هل حقق الهجوم الأوكراني المفاجئ على كورسك أهدافه؟
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
موسكو- استحوذ الهجوم الذي شنه الجيش الأوكراني على محاور هامة في محافظة كورسك الروسية على اهتمام المراقبين العسكريين والسياسيين في موسكو، لجهة تقييم حجم هذا الهجوم ونتائجه، فضلا عن توقيته ودوافعه.
وربط هؤلاء الهجوم، الذي بدأته القوات الأوكرانية ضد المقاطعة الواقعة غرب روسيا يوم 5 يناير/كانون الثاني الحالي، بالاستعدادات لزيارة كيث كيلوغ المبعوث الخاص للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى كييف.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن صد الهجوم وأكدت مقتل المئات من الجنود الأوكرانيين.
ووفق مصادر رسمية روسية، تواصل كييف نقل قوات من وحدات النخبة من خط المواجهة بأكمله إلى منطقة سودجان الحدودية، في وقت بلغ فيه إجمالي تقدم وحدات مجموعة "الشمال" التابعة للقوات الروسية في كورسك أكثر من 6.5 كيلومترات في اليوم.
وقبل ذلك، كانت أوكرانيا قد شنت هجوما مكثفا ومفاجئا عبر الحدود منذ نحو 6 أشهر في كورسك، وهي أول مرة من نوعها تتوغل فيها دبابات معادية داخل الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
ومنذ ذلك الحين، يحاول الجيش الروسي إجلاء القوات الأوكرانية. وتؤكد وزارة الدفاع الروسية أنها حققت نجاحات باستعادتها نحو 40% من الأراضي التي فقدتها، لكنها لم تتمكن حتى الآن من طرد القوات المغِيرة.
إعلانويأتي الهجوم الأخير قبل تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، ووسط مفاوضات سلام محتملة في وقت لاحق من هذا العام.
وفي وقت ألمح فيه الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى أن المناطق المحيطة بكورسك يمكن أن تلعب دورا في أي اتفاق مستقبلا، لم تُظهر موسكو أية إشارات على استعدادها لوقف القتال أو إجراء تغييرات بمطالبها الإقليمية التي تشمل 4 مناطق انضمت إليها عام 2022، بما في ذلك مدينتا زاباروجيا وخيرسون ومناطق أخرى لا تسيطر عليها روسيا بشكل مطلق.
اعتبارات سياسيةوفق محلل الشؤون العسكرية فياتشيسلاف شوريغين، فإن تكتيكات الجيشين الروسي والأوكراني باتت تضع في الحسبان اعتبارات سياسية تتمثل في إمكانية قطع الإدارة الأميركية الجديدة الإمدادات العسكرية عن كييف، مما قد يسمح للقوات الروسية بتحقيق المزيد من المكاسب العسكرية خلال العام الحالي.
ويضيف -للجزيرة نت- أن موسكو غيرت الأشهر الأخيرة إستراتيجيتها وباتت تتحرك نحو استنزاف القوات الأوكرانية من حيث الموارد والأفراد، مؤكدا أن كييف أخطأت في تقدير هجومها الذي تتمثل فكرته في استعادة المواقع المفقودة والعودة إلى المستوى السابق من السيطرة الإقليمية.
وينفي المتحدث فرضية عجز القوات الروسية عن طرد نظيرتها الأوكرانية من الأراضي التي سيطرت عليها، موضحا أن الآونة الأخيرة شهدت تقدما مستمرا للجيش الروسي على محاور دونيتسك وكوبيانسك وكذلك كورسك، وتمكن من استعادة مناطق استولى عليها الأوكرانيون.
ويرجح أن تشهد الأشهر القليلة القادمة تحقيق اختراقات على جبهة كورسك، مستبعدا أن يكون النظام الدفاعي الأوكراني قادرا على الصمود في وجه الهجوم الروسي بالطريقة التي صمد بها الروس في هجوم الصيف الأوكراني العام الماضي، وأن التوجه الحالي أن تتراجع كييف في كل مكان.
حسابات خاطئةمن جانبه، يذهب المحلل العسكري ليونيد أرتيمييف إلى القول إن الوضع على الجبهة الأوكرانية يتطور بطريقة مأساوية بالنسبة لكييف على ضوء هيمنة روسيا على ميزان التسليح والقدرات البشرية.
