الإنسان بفطرته السوية التي فطره الله عليها يريد لأبنائه الخير والتوفيق، وأن يكونوا أبناء صالحين بررة، وأن يصلح حالهم في دينهم ودنياهم، بل يتجاوز ذلك إلى أمنياته لهم بأن ينجزو في هذه الحياة الدنيا ما لم تسعفه الهمة والزمن على تحقيقه، فهو يرسم بهم طموحات المستقبل، ويكونو سندا وعونا له، وفاعلين في مجتمعهم ووطنهم وأمتهم، وهو يسلك لتحقيق كل ذلك السبل، ولا يدخر جهدا في إنجاح ذلك كله، ولكن هنالك مفتاح لهذا الأمر، يوفق الله إليه من يحب، وهو منهج يكون به صلاح هذه الذرية، وأن يكونوا أداة للتنوير في المجتمع، وقد تجلى ذلك الأمر في حفل ختام مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم الذي أقيم أمس لتكريم الفائزين في هذه المسابقة القيمة التي تجذر صيتها في المجتمع من خلال 32 سنة قطعتها في هذا المضمار، بالإضافة إلى انتشار مراكز تصفياتها للمتسابقين في 25 مركزا يشمل جميع محافظات سلطنة عمان، ومما أبهج الحضور، وزاد انشراح النفوس تلك الكوكبة التي تم تكريمها والاحتفاء بها وهم في مراحلهم العمرية المختلفة، وقد نشروا أعذب التلاوات على أسماع الحضور.
ومما لا شك فيه أن القرآن الكريم هو كتاب هداية فالله عز وجل يقول في محكم كتابه: "قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" فلك أن تتخيل أن الله يتكفل بهداية أبنائك، ويرشدهم إلى سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم الصراط المستقيم الذي تسأله إياه في كل مرة تقرأ فيها الفاتحة، فهو مطلب عظيم، وجزاء جزيل.
ولو تأملنا علاقة التربية بالقرآن الكريم لوجدنا أنها علاقة وثيقة ظاهرة جلية مجربة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أدبه ربه وأحسن تأديبه من خلال خصال الكمال التي أسبغها عليه، وكذلك من خلال القرآن الكريم، فقد سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، ردت عليهم ردا بليغا محكما مختزلا فقالت: "كان خلقه القرآن"، والأخلاق ركيزة أصيلة في الشريعة الإسلامية، ومطلب ديني تنبني عليه علاقة العباد ببعظهم، وكذلك علاقة العباد بخالقهم.
ولو ملأنا واعاء الطفل منذ نعومة أضفاره بالقرآن الكريم لتنزلت عليه السكينة وغشيته الرحمة وحفته الملائكة، وحفظه الله من كل شر، وكلنا ذلك الرجل الذي يطمع أن يحظى أبنائه بهذه النعم والرحمات المتصلة بكتاب الله عز وجل، فالقرآن خير خالص محض، فأخذه بركة وتركه حسرة، وهو الذي ما إن سمعته حتى الجن قالوا "إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ" فهو دليل هداية ومراشد، وإذا حفر الإنسان ذاكرة ابنه بالقرآن الكريم، وتعهده بالحفظ والمراجعة له منذ صغره، وحببه إلى هذا الكتاب، قبل أن يبلغ سن التمييز، فقد غرس في قلبه النور، وأصبح اقتياده إلى الخير سهل، ونفرت نفسه من كل شر، وأصبح منبته حسنا، وصلح حاله، فهذا النور أنزله الله بواسطة جبريل عليه السلام على قلب النبي صلى الله عليه وسلم: "فقال تعالى: " وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ" وأن بتحفيظه لابنك فإنك تغرسه في قلبه، فيصلح قلبه، ويصلح سائر عمله، فالقلب هو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، والقرآن هو جلاء القلوب من الصدأ الذي يلحقها، فمن يحفظ القرآن ويتعهده بالقراءة والمراجعة يكون جلاء هذا القلب دائما،فقلبه نقي مشع مثل الكوكب الدري الذي يوقد من الشجرة المباركة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ هذه القلوبَ تصدأُ كما يصدأُ الحديدُ، قيل : يا رسولَ اللهِ فما جلاؤُها ؟ قال : قراءةُ القرآن".
