دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- القيادة عبر مدينة طشقند في أوزباكستان ستُشعِرك بأنّك تتصفح كتابًا مُصوَّرًا عن العمارة يعج بأمثلة عن الأنماط السوفييتية الوحشية، والاستشراقية، والعصرية، والمستقبلية، والكلاسيكية الجديدة.

وبعد أن دمّر زلزال غالبية أجزاء البنى التحتية للبلاد في عام 1966، أصبحت طشقند مختبراً للتخطيط الحضري.

 

ووصل المهندسون المعماريون بأفواج كبيرة لإعادة بناء الطرق، والمباني السكنية، والفنادق، والمسارح، ومراكز التسوق، ومحطات المترو.

وبعيداً عن العاصمة، تحتوي مدن بخارى، وسمرقند، وخيوة على مجموعة الأسواق القديمة ذات القباب، المعروفة باسم "توكي"، والمدارس، والنُزُل التي بُنيت للتجار الذين عبروا طريق الحرير.

انضمّت ساحة "ريجستان" في سمرقند إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في عام 2001. Credit: ALEXANDER NEMENOV / Contributor

والآن، تستثمر حكومة الرئيس الأوزبكي، شوكت ميرزيوييف، الموارد من أجل تسليط الضوء على هذا الإرث المعماري الغني كجزء من حملة لفتح أبواب هذه الجمهورية السوفييتية السابقة للعالم. 

وتُعتبر أعمال الحفاظ على المواقع التاريخية أولوية قصوى.

واجهة محطة خيوة للسكك الحديدية في أوزباكستان.Credit: Andrey Khrobostov/Alamy Stock Photo

وقالت رئيسة مؤسَّسة تطوير الفن والثقافة في أوزبكستان (ACDF)، جاين عوميروفا، في بيان لـ CNN: "من خلال الحفاظ على هذه الكنوز المعمارية الفريدة واستعادتها، فإنّنا نُثبِّت مكانة أوزبكستان كوجهة ثقافية عالمية".

علاقة حب وكراهية يقف تمثال الشاعر، تاراس شيفتشينكو، أمام جدارية فسيفسائية من العصر السوفييتي في طشقند.Credit: Alexey Narodizkiy/Uzbekistan Art & Culture Development Foundation

كانت إعادة تصور الهوية الجماعية أمرًا شَغَل هذه الأمة التي لم تنل استقلالها عن الاتحاد السوفييتي إلا في عام 1991.

في أوزبكستان، حيث تُعد نسبة 60% من السكان تحت سن الثلاثين، لا يعشق الجميع على وجه الخصوص آثار الماضي السوفييتي.

وغالباً ما يختار الشباب الأوزبكيون العيش في شقق على الطراز الغربي.

وتَتعارض العمارة الحديثة، بتفاصيلها الزجاجية والفولاذية، مع أجندات دعاة الحفاظ على التراث.

يُعد هذا الفندق مثالاً أيقونيًا على نمط العمارة الوحشية السوفييتية.Credit: Alexey Narodizkiy/Uzbekistan Art & Culture Development Foundation

وكان هدم دار السينما الشهيرة "دوم كينو" على وجه الخصوص،  لإفساح المجال أمام منتزه تجاري، في عام 2017 سببًا في تحفيز دعاة التراث على التحرك.

وأفادت المهندسة المعمارية والباحثة والمحررة المشاركة في كتاب "Tashkent Modernism"، إيكاترينا جولوفاتيوك، أنّ حَشد الأصوات المؤثرة خارج أوزبكستان لدعم الكنوز المحلية غير المحبوبة أثبت فعاليته تاريخيًا.

وأوضحت جولوفاتيوك في إشارة إلى كتاب "CCCP: Cosmic Communist Constructions" أنه "لم يهتم أحد بالحداثة السوفييتية حقًا حتى ظهور كتاب ألّفه فريدريك شوبان".

وكان الكتاب عبارة عن مسح معماري صَدَر في عام 2011 لـ14 جمهورية سوفييتية سابقة من دار نشر "Taschen".

