سودانايل:
2025-03-12@22:45:32 GMT

القاعدة الشعبية وإمتلاك ناصية التغيير

تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

من حكم وليم شكسبير يقول في واحدة " التفاوض فن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدها كل من الحضور معتقدا أنه حصل على الجزء الأكبر"
قبل الحرب كان الطريق إلي التفاوض سالكا، و كانت الأغلبية تنادي بتوسيع وزيادة عدد مقاعد الحوار من أجل التفاكر حول حل الأزمة، و الوصول إلي توافق وطني.

. لكن كانت الأقلية ترفض ذلك بقوة بمقولة " لا للإغراق السياسي" و كانت الدول الخارجية؛ و خاصة في الرباعية و الاتحاد الأوروبي تصر على أن تظل مقاعد الحوار محدودة، لأنها لا تريد زيادة عدد الذين توظفهم من أجل انجاز أجندتها..أن الإصرار بهدف تضيق العملية السياسية لابد أن يعقد الأزمة أكثر، حتى وصلت إلي المحاولة الانقلابية التي قامت بها الميليشيا.. و تناول القضية يجب أن يكون بصراحة و وضوح كاملين دون تغبيش للحقائق و مداراتها.. أن وقف الحرب إذا لم تتغير فيها المعادلة السياسية بصورة كاملة سوف تنذر بحرب قادمة أخرى اشرس من سابقتها.. لذلك هزيمة الميليشيا أو استسلامها هي الإستراتيجية التي يجب أن تكون...
الآن أصبح الخطاب معكوسا؛ أن الأغلبية التي تساند القوات المسلحة من الشعب و مجموعات المستنفرين و المقاومة الشعبية تضغط قيادة الجيش أن لا تقبل أية دعوة للتفاوض أو الحوار، لكي تعاد الميليشيا من خلالها إلي تاريخ ما قبل الحرب، و الأغلبية تقف مع دعوة عدم عودة الميليشيا إلي الساحتين السياسية و العسكرية مطلقا.. و الجيش عندما يرفض الذهاب إلي دعوات التفاوض، هو ينفذ إرادة الأغلبية، التي تقف معه في جبهات القتال كتفا بكتف، و الآن بدأ العالم يفهم أن الحرب لابد أن تحدث تغيرات جوهرية على الساحة السياسية في السودان، خاصة دخول عناصر جديدة مدركة لدورها و مستوعبة للتحولات التي تحدث في المجتمع من جراء الحرب.. و اصحاب المصالح دائما يغيرون مواقفهم وفقا للمتغيرات الجديدة في المجتمع.. و الذين يعتقدون أن تحقيق مصالح المجتمع الخارجي بالضرورة سوف يحقق أهدافهم الساعية نحو السلطة، تنقصهم الحنكة السياسية، لأنهم من الأول جعلوا انفسهم أدوات و ليس أصحاب حق..
أن التغيير بالفعل قد حدث في المواقف، خاصة محاولات الأقلية الساعية " للتفاوض" من منظور الحاجة.. هؤلاء يدركون أن رجوعهم للساحة السياسية لا يتم إلا من خلال " تسوية سياسية تحدث بين السلطة في البلاد و الميليشيا" التي بموجبها تعود الميليشيا للساحتين و يعود معها جناحها السياسي.. لكن هزيمة الميليشيا أو استسلامها يعني تغيير جذري في الخارطة السياسية.. و مقولة الفزاعة " الكيزان و الفلول" و وصفهم هم اصحاب القرار و الأمر في رفض التفاوض، أصبحت لا تفيد كثيرا، الهدف منها كان تخويفا للغرب و بعض الدول الخليجية و المعادلات السياسية الجارية في الإقليم تجاوزت ذلك.. لذلك أية عملية سياسية يجب أن تراع متطلبات الواقع و مصلحة البلاد و الشعب..
الشعب وحده هو القادر على تغيير المعادلات السياسية في البلاد، و وحده هو الذي يستطيع أن يضع أجندة جديدة يلزم بها الآخرين، لذلك قيادة الجيش تفهم هذه المعادلة، و لا تستطيع أن تتجاوزها بعد أن ضمنت تأييد الأغلبية لها.. الآخرون الذين يحاولون التشكيك في أن أغلبية الشعب تقف مع الجيش في معركته العسكرية ضد الميليشيا هؤلاء يحاولون طمأنة أنفسهم حتى لا يشعروا بالهزيمة السياسية، و أنهم أداروا معركتهم دون الوعي السياسي المطلوب، حيث أصبحوا في موقف مضاد لمطالب الشعب، الأمر الذي يطالبهم بتغيير قناعاتهم الخاسرة و النظر للقضية بموضوعية وفقا لحقائق الواقع.. و هؤلاء يعتقدون أن الذي يجري هو فقط صراعا سياسيا، رغم أن الأمر قد تعدى ذلك، لأنه استهدف وحدة البلاد و محاولات للتغيير الديمغرافي فيها، و محاولات نهب ثروات البلاد و الاستيلاء عليها من قبل الدول الداعمة للميليشيا.. و التي توظف عددا كبيرا من السياسيين و المثقفين و الإعلاميين..
أن الحرب سوف تنتهي و الميليشيا سوف تخرج من المعادلات القادمة، و سوف تبرز الحرب قيادات جديدة و أجندة جديدة، فالذين يريدون أن يكونوا جزءا من مستقبل العملية السياسية يجب عليهم أن يعيدوا النظر في حساباتهم، و تغيير الواجهات التي فشلت في إدارة الأزمة حتى أوصلت البلاد للحرب، و تغيير القيادات التي وظفت نفسها لأجندة خارجية،، أما محاولات التلويح بأن البعض يريد أن يعلن حكومة في المنفى أو حكومة في الأراضي التي تقع تحت سيطرة الميليشيا هؤلاء اثبتوا فشلهم تماما، و أنهم باحثين عن سلطة و ليس عن حلول جذرية للأزمة و ليس لهم أية قواعد اجتماعية تسندهم، فقط يلوحون ببندقية الميليشيا و في ذات الوقت ينكرون أنهم جناحها السياسي.. الحرب سوف تخلق واقعا جديدا للسودان مثله مثل الاستقلال.. سوف يأتي بعناصر جديدة قدمت تضحيات جسام لكي يظل السودان مستقلا موحدا، و هزمت المؤامرة التي تمت إحاكتها ضده... نسأل الله حسن البصيرة...

