تعايشيات تقدم في فتيل بلينكين:
تتسارع الأحداث في السودان. ومن الصعب تحديد ما وراء مناورات كبار اللاعبين في الخارج، سواء أن كانت المستقلة أو تلك التي تخرج من أفواه أتباعهم في الداخل.

من الصعب – علي الأقل بالنسبة لي – تحديد هل آخر الحركات عن السودان صرفا أم إنها جزء من المناورة والمساومات في رقعة الشطرنج الممتدة من ليبيا إلي سوريا مرورا بالشقيقة أخت بلادي.

مع عدم العرفة عن الدوافع لا شك أن إعلانات الحكومة الأمريكية الأخيرة عن إرتكاب الجنجويد لجرائم ضد الإنسانية والتصريح بعقوبات جديدة علي قادتهم – لا شك إن هذه اللفتة تقطع الطريق علي قضية تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الجنجويد لان الموقف الأمريكي يصعب مهمة الإنضمام إليها إذ أن السياسي الذي يشترك فيها يفتح نفسه لمخاطر توريط نفسه والتواطوء مع جرائم ضد الإنسانية ما قد يعرضه للمساءلة أمام القانون الدولي. كما أن الموقف الأمريكي الأخير يقلل من شهية الدول الأخري للإعتراف بحكومة مناطق الجنجويد.

وايضا أدخلت التصريحات الأمريكية الأخيرة تقدم في حرج إذ إنها ما زالت علي إتفاق أديس مع جنجويد متهمين بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من الإدارة الأمريكية وتقارير الأمم المتحدة وكبريات منظمات حقوق الإنسان الدولية. وهو نفس الحرج الذي يصيب قادة الراي والسياسة الداعون لتشكيل حكومة في مناطق سيطرة نفس الجنجويد. إن كائن يدعو لحكومة تحت سيطرة الجنجويد فقد آخر ورقة توت أخلاقية أو مدنية أو ديمقراطية وهبط إلي درك أسفل درك الوحش الذي يدعي محاربته.

لا شك أن التحرك الأمريكي الأخير يصعب من مهمة إعلان حكومة مناطق الجنجويد ولكن هل سيكون كافيا لمنعها؟ سوف تجيب الأيام القادمة علي هذا السؤال.

ولكن بغض النظر عن الإجابة وعن دوافع ماما أمريكا فان مناورات إعلان حكومة موازية بهدف الإبتزاز السياسي والتهديد بتقسيم السودان ما لم يحصل الحلف الجنجويدي علي صفقة مريحة، لا شك أن المناورة أدخلت تقدم – تلك البصيرة أم حمد التي لا تكف عن إحراز أهداف في مرماها ومرمي الشعب السوداني – أدخلتها في حيص بيص إذ إن إعلان حكومة في مناطق لعنت سادتها أمريكا والأمم المتحدة وأمنيستي حماقة مركبة تقارب الإنتحار ولكن التراجع عن إعلان الحكومة أيضا يشكل هزيمة سياسية معتبرة تضعف من راس المال السياسي الصفري لجماعة تقدم.

يبدو أن صلاة عشاء التعايشي مع حميدتي في كنيسة نجاشى الحبشة ما جابت مريسة تام زين.

معتصم اقرع
معتصم اقرع إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟

 

فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
عمر البشاري

بالبسابير البارحة أعلن برهان بألا تفاوض إلا باستسلام الدعم السريع… ولا عودة لجدة وأن الفاشر وشندي واحد في حساباته…
في ذات الوقت كان البراؤون وهم كتائب الإسلاميين في مكان ما من امدرمان يحتفلون ويتغنون بأهازيج تردد ضرورة القتال في دار فور وتحرير الفاشر.. ولسان حالهم يقول فلترق كل الدماء..حتي نعود للسلطة ونعد للدين مجده…
وفي ذات الليلة نشرت سودان تربيون مقابلة مع مناوي يظهر فيها امتعاطا من التعديلات في الوثيقة الدستورية التي اجراها برهان مؤخرا ويعترض على أي حكومة تنشأ عنها ويصفها بأنها ستكون مهيضة الجناح لأن الأولوية الآن للحرب وليس الحكم…
قراءة هذا المشهد توحي لك بأنه مكرر وسبق وأن عشناه في حرب الجنوب فماذا كانت النتيجة ؟
إذا كنا نعتبر بالتاريخ بعد سنوات الهوس الديني التي بذل فيها الإسلاميون في الجنوب دمائهم شلالات وانهار بتنظير من الشيخ الترابي وبتحريض من العقيد يونس محمود الذي يقوم بدوره الانصرافي اليوم وساحات الفداء وخزعبلات اسحق أحمد فضل الله حول الغزلان وريحة المسك التي تسد ميديا البلابسة فراغها الآن…ثم انتهى كل ذلك بالمفاصلة الشهيرة واستنكار الترابي لكل تلك الفظاعات التي تمت باسم الدين الى درجة وصف شهداء الأمس بفطائس اليوم كما شاع وانتهي كل ذلك بنيفاشا وحق تقرير المصير وانفصال الجنوب ونحر الطيب مصطفى للثيران السود ابتهاجا بفصل الجنوب واعتلى البشير المنبر في كادقلي ليعلن للناس في العالم أن ( زمن الشريعة المدغمسة قد ولى وجاء عهد التطبيق الصريح للدين…)
وكأني اري كل تلك الصور تمر ببطء امام ناظري لتكرر نفسها مرة أخرى في مقبل الأيام…وقد كان البشير هو بطل الرواية السابقة والمستفيد منها بتمديد سنوات حكمه الى عدد ناهز العشرة بعد فصل الجنوب في ٢٠١١ الى أن تهاوى تحت ثقل تناقضاته الداخلية وفقدان بترول الجنوب وضغط الكفاح المسلح والغضب الشعبي في ديسمبر، ٢٠١٩ .
ولكن السؤال هو من المستفيد من اعادة المأساة الملهاة هذه المرة ومن الذي يحرك مسرح العرائس ممسكا بخيوطها…ويتحكم في المشهد المنظور ؟
كالعادة المستفيدة هي قيادة الجيش وتحديدا الجنرال برهان فمحرقة دارفور /كردفان الوشيكة ستريحه من اثنين من ألد خصومه واخطرهما على مستقبله السياسي السلطوي هما الإسلاميين والمشتركة الإثنين معا بضربة حجر واحد… فليذهبوا إلى جحيمها إن حرروها فله الفضل والمنة وإن هلكلوا وانكسرت شوكتهم فهو الرابح… وذلك أقصى أحلامه…
والغالب أن يتواطأ على هلاكهم لا يتوانى لسببين:-
الأول أن يتخلص من حرج التيار الشعبوي المتصاعد فكريا بقيادة النهر والبحر وبتنظير سخي من عمسيب وله مشايعوه وعسكريا عبر درع البطانة وكيكل والداعي للتخلص من دارفور ومن سكان الكنابي والمشتركة في الجزيرة… وهما المكافئ الموضوعي لتيار الانتباه ومنبر السلام العادل بقيادة الطيب مصطفى سياسيا وعبدالرحيم حمدي صاحب المثلث المعلوم اقتصاديا في النسخة الفائتة من الإنقاذ
والثاني أن ذلك يقع في نطاق تعزيز الطموح السلطوي لبرهان كديكتاتور عسكري همه الأكبر التخلص من خصومه السياسيين والعسكريين خصوصا أولئك الذين لهم عليه افضال في إنقاذ الجيش وسلطانه من التهديد الوشيك والخطر الذي مثله تمرد الدعم السريع…عبر ما اصطلح على تسميته بحرب الكرامة والطغاة لا يحبون من يشعرون تجاهه بالفضل والامتنان.
وعليه السيناريو المتوقع لهذه الحرب أن تستمر وبما أنه لم يكن هناك من سابقة في تاريخنا المعاصر بأن تمكنت الحكومة من قمع تمرد وانهائه بالعنف ولا العكس أي أن نجح تمرد في اقتلاع حكومة وتنصيب نفسه مكانها فمن المتوقع أن تنتهي باتفاق يفصل كردفان ودارفور…هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن ميثاق نيروبي ودستوره قد شرعن ذلك عبر حق تقرير المصير وذلك بعد أن يكون البرهان قد استخدم الحرب كمحرقة لإبعاد أو على الأقل أضعاف خصومه السياسيين والعساكر ..لينفرد بالسلطة ولو الى حين كما فعل نظيره البشير في الانقاذ الأولي ..فها هو التاريخ يعيد نفسه والأحداث والظروف تتكرر لتجعله يكرر سلوك البشير وإذا الأخير هو الرابح الاكبر من اراقة كل الدماء في الانقاذ الأولى فما الذي يمنع البرهان بأن يكون هو الرابح الأكبر من ذلك في الانقاذ بنسختها الثانية التي يقود سفينتها اليوم ؟
أرى ألا مانع لديه مع استمرار وجود قوى سياسية وعسكرية بدرجة من الغباء الفكري والروحي والأخلاقي يجعلها مستعدة لتنفيذ ارادته عبر الاستمرار في الحرب ولو قادت إلى وضع نهايتها بأيديها…لتمزق الوطن وتجلس على اشلائه تندب حظها أو قل سوء تقديرها وفساد منطقها وقلة حيلتها وهوان أمرها على نفسها والناس.
عمر البشاري.

الوسومعمر البشاري عمسيب فصل الجنوب فلترق كل الدماء

مقالات مشابهة

  • اختفاء حميدتي منذ بداية الحرب أثار التكهّنات حول موته
  • ماذا كان يريد حميدتي من الميرغني؟
  • شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل بين قائد درع الشمال “كيكل” والناشط الشهير “الإنصرافي”.. صرفة يتهم أبو عاقلة بإدخال الجنجويد للجزيرة ومشاركتهم الجرائم والأخير يرد عليه ويصفه بالعميل والممول من الدعم السريع
  • كنيسة لبنان تقف بحذر خلف البطاركة السوريين
  • فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
  • ريم عبدالله: عُرض عليّ دور وضحى في شارع الأعشى ولكن رفضت
  • على مدار العامين الماضيين لم يستطيع حميدتي بماله ورجاله أن يهزم الجيش السوداني
  • مصاب بـ “متلازمة الذئب” يحقق رقماً قياسياً.. هكذا يبدو شكله!
  • القحّاتة ما عندهم مشكلة مع حميدتي القديم ????، مشكلتهم مع كيكل بس!
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الملف السوري يبدو أنه ليس على قائمة أولويات الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أن السؤال حول وجود اتصال مع إدارة ترامب يجب أن يوجه لهم، سوريا بابها مفتوح للتواصل