خبراء اجتماع: الأب سر تفوّق الأبناء
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةوجود الأب في حياة الأبناء، يعني الأمان والسند والقدوة والتوازن النفسي والانضباط، دوره يتخطى مجرد توفير الاحتياجات المادية، ليشمل جوانبَ نفسية واجتماعية عميقة التأثير، من الطفولة المبكرة وصولاً إلى مراحل الشباب والنضج، بل وحتى بعد الزواج.
درع حصين
أوضحت كاميليا كامل، اختصاصية نفسية ومستشار أسري تربوي، أن الأب هو مصدر الأمان الأول في حياة أبنائه، والدرع الحصين والقدوة والمثل الأعلى، موضحة أنه ليس مجرد مصدر المادة في حياة أسرته، بل أعمق بكثير من ذلك، فدوره جوهري يحمل أبعاداً نفسية وعاطفية عميقة، تساعد على تشكيل شخصيات أبنائه ومستقبلهم ونظرتهم إلى أنفسهم، فهو المرآة التي يرى بها الطفل نفسه وقيمته وقدراته، موضحة أن غياب الدور الفعال للأب، ينتج عنه طفولة مشوهة، مع فقدان المهارات النفسية والعاطفية الأساسية وتراجع سبل التعامل مع العلاقات والمسؤوليات، كما يؤدي إلى الحرمان العاطفي وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، مما يعوق تطور الأبناء اجتماعياً، فضلاً عن غياب القدوة التي يستند عليها الأبناء.
الثقة في النفس
لتفعيل دور الأب، أكدت كاميليا أن التواجد العاطفي هو أهم ركيزة في تكوين شخصية الأبناء وتنمية شعورهم بالأمان والانتماء، وعلى الأب أن يغرس القيم، مع الابتعاد عن النقد والتوبيخ والعنف والتلفظ بالكلام الجارح، وأن يهتم بجودة الوقت الذي يقضيه مع أبنائه، بحيث يكون مهتماً ومحباً وراعياً لهم. وأضافت: علينا إعادة صياغة دور الأب، ليكون شريكاً فعالاً في رحلة الحياة، وذلك عبر تقديم ورش ودورات تدريبية تركز على الجانب المعنوي والعاطفي والنفسي لوجوده في حياة الأبناء.
تنمية القدرات
بدورها، ترى ميثاء العامري، رئيس قسم تثقيف الأسرة في مؤسسة التنمية الأسرية، أن الأب مصدر للأمان والحماية في مختلف مراحل حياة الأبناء، مؤكدة أن وجوده الفعال في مرحلة الطفولة المبكرة يُسهم في بناء شخصية الطفل وتنمية مهاراته الاجتماعية والعاطفية، كما يلعب دوراً مهماً في غرس القيم والمبادئ، وتعليم الطفل الانضباط واحترام الآخرين، كما يُساعد في تنمية القدرات اللغوية والمعرفية للأبناء من خلال اللعب والاهتمام والحنان. أما في مرحلة الشباب، فإن دوره يتحوّل إلى مرشد وداعم، يساعد أبناءه على فهم أنفسهم وتحديد أهدافهم، ويقدم لهم النصح والإرشاد في مواجهة تحديات المراهقة وبناء علاقاتهم الاجتماعية، ويشجعهم على تحقيق طموحاتهم، ويساندهم في اتخاذ قراراتهم المصيرية، كاختيار التخصص الدراسي أو المهني.
أمان وثقة بالنفس
أشارت ميثاء العامري، إلى أن الحضور الفعلي للأب في حياة الأبناء، يمنحهم الشعور بالأمان والثقة بالنفس، بحيث ينشأ الأبناء بشكل يتيح لهم التفوق الأكاديمي والمهني، ويكونون قادرين على بناء علاقات اجتماعية صحية ومستقرة، فالدور الأبوي الإيجابي يقلل من احتمالية إصابتهم بمشاكل نفسية كالاكتئاب والقلق.
