“الصهاينة” يواجهون نسخة جديدة من المقاومة في غزة
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
يمانيون../
بعد عام وثلاثة أشهر من حرب الإبادة على غزة، والتي انتهكت جميع الأعراف والقوانين الدولية، لا تزال المقاومة مستمرة في غزة، بل وفي شمالها الذي يلقى نوعاً خاصاً من الاستهداف والإبادة بحكم ارتباطه بمشروع خاص، ولا تزال المقاومة صامدة على طاولة التفاوض بعد أن ظن العدو الإسرائيلي والأمريكي أن المفاوضات لن تشكل إلا بابًا من أبواب الاستسلام وإعلان النصر الساحق للكيان.
ولا شك أن الولايات المتحدة تحاول توظيف زخم وصول الرئيس ترامب للحكم، متوعدة المنطقة بالجحيم، لانتزاع أقصى قدر من التنازلات، ولا شك أن العدو الإسرائيلي يستمر في مراوغته واستغلال المفاوضات لأهداف سياسية داخلية، بينما لا يريد إلزام نفسه بأية اتفاقيات طمعاً في استغلال ما يراه فرصة تاريخية مناسبة لتصفية القضية بعد ضعف وهوان الأنظمة العربية الرسمية وانعدام الضغط الشعبي وخروجه من معادلة صناعة القرار الرسمي العربي.
وقد بات معلومًا أن العائق الوحيد الذي يعرقل تصفية القضية هو المقاومة ومحورها الذي دفع أثماناً كبيرة ولا يزال صامدًا ومشكلًا لأهم ورقة قوة في يد المفاوض الفلسطيني، وقبل ذلك يأتي صمود الشعب الفلسطيني وبيئة المقاومة على كامل جبهات المحور والتي عوضت غياب الأغلبية الكاسحة من الشعب العربي والمسلم، بعد اصطفافها وراء المقاومة وولائها وثقتها ورضاها بجميع خيارات قادة المقاومة.
وتمر المنطقة الآن بوضع إستراتيجي غاية في الدقة حيث انتقلت الجولة الممتدة من بداية طوفان الأقصى إلى مرحلة جديدة حاسمة، ولم يعد الرهان بها على الاستنزاف والنقاط بقدر ما أصبح الرهان بها على الإرادة وشجاعة الخيارات، وهو ما يتطلب مناقشة وإلقاء للضوء على بعض المحاور الآتية:
1- صفرية المعركة:
فقد بدا واضحاً أن العدو الإسرائيلي يلعب معركة صفرية، ليس في فلسطين ومع مقاومتها فقط، بل في كامل المنطقة، وقد دفعه زخم سقوط النظام السوري للتفتيش عن المزيد من المطامع، وهو ما جعله يتجرأ على نشر خرائط لضم الضفة ونشر تقارير ومقالات تتحرش بالجيش المصري وتتحدث عن سيناء، وفوق ذلك يحاول لعب أكثر الالعاب خطورة في لبنان عندما يلوح بالبقاء بعد انتهاء مهلة وقف إطلاق النار ويحاول هو وأعوانه داخل وخارج لبنان زيادة الضغط على المقاومة للقبول بأوضاع تغير المعادلات التي استقرت منذ 2006، بل واتخذت مساراً تصاعدياً.
2- نزول أمريكا إلى الميدان:
فبعد أن كانت القيادة الأمريكية للعدوان محل التحليل والشواهد والاستنتاجات بعد الأداء المنافق لإدارة بايدن في بدايات الحرب، تحولت مع الوقت لتدخل صريح بعد الوصول لحرج بالغ للعدو، وهو ما جعل أمريكا تخلع قناعها وتحارب بيدها في اليمن لإنهاء حرب الإسناد اليمنية، وتدخل بثقلها على خط التفاوض في لبنان لحماية العدو من صواريخ ومسيرات حزب الله، ومؤخراً دخلت مع إدارة ترامب التي تستعد لاستلام الحكم لمرحلة التهديد الصريح بالجحيم إذا لم تفرج حماس عن الأسرى وهو تحول جذري من المظهر المخادع لدور الوسيط إلى المظهر الحقيقي للطرف الرئيسي في الصراع.
