هل يغير الائتلاف السني الجديد معادلات القوى في العراق؟
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
بغداد- شهدت الساحة السياسية العراقية تطورا جديدا بتشكيل "ائتلاف القيادة السنية الموحدة" في بغداد، والذي يضم نخبة من أبرز الشخصيات السياسية السنية في البلاد.
وبحسب القائمين عليه، يهدف هذا الائتلاف إلى توحيد الجهود السنية وتقديم برنامج سياسي شامل يركز على قضايا المكون السني.
ويضم الائتلاف كلا من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني ورئيس تحالف "السيادة" خميس الخنجر ورئيس تحالف "عزم" مثنى السامرائي ورئيس "حزب الجماهير" أحمد الجبوري (أبو مازن) ورئيس "كتلة المبادرة" زياد الجنابي.
كما يضم التحالف الجديد نوابا يمثلون تحالفي "العزم" برئاسة مثنى السامرائي و"السيادة" برئاسة خميس الخنجر، ويبلغ عددهم 34 نائبا، إضافة إلى 8 نواب يمثلون كتلة "إرادة" برئاسة النائب زياد الجنابي.
تهدئة وإنصافويقول محمد فاضل الدليمي -وهو أحد قادة ائتلاف القيادة السنية الموحدة الجديد- إنهم يسعون إلى تشريع قوانين تهدئ الشارع وتنصف المظلومين.
وأشار إلى وجود تقارب في وجهات النظر بين قيادات التحالف ورؤيتهم المشتركة للمستقبل، سواء على صعيد الانتخابات أو بنود ورقة الاتفاق السياسي التي أُبرمت مع القيادات السنية والكردية والشيعية لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني عام 2022.
إعلانوأكد الدليمي في حديث للجزيرة نت أن الضغوط الجماهيرية -سواء من خلال المظاهرات الشعبية أو الرسائل للقوى للسياسية- تركزت على ملفات، أبرزها: العفو العام، وعودة النازحين، وإنهاء ملف المساءلة والعدالة، ومعرفة مصير المفقودين، بالإضافة إلى "ملف التوازن" الذي يطالب بالتمثيل العادل والمهني داخل مؤسسات الدولة وفق النسب السكانية، ولا سيما في الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وتشكل هذه المطالب أيضا أساس الاتفاق الذي قامت عليه حكومة السوداني عام 2022، ووقّعت عليه القوى العراقية السنية والشيعية.
وأكد الدليمي وجود تواصل وتفاهم بين الائتلاف الجديد وممثلي المكون الشيعي، مشيرا إلى أن ورقة الاتفاق السياسي التي تشكلت بموجبها الحكومة تم تضمين بنودها في ورقة التحالف الجديد للتأكيد عليها، وتسعى إلى تهدئة الشارع وإنصاف المظلومين.
وبشأن الانتخابات، رأى أن الحديث عنها سابق لأوانه في ظل الضغوط الجماهيرية ومطالبها الحالية.
ولفت الدليمي إلى أن اختلاف وجهات النظر كان سببا في زوال تحالفات سابقة، لكن التحالف الجديد يضم قيادات وطنية معروفة، ويسعى إلى تقديم رؤية مختلفة وواضحة.
وبدأ مجلس النواب في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2024 التصويت على مواد تعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون العفو العام وقانون إعادة العقارات إلى أصحابها والمشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، لكنه أرجأ استكمال التصويت عليها جميعا بسبب خلافات، وتم ترحيلها إلى الفصل التشريعي الجديد.
الحلبوسي (يمين) في لقاء سابق مع رئيس البرلمان الحالي محمود المشهداني (مواقع التواصل) كتلة الحلبوسي تعلقوفي تعليقه على تشكيل التحالف الجديد، يقول عضو مجلس النواب عن حزب "تقدم" برهان النمراوي إن عقد التحالفات السياسية أمر طبيعي ودستوري.
لكنه أضاف للجزيرة نت أن "تقدم" وزعيمه محمد الحلبوسي يمثلان القوة الكبرى في تمثيل المكون السني والمحافظات الغربية، وأن الحلبوسي هو القائد الفعلي لهذه المحافظات.
وأشار النمراوي إلى أن الاجتماع الذي عقده بعض رؤساء الأحزاب والقوى السياسية السنية هو حق دستوري لهم، وأن تحالف "تقدم" يحترم هذا الحق.
إعلانوأوضح أن "تقدم" يمثل شريحة واسعة وأغلبية واضحة من المكون السني، وأن الحلبوسي بصفته زعيم الحزب والقوة الكبرى داخل المجتمع السني هو الشخص المخول بدعوة أي اجتماع يخص الحزب.