مواجهة التحديات
من جهتها، أشارت نورة مجاهد، اختصاصي تثقيف صحي في مؤسسة التنمية الأسرية، إلى أن للأب دوراً محورياً في تشكيل حياة أبنائه، وهو حجر الأساس الذي تُبنى عليه شخصياتهم وتُصقل مهاراتهم. وهو يمثل رمزاً للأمان والحماية، وتنمية القدرات العاطفية والاجتماعية، بمشاركته في غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم، وتحفيز فضول الطفل المعرفي من خلال اللعب وقراءة القصص ومشاركته اكتشاف العالم من حوله. وفي مرحلة المراهقة والشباب يتحوّل دور الأب إلى مرشد وداعم، يساعد أبناءه على فهم التغيرات التي يمرون بها، ويقدم لهم النصح والإرشاد في مواجهة تحديات هذه المرحلة الحرجة، مع استكشاف مواهبهم وتحقيق طموحاتهم واتخاذ قراراتهم المستقبلية، على الصعيد الدراسي أو المهني أو الشخصي.
منظور نفسي واجتماعي
أكدت د. نادية الخالدي، اختصاصية إرشاد أسري وصحة نفسية، أن للأب أدواراً متشابكة وحساسة في حياة الأبناء ليشبعهم عاطفياً، ويعزز شعورهم بالحب والانتماء، موضحة أن لعب الأب مع طفله الصغير، يسهم في بناء شخصيته ويشعره بالدعم والثقة، وعلى الأب في مرحلة المراهقة تحقيق التوازن بين الدعم والتوجيه، كأن يعانق ابنه بعد مباراة رياضية خسرها مثلاً، مما يعزز ثقته بنفسه، كما أن الأب يعلم أبناءه احترام الآخرين، كأن يرد التحية للجيران أو يساعد مسنّاً، أو يتطوع في أعمال الخير.
وأضافت الخالدي، أن الأب لا بد أن يشجع ابنه على اختيار تخصصه الجامعي، فإن ذلك يمنح الشاب حرية اتخاذ القرار والشعور بالاستقلالية، وعندما يواجه الابن إخفاقاً في حياته المهنية أو الشخصية، على الأب أن يقول له: واصل الطريق ولا تتوقّف، فإن هذا التشجيع يعيد بناء معنوياته، فالأب هو مصدر للدعم والتوجيه.
أثر الغياب
أشارت ليلى طارق المعينا، مدربة وخبيرة في التنمية الذاتية، إلى إن غياب الأب له تأثيرات سلبية كبيرة على نمو الطفل في مختلف المجالات، فقد يعاني الأطفال الذين لا يحظون برعاية الآباء من انخفاض احترام الذات، وزيادة القلق، والشعور بانعدام الأمان، مما يؤثر على صحتهم العقلية بشكل عام، كما يعوق غياب الأب من تطوير المهارات الاجتماعية الأساسية، حيث يواجه الأطفال تحديات في تكوين علاقات صحية، وإظهار التعاطف والتواصل الفعال مع الأقران، وقد يؤدي هذا إلى مشاكل، مثل الشعور بالوحدة والانسحاب الاجتماعي. وتشير الأبحاث إلى أن مثل هؤلاء الأطفال غالباً ما يكون أداؤهم الأكاديمي منخفضاً، نتيجة فقدانهم إلى الدافع والدعم التعليمي، مما يؤدي إلى تراجع مهاراتهم الفكرية والنقدية، كما يؤدي غياب الأب إلى زيادة احتمالية حدوث مشاكل سلوكية، بما في ذلك الانحراف والعنف.
جودة الحياة
شدّدت المعينا على أهمية دور الأب في جودة حياة الطفل ونموه ورفاهيته النفسية، موضحة أن هناك أبحاثاً تشير إلى أن المشاركة الفعّالة في تربية الأبناء تسهم بشكل كبير في نمو الطفل العاطفي والاجتماعي والإدراكي والسلوكي، قائلة إن الأطفال الذين لديهم آباء داعمون يميلون إلى التعامل مع التحديات بشكل أكثر فعالية، كما يؤثر الآباء بشكل كبير على مهارات وسلوكيات أطفالهم، إذ يشكلون نموذجاً للعلاقات الصحية والتشجيع على الاستكشاف والمخاطر الآمنة.
