واشنطن- في مؤتمره الصحفي الثاني منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب -الثلاثاء الماضي- رغبته في جعل جزيرة غرينلاند التابعة لمملكة الدانمارك وقناة بنما التابعة لجمهورية بنما جزءا من أميركا.

وعندما سئل عما إذا كان سيفكر في استخدام القوة العسكرية للقيام بذلك، رفض ترامب استبعاد ذلك.

كما طرح فكرة استخدام "القوة الاقتصادية" لجعل كندا تنضم إلى الاتحاد الأميركي وتصبح الولاية رقم 51، وأعلن نيته تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا.

وأوضح ترامب أن رغبته في ضم هذه الأراضي تنبع من منطلقات اقتصادية بما توفره من موارد ضخمة مادية ومعدنية وبيئية، ومنطلقات عسكرية حيث تعد غرينلاند موطنا لمنشأة فضائية أميركية كبيرة، وقال إنها "ضرورية للجهود العسكرية لتعقب السفن الصينية والروسية المنتشرة في كل مكان" مؤكدا "أنا أتحدث عن حماية العالم الحر".

بيع وشراء

ينظر ترامب للعديد من قضايا العلاقات الدولية منطلقا من كونه مطورا عقاريا يؤمن بصفقات البيع والشراء حتى بين أراضي الدول المستقلة ذات السيادة. ولا يُعد استثناء بين الرؤساء الأميركيين من حيث رغبته في شراء المزيد من الأراضي لضمها للاتحاد الأميركي. ودائما ما واجهت هذه العمليات الضخمة جدلا مجتمعيا وقانونيا واسعا، وأبرزها:

إعلان عام 1803، اشترى الرئيس الراحل توماس جيفرسون ولاية لويزيانا مما ضاعف حجم البلاد، وكان عليه أن يتجاهل بعض البنود الدستورية المعرقلة لمثل هذه الصفقة. عام 1867، اشترى الرئيس الراحل وليام سيوارد، ووزير الخارجية حينها، أراضي ألاسكا من روسيا مقابل 7.2 ملايين دولار (162 مليون دولار بأسعار اليوم) واعتبر الكثيرون هذه العملية بمثابة حماقة كبيرة. وبعد الانتقادات الأولية، يُنظر اليوم إلى الصفقتين على أنهما من الإنجازات العظيمة.

وللتعليق، يقول خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك -للجزيرة نت- إنه "ربما يقول ترامب هذه الأشياء كتكتيك تفاوضي للاستفادة من التنازلات في أشياء مثل الصفقات التجارية والإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)".

وتابع "من الصعب فصل طموحات ترامب الشخصية عن أجندة إدارته التي يعبئها بالموالين. وهناك تناقض بين النبرة العدوانية لتصريحاته بشأن السياسة الخارجية، وانعزالية جناحه في الحزب الجمهوري".

ومن جانبه، قال غريغوري كوغر أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة ميامي -للجزيرة نت- إن ما يكرره ترامب من رغبته في توسع بقعة الأراضي الأميركية يعكس هدفين مشتركين:

الأول: طموح شعبوي لتوسيع حدود البلاد. الثاني: طموح شخصي لزيادة الأراضي الأميركية كجزء من إرثه الرئاسي. أهداف سياسية

وبعدما دخل التاريخ الأميركي من أوسع أبوابه بفوزه بالرئاسة فترتين غير متتاليتين، رغم إدانته جنائيا في عدة جرائم، يهتم ترامب خلال فترة رئاسته الثانية بدعم إرثه السياسي. ويتوقع الأكاديمي كوغر أن تعمل إدارة ترامب على أهداف سياسية محددة تجاه هذه الدول منها:

المزيد من القواعد للجيش الأميركي في غرينلاند. استبعاد النفوذ الصيني في بنما. تغيير العلاقات التجارية مع كندا.

وبرأيه، لا يمكن لترامب إجبار هذه الدول على الانضمام إلى الولايات المتحدة أو استعادة السيطرة على قناة بنما.

إعلان

وبدوره، اعتبر ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي (مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية) أنه "من الصعب معرفة من أين نبدأ في الرد على ما يقوله ترامب من سخافات. إن لديه نظرة تجارية للغاية للعالم والعلاقات بين الدول بشكل عام".

وأضاف "يبدو أنه يبني أفكاره حول استخدام القوة العسكرية من مصطلحات القرن الـ19. لقد بنى علامة تجارية حول مفهوم أن الولايات المتحدة تقع ضحية لدول أخرى، بما في ذلك حلفاؤها، ولا يحب أن يقال لها لا".

وحسب والين، فإن ترامب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة يمكنه أن يقرر اتخاذ عمل عسكري لدعم أهدافه في بنما وغرينلاند، مع إدراكه احتمال مواجهة معارضة الكونغرس من خلال قانون سلطات الحرب، مؤكدا أنه "سيكون قرارا سيئا للغاية ينتهك المبادئ التي عملت واشنطن على بنائها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويقوض الخطاب الأخلاقي الأميركي ضد القوى التوسعية".

ويضيف أن ترامب يميل أيضا إلى إطلاق، وبشكل عشوائي، الأفكار الاستفزازية التي تتعارض مع المألوف وتعمل خارج الحكمة التقليدية من أجل إبعاد الجميع على حين غرة وإلهام التنازلات التي قد تكون غير متوقعة، مستطردا "لكنني لا أرى جدوى من اختلاق الدراما والأزمات المحتملة عندما تكون هناك بالفعل قضايا كافية للتعامل معها في العالم".

جنون رئاسي

يُذكر أن تصريحات ترامب جاءت في الوقت الذي زار فيه ابنه، دونالد ترامب الابن، غرينلاند. وقبل وصوله على متن طائرة خاصة إلى العاصمة نوك، قال إنه "ذاهب في رحلة شخصية ليوم واحد للتحدث إلى المواطنين" وإنه "لم يخطط لأي اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين".

وعندما سُئلت رئيسة الوزراء الدانماركية ميتي فريدريكسن عن زيارة ترامب الابن، قالت للتلفزيون الدانماركي إن "غرينلاند ليست للبيع وهي تنتمي إلى سكانها المحليين الذين يمكنهم فقط تحديد مستقبلها" إلا أنها شددت على أن بلادها بحاجة إلى تعاون وثيق مع الولايات المتحدة حليفة الناتو.

إعلان

ومن جانبها، لم ترفض مجلة إيكونوميست طرح ترامب بصورة مبدئية، بل قالت "إن احترام حق غرينلاند في تقرير المصير يعني احترام حق مواطنيها في النظر بمثل هذا العرض الذي يمكن طرحه للاستفتاء. ولكي يكون الاختيار حرا، سيتعين على ترامب التراجع عن تهديده باستخدام القوة، ثم يحاول وضع المغريات أمام مواطني غرينلاند".

وقال ستيفن سيستانوفيتش المسؤول السابق بالخارجية والخبير في مجلس العلاقات الخارجية والأستاذ الفخري بجامعة كولومبيا -للجزيرة نت- إنه إذا تمسك ترامب بالادعاءات التوسعية "فستصبح حتما جزءا من أجندة الإدارة، لكن كبار مستشاريه بالسياسة الخارجية لا بد أن يفكروا في هذا على أنه جنون رئاسي مع فرصة محدودة للنجاح".

وتساءل "مع وجود تكاليف عالية، وعمليا لا يوجد مردود حقيقي، هل سيخبرون ترامب بما يفكرون به حقا؟ ربما لا. هل سيعملون بجد لتحقيق أهدافه؟ أيضا مشكوك في ذلك جدا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رغبته فی

إقرأ أيضاً:

رداً على ترامب..بلينكن: ضم غرينلاند مجرد حديث وليس فكرة جيدة

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن على العالم ألا يهدر الكثير من الوقت، على ما يقوله الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن غرينلاند.

Blinken dismisses Trump acquiring Greenland https://t.co/DpUy9dgikH pic.twitter.com/Mxn4hmkrcA

— New York Post (@nypost) January 8, 2025

وقال ترامب مجدداً في الأسبوع الجاري إنه يود ضم الجزيرة الخاضعة للدنمارك تحت سيطرة الولايات المتحدة، وقال إنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية لتحقيق ذلك .

ولكن بلينكن قال، اليوم الأربعاء، إن "من غير المرجح أن تتجاوز طموحات الرئيس المقبل مجرد الحديث".

وقال بلينكن في باريس: "من الواضح أن الفكرة التي عبر عنها عن غرينلاند ليست فكرة جيدة".

وأضاف "قد يكون أكثر أهمية أنه من الواضح أن هذا لن يحدث، لذلك لا ينبغي أن نهدر وقتاً كثيراً في الحديث عنها".

وبعد سُؤال ترامب في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، هل يستطيع أن يؤكد للعالم أنه لن يستخدم القوة العسكرية أو الاقتصادية للسيطرة على غرينلاند قال ترامب: "لا أستطيع أن أؤكد لكم، أنتم تتحدثون عن بنما وغرينلاند. لا، لا أستطيع أن أؤكد لكم شيئاً عن الإثنتين، ولكن يمكنني أن أقول هذا، نحن في حاجة إليهما من أجل الأمن الاقتصادي".

وقال رداً على سؤال هل يستبعد استخدام القوة العسكرية: "لن ألتزم بذلك" وأضاف "ربما يتعين عليك أن تفعل شيئاً. قناة بنما حيوية لبلدنا". وتابع "ونحتاج غرينلاند للأمن القومي".

مقالات مشابهة

  • ترامب يثير الجدل بخريطة توحد الولايات المتحدة مع غرينلاند وكندا
  • رداً على ترامب..بلينكن: ضم غرينلاند مجرد حديث وليس فكرة جيدة
  • نشطاء: حديث ترامب عن كندا وغرينلاند وبنما دليل على الطمع الأميركي
  • فرنسا وألمانيا تعلقان على طموحات ترامب لضم غرينلاند وكندا
  • رداً على مطالبة ترامب بغرينلاد وكندا..ألمانيا: لا مجال لتعديل الحدود بالقوة
  • أطماع ترامب في غرينلاند وقناة بنما ما علاقتها بتغير المناخ؟
  • ترامب يطرح فكرة استخدام القوة للاستيلاء على جرينلاند وقناة بنما.. ما القصة؟
  • ترامب يرفض استبعاد استخدام القوة العسكرية للأستيلاء على جرينلاند وقناة بنما
  • ترامب: جرينلاند مهمة لأمننا الوطني.. وقناة بنما حيوية لبلدنا