بالأرقام.. هجرة عكسية بإسرائيل في ظل الحرب على غزة
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
القدس المحتلة- ما كان يمكن أن يكون هروبا مؤقتا أو صعوبة في العودة إلى إسرائيل بعد اندلاع معركة "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحول في العام الثاني للحرب على قطاع غزة إلى ظاهرة وتوجه بالنسبة للشبان والعائلات اليهودية الشابة في المجمل، حيث سجل عام 2024 معدلات هجرة عكسية غير مسبوقة.
فخلال أشهر الصيف والعطلات والأعياد اليهودية قبيل اندلاع الحرب، وكما هو الحال في كل فترة عطلة، غادر نحو مليون إسرائيلي البلاد لقضاء العطلات والرحلات والزيارات العائلية في الخارج، وعاد نحو 400 ألف منهم إلى إسرائيل، بينما كان حوالي 600 ألف منهم لا يزالون في الخارج.
وبحسب قوانين وزارة الداخلية الإسرائيلية، قامت دائرة الإحصاء المركزية عام 2022 بتغيير تعريف الهجرة من البلاد، حيث كانت الإقامة المستمرة لمدة عام واحد في الخارج تعتبر هجرة، أما الآن فيعرف الإسرائيلي على أنه "مهاجر" إذا بقي في الخارج لمدة 275 يومًا على الأقل خلال عام من تاريخ مغادرة البلاد.
نمو سلبيوسجل عدد السكان في إسرائيل في عام 2024 ارتفاعا سلبيا بنسبة 1.1%، ليصل إلى 10 ملايين و27 ألف نسمة، علما أن نسبة الارتفاع كانت 1.6% في عام 2023، وهو ما يعكس نموا سلبيا وارتفاع الهجرة من إسرائيل إلى خارجها، بسبب الحرب على غزة، وذلك بحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.
إعلانوبحسب بيانات دائرة الإحصاء، فإن 7 ملايين و707 آلاف يعيشون في إسرائيل هم يهود وآخرون، ويشكلون 76.9% من إجمالي السكان، بينما يصل عدد السكان العرب من فلسطينيي 48 إلى مليونين و104 آلاف نسمة، بنسبة تصل إلى 21%، ويبقى هناك 216 ألف أجنبي تصل نسبتهم 2.1%.
وتكشف أرقام جديدة لدائرة الإحصاء قفزة حادة في عدد الإسرائيليين اليهود الذين هاجروا عام 2024، ووصلت إلى رقم قياسي بلغ 82 ألفا و700 شخص، وهو رقم أعلى بكثير من الرقم القياسي السابق المسجل، عندما هاجر نحو 53 ألف إسرائيلي من البلاد.
تل أبيب أولاويظهر تحليل البيانات حسب البلدات أن هناك مهاجرين من أنواع عديدة من بلدات قوية وضعيفة اقتصاديا واجتماعيا، وبلدات علمانية ودينية، ولكن نسبة المهاجرين من منطقة تل أبيب الكبرى -التي تعتبر عصب الحياة والعاصمة الاقتصادية لإسرائيل- مرتفعة بشكل غير عادي وتشكل 25.8% من المهاجرين، كما تبلغ نسبة المهاجرين من منطقة المركز المحاذية لتل أبيب 28.3%.
وهناك معطى آخر مثير بشكل خاص، وهو عدد العائلات والشبان بين أولئك الذين يهاجرون، حيث إن ما يقرب من نصف أولئك الذين يغادرون -بنسبة 47.8% تحديدا- هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما، و27% أخرى هم من الأطفال والمراهقين، ومن تحليل البيانات، يبدو أن جزءا كبيرا من الذين هاجروا هم عائلات شابة لديها أطفال.
وفي محاولة لمنع اتساع ظاهرة الهجرة العكسية، تم استقدام 32 ألفا و800 أجنبي إلى إسرائيل بموجب "قانون العودة" الذي يسمح لأجانب لديهم علاقة باليهودية بالهجرة إلى إسرائيل، لكن عدد هؤلاء المهاجرين أقل بحوالي 15 ألفا عن عددهم في عام 2023.
