في الذكرى الثالثة لرحيل وائل الإبراشي.. أيقونة الإعلام المصري ومحطات لا تُنسى
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
تحل اليوم الذكرى الثالثة لوفاة الإعلامي الكبير وائل الإبراشي، الذي رحل عن عالمنا في 9 يناير 2022، تاركًا وراءه إرثًا إعلاميًا غنيًا ومسيرة حافلة بالتحديات والإنجازات.
عُرف الإبراشي بجرأته وحضوره القوي في تناول القضايا الحساسة والمثيرة للجدل، مما جعله أحد أبرز رموز الإعلام المصري والعربي على مدى عقود.
في هذا التقرير، نستعرض أهم المحطات في حياة هذا الإعلامي الاستثنائي، الذي لا يزال اسمه محفورًا في ذاكرة الملايين.
بدأ وائل الإبراشي مشواره المهني في مجال الصحافة بجريدة روز اليوسف، حيث لمع اسمه كأحد أبرز الصحفيين الاستقصائيين. تميز بأسلوبه الجريء في كشف الحقائق وتسليط الضوء على قضايا مسكوت عنها، وهو ما أكسبه شهرة كبيرة في الأوساط الإعلامية.
لم تكن رحلة الإبراشي في الصحافة سهلة، بل واجه تحديات كبيرة نتيجة تناوله قضايا شائكة تمس مصالح قوية، ومع ذلك، كان شعاره الدائم البحث عن الحقيقة والدفاع عن حقوق المواطنين، ما جعله نموذجًا للإعلامي الحر والمستقل.
مع مطلع الألفية، قرر وائل الإبراشي الانتقال إلى الإعلام التلفزيوني، ليواصل رسالته عبر شاشة التلفزيون، حيث أثبت جدارته بسرعة، وأصبح واحدًا من أبرز مقدمي البرامج الحوارية، التي تركت بصمة لا تُنسى في ذاكرة المشاهدين.
برنامج "الحقيقة":
قدم الإبراشي برنامج الحقيقة على قناة دريم، الذي ناقش فيه القضايا الاجتماعية والسياسية بجرأة نادرة. تناول البرنامج ملفات الفساد، ومشكلات المواطنين، وكان صوتًا لمن لا صوت لهم.
بعد ذلك، انتقل إلى تقديم برنامج العاشرة مساءً، الذي أصبح أحد أكثر البرامج الحوارية مشاهدة وتأثيرًا في مصر. كان البرنامج منصة لنقاش القضايا الساخنة، وتحليل الأحداث السياسية والاجتماعية من زوايا متعددة، مما أكسبه احترام الجمهور ومتابعة واسعة.
التحدي مع الإعلام الوطني: برنامج "التاسعة"في عام 2020، خاض الإبراشي تجربة جديدة بتقديم برنامج التاسعة على شاشة التلفزيون المصري، كان الهدف من البرنامج إحياء الإعلام الرسمي وتطويره ليواكب تطلعات الجمهور.
نجح الإبراشي في تقديم محتوى يوازن بين المهنية الإعلامية ومناقشة القضايا الوطنية.
مواجهة المرض: رحلة شجاعة حتى النهايةفي عام 2021، أصيب وائل الإبراشي بفيروس كورونا، ودخل في رحلة علاج طويلة استمرت ما يقرب من عام.
أثرت مضاعفات الفيروس بشكل كبير على صحته، لكنه ظل متفائلًا بالعودة إلى جمهوره، ورغم محاولاته المستمرة للتعافي، إلا أن المرض لم يمهله، ورحل عن عالمنا تاركًا فراغًا كبيرًا في الساحة الإعلامية.
إرث إعلامي لا يُنسىعلى مدار مسيرته المهنية، كان وائل الإبراشي نموذجًا للإعلامي المسؤول الذي يسعى لخدمة مجتمعه من خلال كشف الحقائق وتسليط الضوء على القضايا التي تهم المواطن.
ترك وراءه مدرسة إعلامية تجمع بين الجرأة والمهنية، وأثرى المشهد الإعلامي المصري بمواقفه المبدئية وطرحه البناء.
في ذكرى رحيله الثالثة، لا يزال اسمه حاضرًا بقوة في ذاكرة محبيه وزملائه، ليظل رمزًا للإعلام الحر والمسؤول.