فعلى المربي أن يأخذ خطوة جادة فيما يتعلق بتعليم الأطفال القرآن الكريم وتحفيظه لهم، فلا يكفي أن يرغبهم ويحفزهم بل يجب عليه أن يأخذ بيدهم ويبدأ بتعليمهم قبل أن يصلوا إلى سن الممانعة التي بعدها يتعذر من الطفل أن يذعن تلقائيا لتعليمات أبيه، فتكون العملية أصعب، كما أنه يجب أن يوفر لهم البيئة المناسبة لقراءة القرآن وحفظه، سواء كان ذلك بإلحاقهم بمدرسة مختصة لتحفيظ القرآن، أو مركز للتحفيظ، أو أن يلحقهم ببعض المساجد والجوامع التي يتوفر فيها حلق لتحفيظ القرآن الكريم، أو أن يقوم كلا الأبوين بتحفيظ الطفل والمراجعة له إذا تعذر إلحاقهم بالمدارس المختصة في هذا الجانب، فهذا أمر نبوي لكلا الوالدين، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "علموا أولادكم القرآن، فإنه أول ما ينبغي أن يُتَعَلَّمَ من علم الله هو".
وأفضل وسيلة لتعيلم القرآن من قبل الوالدين، هو تعليم الطفل من خلال أن يكون والداه قدوة له، يجد أن همهما القرآن يقرآنه آناء الليل وأطراف النهار، يمسكان المصحف بيدهما، فمن خلال التجربة والمشاهدة أن الطفل يقلد والدانه فيما يفعلانه ويقومان به، فإن كان الوالدان أغلب وقتهما يقضيانه في تصفح الهواتف، فتجد الطفل يريد أن يمسك بالهاتف حتى ولو كان في عمر السنة أو السنتين، وقد انتشر في وسائل التواصل الإلكترونية مقطع لعائلة آسيوية، يحاولون أن يعطوا طفلهم الهاتف وهو يرفضه ولا يريده، ويبكي بكاء شديدا لأنه كان يريد المصحف الذي في يدهم، وذلك عائد إلى أن الوالدان شديدا الصلة بالقراءان الكريم قراءة وحفظا، والطفل ينشأ على ما يرى عليه والدان وعلى ما عوداه عليه.
وفي زمننا الحاضر الذي تتقاذفه الفتن، ويتم اختراق البيوت بالقيم الدخيلة على المجتمع المسلم من خلال تقنيات الاتصال، فما أحرى أن يحصن الانسان أبنائه من خلال تعليمهم القرآن، وتفسيره لهم، وربطه بحياتهم ربطا وثيقا، ويكون منهج حيات متكامل، ومقياسا أصيلا لمعرفة الخير من الشر، وتوثيق الصلة بالله تعالى من خلال الصلة بكتابه، ووزرع الوازع الديني ومراقبة الله في كل عمل يقوم به الإنسان، فالقرآن يقي الابن من الوقوع في الفتن، فحافظ القرآن يزرع الله في قلبه التقوى فيأتمر بما أمره الله به، وينتهي عما نهاه الله عنه، ويكون الكتاب العزيز بوصلته في الحياة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم القرآن الکریم من خلال
إقرأ أيضاً:
في أستراليا... هكذا خسر الطفل اللبنانيّ محمد حياته
أفادت مندوبة "لبنان 24"، عن وفاة الطفل محمد فتاح إبن بلدة قبعيت العكارية، في أستراليا. وبحسب المعلومات، أُصيب الطفل محمد بطلقٍ ناريّ عن طريق الخطأ من بندقية صيد كان يلهو بها. مواضيع ذات صلة كان يعمل في بستان... هكذا خسر عبد الرحمن حياته Lebanon 24 كان يعمل في بستان... هكذا خسر عبد الرحمن حياته 13/04/2025 17:44:39 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 هكذا فقد عسكريّ في الجيش حياته اليوم Lebanon 24 هكذا فقد عسكريّ في الجيش حياته اليوم 13/04/2025 17:44:39 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 حملة توعوية بعنوان "ما تسترخص بحياتك" أطلقها النادي اللبناني للدراجات بالتعاون مع محافظ بيروت Lebanon 24 حملة توعوية بعنوان "ما تسترخص بحياتك" أطلقها النادي اللبناني للدراجات بالتعاون مع محافظ بيروت 13/04/2025 17:44:39 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 أستراليا: قلقون إزاء تدريبات بحرية صينية بالذخيرة الحية قبالة الساحل الشرقي Lebanon 24 أستراليا: قلقون إزاء تدريبات بحرية صينية بالذخيرة الحية قبالة الساحل الشرقي 13/04/2025 17:44:39 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 تابع قد يعجبك أيضاً معوض في قداس الشعانين: يسوع يطلب منّا أن نحمل صليبنا ونسلك وفق مشيئته Lebanon 24 معوض في قداس الشعانين: يسوع يطلب منّا أن نحمل صليبنا ونسلك وفق مشيئته 10:41 | 2025-04-13 13/04/2025 10:41:43 Lebanon 24 Lebanon 24 عبد المسيح: لنُجدّد العهد بأنّ لا يعود لبنان إلى ظلام الانقسام Lebanon 24 عبد المسيح: لنُجدّد العهد بأنّ لا يعود لبنان إلى ظلام الانقسام 10:36 | 2025-04-13 13/04/2025 10:36:15 Lebanon 24 Lebanon 24 الـ "The National Interest": حزب الله "جوهرة التاج".. هل إيران قادرة على ردع إسرائيل؟ Lebanon 24 الـ "The National Interest": حزب الله "جوهرة التاج".. هل إيران قادرة على ردع إسرائيل؟ 10:30 | 2025-04-13 13/04/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 في المطار... إليكم ما حصل مع النائب فادي علامة Lebanon 24 في المطار... إليكم ما حصل مع النائب فادي علامة 10:29 | 2025-04-13 13/04/2025 10:29:44 Lebanon 24 Lebanon 24 بقرادونيان في الذكرى الـ50 للحرب الأهلية: على أمل أن لا ينزف الوطن مجدّدًا Lebanon 24 بقرادونيان في الذكرى الـ50 للحرب الأهلية: على أمل أن لا ينزف الوطن مجدّدًا 10:26 | 2025-04-13 13/04/2025 10:26:34 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة زفة "أسطورية" وترتيبات "خيالية".. الصور واللقطات الأولى من زفاف نارين بيوتي (فيديو) Lebanon 24 زفة "أسطورية" وترتيبات "خيالية".. الصور واللقطات الأولى من زفاف نارين بيوتي (فيديو) 13:40 | 2025-04-12 12/04/2025 01:40:50 Lebanon 24 Lebanon 24 مُذيعة الـ"أم تي في" تُعلن عن خطوبتها.. تعرفوا إلى عريسها (صور وفيديو) Lebanon 24 مُذيعة الـ"أم تي في" تُعلن عن خطوبتها.. تعرفوا إلى عريسها (صور وفيديو) 06:00 | 2025-04-13 13/04/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 خبر عن قصف يطال الجنوب.. ما صحته؟ Lebanon 24 خبر عن قصف يطال الجنوب.. ما صحته؟ 15:13 | 2025-04-12 12/04/2025 03:13:05 Lebanon 24 Lebanon 24 عن 54 عامًا.. ممثل في ذمة الله Lebanon 24 عن 54 عامًا.. ممثل في ذمة الله 01:30 | 2025-04-13 13/04/2025 01:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 سلاح "حزب الله" قد يدخل بلداً عربياً.. تقرير إسرائيليّ يكشفه Lebanon 24 سلاح "حزب الله" قد يدخل بلداً عربياً.. تقرير إسرائيليّ يكشفه 14:10 | 2025-04-12 12/04/2025 02:10:34 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 10:41 | 2025-04-13 معوض في قداس الشعانين: يسوع يطلب منّا أن نحمل صليبنا ونسلك وفق مشيئته 10:36 | 2025-04-13 عبد المسيح: لنُجدّد العهد بأنّ لا يعود لبنان إلى ظلام الانقسام 10:30 | 2025-04-13 الـ "The National Interest": حزب الله "جوهرة التاج".. هل إيران قادرة على ردع إسرائيل؟ 10:29 | 2025-04-13 في المطار... إليكم ما حصل مع النائب فادي علامة 10:26 | 2025-04-13 بقرادونيان في الذكرى الـ50 للحرب الأهلية: على أمل أن لا ينزف الوطن مجدّدًا 10:03 | 2025-04-13 لجنة متابعة ملفّ الأساتذة الناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنيّة بحثت مع حركة "امل" في تثبيتهم فيديو جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) Lebanon 24 جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) 01:42 | 2025-04-12 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف.. هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" ومصير الشرع ومُفاجأة عن الدولار (فيديو) Lebanon 24 توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف.. هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" ومصير الشرع ومُفاجأة عن الدولار (فيديو) 00:04 | 2025-04-10 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 حذفت صورها وارتدت الحجاب.. ابنة فنانة عربية تطلق قناة دينية (فيديو) Lebanon 24 حذفت صورها وارتدت الحجاب.. ابنة فنانة عربية تطلق قناة دينية (فيديو) 23:00 | 2025-04-09 13/04/2025 17:44:39 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24