الأمم المتحدة: أزمة الجوع في قطاع غزة تتفاقم
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، اليوم الخميس، بأن أزمة الجوع في جميع أنحاء قطاع غزة تستمر في التفاقم، وسط نقص حاد في الإمدادات، وقيود شديدة على الوصول، ونهب مسلح عنيف، وفقًا لـ"وفا".
وقال المكتب في تقريره اليومي، إن الشركاء في المجال الإنساني استنفدوا في وسط غزة جميع الإمدادات في مستودعاتهم حتى يوم الأحد، في الوقت الذي تواصل فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفض معظم الطلبات لإدخال المساعدات الغذائية من معبر بيت حانون (إيريز) غربا، إلى المناطق الواقعة جنوب وادي غزة، مشيرا إلى أنه لا يزال حوالي 120 ألف طن متري من المساعدات الغذائية- وهو ما يكفي لتوفير الحصص الغذائية للمواطنين بالكامل لأكثر من ثلاثة أشهر- عالقة خارج غزة.
ويحذر الشركاء الإنسانيون، من أنه إذا لم يتم استلام إمدادات إضافية، فإن توزيع الطرود الغذائية على الأسر الجائعة سيظل محدودًا للغاية، كما أن أكثر من 50 مطبخًا مجتمعيًا تقدم أكثر من 200 ألف وجبة يوميًا للمواطنين في وسط وجنوب غزة معرضة أيضًا لخطر الإغلاق في الأيام المقبلة.
وأفاد برنامج الغذاء العالمي، أنه حتى يوم الاثنين، لا يزال خمسة مخابز فقط من أصل 20 مخبزًا يدعمها البرنامج تعمل في جميع أنحاء القطاع- وكلها في محافظة غزة، وحيث أن المخابز وللاستمرار في العمل تعتمد على استمرار تسليم الوقود من قبل الشركاء من جنوب غزة.
وفي هذا الصدد، يحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من أن نقص الوقود لتشغيل المولدات يشل أيضًا النظام الصحي المدمر في غزة، مما يعرض حياة المرضى للخطر.
وقال المكتب، إن العدوان المستمر على محافظة شمال غزة أدى إلى تعطيل الخدمات الصحية للناجين المتبقين هناك بشكل خطير، فيما أن الوصول إلى مستشفى العودة في جباليا- المستشفى الوحيد في محافظة شمال غزة الذي لا يزال يعمل جزئيًا - محدود للغاية.
وأضاف المكتب، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل رفض الجهود التي تقودها الأمم المتحدة، بما في ذلك المحاولة الأخيرة أمس، للوصول إلى محافظة شمال غزة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا أزمة الجوع قطاع غزة الشركاء الإمدادات المساعدات الغذائية
إقرأ أيضاً:
ترامب يدفع العالم إلى الركود ولا يزال بوسعنا منعه
ترجمة: أحمد شافعي -
لم يبق غير فرصة ضئيلة إن أردنا منع ركود عالمي لا داعي له. ففي الوقت الذي يشهد انفصال الصين والولايات المتحدة، تحتدم حروب تجارية مزعزعة، منذرةً بالانحدار إلى حروب عملات، وفرض حظر على واردات وصادرات واستثمارات وتكنولوجيا، وحرق أسعار مالية من شأنه أن يدمر ملايين الوظائف حول العالم. لا يكاد يبدو من المعقول أن يجثو العالم على ركبتيه بسبب اقتصاد بلد واحد، يعيش خارجه 96٪ من السكان، وينتجون 84٪ من السلع المصنعة في العالم. ولكن برغم أن مسؤولين أمريكيين تحدثوا من قبل عن سياسة تعريفات جمركية قائمة على مبدأ «التصعيد بهدف تهدئة التصعيد»، فإن هدف دونالد ترامب هو إرغام التصنيع على العودة إلى الولايات المتحدة، وتخفيفه لبعض التعريفات لمدة 90 يوما لا يعني أنه ينوي نزع فتيل الأزمة.
