الكرم العراقي إرثٌ خالد في قلب الزمان والمكان
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
في أرض الرافدين، حيث تلتقي مياه دجلة والفرات بحضارة لا مثيل لها، يولد الكرم العراقي كنهرٍ متدفق لا ينضب، ينبض في قلب الزمان والمكان. هو ليس مجرد سمة ثقافية أو تقليد اجتماعي، بل هو معلمٌ يضيء دروب الإنسانية منذ فجر التاريخ. الكرم العراقي، ذلك السر الذي يعانق السماء ويرتبط بالأرض، هو السمة التي طبعت الشعب العراقي في أدق تفاصيل حياته، وجعلت له حضورًا لا يُنسى في أروقة التاريخ.
وقد وصف العديد من المفكرين هذه السمة العميقة للشعب العراقي. قال الأديب الفرنسي ألبير كامو: “العراق هو أرض الكرم الأبدي، حيث الإنسان لا يُقيم حسابات صغيرة لما يقدمه.” وما أصدق هذه الكلمات في التعبير عن روح العراقيين الذين لا يترددون لحظة في فتح أبوابهم رغم الظروف الصعبة.
بينما كانت الأمم الأخرى تقيس عظمة الشعوب بمعايير القوة والسيطرة، فإن العراق قد تميز بكرمه الذي يربط الشرق بالغرب ويعبر عن جوهر الإنسانية بكل ما فيه من سلام وحب وعطاء. في العراق، الكرم ليس مجرد فعل، بل هو فعلٌ يستمر عبر الأجيال ويظل حيًا في وجدان كل عراقي، ليكون إرثًا خالدًا في قلب الزمان والمكان.
لقد وصفته منظمة الأمم المتحدة في تقاريرها بأنه “أحد أروع وأعظم نماذج العطاء في العالم”، مؤكدة أن العراقيين يتمتعون بقدرة لا مثيل لها على التضامن والإيثار، سواء في أوقات السلم أو الحرب. فحينما تعصف الأزمات بالبلاد، تظهر صور مبهرة من الجود والعطاء، لا يعرف أصحابها حدودًا لمساعدة الآخرين. ويُبرز الإعلام الدولي والإقليمي العراق في كثير من الأحيان ليس كمجرد دولة تواجه تحديات متعددة، بل كنموذجٍ في التسامح والعطاء الذي لا يتوقف، رغم شدة ما يواجهه.
كما قال الإسكندر الأكبر: “العراق هو أرض الغرائب والعجائب، ما من بلدٍ في العالم يشبهه.” هذه الكلمات تُجسد واقعًا يعيش فيه هذا الشعب العظيم، شعب لم يُعرف بالجمود أو الانغلاق، بل بالتفتح الدائم للآخرين مهما كانت الهوية أو الخلفية. منذ أقدم الحضارات في بابل وأور، كان الكرم سمة تميز أهل العراق، لا تقتصر على مواقف ضيوف عابرين، بل تتغلغل في روح الإنسان العراقي. كانت القوافل التجارية والمسافرون يجدون في كل بيت من بيوت العراق مأوى وراحة، دون أن يُطلب منهم سوى الشكر لله على نعمته.
وها هي القيم ذاتها تترسخ في أزمنة الإسلام، حين تعاظم عطاء أهل البيت (عليهم السلام)، فكانوا نماذج حية في الكرم الذي لا يعرف حدودًا. الإمام علي (عليه السلام)، مثاله الأسمى في العطاء، لم يكن يفرق بين صديق أو عدو في منح العون، وكل خطوة كان يخطوها كانت تُعلي من قيمة الإنسان.
وفي القرن الواحد والعشرين، ما زال الكرم العراقي يفيض في كل زاوية من الزوايا. في الزيارة الأربعينية، يذهب الملايين إلى كربلاء، ليشهد العالم أجمع كيف أن الشعب العراقي يفتح أبوابه دون تردد، يقدم الطعام والماء لكل الزوار، حتى أصبح هذا الحدث مصدر إلهام للعالم في كيفية استقبال الضيوف بروح عظيمة. هذا المشهد الديني يبرز أن العطاء في العراق ليس مقيدًا بمكان أو زمان، بل هو امتداد لأرضٍ عريقة وأهَلٌ حُرُّوها بعطائهم.
وكما وصف البابا فرنسيس عند زيارته للعراق في عام 2021، “لقد شعرت بين أهلي”، تلك الكلمات لم تكن مجرد عبارة عن ترحيب، بل كانت تعبيرًا عن تجربة إنسانية عميقة شهدها في أرض العراق، حيث لا يقتصر الضيافة على المأكل والمشرب، بل تمتد إلى تبادل الأرواح الطيبة التي تفيض بالسلام والتسامح.
وفي أحداث مثل بطولة كأس الخليج 2023، برزت روح العراق العطاء بكل ما فيها من حب وكرم. استقبلت مدينة البصرة فرق وجماهير الخليج بحفاوة كبيرة، ليس فقط من خلال تنظيم مميز للبطولة، بل بتقديم المأكولات التقليدية والضيافة العراقية التي جعلت الضيوف يشعرون وكأنهم بين أهلهم.
