تكايا السودان.. تكافل المجتمع لمواجهة الجوع
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
على وقع حرب تقارب العامين، تتوالى معها التحذيرات الدولية من خطورة الأوضاع الإنسانية وانزلاقها إلى مجاعة، يكافح السودانيون وسط ظروف صعبة للحصول على الغذاء بشتى الطرق، وأكثرها تفضيلا تكايا الطعام في أحياء المدن.
وتتفاقم الأزمة بانعدام الغذاء والرعاية الصحية وانتشار سوء التغذية بنسب عالية بين الأطفال والحوامل والمرضعات بعدة مناطق سودانية، بسبب استمرار القتال لأكثر من 21 شهرا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ويزداد الوضع صعوبة لعدم إمكانية توصيل المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع في الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، وولايات دارفور الخمس غربي السودان، في حين ترى الحكومة أن أي حديث عن مجاعة بالبلاد هو "ترويج لأغراض سياسية".
وتخفيفا لبعض تلك المعاناة، باتت المطابخ الجماعية المعروفة بـ"التكايا" تشكل إحدى أدوات المجابهة التكافلية التي يتخذها السودانيون لتخفيف المعاناة عن بعضهم بعضا.
ويحرص السكان في المناطق التي تشهد اشتباكات مستمرة على إقامة التكايا ببعض المنازل لتوزيع الوجبات الغذائية اعتمادا على مساعدات الخيّرين من داخل السودان وخارجه، بجانب دعم المنظمات المحلية والدولية.
وتدير هذه المطابخ ما تشبه "بغرف طوارئ" أنشأها ناشطون متطوعون بالأحياء السكنية في عدة مناطق بمدن الخرطوم وولايات دارفور وأجزاء أخرى من البلاد.
إعلانوأعادت الحرب الحالية إحياء التكايا بشكل واسع، لتوزيع آلاف الوجبات إلى المحتاجين، وتعتبر جزءا من التراث الديني والثقافي في البلاد، وتهدف التكايا إلى الحد من تصاعد الجوع وسوء التغذية وصعوبة الحصول على الطعام الأساسي.
ويمتد تاريخ التكايا في السودان إلى أزمان بعيدة منذ مملكة سنار الإسلامية (1504–1821) مرورا بعهد الدولة العثمانية (1821-1885) وسلطنة دارفور (1898-1916)، وفق وكالة الأناضول.
جهود ومبادراتتعد أم درمان غربي العاصمة الخرطوم إحدى أهم المدن التي انتشرت فيها التكايا بعد الحرب، وهي التي استقبلت عشرات آلاف النازحين بجانب سكان المدينة الذين فضلوا البقاء فيها.
وعبر مبادرة خيرية، تدير المحامية سوهندا عبد الوهاب إحدى التكايا في أم درمان وتقدم الطعام لآلاف السكان والنازحين، قائلة -للأناضول- إن مبادرتها المسماة "أطعم غيرك من خيرك" كانت تقدم الدعم الغذائي للمحتاجين في 12 مستشفى بالعاصمة الخرطوم قبل الحرب في أبريل/ نيسان 2023.
وعقب اندلاع الحرب وفقدان كثيرين في مناطق الصراع مصادر رزقهم، قالت سوهندا إنه لم يكن لديهم خيار سوى نقل مبادرتهم إلى الأسر السودانية المحتاجة.
وأضافت المحامية "في الأيام الأولى للنزاع، كنا نطبخ الطعام في منازلنا بسبب صعوبة التنقل، وكنا نجهز ونوزع 10 قدور من الطعام، ولاحقا بعد تحديد مكان معين، بدأنا بطهي الطعام هنا في هذه التكية".
وأردفت سوهندا أن "عدد المستفيدين من الطعام الذي نقدمه يتراوح بين 7 إلى 10 آلاف يوميا، ونوزع يوميا حوالي 30 ألف رغيف".
بالإضافة إلى المساعدات الغذائية، قالت الناشطة سوهندا إنهم يقومون بتقديم دعم كسوة للأطفال في العيد وتوزيع الأضاحي على الأيتام وخلاوي القرآن الكريم والمستشفيات المحتاجة، مشيرة إلى أن هذه الجهود "تجد دعما من الشعب السوداني المتعاون بطبعه".