وائل الإبراشي لم يكن مجرد إعلامي؛ بل كان صوتًا للحق، ومنبرًا للفقراء، ورسالة أمل لكل من يسعى لإعلام يضع الإنسان في قلب اهتمامه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وائل الإبراشي الإبراشي الإعلام المصري التحقيقات العاشرة مساء صوت الشعب وائل الإبراشی
إقرأ أيضاً:
شادية.. أيقونة البهجة التي أخفت آلامها وودّعت الأضواء بصمت
بابتسامتها الساحرة وصوتها العذب، استطاعت شادية أن تحفر اسمها في قلوب محبيها، حتى لقبت بـ"دلوعة الشاشة" (مدللة الشاشة). لكن خلف تلك الأضواء التي أبهرت الجمهور، كانت هناك حياة مليئة بالمحن والآلام التي لم يعرفها كثيرون. ففي ذكرى ميلادها التي تحل اليوم الثامن من فبراير/شباط، نستعيد محطات من مسيرتها التي لم تكن دائما ببهجة أدوارها على الشاشة.
رغم نجاحها الفني الاستثنائي، عاشت شادية تجارب قاسية شكلت شخصيتها، بين فقدان الأحبة، وحرمانها من حلم الأمومة، وحتى الاعتزال المفاجئ بسبب صدمة طبية غيّرت مسار حياتها. فكيف كان الوجه الآخر لقصة الفنانة التي أضحكت الملايين، لكنها أخفت جروحا عميقة خلف الكاميرات؟
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كانييه ويست يكشف تشخيصه بالتوحد ويغير روايته حول صحته النفسيةlist 2 of 2حكم نهائي لصالح شيرين عبد الوهاب وإلزام روتانا بالتعويضend of list الفقد الأول.. في بداية الطريقتبدأ أحداث فيلم "امرأة في دوامة" (1962) بحادث سير ينهي حياة خطيب بطلة الفيلم "شادية"، وهي التجربة التي عاشتها في الواقع، مع اختلاف سياق الأحداث.
ففي الواقع، تعرضت شادية، وهي في عمر الـ19، لفقدان خطيبها وحبها الأول، الضابط الذي شارك في حرب فلسطين عام 1948، حيث علمت بخبر وفاته بعد خروجها من العرض الخاص لفيلمها الأول. أصيبت بانهيار عصبي في ذلك الوقت، واضطرت أسرتها لنقل المسكن والانتقال إلى شقة في الزمالك للتخفيف عنها.
إعلانوفي مذكرات شادية، التي نقلتها الكاتبة الصحفية إيريس نظمي، تحكي شادية أنها طلبت من خطيبها حينها أن يكتب لها رسائل من الجبهة ليخبرها بما يحدث في الحرب، كما كان يفعل أثناء وجوده في الكلية الحربية. لكن مرت الأيام دون أن تتلقى أي رسائل، حتى فوجئت برسالة تحمل ختم الجيش المصري، كُتب فيها: "توفي الضابط أحمد شهيدا في ساحة القتال".
وحكت شادية في مذكراتها أنها تعرفت عليه في حفلة كانت تغني بها، وكانت وقتها في الـ17 من عمرها. فوجئت به بعد فترة يرسل لها خطابا يعبر فيه عن حبه، وكان طالبا في السنة الأخيرة بالكلية الحربية. وافقت على الزواج منه، لكن تم استدعاؤه للدفاع عن الوطن في حرب فلسطين. وتابعت:
"جاء يودعني وهو يرتدي الملابس العسكرية، حبست دموعي حتى غاب عني، وظللت أبكي بكاء مريرا متواصلا، وكأن قلبي يعرف ماذا سيحدث. وصدقت مشاعري، فذهب ولم يعد أبدا.. استُشهد في ميدان القتال، وسقط حبيبي شهيدا، واسمي يلف حول إصبعه دبلة الخطوبة".
وتعترف شادية أن ما حدث جعلها تركز في ذلك الوقت على الفن، علّها تجد السلوى والعوض، خاصة أنها في تلك المرحلة رفضت كل من تقدم للزواج منها.
حلم الأمومة الذي لم يكتملعلى الشاشة، لعبت شادية دور الأمومة بجدارة، كما عبرت عنها بمشاعرها وصوتها في أغنية "سيد الحبايب" ضمن أحداث فيلم "المرأة المجهولة" أواخر الخمسينيات، وهي الأغنية التي باتت من الأغاني الملازمة للاحتفال بالأمومة كل عام، وتعبر عن تلك المشاعر التي طالما حلمت بها شادية، لكنه الحلم الذي لم يكتمل.