وبينما تجذب الزيارة الأربعينية أنظار العالم إلى طيبة قلوب العراقيين، نجد أن هذا الكرم لا يتوقف عند المناسبات الكبرى فحسب، بل يمتد إلى فترات الأزمة، حيث تتألق أفعال الشعب العراقي بشكل يتجاوز المعايير الإنسانية المعتادة. في الحروب والصراعات، وفي أحلك الظروف، كان العراق دائمًا يمد يد العون لمحتاجيه، مستقبلاً ضيوفه اللبنانيين في العراق حيث فتحوا لهم قلوبهم قبل بيوتهم وهذا ، يعبر عن أن كرم هذا الشعب لا يتوقف عند حدود الوطن، بل هو طبعٌ أصيل يتجاوز أية حدود سياسية أو جغرافية.
إن العراق اليوم، كما تصفه التقارير الدولية والإعلام العالمي، ليس فقط بلدًا يعاني من التحديات، بل هو مثال للإنسانية والإيثار، يربط بين الشرق والغرب وبين الماضي والمستقبل. عراقٌ لا يتوقف عن العطاء، ولا يفتر عزمه في مواجهة الأزمات أو تقديم المساعدة لكل من يحتاج، سواء كان من أبناء شعبه أو ضيوفه.
إن عطاء العراقيين، الذي يبدأ من أرضهم ولا ينتهي عند حدودها، هو رسالة للعالم أجمع أن الإنسانية لا تعرف حدودًا. لقد أصبح العراق بمواقفه تلك نموذجًا يُحتذى به، ليس فقط في تقديم المساعدة في أوقات الأزمات، بل في جعل هذه المساعدات جزءًا من هويته الثقافية التي لا تموت.
، يظل هذا الإرث حيًا في قلوب العراقيين، موجهًا رسائل من المحبة والرحمة إلى العالم بأسره. إن عطاء العراقيين لا يتوقف أبدًا، بل يبقى حيًا في كل زمان ومكان، في الشدة والرخاء، في الحرب والسلام. هو جزء لا يتجزأ من تاريخهم، ومن روحهم المتجددة التي تجعل منهم قدوة في التضامن الإنساني والعطاء الذي لا ينضب.
اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات فی العراق لا یتوقف حدود ا
إقرأ أيضاً:
خالد فتحي: الجميع يدعم منتخب اليد ببطولة العالم.. وتواصل مستمر مع سفيرنا في كرواتيا
تحدث خالد فتحي رئيس الاتحاد المصري لكرة اليد، عن آخر استعدادات منتخب مصر للمشاركة في بطولة العالم للرجال 2025، والتي تستضيفها كرواتيا والدنمارك والنرويج، خلال الفترة من 14 يناير إلى 2 فبراير المقبل.
وقال فتحي في تصريحات لبرنامج ملاعب الأبطال عبر شاشة أون تايم سبورتس: "الجميع يدعم كرة اليد والمنتخب الوطني وعلى رأسهم وزارة الشباب والرياضة بقيادة الدكتور أشرف صبحي للظهور في البطولة بشكل مشرف، ودخلنا في حالة تركيز جيدة".
وتابع: "بعثة المنتخب على أتم الاستعداد وحالة اللاعبين جيدة، وسنواجه منتخب النرويج غدًا الأربعاء في بطولة إسبانيا الودية، ونواجه بعض الإصابات البسيطة ونتعامل معها جيدا".
وأضاف: "السفير أيمن ثروت سفير مصر في كرواتيا يتواصل معنا باستمرار للاطمئنان على الإقامة والمساعدات ولن يتأخر عنا لحظة، حيث أن منتخب مصر سيلعب مباريات دور المجموعات في كرواتيا".
وأتم: "هدفنا من البطولة الودية هو الاستعداد بشكل جيد للدخول في أجواء البطولة سريعًا بعد المشاركة في ثلاث وديات".
ويلعب منتخب مصر في بطولة العالم ضمن المجموعة الثامنة مع منتخبات كرواتيا والبحرين والأرجنتين .
ويشارك منتخب مصر لكرة اليد في دورة ودية في إسبانيا في الفترة من 7 إلى 11 يناير الجاري، بمشاركة منتخبات النرويج ورومانيا وإسبانيا وسلوفاكيا والأرجنتين.
وتم تقسيم المشاركين في الدورة الودية إلى مجموعتين تضم كل منها ثلاثة منتخبات، وتضم المجموعة الأولى إسبانيا مع الأرجنتين وسلوفاكيا؛ فيما تتكون المجموعة الثانية من منتخبات مصر والنرويج ورومانيا.
واختار الإسباني خوان كارلوس باستور المدير الفني لمنتخب مصر 20 لاعبا في معسكر إسبانيا، وهم:
حراس المرمى
كريم هنداوي (الزمالك)
محمد علي (سبورتنج لشبونة البرتغالي)
عبد الرحمن حُميد (الأهلي)
جناح أيسر
أحمد هشام سيسا (ڤويڤودينا الصربي)
بلال إبراهيم مسعود (بيرجيشر الألماني)
ظهير أيسر
علي زين (دينامو بوخارست الروماني)
أحمد هشام دودو (مونبيلييه الفرنسي)
عبد الرحمن فيصل (الأهلي)
صناع اللعب
أحمد خيري (الأهلي)
سيف الدرع (ليموج الفرنسي)
سيف هاني فوكس (الأهلي)
ظهير أيمن
يحيى خالد (باريس سان جيرمان الفرنسي)
محسن رمضان (الأهلي)
محمد لاشين (الأهلي)
جناح أيمن
محمد سند (نيم الفرنسي)
أكرم يسري (الزمالك)
الدائرة
إبراهيم المصري (الأهلي)
أحمد عادل (الأهلي)
خالد وليد (بشيكتاش التركي)
ياسر سيف (الأهلي).