وأكد النمراوي أن تحالف "تقدم" سيخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بمفرده، وهو قادر على تحقيق ذلك كونه الممثل الأكبر لهذه المحافظات.
التوازن السياسيبدوره، أكد المحلل السياسي غازي الفيصل أن التحالف السني الجديد لا يمكن فهمه ضمن دائرة الصراعات التقليدية، خاصة على الزعامة بين الأحزاب السنية، بل اعتبر أنه يمثل رؤية إستراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف مشتركة على المستوى الوطني، بعيدا عن الخلافات الثانوية التي قد تنشأ بين أعضائه.
وأشار الفيصل في حديث للجزيرة نت إلى أن وجود اختلافات في وجهات النظر بين مكونات التحالف أمر طبيعي، لكن هذه الاختلافات لن تمنعهم من التوحد حول أهداف إستراتيجية مشتركة بهدف تحقيق توازن سياسي مع التحالفات الأخرى، ولا سيما "الإطار التنسيقي" الذي يمثل القوى الشيعية.
ويرى أن تشكيل هذا التحالف سيؤدي إلى تحول نوعي في الخارطة السياسية العراقية، خاصة على صعيد الانتخابات التشريعية المقبلة، "فالتحالف الجديد سيعزز وزن القوى السنية في المشهد السياسي، وسيؤثر على طبيعة التفاعل بين الأحزاب السياسية المختلفة، سواء على مستوى البرامج والمناهج أو على مستوى المواقف السياسية".
وتشكلت حكومة محمد شياع السوداني في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022 على أساس "ورقة اتفاق سياسي" وقّعت عليها القوى السياسية العراقية المختلفة، وتضمنت مجموعة من المطالب والتعهدات التي شكلت حجر الزاوية لتشكيل هذه الحكومة.
وتضمنت هذه الورقة مجموعة واسعة من مطالب القوى السنية والكردية، والتي وافقت عليها قوى "الإطار التنسيقي" الحاكمة في البلاد، ومن أبرز هذه المطالب:
إعلان تعديل قانون العفو العام بحيث يشمل فئات أوسع من المحكومين، خاصة الذين تعرضوا لظروف غير عادلة أثناء المحاكمة. عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، وتوفير الظروف المناسبة لعودتهم. إنهاء احتلال المدن من قبل الفصائل المسلحة وإخراجها من المناطق السكنية. تعويض المتضررين من العمليات العسكرية والإرهابية. الكشف عن مصير المفقودين، وتقديم الجناة إلى العدالة. حل "هيئة المساءلة والعدالة" المتهمة بتجاوزات بحق المواطنين. تحقيق التوازن في المؤسسات، بما في ذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التحالف الجدید إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء: الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون أمامه تحديات وصراعات سياسية معقدة (خاص)
شهدت الساحة السياسية اللبنانية في الفترة الأخيرة تطورات حاسمة بعد إعلان المعارضة فوز قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، لرئاسة الجمهورية.
حيث يري المحللين السياسيين أن انتخاب العماد جوزيف عون سيكون إمامة العديد من التحديات خلال الفترة المقبلة.
خطاب جوزيف عونفي أول خطاب له عقب انتخابه رئيسًا للبنان، أكد العماد جوزيف عون أن اليوم يمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، مشددًا على التزامه التام بالحفاظ على الميثاق الوطني ووثيقة الوفاق اللبناني.
وأضاف أنه سيكون "الخادم الأول" للشعب اللبناني وسيمارس صلاحياته كرئيس للجمهورية كحكم عادل بين المؤسسات اللبنانية.
وتطرق عون إلى عدد من القضايا الداخلية التي يعكف على معالجتها خلال فترة رئاسته، مؤكدًا عزمه على دفع الحكومة المقبلة لإجراء إصلاحات في قوانين الانتخابات، بالإضافة إلى العمل على إقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية الموسعة.
كما أعلن عن تبني سياسة "الحياد الإيجابي"، مؤكدًا أنه لن يتم تصدير أي شيء سوى أفضل المنتجات والصناعات اللبنانية، وسيعمل على جذب السياح إلى البلاد.
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، شدد عون على رفضه التوطين الفلسطيني في لبنان، مؤكدًا أنه سيولي أولوية كبيرة للأمن في المخيمات الفلسطينية داخل الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى السعي لتفعيل دور القوى الأمنية كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين.
