شينجين جنوبي الصين- يتمتع إقليم غواندونغ جنوبي الصين، الذي يعرفه كثير من التجار العرب والآسيويين والأفارقة والأوروبيين، بأهمية خاصة. فهو بالإضافة لمدينة غوانزو، التي تشتهر بمعرضها التجاري الذي يقام منذ عام 1957، يضم عدة مدن صاعدة اقتصاديا وصناعيا، ويطل على منطقة الخليج الكبرى التي تضم هونغ كونغ وماكاو.

وتعد مدينتا شينجين و"تشينهاي" آخر جارات هونغ كونغ وماكاو التسع صعودا، ومعهما باتت 11 مدينة صينية تتكامل فيما بينها اقتصاديا.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نظم في هونغ كونغ مؤتمر تجاري للعام الثاني على التوالي حول "تنمية منطقة الخليج الكبرى" بحضور أكثر من ألف مسؤول ومستثمر ورجل أعمال من الداخل والخارج، وتشمل هذه المنطقة هونغ كونغ وماكاو ومدن إقليم غواندونغ الذي يقابلهما جغرافيا.

وفي بلد ذي مساحة شاسعة إلى جانب عدد سكانه، فإن "الجغرافية التنموية" عنصر أساسي في تنفيذ الخطط الاقتصادية لبلد أصبح منافسا لدول غربية وآسيوية اقتصاديا وتقنيا، ولكل إقليم في الصين تميز في جانب من جوانب الإنتاج أو الصناعة أو التنمية أو التصدير.

جوهاي اشتهرت بمعارضها ومتصلة بماكاو وهونغ كونغ بجسر هو الأطول عالميا (مواقع التواصل) الجارات التسع

تعتمد هذه الظاهرة العمرانية والتقنية والاقتصادية على اللحاق بهونغ كونغ باعتبارها مركزا عالميا اقتصاديا وماليا شهيرا، وتسعى انطلاقا من خطة أقرت في يوليو/تموز 2017 لجعل هونغ كونغ "رافعة" و"نافذة" لجاراتها التسع، ولكل واحدة من هذه المدن مميزات وعوامل جذب لا تقل عن ماضي هونغ كونغ وحاضرها.

إعلان

وتطمح الصين إلى جعل منطقة الخليج الكبرى "مركزا للابتكار والتقنيات" جنوبي البلاد، وتشمل 9 مدن أو بلديات، وهي على النحو التالي:

غوانزو أو غوانجو، عاصمة الإقليم حيث المعرض التجاري السنوي الشهير، والعاصمة التجارية للصين، وفيها 80 جامعة ونحو مليون طالب جامعي وأكثر من 100 ألف شركة وعمل تجاري تقني. جاوتشينغ، المدينة الشهيرة ثقافيا وتاريخيا وسياحيا. خوي جو، المعروفة بمينائها وصناعاتها البتروكيميائية وإلكترونيات المعلومات، واستثمرت فيها شركة إكسون موبيل 18.97 مليار دولار حتى نهاية عام 2022، وفيها مصادر طبيعية هائلة، منها نحو 30 صنفا من المعادن، وبيئة معيشية جيدة، ومناطق سياحية كثيرة، وإنتاج زراعي من الأرز وغيره، وفيها مساحات جيدة من الغابات مما يفسر جودة الهواء فيها ونقاءه. فوشان، وتشتهر بالأثاث والأجهزة المنزلية والفخاريات والأوبرا والأدوية الصينية، وفنون الدفاع عن النفس والفنون الشعبية الأخرى. دونغوان، المركز الصناعي العالمي الذي ينتج نحو 60 ألف صنف من المنتجات في نحو 40 قطاعا وتوفر نحو 90% من قطع الغيار الإلكترونية، بما فيها الهواتف المحمولة، حيث تتمركز فيها نحو 5700 شركة صينية تتكامل في عملها مع شينجين وهونغ كونغ. جونغشان، وهي نقطة نقل أساسية على الضفة الغربية لنهر اللؤلؤة، ومنطقة صناعية تجرى فيها الكثير من التجارب الصناعية بإقليم غواندونغ، وتضم صناعة المفروشات المنزلية والمنسوجات والأقمشة والإضاءة والمنتجات الصحية والأدوية والقوارب، وفي مينائها عدد من الشركات الحكومية الكبرى مثل شركة صناعة السفن، وشركة القطارات، وشركة النفط البحري، وشركة الحديد والصلب. أما جيانغمين، فهي المدينة المفضلة للصينيين العائدين من بلاد هاجروا إليها وعملوا فيها. جوهاي، حيث أراضي المعارض الدفاعية والجوية، وهي المدينة الوحيدة في البر الصيني المتصلة بهونغ كونغ وماكاو إثر إكمال جسر بين الحواضر الثلاثة عام 2018 بطول 50 كيلومترا كأطول جسر فوق المياه في العالم والذي عبره عام 2024 المنصرم 27 مليون شخص أو 5.5 ملايين سيارة. شينجين، المدينة التاسعة، وهي "وادي سيليكون الصين" مقر الشركات الصاعدة. شركة "بي واي دي" مقدمة السيارات الكهربائية الصينية الصنع في العالم (الجزيرة) إعفاءات ضريبية

وجذبت تشينهاي التابعة لشينجين -بإعفاءات ضريبية ومحفزات أخرى- آلافا من سكان هونغ كونغ ورجال أعمالها لاسيما الشباب والرواد، ضمن ما أطلق عليه "منطقة تعاون خدمات الاقتصاد الحديث لتشينهاي-شينجين-هونغ كونغ" لتعزيز التواصل المالي والاقتصادي واللوجستي بين هونغ كونغ والبر الصيني.

إعلان

ويشمل ذلك قطاعات الابتكار التقني والاختراعات، حقوق الملكية، تنمية المهارات والخبرات والبحوث الصناعية والتقنية، بما فيها المجال البحري والملاحي، تحرير التجارة والمال بين المنطقتين، المواءمة القانونية بين هونغ كونغ وتشينهاي باستفادة الأخيرة من خبرات الأولى في القانون والمالية والتجارية.

وادي سيليكون الصين

وتأكيدا على أهمية شينجين بما فيها منطقة تشينهاي، اتخذت بعض الشركات الكبرى منها مقرا، حتى باتت تعرف بـ"وادي سيليكون الصين" وفي مقدمتها "دي جي آي" أكبر شركات الطائرات المسيرة في العالم، والتي جعلت من التصوير الجوي المسير ظاهرة عالمية، وتسعى لتشييد مقر جديد لصناعاتها وأبحاثها في مجال أنظمة الطيران المعلوماتي في شينجين أيضا، طامحة لتظل شينجين عاصمة الصين في اقتصاد "الدرونز" الذي يتوقع أن تصل قيمته إلى 136 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة.

وفي شينجين أيضا كانت بداية شركة "بي واي دي" للسيارات الكهربائية قبل 30 عاما، والتي باتت تملك نحو 30 مصنعا حول العالم، وقد تجاوزت شركة تسلا لتكون أكبر مصنع للسيارات الكهربائية عالميا، وهي الآن في طور المرحلة الثالثة والرابعة من تشييد مدينتها الصناعية لتصل بالإنتاج إلى ما قيمته 27.6 مليار دولار سنويا.

وفيها أيضا مقر شركة تينسيت الرائدة في تطبيقات الهواتف الذكية للتواصل الاجتماعي والمعلوماتي والمعاملات المالية الذكية، بتقديمها تطبيقات هي بدائل عن التطبيقات غربية المنشأ المستخدمة حول العالم، وتخدم أكثر من مليار شخص داخل الصين وخارجها، وتقدم ألعابا إلكترونية، بل هي الأكبر في هذا المجال، وإنتاجا سينمائيا ومحتوى دعائيا، وما من مواطن صيني تقريبا إلا ويستخدم في هاتفه تطبيقات هذه الشركة.

وقد انطلقت من شينجين أيضا عام 1987 شركة هواوي الرائدة في مجال تقنيات الاتصال المعلوماتي وشبكات الهاتف، ويتجاوز عدد موظفيها اليوم 207 آلاف شخص في 170 دولة حول العالم، وتخدم نحو 3 مليارات شخص.

إعلان

ومن الأسماء اللامعة في سماء شينجين شركة إنستا 360 للكاميرات الصغيرة المحمولة وتطبيقات مونتاجها وإخراجها، التي بدأت ببيع كاميراتها قبل نحو عشر سنوات، ورغم أنها تنتج كاميرات لمختلف الأجهزة الإلكترونية إلا أنها اشتهرت بالتصوير المستدير والكاميرات الرياضية الخفيفة المحمولة من قبل الرياضيين والمغامرين وصانعي الأفلام الوثائقية، واستحوذت خلال سنوات قليلة على أكثر من نصف سوق الكاميرات البانورامية الشخصية بقيمة تجاوزت 276 مليون دولار.

مدن الخليج الكبرى التسع مع هونغ كونغ وماكاو مترابطة بشبكة جسور وقطارات جعلتها متكاملة اقتصاديا (مواقع التواصل) مدن غنية

المدن المشمولة ضمن منطقة الخليج الكبرى تعد الأغنى في الجنوب الصيني، حيث وصل ناتجها المحلي الإجمالي إلى نحو تريليوني دولار عام 2023، وهو ما يساوي نحو 1/9 الناتج المحلي الإجمالي للصين، وهو ضعف ما كان عليه حال اقتصاد هذه المنطقة عام 2013.

وقد وصلت إمكانات المناولة السنوية لمجموع موانئ منطقة الخليج الكبرى إلى أكثر من 85 مليون حاوية مرتبطة بمسارات شحن المدن والموانئ الكبرى حول العالم، وهي بذلك محرك نمو مهم للاقتصاد الصيني وحركة التجارة العالمية.

يُشار إلى أن مساحة منطقة الخليج الكبرى تقدر بـ56 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها تجاوز 86 مليون نسمة، ويأتي الاهتمام بها وتطويرها ضمن خطة تمتد حتى عام 2035، تزاحم بذلك مناطق اقتصادية شهيرة مثل منطقة خليج طوكيو، ومنطقة خليج سان فرانسيسكو، ومنطقة خليج نيويورك.

ولا تنفصل هذه الخطة عن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقت قبل 11 عاما، فتعزيز مكانة تشينهاي أو شنجين وجاراتها ككل يصب في تقوية وتوسع الحضور الصيني عبر مبادرة الحزام والطريق، والعكس صحيح,

وعلاقات الصين الخارجية -عبر تلك المبادرة- يمكن أن يجلب مزيدا من الاستثمارات الأجنبية والشراكات التجارية والأسواق إلى تشينهاي وشينجين بل ولكل شركات مدن منطقة الخليج الكبرى.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حول العالم أکثر من

إقرأ أيضاً:

الأزهر الشريف يُحيي ذكرى العاشر من رمضان باحتفالية كبرى في الجامع

أقام الأزهر الشريف احتفالية كبرى بالجامع الأزهر بمناسبة الذكرى الـ 53 لانتصارات العاشر من رمضان، بحضور فضيلة الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، واللواء محمد العتريس، مساعد مدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، والسيد محمود الشريف، نقيب الأشراف، والسيد عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، والشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، ولفيف من كبار العلماء والمسؤولين، وسط حضور كثيف من طلاب الأزهر وجموع المصلين بالجامع الأزهر.

مرصد الأزهر يحذر من خطورة الفكر التكفيري لتنظيم داعش ويفنده بالأدلةبعد تصريحات أحمد كريمة عن تعدد الزوجات.. ماذا قال شيخ الأزهر؟شيخ الأزهر: العلماء اتفقوا على أنه لا ترادف في أسماء الله الحسنى

بدأت الاحتفالية بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت القارئ الطبيب أحمد نعينع، أعقبها كلمة ألقاها فضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، استعرض فيها ذكرى العاشر من رمضان، مؤكّدًا أنه يوم خالد في تاريخ الأمة، حيث سجل فيه أبناء مصر بطولات عظيمة أعادت العزة والكرامة للأمة الإسلامية.

 وتطرق إلى موقف الإمام الأكبر عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الراحل، الذي بشّر الرئيس الراحل محمد أنور السادات برؤيا رأى فيها رسول الله ﷺ يعبر القناة وخلفه الجيش المصري والعلماء، قائلًا له: "فسِّرها يا سيادة الرئيس، فإنك منصور بإذن الله".

وأشار فضيلته إلى أن مصر كانت وستظل "كنانة الله في أرضه"، فهي مستودع القوة، ونجحت في تحويل الهزيمة إلى نصر بفضل إيمان شعبها وصبره، ودور علمائها في رفع الروح المعنوية للجنود، حيث انتشر علماء الأزهر في المعسكرات لطمأنة الجنود وتثبيتهم على الحق، مؤكدين لهم أن معركتهم هي معركة إيمان قبل أن تكون معركة سلاح.

من جانبه، أكد فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن الأزهر الشريف كان دائمًا في طليعة المؤسسات الداعمة للوطن في كل معاركه، مشيرًا إلى أن العدو المحتل ظن بعد هزيمة 1967 أن الجيش المصري لن يستطيع النهوض مجددًا، لكن مصر خلال ست سنوات فقط استطاعت إعادة بناء جيشها، رغم قلة الإمكانات، وحققت نصرًا تاريخيًا في حرب أكتوبر.

وأضاف أن خط بارليف، الذي وصفه العدو بأنه لا يمكن اختراقه إلا بقنبلة نووية، سقط بفكرة مصرية مبتكرة، حيث تمكن الجيش المصري من تدميره بمدافع المياه، وسقطت معه أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وحقق أبطال القوات المسلحة نصرًا ساحقًا أجبر العدو على الرضوخ للسلام واستعادة الأراضي المحتلة.

وتطرق فضيلته إلى دور علماء الأزهر خلال المعركة، مشيرًا إلى أن الشيخ حسن مأمون كان أول من طالب باستخدام سلاح البترول لمواجهة العدوان، وأن الشيخ محمد الفحام كان يذهب إلى الجبهة لدعم الجنود روحيًا، معتبرًا نفسه جنديًا في المعركة، في حين أكد الشيخ محمد متولي الشعراوي أن دوره هو الدعوة بالكلمة، بينما يتولى الجنود الدفاع بالسلاح، قائلًا: "أنا بالحرف، وأنتم بالسيف. أنا بالكتاب، وأنتم بالكتائب".

وفي ختام كلمته، وجّه الدكتور عباس شومان رسالة إلى الشباب، أكد فيها أن التحديات لا تزال قائمة، لكن مصر تمتلك جيشًا قويًا يواصل تطوير قدراته، مشددًا على أن جيش اليوم أقوى مما كان عليه في 1973 بفضل التحديث المستمر، وأن مصر ستظل حرة أبية بفضل الله، ثم بإيمان أبنائها بقضيتهم.

واختتمت الاحتفالية بابتهالات دينية قدّمها المبتهل حسام الأجاوي، دعا فيها لمصر بالنصر والعزة، وللأمة الإسلامية بالرفعة والقوة، وسط تفاعل الحضور الذين استشعروا روح الانتصار والفخر بهذا اليوم المجيد في تاريخ مصر والأمة الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • طلب إحاطة بشأن التعديات على محمية وادي الجمال بمنطقة رأس حنكوراب
  • البيئة تكشف حقيقة تضرر منطقة خليج حنكوراب بمحمية وادي الجمال
  • الأزهر الشريف يُحيي ذكرى العاشر من رمضان باحتفالية كبرى في الجامع
  • «كهرباء الشارقة» تنير الطرق على جانبي وادي اللؤلؤية والزبارة
  • جلولاء تحصي خسائر سيول وادي العوسج: السيارات جُرفت ودخلت المنازل
  • وزير قطاع الأعمال العام يتفقد مصانع شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تقبض على مخالف لنظام البيئة لارتكابه مخالفة الصيد في أماكن محظور الصيد فيها في منطقة مكة المكرمة
  • تصفيات كأس العالم.. مدرب كوريا الجنوبية يتوعد منتخبي عُمان والأردن
  • 4 مخاطر كبرى تهدد سوريا الآن.. ما هي؟
  • 200 و300 ألف جنيه.. مفاجآت كبرى للفائزين في مدفع رمضان