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون

لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.

كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.

يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.

وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.

وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.

وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".

إعلان

ويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.

وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.

الحرب دفعت رواد الأعمال إلى مواجهة خسائر قاسية والتكيف مع واقع اقتصادي صعب (الفرنسية) خير رمضان وكرمه

ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.

ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.

ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".

ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.

أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.

إعلان

ويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.

ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".

صعوبات جمة

لمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.

مجموعة أبو الفاضل بلازا خسرت الكثير بسبب الحرب (الجزيرة)

لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.

ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.

ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.

إعلان

لكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.

ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.

خسائر كبيرة

وإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.

ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.

ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.

ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.

ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.

مقالات مشابهة

  • الجبهة الشعبية تُثمّن الموقف اليمني باستئناف حظر عبور سفن العدو الصهيوني
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ترحب بالموقف اليمني وتصفه بـ”الأصيل”
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ترحب بالموقف اليمني الشجاع
  • ضمن الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني.. “إغاثي الملك سلمان” يوزّع التمور في مدينتي خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة
  • حرب اللصوص – الوجه الحقيقي للصراع في السودان
  • حكومة التغيير والبناء تُدين جرائم التكفيريين في الساحل السوري
  • هل تبرز قوى جديدة كبديل لـ “الكهول السياسية ” المعتادة منذ 22 عاماً !؟
  • حفتر قد يمنح روسيا قاعدة جديدة في جنوب ليبيا.. هل يثير غضب واشنطن؟
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • ميثاق ودستور تأسيس .. هل من عاصم من تفتيت وحدة البلاد وشعبها؟