وخلال خطابه، دعا عون إلى تغيير نهج لبنان في علاقاته الخارجية، قائلًا: "آن الأوان لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا البعض".
كما أشار إلى أهمية تطوير استراتيجية دفاعية شاملة، تشمل الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، من أجل تمكين الدولة اللبنانية من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه.
في ختام خطابه، أكد الرئيس الجديد التزامه الكامل بمتابعة تحقيق هذه الأهداف، داعيًا جميع الأطراف اللبنانية للعمل معًا من أجل بناء لبنان قوي ومستقر.
التحديات أمام عونقال هاني الجمل، المتخصص في الشؤون الدولية، إن انتخاب جوزيف عون جاء بعد فترة طويلة من الجدل السياسي والصراع بين القوى البرلمانية.
وأضاف الجمل في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن القوى السياسية في البرلمان تبنت مواقف متباينة حول كيفية التعامل مع القضايا الوطنية، خاصة مع الضغوط الخارجية من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والسعودية، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية، لا سيما دور إيران المؤثر في السياسة اللبنانية.
وأشار الجمل إلى أن الانتخابات الرئاسية كانت معقدة، حيث فشل العماد عون في الحصول على الأصوات اللازمة في الجلسة الأولى من التصويت، إذ حصل على 86 صوتًا فقط من أصل 128، مما تسبب في سجال سياسي حاد داخل البرلمان، إلا أن الجلسة الثانية شهدت تحولًا بارزًا، حيث تمكن جوزيف عون من الحصول على 99 صوتًا، ما سمح له بالوصول إلى منصب الرئاسة، وهو ما اعتبره الجمل خطوة هامة نحو إعادة ترتيب البيت اللبناني وسط التحديات الكبيرة التي تواجهه.
أكمل الجمل أن من القضايا المحورية التي كانت محور النقاش بين الكتل السياسية اللبنانية هي كيفية التعامل مع القرار 1701، الذي ينظم التواجد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، كما أن التوازنات السياسية الداخلية، مثل حصص حزب الله في الحكومة المقبلة، كانت تشكل جزءًا من النقاشات الحادة.
وأكد أن جوزيف عون سيواجه تحديات جسيمة في تشكيل حكومة جديدة، إذ يجب عليه التوفيق بين الأيديولوجيات السياسية المختلفة للكتل البرلمانية، بالإضافة إلى اتخاذ مواقف حاسمة بشأن التواجد الإسرائيلي في لبنان، وعلاقات لبنان مع القوى الإقليمية والدولية، وخاصة إيران.
كما توقع الجمل أن الحكومة المقبلة ستكون محكومة بالضغوط الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية الداخلية التي يعاني منها لبنان، لافتًا إلى أن انتخاب جوزيف عون يمثل بداية مرحلة جديدة في لبنان، تتطلب إعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف السياسية، وتحقيق توازن بين القوى المحلية والإقليمية والدولية لضمان استقرار البلاد وتنميتها.
اختتم المتخصص في الشؤون الدولية، قائلًا:" في النهاية، يبقى السؤال هل سيتمكن الرئيس الجديد، جوزيف عون، من التغلب على التحديات السياسية المعقدة التي تواجهه في لبنان؟ وهل سيكون قادرًا على تحقيق التوازن بين القوى المتنازعة في الداخل اللبناني، وكذلك الحفاظ على استقرار العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية؟ ستكون المرحلة المقبلة في لبنان محورية، ومفتاحها يكمن في قدرة الرئيس على التفاعل بذكاء مع هذه التحديات المتشابكة لتحقيق مستقبل أكثر استقرارًا للبنان".
من جانبه يرى الباحث والمحلل السياسي اللبناني طارق أبوزينب أن عون نجح في دعم المعارضة من أجل الانتصار في تلك الانتخابات ونجح أيضا في توحيد الصف.
أضاف أبو زينب في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الضغوط الشعبية والدولية لعبة دورا كبيرا في انتخاب جوزيف عون.
وفيما يخص الآلية الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، اختتم المحلل السياسي اللبناني أن الدستور اللبناني يحدد طرقًا محددة لإجراء الانتخابات الرئاسية، ففي الدورة الأولى، يجب على المرشح الحصول على ثلثي أصوات النواب، أي 86 من أصل 128، حتى يُنتخب رئيسًا، أما في الدورات اللاحقة، إذا لم يتمكن أي مرشح من الحصول على ثلثي الأصوات في الدورة الأولى، فإن الأغلبية المطلقة (65 صوتًا) تكفي لانتخاب الرئيس.