3- الصمود الأسطوري للمقاومة:
بعد كل هذا الخذلان العربي والإسلامي شعبياً ورسميًا، وبعد انكشاف عجز القانون الدولي والمنظمات الأممية عن حماية شعب غزة وعن ردع إسرائيل عن جرائم الحرب في غزة والضفة ولبنان واليمن، وعن انتهاك الاتفاقيات الدولية، ورغم الضربات القاسية التي تلقاها المحور المقاوم، فإنه يقف صامدًا كما كان في بداية المعركة، وثابتًا على مطالبه بوقف العدوان وعدم السماح بتغيير المعادلات وتصفية القضية المركزية.
فالمقاومة في غزة تحولت إلى نمط أخطر على العدو بشهادة خبراء العسكرية، وهو نمط حرب العصابات واستخدام تكتيكاتها التي تسقط القتلى والمصابين بشكل يومي من جيش الحرب الصهيوني، كما تنطلق الصواريخ من كامل جغرافيا القطاع، والأهم أنها تنطلق من شمال غزة الذي تطبق به خطة الجنرالات بهدف الإخلاء والتهجير.
وبدلاً من تصفية حماس والمقاومة، بات الشباب الفلسطيني رديفًا لحركات المقاومة، وكما أعلن في وقت سابق، المتحدث باسم “كتائب القسام” أبو عبيدة، أن “القدرات البشرية لكتائب القسام بخير كبير”، وأعلن أنه تم تجنيد آلاف المقاتلين الجدد خلال الحرب.
وبعد ارتقاء ما يقرب من 46 ألف شهيد بنسبة 2% من عدد سكان غزة، وعدد جرحى يقترب من 110 ألف جريح بنسبة تقارب 5% من عدد السكان البالغ عددهم نحو مليونين و300 ألف نسمة، لا يزال أهل غزة ثابتين ومتمسكين بأرضهم ولا يبالون بالموت ولا بالمجازفة بمحاولة العودة لديارهم المهدمة عند أي فرصة تلوح رغم انتشار قناصة العدو ومسيراته التي تستهدف من يحاول العودة.
ولا تزال معارك الإسناد قائمة، وتستهدف العمق الصهيوني، فاليمن يطلق يومياً صواريخه على الكيان وقادته في أمريكا، ولبنان يده على الزناد ولن يسمح بتراجع المعادلات، وتبقى جميع الاحتمالات مفتوحة كما بينت قيادة المقاومة.
بينما العدو الذي أعلن جيشه، أنه منذ بداية الحرب وحتى نهاية عام 2024 قتل 891 من جنوده، فيما أصيب أكثر من 5500 آخرين، تعصف بجبهته الخلافات والانقسامات ولا يستطيع تحرير أقل من 100 أسير منذ عام وثلاثة شهور.
4- مفاوضات بروح الإذعان:
ولعل المفاوضات الجارية حالياً هي أغرب نوع من أنواع المفاوضات، فالوسطاء والعدو يشكلون ضغوطًا على المقاومة للتنازل، ولا يملكون ورقة ضغط على الكيان، كأن المفاوضات صورة مطلوبة لذاتها وليس للحل، وهي ورقة يستغلها العدو لتهدئة الداخل الصهيوني وتظاهرات أهالي الأسرى، وللتظاهر أمام الرأي العام الدولي بأنه منخرط في عملية سياسية تواجه مشكلات فنية أو خلافات.
بينما حقيقة الأمر أن العدو ماض في مشروعه التصفوي ومعركته الصفرية وكل ما يريده هو استسلام المقاومة إما ميدانيًا، وإما على طاولة المفاوضات وانتزاع راية بيضاء سياسية لإعلان النصر الساحق.