أسر متماسكة
د. شافع النيادي خبير التنمية البشرية والعلاقات الأسرية، أكد أن الصراع الزوجي يؤثر على تطور عقل الطفل، حيث تبدأ الآثار السلبية من الأشهر الأولى، ويستمر صداها لعمر طويل، في حين أن الأسرة المتماسكة المتعاطفة المتحابة تؤثر بشكل واضح في الصحة الجسدية والعقلية للأطفال، مشيراً إلى أن الرضيع ترتفع نسبة هرمون السعادة لديه عندما يلاعبه والده، في حين أن ضرب الأطفال والتعنيف اللفظي تمتد آثاره على مدار مراحل الحياة، وتهدم شخصية الطفل، وقد تكون سبباً في جعل الطفل انطوائياً وضعيف الشخصية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تربية الأبناء كيفية التعامل مع الأبناء تربية الأطفال السعادة الأسرية الاستقرار الأسري الحياة الأسرية العلاقات الأسرية فی حیاة الأبناء دور الأب فی مرحلة أن الأب إلى أن
إقرأ أيضاً:
النشاط البدني للأطفال.. كيف تؤثر الرياضة على النمو العقلي والجسدي؟
الرياضة والنشاط البدني لا يقتصر تأثيرهما فقط على تعزيز اللياقة البدنية، بل يمتدان إلى تأثيرات إيجابية كبيرة على صحة الأطفال العقلية والعاطفية أيضًا. في السنوات الأخيرة، أصبح من الواضح أن النشاط البدني للأطفال هو أحد الأسس التي يبنى عليها نموهم السليم في العديد من الجوانب، بدءًا من الصحة الجسدية ووصولًا إلى تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية.
أهمية النشاط البدني للأطفالسنتناول أهمية النشاط البدني للأطفال وكيف يسهم في تطورهم العقلي والجسدي، بالإضافة إلى استعراض الفوائد العديدة للرياضة في حياة الطفل اليومية، وفقا لما نشره موقع إكسبريس.
1. تأثير النشاط البدني على النمو الجسدي للأطفال
من أكثر الفوائد المعروفة للنشاط البدني هي تحسين صحة الطفل الجسدية. تتنوع الفوائد التي يجنيها الأطفال من ممارسة الرياضة بشكل دوري، وهذه بعض أبرز هذه الفوائد:
تعزيز نمو العظام والعضلات: ممارسة الأنشطة البدنية تعزز من قوة العظام ومرونتها، وتحفز النمو السليم للعضلات. الأنشطة مثل الجري، القفز، والمشي تُعتبر مفيدة لتقوية الهيكل العظمي، مما يقلل من مخاطر الإصابة بهشاشة العظام في المستقبل.
تحسين التوازن والتنسيق: الرياضات مثل السباحة أو التزلج على الجليد تتطلب توازناً دقيقاً، مما يساعد الأطفال على تحسين قدراتهم الحركية، مما يؤدي إلى تطوير مهاراتهم في التنسيق بين العين واليد.
مكافحة السمنة: في عصرنا الحديث، يعاني العديد من الأطفال من السمنة نتيجة نمط الحياة القليل الحركة. النشاط البدني المنتظم يساعد في تحسين مستويات الأيض وحرق الدهون، مما يساهم في الحفاظ على وزن صحي.
تعزيز صحة القلب: ممارسة الرياضة تعزز الدورة الدموية وتقوي عضلة القلب. الأنشطة الرياضية التي تتطلب مجهودًا متوسطًا إلى عاليًا، مثل الركض أو اللعب بكرة القدم، تُعتبر مثالية لصحة القلب والأوعية الدموية.
2. فوائد الرياضة على الصحة العقلية للأطفال
في الوقت الذي يركز فيه الكثير من الناس على الفوائد الجسدية للنشاط البدني، فإن التأثيرات العقلية التي يتركها النشاط الرياضي على الأطفال قد تكون أهم وأكثر عمقًا. تشمل الفوائد العقلية التي يوفرها النشاط البدني للأطفال:
تحسين المزاج والتقليل من التوتر: هناك علاقة مباشرة بين النشاط البدني و تحرير الإندورفين، وهي هرمونات السعادة التي تساهم في تحسين المزاج وتقليل مشاعر التوتر والقلق. ممارسة الرياضة يمكن أن تساعد الأطفال على التعامل مع الضغوط اليومية والمشاعر السلبية التي قد يواجهونها.
زيادة الثقة بالنفس: عندما يُحقق الطفل نجاحًا في إحدى الرياضات، سواء كان ذلك بتسجيل هدف في مباراة أو إتمام تمرين صعب، فإن ذلك يُشعره بـ الفخر والإنجاز. هذا النجاح يعزز الثقة بالنفس ويساعد في بناء صورة إيجابية عن الذات.