إعلانبدورها، قالت وصال الحاج -وهي إحدى النازحات من جزيرة توتي وسط الخرطوم- "بعد أن وصلنا أم درمان وجدنا الأمان والطعام في التكايا، ولم نكن نجد ذلك في جزيرة توتي، لأننا كنا نعتمد على التحويلات المالية من الأهل خارج السودان بعد أن نهبت قوات الدعم السريع ممتلكاتنا وأموالنا".
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
رمضان في غزة: صائمون تحت حصار الجوع والمعابر المغلقة
وسط الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب على البنية التحتية في غزة، اصطف الأطفال في مدينة خان يونس حاملين أوعيتهم الفارغة، بانتظار الحصول على وجبة إفطار مجانية خلال شهر رمضان.
ويعكس المشهد المعاناة اليومية لسكان القطاع، حيث لم يتبقَّ سوى عدد قليل جدًا من المستشفيات العاملة، بينما لجأ آلاف المدنيين إلى المخيمات المؤقتة والمدارس بحثًا عن مأوى.
وفي ظل هذه الظروف القاسية، يحاول مطبخ "عائشة" تقديم المساعدات الغذائية لما يقرب من 20 ألف شخص، معظمهم من النازحين في مناطق مثل بطن السمين، وأبو رشوان، وأهالي رفح الذين لم يتمكنوا من العودة إليها. أحد العاملين في المطبخ أوضح أن الأزمة تفاقمت بسبب إغلاق المعابر، وانقطاع الغاز، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، خاصة خلال شهر رمضان.
وأضاف: "الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، المطبخ كان يوزع يوميًا 1,200 وجبة تحتوي على اللحم، لكن مع إغلاق المعابر، اضطررنا للاعتماد على البدائل المتاحة مثل المعكرونة والفاصولياء. الطلب على الطعام، والجوع في ازدياد مستمر، وإذا استمر إغلاق المعابر ليومين إضافيين، فقد نواجه مجاعة حقيقية".
وبحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل ما لا يقل عن 48,406 أشخاص منذ بداية الحرب، معظمهم من المدنيين، بينما قدّرت الحكومة في غزة عدد القتلى بأكثر من 61 ألف شخص، مشيرة إلى أن آلاف المفقودين تحت الأنقاض يُفترض أنهم لقوا حتفهم. أما أعداد الجرحى، فقد تجاوزت 111,852 شخصًا، في ظل انهيار الخدمات الطبية والنقص الحاد في الإمدادات الأساسية.
وفي مشهد مؤلم آخر، عبّر أحد النازحين عن معاناته قائلًا: "لم نعد نجد الطعام، أوضاعنا في غاية الصعوبة، لقد نزحت ثلاث أو أربع مرات حتى الآن. لا أحد يملك ما يكفي ليأكل نفس الطعام يوميًا، والمعابر مغلقة تمامًا، مما يجعل الوضع كابوسًا حقيقيًا".
Relatedمخيمات النازحين في غزة تزداد اتساعًا.. دمارٌ وركامٌ وانتظارٌ لمصير مجهولما المتوقع من اجتماع القادة العرب في القاهرة بشأن مستقبل غزة؟تحذير أممي من مجاعة وشيكة في غزة: المخزون الغذائي لن يكفي لأكثر من أسبوعينكتبٌ تُحرق.. مع شحّ غاز الطهي في غزة أصبحت المؤلفات هي الوقودوسط هذه الأزمة، تتفاقم معاناة الأطفال الذين يجلسون على القدور الفارغة، في انتظار وجبتهم الساخنة، بينما يقف آخرون في طوابير طويلة يحملون أوعيتهم، على أمل الحصول على بعض الطعام لسد رمقهم في شهر رمضان.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ارتفاع جنوني في الأسعار في غزة.. القطاع بين الحصار الإسرائيلي والاحتكار المحلي الدول الإسلامية ترفض خطة ترامب حول غزة وتؤيد المقترح المصري لإعادة إعمار القطاع الحوثي يمهل الوسطاء 4 أيام لإدخال المساعدات إلى غزة قبل استئناف الهجمات البحرية قطاع غزةصوم شهر رمضانمجاعةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني