الجزيرة:
2025-05-02@10:48:30 GMT

تكايا السودان.. تكافل المجتمع لمواجهة الجوع

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

تكايا السودان.. تكافل المجتمع لمواجهة الجوع

على وقع حرب تقارب العامين، تتوالى معها التحذيرات الدولية من خطورة الأوضاع الإنسانية وانزلاقها إلى مجاعة، يكافح السودانيون وسط ظروف صعبة للحصول على الغذاء بشتى الطرق، وأكثرها تفضيلا تكايا الطعام في أحياء المدن.

وتتفاقم الأزمة بانعدام الغذاء والرعاية الصحية وانتشار سوء التغذية بنسب عالية بين الأطفال والحوامل والمرضعات بعدة مناطق سودانية، بسبب استمرار القتال لأكثر من 21 شهرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ويزداد الوضع صعوبة لعدم إمكانية توصيل المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع في الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، وولايات دارفور الخمس غربي السودان، في حين ترى الحكومة أن أي حديث عن مجاعة بالبلاد هو "ترويج لأغراض سياسية".

وتخفيفا لبعض تلك المعاناة، باتت المطابخ الجماعية المعروفة بـ"التكايا" تشكل إحدى أدوات المجابهة التكافلية التي يتخذها السودانيون لتخفيف المعاناة عن بعضهم بعضا.

ويحرص السكان في المناطق التي تشهد اشتباكات مستمرة على إقامة التكايا ببعض المنازل لتوزيع الوجبات الغذائية اعتمادا على مساعدات الخيّرين من داخل السودان وخارجه، بجانب دعم المنظمات المحلية والدولية.

وتدير هذه المطابخ ما تشبه "بغرف طوارئ" أنشأها ناشطون متطوعون بالأحياء السكنية في عدة مناطق بمدن الخرطوم وولايات دارفور وأجزاء أخرى من البلاد.

إعلان

وأعادت الحرب الحالية إحياء التكايا بشكل واسع، لتوزيع آلاف الوجبات إلى المحتاجين، وتعتبر جزءا من التراث الديني والثقافي في البلاد، وتهدف التكايا إلى الحد من تصاعد الجوع وسوء التغذية وصعوبة الحصول على الطعام الأساسي.

ويمتد تاريخ التكايا في السودان إلى أزمان بعيدة منذ مملكة سنار الإسلامية (1504–1821) مرورا بعهد الدولة العثمانية (1821-1885) وسلطنة دارفور (1898-1916)، وفق وكالة الأناضول.

جهود ومبادرات

تعد أم درمان غربي العاصمة الخرطوم إحدى أهم المدن التي انتشرت فيها التكايا بعد الحرب، وهي التي استقبلت عشرات آلاف النازحين بجانب سكان المدينة الذين فضلوا البقاء فيها.

وعبر مبادرة خيرية، تدير المحامية سوهندا عبد الوهاب إحدى التكايا في أم درمان وتقدم الطعام لآلاف السكان والنازحين، قائلة -للأناضول- إن مبادرتها المسماة "أطعم غيرك من خيرك" كانت تقدم الدعم الغذائي للمحتاجين في 12 مستشفى بالعاصمة الخرطوم قبل الحرب في أبريل/ نيسان 2023.

وعقب اندلاع الحرب وفقدان كثيرين في مناطق الصراع مصادر رزقهم، قالت سوهندا إنه لم يكن لديهم خيار سوى نقل مبادرتهم إلى الأسر السودانية المحتاجة.

مبادرة "التكايا" تهدف للحد من مجابهة الجوع بتوفير الطعام الأساسي (الأناضول)

وأضافت المحامية "في الأيام الأولى للنزاع، كنا نطبخ الطعام في منازلنا بسبب صعوبة التنقل، وكنا نجهز ونوزع 10 قدور من الطعام، ولاحقا بعد تحديد مكان معين، بدأنا بطهي الطعام هنا في هذه التكية".

وأردفت سوهندا أن "عدد المستفيدين من الطعام الذي نقدمه يتراوح بين 7 إلى 10 آلاف يوميا، ونوزع يوميا حوالي 30 ألف رغيف".

بالإضافة إلى المساعدات الغذائية، قالت الناشطة سوهندا إنهم يقومون بتقديم دعم كسوة للأطفال في العيد وتوزيع الأضاحي على الأيتام وخلاوي القرآن الكريم والمستشفيات المحتاجة، مشيرة إلى أن هذه الجهود "تجد دعما من الشعب السوداني المتعاون بطبعه".