تحسين التركيز والانتباه: تشير الدراسات إلى أن النشاط البدني يحفز التدفق الدموي إلى الدماغ، مما يُحسن من قدرة الطفل على التركيز والانتباه. الأطفال الذين يمارسون الرياضة بانتظام يكون لديهم عادة قدرات أعلى على التفاعل في الفصل الدراسي والاحتفاظ بالمعلومات.
التغلب على الاكتئاب والقلق: أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن ممارسة الرياضة تساعد الأطفال الذين يعانون من مشاعر القلق والاكتئاب. تساهم الرياضة في تقليل مستويات التوتر النفسي والتخلص من الأفكار السلبية عن طريق تحسين كيمياء الدماغ.
3. النشاط البدني وتطوير مهارات الأطفال الاجتماعية
الرياضة ليست فقط للجانب الجسدي والعقلي، بل لها أيضًا تأثيرات إيجابية على تطور المهارات الاجتماعية لدى الأطفال. من خلال المشاركة في الأنشطة الرياضية، يتعلم الأطفال كيفية العمل مع الآخرين في إطار جماعي، مما يسهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية. بعض الفوائد تشمل:
تعلم التعاون والعمل الجماعي: الرياضات الجماعية مثل كرة القدم، كرة السلة، أو التنس الزوجي تعلم الأطفال أهمية العمل الجماعي. الطفل الذي يمارس الرياضة في مجموعة يتعلم كيف يساهم في تحقيق هدف مشترك، ويصبح أكثر استعدادًا للتعاون مع الآخرين.
تعزيز احترام القوانين والالتزام: الرياضات تعلم الأطفال احترام القواعد والالتزام بالمواعيد. يتعلم الأطفال من خلال الرياضة قيمة الانضباط واحترام القوانين سواء في المباريات أو التدريبات.
مواجهة الفشل والنجاح: في الرياضة، لا تكون الأمور دائمًا كما يرغب الطفل. أحيانًا يربحون، وأحيانًا يخسرون. من خلال الرياضة، يتعلم الأطفال كيف يتعاملون مع الخسارة وكيف يهنئون الآخرين في حالة الفوز. هذه التجارب تساعدهم على فهم أن الفشل ليس نهاية المطاف بل فرصة للتعلم والتحسن.
تعزيز العلاقات مع الآخرين: من خلال الرياضات الجماعية، يتعرف الأطفال على زملاء جدد، مما يساعدهم في تكوين صداقات وتوسيع دائرة علاقاتهم الاجتماعية.
4. أهمية الرياضة في تحسين النوم عند الأطفال
الرياضة تلعب دورًا كبيرًا في تحسين جودة النوم لدى الأطفال. النشاط البدني يحفز الجسم على إفراز الهرمونات المسؤولة عن الاسترخاء والراحة مثل السيروتونين والميلاتونين. الأطفال الذين يمارسون الرياضة بانتظام عادة ما يحصلون على نوم عميق وهادئ، مما يُساعد في استعادة طاقاتهم البدنية والعقلية.
النوم الجيد يؤثر بشكل مباشر على صحة العقل والجسم، ويساهم في تحسين مزاج الطفل، وزيادة قدراته على التركيز في اليوم التالي.
5. كيف يمكن للأهل تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة؟
دور الأهل في تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة لا يقل أهمية عن فوائد الرياضة نفسها. هنا بعض الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز النشاط البدني لدى الأطفال:
كن قدوة لهم: إذا رأى الطفل أن والديه يشاركون في الأنشطة الرياضية، فإنه سيقتدي بهما. الأهل يمكنهم ممارسة الرياضة مع أطفالهم مثل الذهاب في نزهة أو لعب كرة القدم معًا.
تنويع الأنشطة: من المهم أن يتمتع الطفل بتجربة أنشطة رياضية متنوعة ليكتشف ما يناسبه منها. يمكن للأهل أن يشجعوا الأطفال على المشاركة في رياضات مختلفة مثل السباحة، الجري، أو حتى رياضات فنية مثل الرقص.
التسجيل في الأنشطة الجماعية: تسجيل الأطفال في فرق رياضية مدرسية أو أندية محلية يعزز من رغبتهم في ممارسة الرياضة ويمنحهم فرصة للتفاعل مع أطفال آخرين.
مكافأت إيجابية: تقديم مكافآت غير مادية مثل إجازة أو وقت إضافي للعب يمكن أن يشجع الطفل على المشاركة في الأنشطة الرياضية.