الجزيرة:
2025-04-14@11:37:36 GMT

ثلاث افتراضات متشائمة تجاه التحول السوري

تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT

ثلاث افتراضات متشائمة تجاه التحول السوري

هناك ثلاثة افتراضات متشائمة في المنطقة العربية تجاه التحول السوري، رغم أنه لا يتم التعبير عنها بوضوح:

الأول، أن تصدُّر هيئة "تحرير الشام" المشهد بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وفرض سلطة جديدة بقيادتها يُشكلان تهديدًا للطبيعة الطائفية والثقافية والعرقية المتنوعة لسوريا، ويُقوضان من فرص إعادة بناء البلد وفق معايير الدولة الحديثة.

والثاني، أن هذا التحول نذير شؤم للمنطقة العربية؛ لأنه سيُغرق سوريا في فوضى طويلة الأمد وستترك عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي، وقد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي في بعض الدول العربية. والثالث، أن سوريا بعد هذا التحول ستُصبح تحت وصاية تركيا التي تطمح إلى إعادة إحياء إرثها العثماني في العالم العربي.

لحسن الحظ، فإن هذه الافتراضات لم تمنع الدول العربية المتوجسة ضمنيًا من هذا التحول من الانفتاح على السلطة الجديدة، وإظهار استعدادها لدعمها من أجل إنجاح عملية التحول.

سارعت السعودية إلى إرسال وفد دبلوماسي إلى دمشق في الأيام التي أعقبت الإطاحة بالأسد، واستضافت وفدًا من الإدارة السورية الجديدة.

كما أجرى وزير الخارجية الإماراتي أول اتصال رسمي مع نظيره السوري الجديد أسعد الشيباني. وكذلك زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق، والتقى بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

إعلان

يندرج هذا الانفتاح قبل أي شيء في إطار التكيف الذي تُظهره الدول العربية مع الواقع الجديد، بعد أن كانت أعادت تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد في السنوات الأخيرة، وهو تكيف لا يُبدد بأي حال هذه الافتراضات الثلاثة.

مع هذا، يبدو أن العواصم العربية، التي عارضت تحولات الربيع العربي بعد عام 2011، لاعتبارات مُختلفة ليس أكثرها أهمية الهاجس من صعود تيار الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص، لديها الكثير لتقلق بشأنه في حال عدم إظهار تفاعل إيجابي مع التحول السوري.

لا شك أن معظم هذه العواصم، لم تكن ترى في بشار الأسد عندما أعادت علاقاتها معه المخلص لسوريا. لكنها اعتقدت لفترة أن الأسد انتصر في الحرب، ولا بُد من التعاطي مع هذا الوضع كحقيقة لا مفر منها.

كما ساد اعتقاد قوي بأن الانفتاح على الأسد يُمكن أن يُشكل محفزًا له لتقويض حضور إيران في سوريا، وإخراجها منها في نهاية المطاف. وبمعزل عما إذا كان مثل هذا الرهان واقعيًا لو بقي الأسد في السلطة، فإن إيران من بين أكبر الخاسرين في التحول السوري. ومثل هذه النتيجة ينبغي أن تكون مُرضية بشدة لهذه الدول.

علاوة على ذلك، فإن الحكمة في التعامل مع الحالة السورية منذ اندلاع الصراع، أن الانكفاء عن لعب دور عربي مؤثر يوجد فراغات تستفيد منها قوى إقليمية ودولية أخرى. بينما أصبحت إيران وروسيا اليوم خارج المعادلة السورية تقريبًا، فإن تردد العالم العربي في الحضور في سوريا، سيُعزز بطبيعة الحال من المكاسب الهائلة التي حققتها تركيا في هذا البلد.