في يوم الاثنين الماضي، حذر كير ستارمر من أن العالم لن يعود إلى ما كان عليه من قبل، وذكَّرنا بأن «محاولة إدارة الأزمات دون تغيير جذري لا تؤدي إلا إلى تدهور منظم». وهو على حق. فما تعلمته من أزمة عام 2008 المالية هو أن المشاكل العالمية تقتضي حلولا منسقة عالميا. فلا بد لنا من استجابة دولية جريئة تواكب حجم الطوارئ. وبمثل ما أقام رئيس الوزراء ـ ويحسب هذا له كثيرا ـ تحالفا للدفاع عن أوكرانيا، فلا بد لنا من تحالف اقتصادي من الراغبين: أي قادة العالم متشابهي التفكير المؤمنين بأن علينا في هذا العالم المترابط أن ننسق السياسات الاقتصادية عبر القارات إذا أردنا حماية الوظائف ومستويات المعيشة.
ويتمثل التحدي الملِح في التخفيف من صدمات جانب العرض الناجمة عن جدار ترامب الجمركي. وكما تقترح راشيل ريفز، فإن علينا أن نحافظ على حركة التجارة العالمية. وبرغم أنه ما من أزمتين متشابهتان أبدا، لكن تقديم قروض ممتدة لشركات التصدير والاستيراد كان محوريا في الاستجابة العالمية لانهيار التجارة عام 2009. وعلينا أيضا أن نذكِّر الصين بأنها إن أرادت أن تقدم نفسها بوصفها داعمة للتجارة الحرة، فمن مصلحتها التركيز على توسيع الاستهلاك المحلي بدلا من إغراق الأسواق العالمية بسلع ذات أسعار مخفضة لا تستطيع بيعها الآن في الولايات المتحدة.
غير أن التحديات العالمية تتجاوز بكثير إدارة صدمة الرسوم الجمركية. ولن يكون إنعاش التجارة أمرا سهلا دون تنسيق السياسات الاقتصادية الكلية والمالية عبر القارات. فسوف يرتفع التضخم العالمي، حتى بعد مراعاة التأثير الانكماشي للصادرات الآسيوية منخفضة الأسعار. ولكن هذه الصدمة تهون أمام مشكلة أكبر هي انهيار ثقة المستهلك وتراجع استثمارات الأعمال. ويعني هذا أننا قد نحتاج إلى خفض متزامن لأسعار الفائدة ـ وهي مبادرة يحتمل جدا أن تنضم إليها الولايات المتحدة ـ مدعومة بنشاط مالي في البلاد التي تتوافر فيها مساحات للتوسع.
لقد أقيمت مؤسساتنا الاقتصادية الدولية على اعتقاد مفاده أن استدامة الرخاء تتطلب تقاسمه، وأنه لا يمكن تحقيق النجاح الاقتصادي في كل مكان إلا إذا كنا مستعدين للتحرك أينما دعت الحاجة. وبمساعدة الولايات المتحدة أو بدونها، يجب علينا فورا جمع قدرة البنك الدولي على تقديم المنح والقروض البالغة 150 مليار دولار، والقوة المالية لصندوق النقد الدولي البالغة تريليون دولار، وأقل الأسباب الداعية إلى ذلك هو مساعدة الاقتصادات النامية الأكثر ضعفا والمتضررة من الرسوم الجمركية. ففي عام 2009، كان مزيج الائتمانات التجارية وأموال البنوك متعددة الأطراف هو الذي عزز الاقتصاد العالمي بمقدار 1.1 تريليون دولار، ومنع الركود من التحول إلى كساد.
ولا يتيح لنا النهج التنسيقي محض فرصة لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي، وإنما لـ«إعادة البناء بشكل أفضل» ـ على حد تعبير عام 2020. ويعني هذا، بالنسبة للمملكة المتحدة، العمل بشكل أوثق مع الاتحاد الأوروبي. والحق أن التغييرات الجارية في أوروبا حاليا تتيح التعاون على نطاق أوسع حتى من مجرد إزالة الحواجز التجارية المفروضة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لطالما كان هناك توتر بين رغبة أوروبا في القيادة، التي تدفعها إلى الجرأة، ورغبتها في البقاء متحدة، بما يدفعها إلى الجبن، لكن أوروبا اليوم تعاني من معدل تضخم أقل من الولايات المتحدة، ويمكنها خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع.