إعلانوبرأيه، شكل هجوم كورسك "مزحة قاسية" لكييف إذ دفع موسكو لشن هجوم مضاد على محاور أخرى لا سيما دونباس، في الوقت الذي ألقت فيه أوكرانيا بأفضل معداتها وأفرادها في "عملية انتهت بالفشل". ويضيف أن الهجوم أملاه المنطق السياسي في المقام الأول، حيث من المفترض أن يحسن موقف كييف قبل المفاوضات.
ومع ذلك، يتابع أرتيمييف: واجهت أوكرانيا تفوقا روسيا في الجو والمدفعية، وواصلت موسكو هجومها على محوري كوبيانسك ودونيتسك، مستغلة إرسال كييف أفضل الأسلحة والمقاتلين الأكثر تدريبا إلى كورسك.
ويقول أيضا إن من السابق لأوانه الحديث عن نتائج الهجوم الأخير مع تواصل الأعمال القتالية و"المعلومات الكاذبة" على الإنترنت التي تفيد بسيطرة القوات الأوكرانية على مناطق مختلفة "قبل أن يتم دحضها على الفور تقريبا". ولا يستبعد أن يكون هدف الهجوم "إثارة ضجة على جبهة واحدة، للتمويه على هجمات أخرى على جهات مختلفة تماما".
ويصف المحلل العسكري وزيرَ الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنه مهندس "عملية كورسك" مستشهدا بتصريحات أدلى بها الأخير عشية الهجوم، قال فيها "إن تمركز القوات الأوكرانية في كورسك له أهمية حاسمة في أية مفاوضات محتملة، وإن إدارة الرئيس جو بايدن المنتهية ولايتها تريد التأكد من أن كييف لديها ورقة قوية للعب بها".
وأعرب أرتيمييف عن "تشاؤمه" من أن تتمكن أوكرانيا، خلال المفاوضات المرتقبة بعد تنصيب ترامب، من فرض "تبادل أراضٍ" على موسكو، مشيرا إلى أنه سيتعين عليها -مع مرور الوقت- أن تخطط وتدير عملياتها بنفسها، و"ألا تتصرف وفقا لمخططات يضعها سياسيون من دول أخرى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القوات الأوکرانیة
إقرأ أيضاً:
باستعادتها كورسك هل حرمت روسيا أوكرانيا من أهم ورقة مساومة؟
موسكو- أجمع مراقبون روس على أن الكرملين حقق أهم إنجاز عسكري خلال العام الحالي في الحرب مع أوكرانيا، بعد استعادة مقاطعة كورسك التي كانت القوات الأوكرانية سيطرت عليها في 6 أغسطس/آب الماضي بعملية مباغتة تسببت بصدمة لدى الرأي العام وانتقادات لأداء القوات الروسية بالمنطقة.
وبذلك، تكون موسكو -حسب هؤلاء المراقبين- قد حرمت كييف من استخدام كورسك ورقة مساومة في محادثات السلام المستقبلية، لا سيما أن الأنباء عن استعادة المقاطعة الروسية الإستراتيجية جاءت في وقت كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يبحث فيه مع نظيره الأميركي دونالد ترامب الجهود الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط.
تعزيز الموقف التفاوضييعد تحرير كورسك حدثا سياسيا وعسكريًا كبيرا بامتياز، حيث يرى مراقبون روس أن الكرملين حصل بفضله على ورقة مهمة لا تقبل الجدل في المفاوضات المحتملة مع أوكرانيا بشأن الحل السلمي للصراع.
ويدور الحديث عن استعادة روسيا لأكثر من ألف كيلومتر مربع من أراضيها، كانت القوات الأوكرانية سيطرت عليها، وشكلت في حينه أكبر إنجاز عسكري لكييف على حساب المناطق الروسية.
ويرى الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين أن تحرير كورسك يعد حدثا يتجاوز في حجمه الصراع بين موسكو وكييف، ويعزز الموقف الروسي في مسار المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن هذه الحرب.
إعلانويقول -في حديثه للجزيرة نت- إنه بالإضافة إلى أن تحرير كورسك قد رفع بشكل كبير معنويات الجيش الروسي فإنه في الوقت ذاته يشكل خسارة "كارثية" لكييف قللت من خياراتها الإستراتيجية كورقة مساومة لتبادل الأراضي مع روسيا على المستوى الدبلوماسي.
بموازاة ذلك، أشار ليتوفكين إلى أن استعادة كورسك شكلت فشلًا ذريعًا للقوات الأوكرانية، وهزيمة شخصية لزيلينسكي، مضيفًا أن جميع المسلحين الأوكرانيين الذين شاركوا في غزو المنطقة الروسية إما قُتِلوا أو أُجبروا على الانسحاب إلى الأراضي الأوكرانية.