هجرة الشبابوحسب دائرة الإحصاء غادر حوالي 78 ألفا و600 شخص إسرائيل في عام 2024، واتضح أن حوالي 81% من المغادرين تصل أعمارهم إلى 49 عاما. ويعلق على ذلك مراسل صحيفة "ذي ماركر" سامي بيرتس بقوله "يمكن الاستنتاج أن جزءا كبيرا من المغادرين هم من الأسر الشابة التي لديها أطفال، والتي تعتبر مساهمتها كبيرة بالنمو الاقتصادي، لأن معدلات التوظيف حتى سن 49 مرتفعة بالسوق الإسرائيلي".
إعلانوبحسب وجهة نظر بيرتس، فإن استمرار الحرب سيرافقه ارتفاع في معدلات الهجرة العكسية من إسرائيل، إلى جانب الهجرة الصامتة للعقول والأدمغة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطب وريادة الأعمال، وخاصة الشباب منهم، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي الإسرائيلي.
ويعلق بيرتس على هذه الأرقام قائلا "السوق الإسرائيلي يخسر حصة كبيرة من السكان العاملين والمنتجين وأصحاب التخصصات وأيضا شريحة واسعة من الجنود والعسكريين وقوات الاحتياط، وهو أمر مثير للقلق".
ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية تمتنع عن التطرق لظاهرة الهجرة العكسية من إسرائيل، وتتكتم على تفسير أسباب القفزة في عدد المهاجرين، كما أنها تواجه معضلة حتى في استقدام اليهود الأجانب إلى البلد وخاصة من روسيا وأوكرانيا، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى الحرب والواقع الأمني والاستقطاب السياسي والشرخ المجتمعي بإسرائيل.
صراعات سياسيةوفي قراءة تتفق مع استعراض بيرتس للقفزة في معدلات الهجرة من إسرائيل، يعتقد الكاتب الإسرائيلي عكيفا لام، أن تقرير دائرة الإحصاء عن ميزان الهجرة السلبي كان بمثابة "الوقود المسكوب على نار الصراعات السياسية والداخلية في إسرائيل".
ويقول لام "لكن مثل أي إحصائية في فترة الحرب، فإن هذه الإحصائية أيضًا أصبحت موضع نقاش سياسي، يرافقها تقارير عن هجرة الأدمغة والعاملين في مجال الطب والتكنولوجيا من البلاد، اليائسين من الأوضاع الأمنية والصراعات الداخلية والاستقطاب السياسي والحزبي، والصراعات بين العلمانيين والمتدينين على الديمقراطية وهوية الدولة اليهودية".
وأوضح الكاتب الإسرائيلي، في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن أنصار معسكر اليمين استغلوا البيانات لمهاجمة من يوصفون بـ"الهاربين، المرتدين، الذين لا يبقون مع شعب إسرائيل في حرب الجبهات المتعددة"، ومن ناحية أخرى، استخدم معارضو الحكومة هذه البيانات لمهاجمة حكومة بنيامين نتنياهو، "كدليل على أن الحياة بإسرائيل أصبحت لا تطاق".
من جهتها، بدت مراسلة الشؤون الاجتماعية في صحيفة "هآرتس" لي يارون، أكثر وضوحا في استعراضها للأسباب التي تقف وراء الارتفاع في ميزان الهجرة السلبي في إسرائيل، مشيرة إلى أن "الحرب والتعديلات على الجهاز القضائي وارتفاع تكاليف المعيشة، تدفع المزيد والمزيد من الإسرائيليين إلى السفر للخارج والهجرة".
إعلانوتضيف يارون "لكن الشعور بالتضامن مع مختلف الجاليات اليهودية حول العالم، والذي تزايد منذ تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والخوف من المعاداة، يدفع اليهود في الولايات المتحدة وغرب أوروبا إلى التفكير بالقدوم والهجرة إلى إسرائيل، لكن الأوضاع الأمنية والحرب والصراعات الداخلية تجعلهم يترددون، إذن النتيجة واحدة، يبدو أن اليهود يعودون إلى التيه".