وعلى الرغم مما سبق، فإن النظرة إلى الحضور التركي القوي في سوريا على أنه مُهدد للمصالح العربية، تتجاهل في الغالب حقيقتين مُهمتين:

الأولى، أن هذا الحضور يعمل كضمانة قوية لتوجيه التحول السوري، والحفاظ على وحدة سوريا، والحد من مخاطر تحوّلها إلى دولة فاشلة مُهددة لاستقرار الإقليم. والثانية، أن الأتراك أنفسهم يرغبون في أن يكون للعالم العربي انخراط قوي في بناء سوريا الجديدة وتعافيها من آثار الحرب. ولا يرجع ذلك إلى حقيقة أن الدول العربية الغنية يُمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تمويل جهود إعادة الإعمار فحسب، بل أيضًا إلى تصور تركي بأن الشراكات الإستراتيجية الناشئة مع المنطقة العربية في السنوات الأخيرة تؤسس لعهد تركي عربي قادر على لعب دور محوري في إدارة شؤون المنطقة، بينما لم تعد الولايات المتحدة قادرةً أو راغبة -أو كلتيهما معًا- على لعب دور القوة العالمية المُهيمنة في الجغرافيا السياسية الإقليمية. إعلان

إن الانخراط العربي الواسع في دعم ورعاية التحول السوري، يُمكن أن يؤدي إلى تبديد الهواجس من هذه الافتراضات الثلاثة المتشائمة. فمن جانب، سيعمل هذا الانخراط كورقة تأثير قوية على هيئة تحرير الشام لتوجيه التحول السوري بما يخدم فرص العبور نحو الدولة الجديدة، وفق المعايير والمبادئ التي طرحها بيان اجتماع العقبة.

ومن جانب آخر، يجلب الانخراط في عملية إعادة إعمار سوريا فرصًا اقتصادية كبيرة ومزايا جيوسياسية للعالم العربي، ما دام أنه سيحد من مخاطر فشل التحول. علاوة على ذلك، فإن الفوضى المحتملة المترتبة على فشل عملية التحول السوري، ستخلق تحديات أمنية وجيوسياسية خطيرة للمنطقة العربية.

لقد تقبلت إيران على مضض حقيقة أنها انهزمت في سوريا. لكنّ مثل هذه الفوضى قد تمنحها فرصة جديدة للعودة إلى سوريا. كما أن إسرائيل، التي سارعت إلى استثمار التحول السوري من أجل السيطرة على المنطقة العازلة في الجولان المحتل، وعلى قمة جبل الشيخ الإستراتيجية، ستجد في فوضى كهذه فرصة لتكريس احتلالها الجديد لسوريا بحجة أمنها.

يُعظم التعاون التركي- العربي في دعم ورعاية التحول السوري من فرص نجاحه، ويُمكن أن يسهم في معالجة هواجس بعض الدول العربية من هذا التحول.

بالنظر إلى النفوذ القوي الذي تمتلكه أنقرة في سوريا الجديدة، فإن بمقدورها العمل على تخفيف الصبغة الإسلامية للسلطة الجديدة، وتشكيل حكومة شاملة قادرة على إعادة تشكيل الدولة وتعافيها وإخراجها من عزلتها الدولية.

كما أن المزايا الكبيرة التي يجلبها الانخراط العربي في سوريا يُمكن أن تُشكل حافزًا قويًا لهيئة تحرير الشام، لتعزيز أجندتها الجديدة كقوة إسلامية وطنية تعمل على مخاطبة كافة الشرائح السورية، والتعبير عن طموحاتها في بناء دولة القانون والمؤسسات.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الدول العربیة هذا التحول فی سوریا ی مکن أن

إقرأ أيضاً:

رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها 

إسطنبول-سانا

أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا ميخائيل أونماخت استعداد التكتل الأوروبي للتعاون مع سوريا، وتقديم الدعم فيما يتعلق بالأولويات والتحديات التي تواجهها، مشيراً إلى حقيقة أن الحكومة السّورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها، على عكس النظام البائد الذي لم تكن لديه إرادة حقيقية لدعم السوريين.

وفي لقاء مع تلفزيون سوريا، أوضح أونماخت أن الوضع تغير بالنسبة للاتحاد الأوروبي بعد إسقاط النظام المجرم، حيث يجري الآن التعامل رسمياً مع الحكومة الجديدة، وهناك لقاءات دورية مع وزرائها، كما أنّ التكتل الأوروبي يرى في الحكومة السورية خطوة مهمة في طريق بناء سوريا المستقبل.