وهنا تقول المقاومة للرئيس ترامب الذي يلوح بالجحيم، إن الصهاينة سيواجهون النسخة الجديدة من جميع حركات المقاومة إذا لم تتم تسوية الأمور ووقف إطلاق النار على قاعدة احترام وجود مقاومة وحق تاريخي ومعادلات ترسخت بدماء أعظم شهداء الأمة ولن تسمح المقاومة بتراجعها، وهذه المفاوضات تشكل فرصة للكيان ورعاته للنزول عن الشجرة ولا تشكل بابًا من أبواب الاستسلام لمقاومة لا وجود للاستسلام في قاموسها.
العهد الأخباري إيهاب شوقي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
قراءة أولية لـ خطة العدو “ب” في مواجهة اليمــن
يمانيون../
أثبتت المواجهات الأخيرة بين القوات المسلحة اليمنية المساندة لغزة وجيوش دول العدوان الأمريكي – “الإسرائيلي” – البريطاني، في المعارك البحرية والجوية، تفوق القدرات العسكرية لقوات صنعاء وتطور أسلحتها النوعي.
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أثبتت صحة تلك المعادلة التي فرضتها القوات المسلحة اليمنية بقوة السلاح، بقول: “أصبحت القوات اليمنية أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية مما يتصوره الكثيرون، يجب عدم التقليل من شأنها”، مشيرة إلى ارتفاع فاتورة خسائر قوات العدو إلى ملايين الدولارات في الإنفاق على شراء الصواريخ الاعتراضية لمحاولة صد صواريخ ومسيرات اليمن.
معضلة “إسرائيل”
ويؤكد موقع “غلوبس”، إن الصواريخ الفرط صوتية اليمنية تشكل أكبر تهديد لمنظومات الدفاع الجوي “الإسرائيلية” بعد تمكنها من اختراقها، مقارنة بارتفاع فاتورة تكاليف إطلاق دفاعات الكيان للصواريخ الاعتراضية مثل أنظمة “حيتس 3″، الذي يكلف من 1.5 مليون إلى مليوني دولار.
وقال: “كإن قوة سلاح الصواريخ الفرط صوتية من الخيال العلمي، بسرعتها المذهلة والتمكن في المناورة، من ارتفاع يصعب على أنظمة الدفاع الجوي التعامل معها”.
في نظر خبراء الحروب، بات اليمن يشكل معضلة لـ”إسرائيل” بعجز الأخيرة في التعامل مع التهديد اليمني في الحرب الأخيرة جواً وبحراً، متجاوزاً البعد الجغرافي وصولا لعمق الكيان على الرغم من تحالف جيش الأخير مع أعتى جيوش العالم ودعمه بأقوى الأساطيل العسكرية الجوية والبحرية.
وتداولت وسائل إعلامية عبرية، اندهاش مسؤولين صهاينة من عدم إعطاء أجهزة استخبارات كيانهم أي اهتمام لسنوات للعدو القادم من اليمن الذي فاجأ العالم بقدراته العسكرية وصموده وقلب موازين القوة وفرض المعادلات العسكرية في المنطقة.
.. وهذه مبررات الفشل!!
لا تخفي وسائل الاعلام الصهيونية، تأكيدها على فشل الكيان في مواجهة الصواريخ والمسيرات اليمنية، ما جعلها تختلق مبررات، مثل البعد الجغرافي للعدو وانعدام المعلومات الاستخباراتية وأخرى يخفيها العدو خلف هزيمته أمام القوات اليمنية.
وبعد عام من قصف طائرات العدوان الأمريكي – الصهيوني – الغربي على المحافظات اليمنية تحت حكم صنعاء بأكثر من 800 غارة، لم تنجح تلك الضربات في إضعاف القدرات العسكرية للقوات اليمنية أو إجبارها على إيقاف عملياتها المساندة لغزة في البحر الأحمر وضد “إسرائيل”.
الخطة “ب”
يركز العدو في خطته لمواجهة اليمنيين على، “استهداف القيادة، وتدمير مواقع إنتاج الأسلحة وتخزينها، والإضرار بالمنظومة الاقتصادية، والبنية التحتية الوطنية باليمن، وتنفيذ عمليات اغتيالات ضد القيادة اليمنية “أنصار الله”.
