سواليف:
2025-01-10@12:37:29 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. قصاصة حقيقة!

تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT

#قصاصة_حقيقة!

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 18 / 3 / 2017

كانت تحضر مع انتهاء الفصل.. مع نهاية الشتاء مثلاً أو آخر زفرات الصيف، لكنها مثل الطيور المهاجرة تحافظ على هذين التوقيتين ولا تحيد بوصلتها عنهما، لا أذكر ملامح صاحبها، ولا أحد يعرف في أي ساعة كانت تدخل المدينة، كل ما أذكره أن الخبر كان ينتشر سريعاً بين أولاد الحي، ليقفز مثل الغيمة فوق الأحياء القريبة، وتبدأ النساء يحضّرن وجبات القماش.

.

مقالات ذات صلة “أوتشا”: أزمة الجوع مستمرة بالتفاقم في غزة 2025/01/10

هيكل حديدي ضخم نسبياً يرتكز على عجلين صغيرين.. لها فوهة مثل فوهة البركان يبتلع القطع الكبيرة ومزراب صغير ينزل منه فتات الملابس والخيطان وقد اختلطت ألوانها.. صاحب “مطحنة الشرايط” كان يحضرها في الساحة الترابية الممتدة بين مقبرتي المدينة، لم يغيّر يوماَ ذاك المكان البائس، ولم يحاول أن ينتقل إلى ساحات أكثر حيوية، ربما لأن الملابس العتيقة المنوي طحنها هي “موتى” الملابس، والمقبرة مكان ملائم لهذه النهايات، وربما أن الملابس نفسها تعود إلى بعض الموتى، فكان المكان ملائماً لإلقاء النظرة الأخيرة على ما كانوا يرتدون قبل أن يتقمّصوا البياض الأبدي، وربما أن ضوضاء الماكنة وصوت محركها المرتفع لا يحتمله إلا الميت، والميت لا يقوى على المنازعة أو الشكوى.. لذا اختيار هذا المكان ليكون مقرّاً مؤقتاً لطحن الذكرى والزمن الملتصق على أبدان الثياب كان له دلالات كثيرة..

كانت تحضر الأمهات أكياس الألبسة العتيقة على رؤوسهن من كل الأحياء، يضعنها قرب القبور الجديدة وينتظرن دورهن في “طحن القماش”.. قمصان انتهت موضتها وتسببت بتخمة زائفة للخزائن الضيقة، سراويل قديمة قضمت من الركبة ذات سقوط وكانت عصية على كل الرقع، معاطف اختزلت فصول الشتاء والعواصف والرعود والركض إلى المدرسة في طرق الطين، فخرج الصوف من قلب البطانة وبدأ يثلج كتلاً أثناء المسير، قبعات قضمها فأر الشتاء في عتمة الخزانة فأحدث ثقبها بيضوياً عند الجبهة، فنفر الأولاد من لبسها، وثوب تزاحمت الرقع على الشقوق فصار الثوب رقعة كبيرة..

كنت أسأل نفسي لم ما زلنا نحلم بالعائلة القديمة بتقاسيمهما وأصواتها وملابسها، لم ما زالت الأحلام طفلة رغم كهولتنا؟
الأمهات القديمات لم يكنّ يحببن التجديد والإتلاف.. دائماً يرغبن في إعادة التدوير والاستفادة من الممكن.. حتى القمصان والبناطيل البالية الذاهبة في طريقها إلى الطحن، كن يقطعن منها الأزرار، ويستخرجن السحّابات المعدنية، قبل أن يسلّمن إلى مقصلة الملابس.. تبتلع الماكنة الخصر والحجول والأكمام، تتناثر الخيطان فوق فوّهة الآلة كرذاذ الكلام من فم عجوز.. ثم بعد لحظات يخرج مزيجاً من الألوان يغلبه الرمادي من مزراب القماش المسحوق.. تملأ الأمهات أكياسهن بطحين الخيوط والملابس والقطع الصوفية، ثم يحملنها إلى البيوت ثانية ليصنعن منها وسائد للصغار، أو مساند للضيوف، أو لحفاً ثقيلة للشتاء القادم، فهذا المزيج من القطن والصوف والنايلون والجينز والكيتان.. يمكن أن يكون وسادة أو لحافاً أو فرشاً عالياً يجلس عليه أهل البيت ويغنيهم عن فراش جديد..