ووفقًا له، يمكن الآن القول بكل تأكيد إن جميع تصريحات زيلينسكي ووعوده كانت باطلة، وإن تلك الخطب التي طالب فيها بمواصلة القتال باءت بالفشل.
وحسب رأيه، كان مصير خطة القيادة الأوكرانية لغزو مقاطعة كورسك الفشل في البداية، لأن شن عملية هجومية دون القدرة على الدفاع هو تكتيك فاشل بامتياز.
وعلاوة على ذلك، يؤكد الخبير ليتوفكين أن أوكرانيا باتت عبئا على الولايات المتحدة، وبالتحديد على إدارة ترامب الذي تتمثل أولوياته في احتواء الصين ودعم إسرائيل.
ويتابع بأنه على النقيض من الولايات المتحدة، يرى الاتحاد الأوروبي أن الصراع الأوكراني حاسم بالنسبة لمستقبل الغرب، فإذا خرجت روسيا منتصرة فسوف يتسبب ذلك في أضرار جسيمة لصورته، وستتعرض سياسة النخبة الغربية بأكملها للتهديد، على حد وصفه.
وختم بأنه بعد استعادة كورسك، سيتعين على الجيش الروسي إنشاء منطقة أمنية تكون بمثابة طوق عازل يحمي المناطق الحدودية من القصف والتخريب ومجموعات الاستطلاع المعادية.
بصمات بيونغ يانغوفي خضم الحديث عن "النصر الروسي" في كورسك، كان لافتًا إعلان وزارة الدفاع الروسية عن مشاركة جنود من كوريا الشمالية في عملية تحرير المناطق الحدودية بمقاطعة كورسك، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها وبشكل رسمي عن هذا الدور.
وجاء ذلك على لسان رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، في تقريره إلى الرئيس فلاديمير بوتين، والذي قال إن الجنود الكوريين الشماليين "أظهروا حرفية عالية وصمودًا وشجاعة وبطولة في المعارك".
إعلانوكانت كوريا الجنوبية وصفت في وقت سابق إرسال قوات كورية شمالية إلى روسيا بأنه "يتعارض مع المعايير الدولية ويستهزأ بالقانون الدولي".
لكن الخبير بالشؤون الدولية دميتري كيم أوضح أن ادعاءات سول لا أساس لها من الصحة، لأن القوات الكورية الشمالية وجدت في مناطق روسية وليست في مناطق متنازع عليها، مثل دونيتسك ولوغانسك، التي يمكن أن تخضع لمعايير احترام سيادة الدول الأخرى وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي.
وأعرب المتحدث عن دهشته من إدانة دول أخرى لموسكو بسبب إشراك جنود أجانب في هذه العملية العسكرية، متساءلًا "كيف يمكن إدانة روسيا لإشراكها جنودًا من كوريا الشمالية، وفي الوقت نفسه يتم إرسال آلاف المرتزقة والمستشارين من دول حلف شمال الأطلسي إلى أراضي أوكرانيا أو روسيا؟".
وأشار كيم إلى أن "الآلاف من المرتزقة" يقاتلون في صفوف القوات الأوكرانية، ليس فقط من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن أيضًا من دول أخرى من القوقاز إلى أميركا اللاتينية.
وأوضح أن روسيا وكوريا الشمالية صادقتا العام الماضي على معاهدة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، والتي تنص إحدى بنودها على تقديم المساعدة العسكرية في حالة العدوان على أحد الطرفين.
وتابع الخبير أنه بعد ذلك بمدة وجيزة بدأت الوحدات الكورية الوصول تدريجيا إلى روسيا، بعد أن خضعت للتدريبات المناسبة واكتسبت مهارات التحكم في الطائرات بدون طيار، وأصبحت على دراية بالحقائق الميدانية. وأضاف أنه بعد ذلك تم نقلها إلى مقاطعة كورسك، وحتى لا يتم كشفهم تمركزوا في الخطوط الخلفية ومن ثم في التحصينات، وأخيراً بالمشاركة في الهجمات.
وقال إن الجنود الكوريين تميزوا بتماسكهم وانضباطهم وعدم اكتراثهم بالموت وقدرتهم المذهلة على التحمل، وخاصة وحدات قوات العمليات الخاصة، وقدموا مساهمة كبيرة في تحرير منطقة كورينفسكي وفي المعارك بالقرب من ستارايا ونوفايا سوروتشيني، وكانت لديهم قاعدة صارمة بعدم الوقوع في الأسر أحياء أو الاستسلام طواعية.
إعلان