كما ذكرت أنّ يوميات سفر المصور الفرنسي شوبان حفزت البعثات المعمارية.

وقالت جولوفاتيوك: "بدأ الأشخاص يقولون: إذا كان شخص ما يسافر من مكان بعيد لتغطيتها (العمارة) بالفعل بهذه الطريقة الإقليمية للغاية، إذًا، يجب أن يعني ذلك شيئًا ما. ربّما كنا نستخف بأهمية هذا الأمر".

وتمتع الأشخاص من مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي بدور في التعريف عن العمارة في أوزباكستان لمتابعيهم أيضًا.

مختبر للعمارة المستدامة صورة للقبة الشهيرة لسوق "شورسو" في طشقند.Credit: Jasmine Leung/SOPA Images/Shutterstock

وسط طفرة البناء الحالية، تعمل أوزبكستان مرة أخرى كمغناطيس لأفكار البناء التقدمية، تمامًا كما فعلت خلال فترة الستينيات والسبعينيات. 

ومع ذلك، تُعد الاستدامة القضية الأكثر أهمية هذه المرة.

وقال المهندس المعماري اللبناني المشارك في تنظيم بينالي بخارى الافتتاحي في أوزبكستان، وائل الأعور، إنّ المدن القديمة في البلاد تزخر بالحلول الخضراء.

وتُعتبر المباني مسؤولة عن 40% من انبعاثات الكربون العالمية تقريبًا، حيث أشار الأعور إلى كون "التنميط والعولمة في الهندسة المعمارية" سببًا في ذلك.

وأضاف أنّ المباني الخرسانية المعاصرة أدت أيضًا إلى توحيد خطوط أفق العالم. 

وأوضح الأعور: "على النقيض من ذلك، فإن هياكل أوزبكستان تعتمد على السياق، فهي مصنوعة من قِبَل مجتمعات محلية مدركة للطقس والمناخ، وتستجيب لذلك عندما تبني. وهذا شيء فقدناه".

محطة مترو "Kosmonavtlar" في طشقند.Credit: Alexey Narodizkiy/Uzbekistan Art & Culture Development Foundation

ووفقًا للمؤسِّسة المشاركة لمجموعة "Tatalab" التي تتخذ من طشقند مقرًا لها، تخمينا تورديالييفا، فإنّ غالبية المباني القديمة في أوزبكستان موفِّرة للطاقة بشكل طبيعي، وذلك في إشارة إلى المباني العامة والمساكن التاريخية الموجودة بمدن طريق الحرير في أوزبكستان. 

وقالت تورديالييفا إنّها "باردة للغاية في الصيف و(تظل المباني) دافئة خلال الشتاء بسبب مواد البناء المختارة والتهوية المصممة بشكلٍ جيد".

وأضافت: "يجب أن تستند العمارة الحديثة في أوزبكستان إلى مواد البناء التقليدية مثل الطوب والطين. يمكننا ابتكار تصاميم مختلفة بهذه المواد الصديقة للبيئة مع وضع التقاليد في عين الاعتبار. أعتقد أنّ هذه هي الطريقة التي نعبر بها عن أوزبكستان الحديثة".

وتتشكل هذه الرؤية الجديدة للحداثة في مدينة طشقند الجديدة، وهي امتداد لعاصمة أوزبكستان تمتد على مساحة 20 ألف هكتار.

ومن المتوقع أن تصبح مركزًا لأفكار التصميم المستدام.

وأكدّت تورديالييفا، التي تقود جمعية المهندسين المعماريين الشباب في أوزبكستان أيضًا، أنّ تسليط دائرة الضوء العالمية على قطاع التصميم الأوزبكي، يمكن أن يساعد في إنعاش الجيل القادم من المهندسين المعماريين في البلاد.

أوزباكستانتصاميمعمارةنشر الخميس، 09 يناير / كانون الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أوزباكستان تصاميم عمارة فی أوزباکستان فی أوزبکستان فی عام

إقرأ أيضاً:

«نور دبي» تنجز أول مخيم علاجي لها في أوزبكستان

دبي: «الخليج»
أعلنت مؤسسة نور دبي الخيرية، إحدى مبادرات «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، عن توسعة نطاق خدماتها الإنسانية لتشمل آسيا الوسطى، من خلال تنفيذ أول مخيم علاجي لمكافحة العمى في جمهورية أوزباكستان، بالتعاون مع حكومة جمهورية أوزباكستان، في خطوة تُعد الأولى من نوعها بين الحكومة الأوزبكية ومؤسسة خيرية إماراتية في المجال الصحي.
واستهدف المخيم العلاجي، الذي استمر خلال الفترة من 25 مارس إلى 19 إبريل 2025، مناطق تفتقر للخدمات الصحية التخصصية في كل من العاصمة طشقند ومدينتي سمرقند وبخارى، مما أسهم في إيصال خدمات تشخيصية وجراحية وأدوية مجانية لأكثر من 850 مريضاً، وإجراء 280 عملية جراحية دقيقة في طب العيون، وذلك بالتعاون مع «المركز التخصصي الجمهوري لجراحات العيون الدقيقة» التابع لوزارة الصحة في الجمهورية والذي يوفر خدماته الصحية عبر 13 فرعاً طبياً في جمهورية أوزباكستان. ومن المتوقع أن يصل عدد المرضى المستفيدين من المخيم إلى 1000 مريض بحلول شهر مايو 2025.
وقال عوض صغيّر الكتبي، رئيس مجلس أمناء المؤسسة: إن المبادرة تجسد رؤية دبي في بناء جسور التعاون الإنساني مع مختلف شعوب العالم، وترسيخ مكانة الدولة كحاضنة للخير والتنمية المستدامة، مشيداً بالتعاون المثمر مع الحكومة الأوزبكية لتمكين الفرق الطبية الإماراتية من تنفيذ الحملة وتخصيص الموارد اللازمة لإنجاحها.
من جانبها أشارت الدكتورة منال عمران تريم، عضو مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمؤسسة نور دبي الخيرية، إلى نجاح المخيم العلاجي الذي نظمته المؤسسة في جمهورية أوزباكستان، التي يصل عدد سكانها إلى في 36.7 مليون، منهم 2.3 مليون في طشقند و600 ألف بمدينة سمرقند و300 ألف في بخارى، حيث تقدر نسبة الإصابة بالإعاقة البصرية لمن تبلغ أعمارهم 50 سنة فأكثر 5.6%، والمياه البيضاء المسببة للعمى 0.6%.
وأظهرت دراسة علمية استهدفت الأطفال في أوزبكستان، أن إعتام عدسة العين كان مسؤولاً عن 35% من حالات العمى أو ضعف البصر الشديد. كما تصل نسبة الإعاقة البصرية لدى النساء إلى 58% من إجمالي إحصائيات الإعاقة البصرية، وذلك لصعوبة الوصول للخدمات العلاجية.

مقالات مشابهة

  • التفتيش والبناء: آلاف المباني السكنية مهددة بالانهيار في الإسكندرية
  • مهرجان الصورة عمّان..حكايا عن اللجوء والحروب والبحث عن الذكريات
  • غدًا انطلاق المنتدى الأكاديمي للعمارة والتصميم بنسخته الثالثة بالظهران
  • تيم لاب في أبوظبي.. افتتاح تجربة حسيّة تتجاوز حدود الواقع
  • جمعية “سور” في حلب تُنظم محاضرتين علميتين حول العمارة التقليدية في منارة حلب القديمة
  • وزير الأوقاف يبحث التعاون مع مستشار رئيس أوزباكستان
  • المفتي من أوزباكستان: المدرسة الماتريدية أنموذج أصيل للتسامح العقائدي
  • المنصوري تعلن مراجعة قانون التعمير و تدعو إلى تفعيل اتفاقيات “المساعدة المعمارية”
  • مغطى بخام الحديد..أسترالي يلتقط صورًا على متن قطار الصحراء في موريتانيا
  • «نور دبي» تنجز أول مخيم علاجي لها في أوزبكستان