كنت أسأل نفسي لم ما زلنا نحلم بالعائلة القديمة بتقاسيمهما وأصواتها وملابسها، لم ما زالت الأحلام طفلة رغم كهولتنا؟ فاكتشفت أن السرّ في الوسادة واللحاف.. كيف لوسادة تحمل خليط ملابسهم ورائحتهم أن تنساهم؟ كيف لها ألا تنسج خيوط الحلم من معاطفهم الشتوية ورعشاتهم الطفولية وكنزات الصوف المعتقة بقصص أمي الليلية؟

كان يا مكان.. كان هناك “مطحنة شرايط” تأكل ملابسنا في النهار ثم تنسج أحلامنا من الوسائد في الليل، ترى ماذا لو كانت هناك “مطحنة جرايد” تأكل كل الأخبار اليومية والوعود الرسمية وحل الدولتين وحدود الرابع من حزيران، ورفض تقسيم العراق المقسم، والحفاظ على وحدة سوريا المشتتة؟ لو أن هناك مطحنة تلوك كل هذا الورق المجبول بالحبر، وتنبت لنا قصاصة حقيقة واحدة أو وسادة صدق تصحح أحلامنا!

ااحمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

مضى #193يوما …

بقي #83يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_احمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سجين الوطن حسن الزعبی

إقرأ أيضاً:

التضامن تعلن موعد غلق باب التقدم لمسابقة الأم المثالية 2025

أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي عن غلق باب التقدم لمسابقة الأم المثالية لعام 2025 يوم الخميس الموافق 16 يناير 2025، وذلك بعد فتح باب التقديم يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024، حيث استمر استقبال الطلبات لمدة شهر في مديريات التضامن الاجتماعي بجميع محافظات الجمهورية.

وأكدت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، أن المسابقة تأتي في إطار تكريم النماذج المتميزة من الأمهات اللواتي قدمن قصص عطاء وتضحية، وشملت الفئات المكرّمة لهذا العام:

الأم المثالية على مستوى المحافظات.

الأم البديلة التي كفلت طفلاً كريم النسب داخل أسرتها، بما يشمل الأمهات غير المتزوجات.

الأم المثالية لابن من ذوي الإعاقة ممن حقق إنجازات دولية في المجالات الرياضية أو العلمية أو الفنية.

أمهات الشهداء من القوات المسلحة والشرطة، بترشيح من وزارتي الدفاع والداخلية.


شروط ومعايير الاختيار تضمنت أن تكون الأم لديها قصة عطاء مميزة، وتجيد القراءة والكتابة، وأن يكون أبناؤها حاصلين على مؤهلات جامعية أو في مراحل التعليم الجامعي. وتم تفضيل الأمهات العاملات، الأرامل، أو المطلقات، بالإضافة إلى الأمهات اللواتي شجعن أبناءهن على العمل الخاص والمشاركة المجتمعية.

ودعت الوزارة المتقدمات للتأكد من استيفاء جميع الشروط والمعايير وتقديم المستندات المطلوبة قبل موعد الإغلاق.

مقالات مشابهة

  • عشان كدة أنا بحبه.. نورين أبو سعدة توضح حقيقة ارتباطها بـ "كزبرة"
  • ماذا قدم الكاتب أحمد المسلماني منذ توليه الوطنية للإعلام؟
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … صاحيله
  • حقيقة مفاوضات الزمالك مع البنك الأهلي لضم أحمد ربيع
  • بالفيديو .. النائب المخادمة يكرر مطالبه بالإفراج عن الكاتب الزعبي
  • التضامن تعلن موعد غلق باب التقدم لمسابقة الأم المثالية 2025
  • بعد استبعادها.. وفاء عامر توضح حقيقة خلافاتها مع مخرج “سيد الناس”
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. عرقي حبرٌ وجلدي ورق
  • بلاش استغلال.. إيناس عز الدين تكشف حقيقة مرضها |خاص