وفي سؤال لأحد معجبيها في المجلات القديمة عن أكبر أمنية لها لا يعرفها أحد، أجابت الفنانة المصرية الراحلة: "الأمنية التي لا يعرفها عني الناس أن يكون لي دُستة أطفال عندما أبلغ عمر الـ50".
تزوجت شادية أكثر من مرة، وكاد حلمها أن يتحقق 3 مرات، إلا أنها تعرضت للإجهاض. وفي المرة الثالثة والأخيرة، كانت مرشحة في ذلك الوقت للمشاركة في فيلم "الحب الضائع" عن قصة طه حسين، وسافرت إلى لبنان لتصوير بعض أغنيات الفيلم، وكانت في الأشهر الأولى من الحمل، وكان معها زوجها آنذاك، الفنان صلاح ذو الفقار، والفنانة نادية لطفي، التي كان من المفترض أن تتقاسم معها البطولة. لكنها، بعد أن شعرت بالإرهاق الشديد أثناء التصوير، قررت الاعتذار عن الفيلم، الذي لعبت بطولته لاحقا سعاد حسني وزبيدة ثروت.
إعلانوعادت شادية إلى منزلها للحصول على قسط من الراحة والحفاظ على حملها، إلا أنها تعرضت للإجهاض الثالث والأخير، مما أثر على حالتها النفسية، ودفعها إلى الرغبة في الانفصال عن زوجها وشريك نجاحاتها الفنية صلاح ذو الفقار، بعد أن قدّما معا أفلاما مثل "عفريت مراتي"، "مراتي مدير عام"، و"كرامة زوجتي". ورغم محاولات الأصدقاء للصلح بينهما، فإنهما عادا لفترة قصيرة، ثم فضّلت شادية أن تعيش حياتها دون زواج مرة أخرى بعد تأكدها من أنها حُرمت من الأمومة إلى الأبد.
رحيل شقيقها الأصغرحرمان شادية من الأمومة جعلها تعتبر شقيقها الأصغر طاهر بمثابة الابن الذي لم تنجبه. وكان الأقرب لها، وكان مدير أعمالها، إلا أنها فجعت مجددا حين توفي شقيقها وهو لا يزال شابا.
وكانت في ذلك الوقت تقوم ببطولة مسرحية "ريا وسكينة". حصلت على يوم واحد فقط إجازة، ثم عادت مجددا إلى خشبة المسرح، وقالت وقتها لأسرتها إنها فكرت في أن غيابها وعدم عرض المسرحية سيتسببان في قطع رزق الكومبارس الصامت والمتكلم في العرض، الذين كانوا يحصلون وقتها على مبالغ زهيدة، لا تتجاوز 10 جنيهات في اليوم الواحد.
وفي حوار للفنان أحمد بدير، الذي شارك في بطولة العرض المسرحي، أشار إلى أن شادية كانت تأخذ أجرها من المسرحية وتوزعه بالكامل على المحتاجين في أظرف شهرية.
تشخيص طبي خاطئ وراء اعتزالهاواجهت شادية مأساة أخرى عندما اكتشفت أن تشخيص إصابتها بالسرطان، والذي أدى إلى خضوعها لجراحة استئصال الثدي، كان خاطئا. خلال زيارة لشقيقتها الكبرى في الولايات المتحدة الأميركية، أخبرها الأطباء هناك أن التشخيص الذي تلقته في مصر لم يكن دقيقا، وهو ما كشف عنه الفنان سمير صبري بعد وفاتها عام 2017.
وأوضح صبري أن السبب الحقيقي وراء اعتزال شادية الفن وابتعادها عن الأضواء كان إصابتها باكتئاب شديد بعد معرفتها بالحقيقة، إذ أدركت أنها خضعت لجراحة لم تكن بحاجة إليها.
إعلانقبل اعتزالها، ركزت شادية على تقديم الأغاني الدينية، وحققت نجاحا لافتا بأعمال مثل "خد بإيدي"، لكنها رفضت عروضا لتسجيل أدعية دينية مفضّلة تكريس وقتها للأعمال الخيرية. فقد باعت نصف أرض فيلتها لتأمين حياة كريمة، استجابة لنصيحة الشيخ محمد متولي الشعراوي، بينما خصصت النصف الآخر لبناء مسجد ومستشفى. كما تبرعت بشقتها في المهندسين لتحويلها إلى مستوصف صحي، واستمرت في دعم المشاريع الخيرية حتى وفاتها.