حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم لتكون تحت عنوان: "ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق"، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من الخطبة توعية جمهور المسجد بأهمية التعايش السلمي باعتباره من أهم أسباب استقرار المجتمع.

وقالت وزارة الأوقاف: إن موضوع الخطبة الأولى موحد على مستوى الجمهورية، وإن موضوع خطبة الجمعة الثانية يستهدف معالجة مفهوم المواطنة، بباقي المحافظات.

ونشرت وزارة الأوقاف (النموذج الثاني) لموضوع خطبة الجمعة بعنوان: 
"ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق"
الحمد لله رب العالمين، بديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وهادي السماوات والأرض، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: 
فهذه كلمات نورانية خرجت من لسان الجناب المعظم صلوات ربي وسلامه عليه، لتعبر عن دعوته الشريفة إلى التحلي بأسمى آيات الإحسان والبشر والبر والإكرام في التعامل مع خلق الله تعالى: «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق»،  وها هو خير الخلق وحبيب الحق صلوات ربي وسلامه عليه قد وسعت ابتسامته الصادقة وأخلاقه السامية الدنيا بأسرها، في مزيج محمدي مدهش يجعل القلوب تأرز حبا إلى حضرته وتستبشر بدعوته.
فيا أيها المحمديون، إن هذا السر النبوي الشريف هو الذي جذب القلوب والأرواح والعقول، ليؤسس فلسفة الحب بين البشر جميعا، فاعلموا أيها الناس أنكم لن تصلوا إلى القلوب بأموالكم ولا بعوارض دنياكم، وإنما تسعون قلوب البشر بالأخلاق التي أتم الجناب الأنور بناءها، ورفع قدرها، حين قال عن ذاته الشريفة: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». 
فقف أيها العقل عند منتهاك، وأنت ترى الأخلاق المحمدية تسمو فوق السماء برا وبشرا ووفاء ولطفا، حين تبدو نواجذه الشريفة، كأن النور يخرج من بين ثناياه، لتفتح ابتسامته الصافية وكلماته الطيبة قلوب الناس إجلالا واحتراما وإقبالا على هذا الدين القويم ولهذا النبي المصطفى الأمين الذي كرمه ربه بهذا الوصف المقدس {وإنك لعلى خلق عظيم}.
أيها المحمدي، ألم يحك التاريخ لك عن الرسائل والخطابات النبوية للأمراء والقياصرة والأكاسرة وقد جمعتها لغة واحدة هي لغة الاحترام والتفخيم والبهاء وبذل السلام؟! ألم تكتب الصفحات عن رقي التعامل النبوي مع وفد نجران الذي أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في أن يصلوا صلاتهم بمسجده الشريف في مشهد يبهر الدنيا ويأسر القلوب؟! 
أيها النبيل، اعلم أن هذا الحال الشريف هو باب هداية الخلق، ومفتاح الإقبال على الحق، فحبيبك صلى الله عليه وسلم هو من أبهر الدنيا بأصول التعامل مع الناس على اختلاف عقائدهم، وهذا تلميذه النجيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يعدد محاسن الإسلام ومفاخره ومناقبه للنجاشي في مشهد عجيب، وحوار مهيب درس جعفر أدواته، وعرف كيف يخاطب الأدب النبوي قلوب الملوك ليسعها ببسط الوجه وحسن الخلق، حين قال للنجاشي: «أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام»، فما كان من النجاشي إلا أن انفتح قلبه، واستبشر وجهه ووجدانه بهذا الدين العظيم، فبكى حين تذكر أخلاق عيسى عليه السلام الذي جعله الله تعالى باب بر ووفاء وحنان ورحمة وعلم، وجعله الله تعالى آية في العطاء والتسامح والسلام؛ لينطلق لسانه قائلا: «إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة». 
أيها السادة، لقد استقى الشعب المصري هذه الأنوار المحمدية وتلك العظمة المصطفوية، فكانت اللحمة الوطنية حاضرة بكل ربوع المحروسة، وكان احترام شركاء الوطن منهجا مرسوما، فأصبح الشعب المصري نسيج وحده بجميع طوائفه تعايشا وتكاملا، تغمره السكينة والطمأنينة، مجبورا مستورا منصورا.
*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيا أيها الناس، إن شريعتنا الغراء تفيض الخير على الجميع، شعارها إكرام الخلق وإيصال الرحمة إليهم على اختلاف عقائدهم ومشاربهم وأفكارهم، وإن شئتم فانظروا إلى المعاملات، بيعا وشراء، عدلا وقسطا، وزواجا مباركا وحسن جوار، في إطار متين من الإرشاد الإلهي الذي يجمع الناس جميعا تحت مظلة المواطنة التي تجمع ولا تفرق، يقول ربنا سبحانه: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.
أيها النبيل، انتبه إلى وصف رب العالمين لمقام النبي الأمين صلوات ربي وسلامه عليه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، ولقول الجناب المعظم صلى الله عليه وسلم: «بعثت للناس كافة»، فالآية الكريمة والحديث الشريف يرسخان لمواطنة حقيقية قوامها التواصل بالخير والتعاون والتكافل بين أبناء الوطن جميعا، على ميثاق الحقوق والواجبات الذي لا يفرق بين مواطن وآخر، في ظل وطن واحد لا تعكر صفوه شبهة، ولا تؤرقه فتنة.
ألا تعلم أيها النبيل أن المواطنة أساس البنية الاجتماعية المتماسكة والترابط المجتمعي في ظل وطن واحد تجمعنا شوارعه وحاراته، وتحوطنا أحلامه وطموحاته؟! إنها إيمان حقيقي بالتعددية والتنوع الإنساني الذي أراده الله رب العالمين في الكون، {ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين}، {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين}.
فلننشر ثقافة المواطنة والتعايش بين أبناء الوطن جميعا؛ حتى ننعم بالسلام والأمان، ويفيض الخير على وطننا المبارك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأوقاف وزارة الأوقاف خطبة الجمعة موضوع خطبة الجمعة الأوطان المزيد صلى الله علیه وسلم موضوع خطبة الجمعة السماوات والأرض وزارة الأوقاف رب العالمین

