يمانيون:
2025-02-11@08:21:57 GMT

التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية

طاهر محمد الجنيد

كثير إن لم يكن معظم القرارات السياسية ترجع إلى اعتبارات المصالح لا المبادئ والأخلاق والقيم، ففي السياسة يصح ويجوز ما لا يجوز المهم أن يحقق السياسيون أهدافهم مهما كانت، لأنهم يطرحون برامجهم للجمهور ليحققوا لهم ما قد يعجز عنه الخصم المنافس .

الانتخابات تسمى اللعبة السياسية وكل لاعب يفوز يسلم له الجميع بأحقية برنامجه بقيادة بلاده، تلك المعايير التي تحتكم إليها دول العالم أصبحت مسلمات راسخة لا يمكن الخروج عنها أو تجاوزها، ولأن الفوضى هي البديل، لكن ليس معنى ذلك أنها لا تخلو من العيوب، فهناك الديمقراطية الممنوعة وهناك الديمقراطية المزيفة وهناك الديمقراطية الحقيقية .

النظام الدولي هو من يحدد نوع الديمقراطية التي تمارسها كل دولة وفقا لمصالحه، لكنه في بعض الأحيان قد يمارس الفرض والإجبار على دول بعينها، باعتبار انه الوصي على الحرية والديمقراطية خاصة إذا تعلق الأمر بالدول النامية ودول العالمين العربي والإسلامي التي قنن لها الديكتاتورية والاستبداد كخيار وحيد واستثناء الديمقراطية التي لا تخرج عن سياساته وتحقيق أهدافه .

الديمقراطية وحقوق الإنسان هما شماعة التدخل في الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء وهي شعارات زائفة وخداعة في كثير من الأحيان، فمثلا أوكرانيا دولة متطورة ومن دول العالم المتقدمة، لكن باستطاعة روسيا التأثير على الانتخابات فيها لصالح من يحمي مصالح روسيا، كما حدث حينما فاز الرئيس الموالي لموسكو وهو ما لم يعجب أوروبا وأمريكا، ليتم دعم رئيس جديد يتولى السلطة يدين لأوروبا وأمريكا، مما أدى إلى تحول المواجهات إلى حرب بين الغرب –أمريكا وأوروبا من جهة- وروسيا والمتحالفين معها من جهة أخرى .

الديمقراطية وحقوق الإنسان التي لا تحقق مصالح وأهداف الاستعمار والاستعباد ليست ديمقراطية، لأن من شروطها أن يرضى عنها ولا بد من الحصول على المصالح إما بالديمقراطية أو بالحسم العسكري كخيار أكيد معد على أساس ذلك.

الديكتاتورية والأنظمة الاستبدادية التي تؤمن مصالح الاستعمار بوجهه الحديث لا يمكن المساس بها أو السماح بإسقاطها إلا إذا انعدمت الجدوى منها ومن ضمنها الأنظمة العربية والإسلامية؛ وإذا أتت الديمقراطية بمن لا يؤمن مصالح الاستعمار ويحقق أهدافه فإنه سرعان ما يتم القضاء على تلك الأنظمة واستبدالها .

في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، كيان الاحتلال اشترط إجراء الانتخابات وكان يفضل نتيجتها المعتادة في الديمقراطيات العربية، لكن فوز حماس في قطاع غزة قلب المعادلة أمام الرأي العام المحلي والعربي والعالمي وهنا بدأت حلقات المؤامرة على غزة من الداخل والخارج، فتم فرض الحصار وإباحة غزة للاحتلال بالتعاون مع السلطة .

رئيس وزراء بريطانيا يقول: «يجب تدمير غزة حتى لا تشكل نموذجاً للنظام الإسلامي، لأن ذلك سيؤدي إلى نجاح التجربة الإسلامية؛ وان مشكلة الغرب ليست مع العرب والمسلمين وإنما مع الإسلام ذاته ومع نبي الإسلام؛ وانه يجب دعم إسرائيل مهما كان حجم الإجرام الذي تقوم به والاستفادة من دعم الأنظمة العربية التي صنعها الغرب وتدين بالولاء للاستعمار وجودا وعدما»

