أيلول/سبتمبر 2002. وبناء على معلومات استخباراتية من الشرطة الكندية تفيد بأن عرار قد يكون عميلا لتنظيم القاعدة واستجوبه العملاء لمدة 12 يوما، وحرموه من الإتصال بمحام ثم نقلوه سرا إلى سوريا. وعذب المحققون السوريون عرارا على مدى الـ 10 أشهر التالية وأرغموه على الاعتراف بأنه تدرب في أفغانستان (مع أنه لم يزرها أبدا).
وفي تشرين الأول/أكتوبر أفرجت عنه سوريا بدون توجيه تهم له. وأخبر السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى برنامج 60 دقيقة على شبكة سي بي أس: “قمنا بتحقيقاتنا وتتبعنا الروابط. وحاولنا العثور على أي شيء، لكننا لم نستطع". وأضاف: "نحن نشارك الولايات المتحدة دائما بالمعلومات ". وتم إعادة عرار إلى كندا، ووفقا لمقال نشرته صحيفة “الغارديان" في 19 شباط/فبراير 2012، "برأته من أي ارتباط بالإرهاب، لكن حكومة الولايات المتحدة، أولا في عهد بوش والآن في عهد أوباما، ترفض مناقشة الأمر، ناهيك عن الاعتذار".
وليس من المستغرب أن تنفي الولايات المتحدة باستمرار تورطها في التعذيب. في كانون الأول/ ديسمبر 2005، قالت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس: "إن الولايات المتحدة لا تسمح بالتعذيب ولا تتسامح معه ولا تنقل المعتقلين من دولة إلى أخرى بغرض التعذيب، وفي الحالات المناسبة، تسعى الولايات المتحدة إلى الحصول على ضمانات بعدم تعذيب الأشخاص المنقولين".
وسحبت وزارة العدل الأمريكية مذكرة يو في عام 2004، ولكن الممارسة استمرت حتى عام 2007. وقال آرثر شليزنجر جونيور، المؤرخ الأمريكي والمعلم ومستشار جون كينيدي والمسؤول العام: "لم يحدث قط أن ألحق أي موقف ضررا بسمعة أمريكا في العالم أكثر من سياسة التعذيب التي انتهجها بوش".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صيدنايا التعذيب السجون السورية سوريا سوريا التعذيب صيدنايا السجون السورية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وکالة الاستخبارات المرکزیة الولایات المتحدة المشتبه بهم سی آی إیه
إقرأ أيضاً:
ترامب: لن نحتاج لوجود قوات أمريكية على الأرض في غزة
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهم لن يحتاجوا إلى نشر جنود أمريكيين في قطاع غزة، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
ترامب: فرض الرسوم الجمركية على اليابان خيار محتمل ترامب: سنسعى لوضع حدٍ للحرب في أوكرانيا وسأتحدث مع بوتين
وقال ترامب، إنه :"لن نحتاج لوجود قوات أمريكية على الأرض في غزة".
وفي إطار آخر واصل ترامب تصريحاته بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية التي تحصد الأرواح منذ عدة سنوات.
وقال ترامب، في تصريحاتٍ صحفية، :"لو كُنت رئيساً لما شن بوتن حربه ضد أوكرانيا.
وأضاف قائلاً :"سنعمل من إجل إنهاء الحرب في أوكرانيا، هُناك أكثر من 700 ألف أوكراني تعرضوا للإصابة خلال الحرب".
وأكمل :"مدن كثيرة في أوكرانيا دمرت جراء الحرب، ما يحدث في أوكرانيا أمر مؤسف".
وأضاف ترامب :"سأتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورًا محوريًا في الحرب الروسية الأوكرانية، لكنها ليست مجرد وسيط يسعى لإنهاء الحرب، بل هي طرف رئيسي يدعم أوكرانيا عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا، مما يجعل دورها في وقف الحرب معقدًا ومتداخلًا مع أهدافها الاستراتيجية. فمنذ بداية الحرب في فبراير 2022، قدمت واشنطن مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية لكييف، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي متطورة، دبابات، وصواريخ بعيدة المدى، كما فرضت عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا لإضعاف قدرتها على تمويل العمليات العسكرية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أكدت دعمها لحل دبلوماسي، إلا أن سياساتها تعكس رغبة في إطالة أمد الصراع لإضعاف روسيا استراتيجيًا ومنعها من تحقيق أي انتصار يعزز نفوذها العالمي.
أما من الناحية الدبلوماسية، فقد حاولت الولايات المتحدة حشد المجتمع الدولي ضد روسيا عبر المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، لكنها لم تبذل جهودًا جادة لإطلاق مفاوضات سلام حقيقية، بل ركزت على تعزيز القدرات الأوكرانية في ساحة المعركة لإجبار موسكو على تقديم تنازلات لاحقًا. وفي المقابل، ترى روسيا أن واشنطن هي العائق الأساسي أمام أي تسوية سلمية، حيث ترفض الولايات المتحدة أي اتفاق قد يمنح روسيا مكاسب جغرافية أو سياسية، ما يعقد احتمالية التوصل إلى وقف إطلاق النار قريبًا. لذلك، فإن دور أمريكا في وقف الحرب يظل مشروطًا برؤيتها لمصالحها الجيوسياسية، فإذا وجدت أن استمرار القتال لم يعد يخدم استراتيجيتها أو أن تكلفة دعم أوكرانيا أصبحت مرتفعة جدًا، فقد تضغط نحو مفاوضات، لكن حتى الآن، يبدو أن خيار الحسم العسكري هو الأولوية لدى واشنطن أكثر من السعي لحل دبلوماسي حقيقي.