لقد بلغ إنفاق العجز الأمريكي منذ عام 2010 أضعاف إنفاق منطقة اليورو، مما جعل ألمانيا تحديدا أقل ديونا بكثير من الولايات المتحدة نسبيا. وبفضل المرونة المالية التي أوجدها المستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرز، والاتحاد الأوروبي، يمكن ضخ موارد جديدة في الاقتصاد العالمي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق تقرير دراجي حول القدرة التنافسية الأوروبية، ويكتمل هذا بزيادة الإنفاق في الصين. في الوقت نفسه، ينبغي تمديد اتفاقية التعاون الدفاعي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لتمكين شراء أسلحة مشتركة أكثر فعالية من حيث التكلفة. ولإتاحة الموارد في مجالات أخرى، ينبغي أن نمضي قدما في المناقشات حول صندوق أوروبي شامل لأغراض خاصة متعلقة بالدفاع والأمن خارج الميزانيات العمومية.
وقد تكون أوروبا مطالبة بالقيادة في جانب آخر إذا ما أحاطت الشكوك باستعداد الولايات المتحدة للعمل كملاذ أخير لإقراض العالم. وتجب مطالبة مجلس الاستقرار المالي العالمي بتقديم تقرير فوري حول المخاطر التي قد تضر بالاستقرار والتي قد تحتاج إلى معالجة في القطاعين المصرفي وغير المصرفي. وإذا لزم الأمر، من الممكن أيضا مطالبة البنك المركزي الأوروبي بسد الفجوة الناجمة عن الولايات المتحدة (وتحاول الصين شغلها) من خلال توسيع نطاق مقايضات العملات لتشمل مجموعة أوسع من الدول التي تحتاج إلى دعم السيولة.
يمثل العمل المنسق متعدد الأطراف ضرورة إذا ما أرادت بريطانيا ضمان النمو الذي نحتاج إليه وتقوده الصادرات. وسوف يتم تعزيز هذا النمو من خلال إعادة السياسة الصناعية إلى التركيز على تعزيز القطاعات التنافسية دوليا ـ من علوم الحياة والذكاء الاصطناعي، إلى التحول في مجال الطاقة والصناعات الإبداعية. ويستوجب تعزيز هذه التجمعات الرائدة عالميا، كما قال وزير المالية، استثمارا أكبر في البحث والتطوير والمهارات رفيعة المستوى. ولكنه يستوجب منا أيضا دعم نظام داعم للمنافسة لا يفضل شركات التكنولوجيا العملاقة على حساب منافسيها الأصغر حجما في المملكة المتحدة، أو يضعف قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية الحيوية للمواهب الإبداعية.
ليس النظام الاقتصادي متعدد الأطراف وحده هو الذي يتعرض للهجوم، وإنما كل ركن آخر من أركان النظام القائم على القواعد، من احترام القانون إلى تقرير مصير الدول والالتزامات التاريخية بالمساعدات الإنسانية. فالحق أننا نشهد انهيارا متزامنا في الأنظمة الاقتصادية والجيوسياسية. وفي مقالة تالية لهذه المقالة، سوف أقترح طريقة تمكِّننا من إقامة نظام جديد مما يتحول بسرعة إلى أنقاض النظام القديم. لكننا أولا بحاجة إلى أن نظهر أن العالم قادر على العمل المشترك لدعم مستويات معيشة الناس. فسوف يظهر ذلك المبادئ الأساسية المطروحة: إن التعاون الدولي يصب في مصلحتنا الجماعية، وأن عالما لا ربح فيه للبعض إلا بخسارة البقية تتنافس فيه القوميات هو عالم يجعلنا جميعا أكثر فقرا وأقل أمنا.
جوردن براون رئيس وزراء بريطانيا من 2007 إلى 2010
عن ذي جارديان البريطانية