في أوكرانيا دولة متقدمة متطورة يدعمها الغرب بكل أنواع الدعم في مواجهة روسيا وفي غزة حركة جهادية محاصرة تعتمد على ذاتها، يحاصرها صهاينة العرب والغرب، تناضل من أجل الحرية والاستقلال، لكنها تواجه الحلف الصهيوني الصليبي ويراد القضاء عليها وإبادتها.. رئيس البعثة الطبية النرويجية إلى غزة –مادس غليبرت- لاحظ التمييز والتحيز الذي يمارسه الإجرام الصهيوني، فقال:(هناك ازدواجية معايير في الغرب تجاه غزة بالمقارنة مع أوكرانيا التي تتلقى دعما ماليا وعسكريا وسياسيا، وهذا يكشف تغلغلاً عميقاً للتمييز العنصري في الحكومات الغربية التي لا تعتبر قيمة حياة الفلسطيني بنفس قيمة حياة اليهودي أو ذوي البشرة البيضاء، ولو حصل استهداف للفرق الطبية اليهودية كما يحصل للفلسطينية، لقامت قيامة العالم)، تصريح جريء من رجل آلمه الوضع، فنطق بكلمة حق، لكن الاستعمار هو من أنشأ الكيان المحتل وسلمه الأرض الفلسطينية وهو الذي يمده بكل احتياجاته ويعمل معه على إبادة الشعب الفلسطيني وفقا لمقولتهم “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

رغم مرور أكثر من أربعمائة وخمسين يوما، فلازالت الأنظمة والحكومات الاستعمارية القديمة والحديثة وصهاينة العرب يدعمون الكيان المحتل لإكمال ارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، غزة بمساحتها المحدودة دمرت حتى 10 % منها لا تعد مناطق إنسانية رغم أن الإجرام الصهيوني قال إنه جعلها مناطق للعمل الإنساني لأكثر منطقة في العالم اكتظاظا بالسكان وازدحاما.

عائلات بأكملها تمت إبادتها ولم يبق منها شيء، في السجلات المدنية (1413) أسرة سقط من أفرادها (5455) شهيدا، وعائلات لم يتبق منها غير فرد واحد وعددها(3467) سقط من أفرادها (7941) شهيدا وبلغ عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات (45524)شهيدا بخلاف الذين لازالوا تحت الأنقاض أو لم يصلوا إلى المستشفيات التي دمرت وأحرقت، أما الجرحى فوصل عددهم إلى ما يزيد عن (108189) ومازال هناك (11200) مفقود .

بلغت نسبة الشهداء من الأطفال (17818) شهيدا ومن النساء (12287) شهيدة بما يعادل 70 % من الشهداء والبقية من العجزة والشيوخ ولم يتحرك أحد لنجدتهم أو إغاثتهم.

كما استشهد (1068) من الأطباء والطواقم الطبية ودمرت المستشفيات وأحرقت ووصل الإجرام اليهودي إلى قتل وإبادة شرطة تأمين المساعدات التي استشهد منها (728) ولم تسلم مراكز إيواء اللاجئين التي تشرف عليها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وغيرها، حيث تم استهداف (216) مركزا لإيواء اللاجئين.

غزة تقاتل وحدها وتواجه إجراما لا مثيل له من قبل تحالف صهاينة العرب والغرب، ووصل الأمر أن تتم الاستعانة بالقتلة والمرتزقة من كل أنحاء العالم، ففرنسا أرسلت أكثر من (4000) للقتال مع اليهود وأرسلت كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا ما لا يقل عن ثلاثة آلاف، والهند وإيطاليا وإثيوبيا وجنوب السودان ما لا يقل عن ألفي مقاتل، وبولندا وأوكرانيا والسلفادور وهندوراس أرسلت ما لا يقل عن ألف وخمسمائة مرتزق، والأرجنتين والمغرب وكندا والإمارات وشمال العراق “الأكراد” والأردن ومصر ما لا يقل عن خمسمائة مرتزق، وهذه الأرقام منقولة عن وزارة الحرب اليهودية، تدل على تكاتف الإجرام ضد بقعة صغيرة من العالم وهي غزة التي تجمد أطفالها من البرد واكلت الكلاب لحوم الشهداء، لأنهم لم يجدوا من يدفنهم .