وأوضحت أن الكثير من الإسرائيليين على استعداد لدفع ثمن الهجرة ومغادرة إسرائيل إذا تجاوزت المنفعة ثمن البقاء في البلاد، قائلة إن "الثمن في إسرائيل بات باهظا، وسيستمر في الارتفاع، فعندما تدفع سياسات الحكومة الناس خارجا، سوف يهاجرون في نهاية المطاف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الهجرة العکسیة دائرة الإحصاء إلى إسرائیل من إسرائیل إسرائیل فی فی إسرائیل فی الخارج الهجرة من عام 2024 فی عام
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي يعترف بخروج أكثر من 10 آلاف جندي عن الخدمة منذ 7 من أكتوبر 2023م
الجديد برس|
اعترفت وسائل إعلام العدو الإسرائيلي بأن أكثر من 10 آلاف جندي خرجوا من الخدمة الفعلية في صفوف جيش الاحتلال منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 في ظل نقص حاد في القوى البشرية نتيجة الخسائر الكبيرة في الأرواح والإصابات.
وبحسب التقارير فإن الجيش تكبد خسائر بشرية فادحة تجاوزت 12 ألف جندي بين قتيل وجريح خلال الحرب الأخيرة مما عمق من أزمته الداخلية وأثر بشكل كبير على جاهزيته القتالية.
كشف إعلام العدو عن ارتفاع عدد الجرحى والمعاقين في صفوف جيشه إلى 78 ألفًا بسبب الحرب مع توقعات بأن يصل العدد إلى 100 ألف جندي معاق بحلول عام 2030 أي زيادة بنسبة 61% مقارنة بالسنوات الماضية.
ووفقًا لتقرير أعده جهاز الأمن الإسرائيلي فإن عدد الجنود الذين يعانون من إعاقات نفسية سيتضاعف بشكل غير مسبوق حيث يتوقع أن ترتفع الإصابات النفسية بنسبة 172% حتى عام 2030 الأمر الذي يشكل تحديًا كبيرًا لقدرات الجيش على الاحتفاظ بجنوده واستيعاب المصابين.
تتوقع وزارة الحرب الإسرائيلية ارتفاع الميزانية المخصصة لتعويض عائلات الجنود القتلى من 1.8 مليار شيقل في العام الماضي إلى 4.2 مليار شيقل بنهاية العام الحالي على أن ترتفع إلى 6.2 مليار شيقل بحلول 2030.
كما من المتوقع أن ترتفع ميزانية دائرة تأهيل الجنود المعاقين من 3.7 مليار شيقل في 2019 إلى 10.7 مليار شيقل في 2030 وذلك بسبب الزيادة الحادة في عدد المصابين.
وتشير الإحصائيات إلى أن دائرة تأهيل المعاقين في الجيش الإسرائيلي تستوعب حاليًا نحو ألف جندي مصاب شهريًا مقارنة بـ 530 إصابة شهريًا في الحروب السابقة ما يعكس حجم الخسائر غير المسبوقة.
بحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت فإن جيش الاحتلال يعاني نقصًا متزايدًا في القوى البشرية مما أدى إلى فرض ضغوط هائلة على الجنود النظاميين الذين باتوا يقضون فترات طويلة في الخدمة دون إجازات في محاولة لتعويض العجز في أعداد القوات.
ويأتي هذا في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال توسيع نطاق عملياته العسكرية سواء في الضفة الغربية أو من خلال التواجد العسكري في جنوب لبنان وسوريا مما يزيد من الحاجة إلى فرق مدرعة ووحدات هندسية إضافية وسط عجز واضح في عدد الجنود المتاحين.
تشير التقديرات العسكرية إلى أن الخسائر البشرية والاقتصادية قد تزداد بشكل أكبر في حال اتساع رقعة الحرب خصوصًا إذا شملت جبهات إضافية مثل لبنان أو مناطق أخرى حيث من المتوقع أن يتكبد جيش الاحتلال خسائر مضاعفة في صفوف الجنود والمدنيين.
ويؤكد محللون عسكريون أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى إضعاف الروح القتالية لجيش الاحتلال وزيادة حالة الإحباط داخل المجتمع الإسرائيلي في ظل استمرار الحرب وعدم تحقيق أي أهداف استراتيجية واضحة.