إعلان

بدورها، قالت وصال الحاج -وهي إحدى النازحات من جزيرة توتي وسط الخرطوم- "بعد أن وصلنا أم درمان وجدنا الأمان والطعام في التكايا، ولم نكن نجد ذلك في جزيرة توتي، لأننا كنا نعتمد على التحويلات المالية من الأهل خارج السودان بعد أن نهبت قوات الدعم السريع ممتلكاتنا وأموالنا".

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

أم محمد الطلالقة.. يوميات فلسطينية في طوابير الجوع داخل غزة المحاصرة

منذ ساعات الصباح الأولى، تمضي أم محمد الطلالقة، وهي سيدة فلسطينية في الـ55 من عمرها، نحو "التكية" الشعبية في مدينة النصيرات وسط قطاع غزة، على أمل الحصول على وجبة طعام تسد بها رمقها وعائلتها التي لجأت إلى خيمة بعد أن دمر القصف الإسرائيلي منزلها.

أم محمد تبدأ يومها في طابور طويل أمام "التكية" للحصول على وجبة طعام (رويترز)

وتنتظر أم محمد في طابور طويل، وقد أنهكها الجوع والمرض، حاملة وعاء الطعام وتقول إنها انتظرت أكثر من 4 ساعات حتى حصلت على هذه الوجبة البسيطة.

الفلسطينيون يقفون أكثر من 4 ساعات تحت الشمس في انتظار دورهم (رويترز)

وليست أم محمد وحدها، فالمشهد يتكرر يوميا في مطابخ الحساء المنتشرة بمبادرات تطوعية في أنحاء غزة، حيث تزداد أعداد المحتاجين، وتتناقص الموارد بفعل الحصار الإسرائيلي المحكم، واستمرار إغلاق المعابر، وانهيار سلاسل التوريد.

أم محمد تعاني من الجوع والمرض ولا تستطيع تناول دوائها لغياب الطعام (رويترز)

وفي خيمتها الصغيرة، تجلس أم محمد إلى جوار حفيدتها، تسخن الطعام على الفحم، وتوزعه بإنصاف دقيق على أبنائها وأحفادها الذين يتقاسمون ما يكفي بالكاد لشخص واحد.

الوجبة التي تحصل عليها أم محمد بالكاد تكفي وغالبا تكون بلا خبز (رويترز)

وتقول إن "هذه الوجبة هي كل ما يملكون طوال اليوم. فلا يوجد خبز، ولا لحم، ولا فواكه، والأطفال بحاجة إلى غذاء متوازن.. لا شيء سوى هذه الصحون من الأرز أو العدس".

وتتهم أم محمد، وكثير من الفلسطينيين، ما تسميه "سياسة التجويع" بأنها سلاح آخر في يد جيش الاحتلال، يحاصر أرواحهم كما يحاصر أرضهم. وتضيف أنهم يعيشون مجاعة حقيقية.

المرأة الفلسطينية ترى أن سياسة "التجويع" سلاح يستخدمه الاحتلال ضد المدنيين (رويترز)

وتناشد النازحة من بيت لاهيا شمال القطاع، والتي فقدت نحو 20 كيلوغراما من وزنها الأشهر الأخيرة، الدولَ العربية والإسلامية والضمير العالمي للوقوف مع أهالي غزة، وتقول إننا "نحتاج فقط لأن نعيش بكرامة".

أم محمد تمثل نموذجا لمعاناة آلاف العائلات الفلسطينية المحاصرة (رويترز)

ووسط هذا الواقع القاتم، تظل أم محمد الطلالقة مثالا لصمود الفلسطينيات في مواجهة الجوع والمأساة والحصار، حيث تتحول الوجبة البسيطة إلى أمل يومي في البقاء على قيد الحياة.

مقالات مشابهة

  • السودان: قوات الدعم السريع تجدد قصف الخرطوم والأبيض
  • أولويات ما بعد الحرب في السودان
  • حرب السودان في عامها الثالث: الجيش يتقدم وانتهاكات جديدة بواسطة الدعم السريع
  • مفوض حقوق الإنسان: الرعب الذي يتكشف في السودان لا حدود له
  • مصدر عسكري: قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • أم محمد الطلالقة.. يوميات فلسطينية في طوابير الجوع داخل غزة المحاصرة
  • البرهان يعين "الحاج" رئيسًا جديدًا للحكومة في السودان
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم) 4
  • الحرب في السودان .. خسائر بمليارات الدولارات