فتحت الدول الأوروبية والغربية حدودها لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين النازحين من الحرب، وفي غزة تم حصارها ومنع كل الإمدادات الطبية والإنسانية وتم تزويد الكيان المحتل بأحدث وأفتك القنابل والصواريخ المحرمة دوليا.. فماذا فعلت غزة وما ذنبها؟.

الإمدادات العسكرية والاقتصادية والسياسية تذهب للكيان الإجرامي من كل مكان لارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وسيتكفل صهاينة العرب بسداد فاتورة الحرب من ثروات الأمة العربية من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية، لأنهم يرونها تشكل خطرا عليهم .

سخَّروا أحدث الوسائل واستخدموا كل الإمكانيات، يريدون تحطيم المقاومة ومحور المقاومة في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران وقبل ذلك دمروا العراق وأفغانستان ولازال المخطط ينفذ في السودان وليبيا والقائمة طويلة، لأن إقامة إسرائيل الكبرى لن تتحقق إلا بتدمير الدول العربية والإسلامية عسكريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وأخلاقيا.

غزة تباد وتدمر واليمن وسوريا ولبنان وإيران، ومع ذلك فقرارات الأمم المتحدة جعلت اليمن تحت البند السابع ووصاية وكلاء الصهاينة من صهاينة العرب، وأباحت لهم تدمير كل مقدراته ومكتسباته ومثل ذلك سوريا وقبل ذلك العراق، أما الكيان المحتل فرغم الإدانات والقرارات الصادرة ضده إلا أنه لم ينفذ منها أي قرار، لأن من يفرض القرارات ومن ينفذها عصابة إجرامية تتحكم في مصير العالم .

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الکیان المحتل صهاینة العرب ما لا یقل عن

إقرأ أيضاً:

الخارجية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة

دعت وزارة الخارجية في بيان لها اليوم المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأفريقي والامم المتحدة وجامعة الدول العربية لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة بعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية باعتبارها تمثل توافقا وطنيا لإرساء السلام والاستقرار في البلاد واستكمال مهام الانتقات وفيما يلي تورد سونا نص البيان:-
مع تطورات الحرب المفروضة علي السودان وبعد النجاحات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندة، مدعومة بكل جموع الشعب السوداني، وتضييق الخناق على المتمردين في مختلف المسارح طرحت قيادة الدولة وبعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة التي ستتوج بعقد الانتخابات العامة الحرة والنزيهة.

تضمنت خارطة الطريق الآتي:
– إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، والترحيب بكل من يقف موقفا وطنيا ويرفع يده عن المعتدين وينحاز للصف الوطني.

– تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب.

– ٱجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية، وإجازتها من القوى الوطنية والمجتمعية ومن ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل.

– تأكيد حرية الرأي والعمل السياسي دون هدم للوطن اوالمساس بالثوابت الوطنية، وعدم حرمان أي مواطن من حقه في الحصول علي جواز السفر.

– إشتراط وضع السلاح وإخلاء الأعيان المدنية لأي محادثات مع التمردوعدم القبول بالدعوة لوقف إطلاق نار ما لم يرفع الحصار عن الفاشر، على ان يتبع وقف أطلاق النار الانسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور.
تدعو وزارة الخارجية المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأفريقي والامم المتحدة وجامعة الدول العربية لدعم خارطة الطريق باعتبارها تمثل توافقا وطنيا لإرساء السلام والاستقرار في البلاد واستكمال مهام الانتقال.

سونا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • روسيا: سلطات كييف «تتفاخر» بالأعمال الإرهابية التي تنفذها
  • السودان.. انهيار تنسيقية تقدم بعد مقترح "الحكومة الموزية"
  • ثنائي موسيقى إيطالي يعزف مؤلفات عالمية بمعهد الموسيقى العربية
  • «الإنسان أولاً».. رسالة الإمارات السامية لحكومات العالم
  • الإعلامية منى شكر: اليابان تلقت تطمينات من ترامب بخصوص العلاقات السياسية والعسكرية
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • الخارجية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • الإسلاميون ومخاوف التحالف مع البرهان: حسابات المصالح والمخاطر السياسية
  • غالانت: سموتريتش عطّل صفقة مايو ولم نحقق في غزة أهدافنا السياسية 
  • تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) تدين الغارات الجوية التي شنها الطيران الحربي للجيش على عدد من أحياء مدينة نيالا