وأشار أونماخت إلى أن الاتحاد الأوروبي غيّر طبيعة حضوره في سوريا مع انتقال العلاقات من مستوى إنساني صرف إلى انخراط سياسي مباشر مع الحكومة السورية.

وحول العقوبات المفروضة على سوريا، أكد أونماخت أنّ الاتحاد الأوروبي “لا يسعى إلى الإضرار بالشعب السوري”، مبيناً أنّ “العقوبات الفردية لن تُرفع، وخاصة تلك المرتبطة بجرائم وانتهاكات”، كما أشار إلى فتح استثناءات إنسانية منذ بداية عام 2023، وتوسيعها لاحقاً لتشمل مجالات النقل والطاقة والمصرف المركزي.

ولفت أونماخت إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فيما يتعلق بملف المهجرين السّوريين، مشدداً على أهمية منظمات المجتمع المدني في سوريا بهذا الإطار.

رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا 2025-04-12Zeinaسابق بارازاني يجدّد دعمه الكامل لسورياآخر الأخبار 2025-04-12رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها  2025-04-12بارازاني يجدّد دعمه الكامل لسوريا 2025-04-12اتحاد الصحفيين يوضح الشروط الجديدة للانتساب إليه   ‏ 2025-04-11رئاسة الجمهورية: رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان يرافق رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع في وداع رسمي عقب انتهاء أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي 2025-04-11رئاسة الجمهورية: لقاء جمع رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع ومعالي وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني مع رئيس إقليم كردستان العراق السيد نيجيرفان بارزاني، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي 2025-04-11بطولة النصر 2 لقفز الحواجز… محطة جديدة في عالم منافسات الفروسية 2025-04-11اتفاق بين إدارة الأمن العام ووجهاء بصرى الشام لتسليم المطلوبين وتعزيز الأمن 2025-04-11محافظة دمشق: صيانة وتركيب أجهزة إنارة بالطاقة الشمسية في طرق ‏رئيسة وإزالة منصف طريق كورنيش الميدان ‏ 2025-04-11ارتقاء شخص وإصابة آخر جراء انفجار بريف إدلب الجنوبي ‏ 2025-04-11المشاركون في “آغرو سيريا” الثالث.. المعرض نافذة للقاء رجال ‏الأعمال والتعريف بالمنتجات الزراعية السورية ‏

صور من سورية منوعات أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10 أول دراسة سريرية بالعالم… زراعة الخلايا الجذعية تحسن الوظائف الحركية لمرضى الشلل 2025-03-26فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • المجبري يعبر عن اعجابه بوكالة أنباء المغرب العربي ويشيد بمواقف الرباط تجاه ليبيا
  • الرئيس السوري يصل إلى الإمارات العربية المتحدة
  • رئيس مجلس الدولة يشيد بدور الأكاديمية العربية في التحول الرقمي
  • الخارجية الألمانية: الحكومة الألمانية الجديدة ستواصل عملها من أجل سوريا وتقديم المزيد من الدعم لها
  • رئيس الاتحاد العربي لجمعيات بيوت الشباب في حوار لصدي البلد: قرار اختيار مدينة الإسماعيلية عاصمة بيوت الشباب العربية ليس وليد صدفة
  • البرلمان العربي يناقش مشروع قانون استرشادي لمكافحة الهجرة غير المشروعة في الدول العربية
  • مراسل سانا بحلب: بدء دخول قوات الجيش العربي السوري وقوى الأمن العام إلى سد تشرين بريف حلب الشرقي لفرض الأمن والاستقرار للمنطقة، تنفيذاً للاتفاق المبرم مع قوات سوريا الديموقراطية
  • علييف: نرحب بالتغييرات الجديدة في سوريا وجاهزون للمشاركة في جهود إعادة الإعمار
  • رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها 
  • البرلمان العربي يدعو دول العالم للإيفاء بالتزاماتها تجاه «الأونروا»