إقرأ أيضاً:

رمضان عبد المعز: أبواب الجنة تفتح يومي الاثنين والخميس إلا للمشرك أو المشاحن

أكد الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، أن شهر شعبان من الأشهر المباركة، التي تسبق شهر رمضان، وهو فرصة عظيمة للتوبة والرجوع إلى الله.

صيام النبي في شعبان

أوضح «عبد المعز» خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على قناة «dmc»، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من الصيام في شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم  يحب أن ترفع أعماله وهو صائم، مستدلًا بحديث أسامة بن زيد حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة صيامه في شعبان، فقال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان».

إصلاح العلاقات ونبذ الشحناء

وتابع: «نحن الآن على أعتاب النصف من شعبان، ومع اقتراب شهر رمضان، علينا أن نستعد روحياً بالتحلي بالأخلاق الطيبة والتوبة النصوح»، مشيرًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه الإمام مسلم: «الجنة تفتح يومي الاثنين والخميس، ويغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، ويقول الله لملائكته: انظروا هذين حتى يصطلحا»، مؤكدًا ضرورة إصلاح ذات البين قبل دخول رمضان.

الحسد والغل وأثرهما السلبي

وفيما يخص العلاقات بين الناس، حذّر الشيخ رمضان عبد المعز من الحسد والغل، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تحسدوا ولا تباغضوا»، موضحًا أن الحسد هو تمني زوال النعمة عن الآخرين، بينما الحقد هو تمني زوالها حتى لو لم يكن الشخص بحاجة إليها.

وأضاف: «النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن نحب للآخرين ما نحب لأنفسنا، وترك الحسد والغل، والعمل معًا لنشر السلام والمحبة»، كما نهى عن «التناجش»، وهو رفع الأسعار بغرض التلاعب بالسوق.

النهج الإسلامي في المعاملات الاقتصادية

واختتم بالقول: «لا يجوز رفع الأسعار استغلالًا لحاجة الناس، ومن يسّر على الناس، يسّر الله عليه، ولذلك يجب أن نتعاون جميعًا في نشر الخير والبركة».

مقالات مشابهة

  • تحذير الناس من ظاهرة التسول.. موضوع خطبة الجمعة المقبلة
  • عالم بـ«الأوقاف» للشباب: استغلوا رمضان في العبادة ومجالس الذكر
  • رمضان عبد المعز: أبواب الجنة تفتح يومي الاثنين والخميس إلا للمشرك أو المشاحن
  • تخصيص خطبة الجمعة للحديث عن ظاهرة التسول
  • خطبة الجمعة المقبلة.. الأئمة والخطباء يتحدثون عن التسول وأضراره الشرعية والاجتماعية
  • أنوار الصلاة على النبي صلى الله عليه عليه وسلم
  • علاج الوسواس القهري الذي يصيب الإنسان.. تخلص منه في الحال
  • رمضان عبد المعز: حسن الخلق والصيام من أعظم الأعمال في شهر شعبان
  • مفتي الجمهورية السابق: التراث ميراث فكري والاجتهاد ضرورة لمواكبة العصر
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم