تحل اليوم ذكرى مرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس لبناء السد العالي، الذي يُعتبر أحد أعظم المشروعات القومية في تاريخ مصر الحديث.

ففي 9 يناير 1960، تم البدء في إنشاء هذا الصرح العملاق على يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ليكون شاهدًا على إرادة المصريين في بناء مستقبلهم بأيديهم، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي.

يعتبر السد العالي من أعظم الإنجازات الهندسية في القرن العشرين، وركيزة أساسية في التنمية الزراعية والصناعية بمصر.

البداية.. مشروع تحدٍ وإصرار

بدأ التفكير في بناء السد العالي في خمسينيات القرن الماضي، كحل استراتيجي للتحكم في مياه نهر النيل، التي كانت تتسبب في فيضانات كارثية تهدد الأراضي الزراعية وتؤدي إلى خسائر فادحة.

كان الهدف من المشروع هو تحقيق الأمن المائي لمصر، وتخزين المياه اللازمة لري الأراضي الزراعية، إلى جانب توليد الكهرباء لدعم النهضة الصناعية.
في 9 يناير 1960، تم وضع حجر الأساس للمشروع بحضور الرئيس جمال عبد الناصر وكبار المسؤولين، ليبدأ العمل في تنفيذ المشروع بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي، الذي قدم الدعم الفني والمالي لإنجاز هذا الحلم الكبير.

التحديات التي واجهت المشروع

لم يكن بناء السد العالي مجرد مشروع هندسي، بل كان تحديًا كبيرًا أمام مصر في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة.

الأزمة السياسية وتمويل المشروع

واجه المشروع عرقلة كبيرة بعد انسحاب الولايات المتحدة والبنك الدولي من تمويله، مما دفع مصر إلى تأميم قناة السويس في عام 1956 لتوفير التمويل اللازم.

أثبتت هذه الخطوة جرأة القيادة المصرية، ووفرت موارد مالية كبيرة لبناء السد.

التحديات الهندسية

كان بناء السد العالي مشروعًا هندسيًا غير مسبوق، تطلب استخدام تقنيات متطورة وجلب خبراء من دول مختلفة. 

بلغ طول السد حوالي 3.6 كيلومتر وارتفاعه 111 مترًا، وهو ما جعله أحد أكبر السدود في العالم في ذلك الوقت.

قوة السد العالي وأهميته الاستراتيجية

يعتبر السد العالي تحفة هندسية بكل المقاييس، إذ يتمتع بتصميم قوي يتيح له أداء وظائفه بكفاءة عالية منذ افتتاحه في عام 1971 وحتى اليوم. من أبرز مزاياه:

1. توليد الكهرباء:
يضم السد العالي محطة كهرومائية بقدرة إنتاجية تصل إلى 2.1 جيجاوات، ما ساهم بشكل كبير في توفير الطاقة الكهربائية لدعم التنمية الصناعية وتلبية احتياجات السكان.


2. التحكم في مياه النيل:
بفضل السد العالي، أصبحت مصر قادرة على التحكم في مياه النيل، وتخزين ما يصل إلى 162 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة ناصر، أكبر بحيرة صناعية في العالم.


3. حماية الأراضي الزراعية:
ساهم السد في حماية الأراضي الزراعية من الفيضانات المدمرة التي كانت تحدث قبل إنشائه، وأدى إلى توفير المياه اللازمة لري ملايين الأفدنة طوال العام.


4. دعم التنمية الزراعية والصناعية:
أتاح السد العالي ري الأراضي الجديدة، مما ساعد في زيادة الإنتاج الزراعي، ودعم الصناعات المرتبطة بالزراعة مثل صناعة السكر.

السد العالي في مواجهة التحديات البيئية

رغم الفوائد الهائلة للسد العالي، إلا أنه واجه انتقادات بيئية بسبب التأثيرات الناتجة عن بناء بحيرة ناصر، التي أدت إلى تهجير آلاف السكان النوبيين من قراهم القديمة. كما تسببت البحيرة في تغير النظام البيئي للنيل، وهو ما استدعى تنفيذ برامج لتعويض السكان المتضررين، ومواجهة تحديات البيئة.

الإرث التاريخي للسد العالي

يظل السد العالي رمزًا للإرادة المصرية وقدرتها على تخطي الصعاب. فهو ليس مجرد مشروع هندسي، بل هو شهادة على التحدي والطموح في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وبعد مرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس، يبقى السد العالي أعجوبة هندسية قائمة، ومحورًا رئيسيًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمصر.

في ذكرى الاحتفال بمرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس لهذا الصرح العظيم، يظل السد العالي شاهدًا على وحدة المصريين وإصرارهم على تحقيق الاستقلال والنهضة، واليوم يُعد نموذجًا يحتذى به في العمل الوطني، ومصدر فخر لكل مصري.

رحلة السد العالي ستظل دائمًا ملهمة لأجيال المستقبل، ومثالًا حيًا على قدرة الإنسان على تحويل الأحلام إلى واقع ملموس.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السد العالى المشروعات القومية مصر الحديث جمآل عبد الناصر التنمية الزراعية مياه نهر النيل نهر النيل الأراضي الزراعية عام ا على وضع حجر الأساس الأراضی الزراعیة بناء السد العالی

إقرأ أيضاً:

جمال شقرة: مصر فرضت إرادتها على المعسكر الغربى ببناء السد العالي

تحدث الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر عن بناء السد العالي قائلا:" إنه كان تحديا كبيرا وعظيما أمام المصريين إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربى والشرقي.

وأكد الدكتور جمال شقرة خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “90 دقيقة” المذاع عبر قناة “المحور” أن الدولة المصرية تمكنت من خلال بناء السد العالي من فرض إرادتها أمام المعسكر الغربي الذي اتخذ موقفا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتنمية والتحديث التي بدأ بها.

أيقونة مصرية.. السد العالى أعظم مشروع هندسي في القرن العشرينوزير الري: السد العالى نموذج لقدرة المصريين على البناء بإصرار وعزيمة| صورتمويل بناء السد العالي

وتابع أستاذ التاريخ المعاصر أن البنك الدولي إبان تلك الفترة رفض تمويل مشروع بناء السد العالي لأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي كانت تسيطر على البنك في تلك الفترة.

وعن سبب موقف الولايات المتحدة من الدولة المصرية خلال تلك الفترة وتأثيرها على البنك الدولي بعدم منح مصر قرضا لبناء السد العالي كان لأنها تريد مقايضة مصر بالموافقة على تمويل السد مقابل عقد مصر معاهدة سلام مع إسرائيل واعتراف القاهرة بها.

مقالات مشابهة

  • الذكرى الـ 65 لوضع حجر الأساس.. مصطفى بكري: السد العالي كان معركة التحدي والبناء
  • جمال شقرة: مصر فرضت إرادتها على المعسكر الغربى ببناء السد العالي
  • في مثل هذا اليوم| وضع حجر الأساس للسد العالي ورحيل حماده إمام ووائل الابراشي
  • حدث في مثل هذا اليوم.. وضع حجر الأساس للسد العالي ووفاة الإبراشي
  • لسد العالي..65عاماً على وضع حجر أساس أعظم مشروع هندسى بالقرن العشرين
  • زي النهاردة.. جمال عبد الناصر يضع حجر الأساس لبناء السد العالي
  • الاحتفال بمرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس لمشروع السد العالي
  • صور نادرة لأعمال بناء السد العالي في ذكرى وضع حجر أساسه
  • مصر تحتفل بمرور ٦٥ عام على وضع حجر الأساس لمشروع السد العالى