وقد بدأ العدو فعليا تنفيذ الخطة “ب”، بعد فشله عسكرياً في تنفيذ الخطة “أ”، بإصدار الرئيس الأمريكي ترامب قرار بتصنيف حركة أنصار الله بالإرهاب، بعذر تهديد الحوثيين لأمن المدنيين والموظفين الأميركيين وحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط.
وكان رد أنصار الله على لسان عضو المكتب السياسي للجماعة ضيف الله الشامي: “إن القرار الأميركي ليس جديدا ولا يمكن أن يقدم أو يؤخر.. أن هذا التصنيف أميركي بامتياز لأننا في عداوة أساسًا مع الولايات المتحدة، وشعارنا معروف منذ الوهلة الأولى “الموت لأميركا”، ولذلك فأي تصنيف أميركي لن يكون له أي تأثير علينا مطلقًا”.
حرب الغذاء
تمارس واشنطن الحرب الاقتصادية (حرب الغذاء) على صنعاء، بفرض وزارة الخزانة الأميركية الشهر الفائت عقوبات على بنك اليمن والكويت في صنعاء، كجزء من الضغوط التي تمارسها واشنطن على حكومة صنعاء انتقاما من موقفها المساندة لغزة.
وفي ديسمبر الماضي، أقرت عقوبات على 12 فردا وكيانا، بينهم محافظ البنك المركزي اليمني بصنعاء التابع لسلطة صنعاء هاشم المداني، وذلك بحجة الاتجار بالأسلحة وغسيل الأموال وشحن النفط الإيراني، وفقاً لبيانات الخزانة الأميركية.
تحالف الأحزاب
ليس ذلك وحسب، بل هناك خطة لإنشاء تحالف عسكري دولي جديد للعدو يضم فيه دول عربية في إطار الحرب المفتوحة ضد اليمن، (أشبه بتحالف المشركين في حلف الأحزاب “غزوة الخندق”)، وفق تأكيد مسؤول صهيوني كبير لهيئة البث “الإسرائيلية”، في إن كيانه وحلفائه يسعون لإنشاء تحالف عسكري لحماية أمن “إسرائيل” وحلفائها في المنطقة ممن أسماهم “الحوثيين”.
تساؤلات عسكرية
فرض التفوق اليمني الذي وضع جيوش دول العدوان في موقف محرج على المستوى العالمي، عدة تساؤلات منها؛ كيف لموقع اليمن الضعيف في خارطة المعادلات السياسية والعسكرية ان يكسر كبرياء تحالف عسكري بذلك الحجم!؟
وكيف لصواريخ اليمن أن تستهدف عمق الكيان وتعكر السماء الصافية لعاصمة الكيان يافا “تل أبيب”، وتجبر سكانها على الهروب إلى الملاجئ في منتصف الليل وعز برد الشتاء!؟
وكيف اخترقت أحدث أنظمة دفاعات الكيان الذي يصنف جيشه في المرتبة الرابعة عالمياً في التكنولوجيا ويطلق عليه الذي لا يقهر!؟
حصاد الإسناد
ونفذت القوات اليمنية، مُنذ إعلان مشاركتها عسكرياً في إسناد غزة في نوفمبر 2023، أكثر من ألف و255 عملية عسكرية بالصواريخ الباليستية والمجنّحة والفرط صوتية والمسيّرات، في المواجهات البحرية، استهدفت أكثر من 220 قِطعة بحريَّة تجارية وحربية لقوات العدوان الأمريكي – البريطاني – “الإسرائيلي”، وفرَضت حظراً بحرياً على سفن “إسرائيل” ودول العدوان، وأطلقت قرابة 1165 صاروخا باليستيا وفرط صوتي ومسيّرة، إلى عُمق الكيان.
السؤال الأخير
بعد فشل العدو الصهيو – أمريكي فشلاً ذريعاً في أمام القوات اليمنية المساندة لغزة ومقاومتها في المواجهات العسكرية لأكثر من عام في البحر والجو في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، ينتهي القيل والقال ويظل هذا السؤال يبحث عن جواب؛ كيف سيبدو شكل الاستراتيجية التي سيتبناها العدو في مواجهة قوة جبهة الإسناد اليمنية!؟
السياسية – صباح العواضي