العالم الجديد وإنكار الذات في الزنزانة 54
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
#العالم_الجديد و #إنكار_الذات في #الزنزانة 54
#موسى_العدوان
في كتابه ” البحث عن الذات ” يبين الرئيس المصري أنور السادات رحمه الله، معاناته في الزنزانة 54 بسجن ( قرة ميدان ) عام 1946، كما يلي وأقتبس :
” كانت الستة شهور الأخيرة لي في الزنزانة 54 وما زالت أسعد أيام حياتي . . ففيها تعرفت لأول مرة على هذا العالم الجديد .
أنا لم أدرس التصوف، ولكن ما وقع بين يدي من أقوال وكتابات المتصوفين وجد صدى في نفسي مثل الكثير من قراءاتي في السجن، فقد عبرت لي عما كنت أشعر به دون أن تصل درجة إدراكي إلى مرحلة الوعي الكامل والتعبير. ولكن لعل المعاناة من أهم العوامل التي قربت بيني وبين العالم الجديد، الذي عرفت فيه السلام الروحي، كما لم أعرفه من قبل. فآلام العظيمة هي التي تبني الإنسان، وتجعله يرى نفسه على حقيقتها . . وهذه الآلام تندرج تحت الكثير من القيم الإنسانية العليا . .
مقالات ذات صلة هذه الحروب لم تنته 2025/01/08مثلا غدْر الصديق بي، يفوق كل ألم آخر في الحياة . . لأن الصداقة عندي شيء مقدّس . . ولذلك عندما يغدر بي صديق، أحس أن الأرض قد اهتزت تحت قدميّ . . وعندما أقرر الاستغناء عن الصديق لغدره بي، أشعر أن جزءا من كياني قد انسلخ عني . . وأعاني من الآلام ما لا طاقة لبشر يتحمله . . إلى من ألجأ ؟ وما هو السبيل إلى دفن أحزاني ؟
لم يعد هذا حالي بعد أن تعرفت على عالمي الجديد وعشت فيه . . لا وجود لذاتي . . فالوجود الوحيد لذات الكون وللذات العليا. كان هذا العالم الجديد فتحا حقيقيا بالنسبة لي. ففيه عرفت صداقة الله . . هو وحده عز وجل الصديق الذي لا يمكن أن يخونك أو يتخلى عنك . . فهو الذي خلقك وكونك وحمّلك الأمانة وأعطاك من روحه، وهو لا يعرف إلاّ الحب الذي لا حدود له، والخير الذي ليس بعده خير . . وهو يريد للحياة التي خلقها أن تسير شريفة . . قوية . . جميلة . .
بعدما عرفت صداقة الله، تغيرتُ كثيرا، فلم أعد أغضب أبدا إلاّ في الحق، وأصبحت الحياة بالنسبة لي أرحب وأجمل وأوسع، وزادت قدرتي على التحمّل مهما كانت الأمور والمشاكل التي علي أن أتحملها . . وصار أهم هدف لي في الحياة إسعاد الآخرين، وأصبحتْ البسمة على أية شفاه وخفقة الفرحة في قلب أي إنسان تسعدني، كما لو كان قلبي هو الذي يخفق فرحا . .
ولم يعد للانتقام أو الحقد أي مكان في نفسي . . وأصبح إيماني بأن الخير دائما ينتصر جزءا لا يتجزأ من وجداني . . وزاد إحساسي بجمال الحب وهو الإحساس الذي صورته لي نشأتي بالقرية، كرباط يجمع بين الناس في العمل والحياة . . ثم غذته في ّ أمي خلال مراحل حياتي . . إذ كانت رحمها الله معينا لا ينضب للحب . . كان هذا تكوينها الطبيعي . . مجموعة انفعالات حب لا يعرف الحدود . . !
ولذلك فلعلّ أكثر ما عانيت منه في الزنزانة 54، هو شعوري بالفراغ العاطفي . . فلكي يكون الرجل مكتملا لابد أن تكون له رفيقة . . تحبه ويحبها . . هذه فعلا أعظم نعمة في الوجود . . فعندما تمتلئ نفس الإنسان بالحب، يستطيع أن يتم رسالته. وبدون هذه العاطفة . . يعيش إلى أن يبلغ منتهى العمر، وهو يشعر أنه يفتقد شيئا هاما، وأنه مهما حقق فهو لم يكتمل بعد. كان هذا شعوري في جميع مراحل حياتي . . لم أشعر أبدا أن الحب كقيمة إنسانية عليا، قد تغيرت في نظري يوما ما . . بل على العكس . . إذ اكتشفت أن الحب هو المفتاح لكل شيء.
حدث هذا في الزنزانة 54 عندما تجردت من ذاتي، فنعمت بصداقة الله . . وعَمُرَ قلبي بحبه . . وأصبح ظله سبحانه وتعالى يحتويني . . وعندها أدركت أن الحب قانون تستقيم به الحياة وتزدهر وتثمر، وبدونه كل شيء عدم. لقد اكتشفت ذاتي عن طريق الحب . . وعندما أنكرت هذه الذات وأذبتها في ذات الكون . . أصبح الحب الشمولي لمصر . . للكون . . للخالق عز وجل، هو المنطلق الذي مارست منه وما زلت أمارس واجبي في الحياة . . في الشهور الأخيرة من السجن . . بعد خروجي منه . . عندما كنت عضوا في مجلس قيادة الثورة. . والآن وأنا رئيس جمهورية مصر.
هذا ما يجعلني أدعو دائما إلى الحب . . فهو المظلة التي تحمي الإنسان من كل الأزمات . . كل من عرفه لا يعرف الجدب، بل الانتماء والازدهار . . لأن الحب عطاء، والعطاء دائما يبني . . على عكس الحقد الذي ساد حياتنا في الثمانية عشر عاما الأولى، قبل أن أتولى الرئاسة، فهدم كل ما في طريقه، هدما ما زلنا نعاني من أثاره إلى اليوم “. أنتهى الاقتباس.
* *التعليق :
في هذا الاقتباس من كتاب أنور السادات ” البحث عن الذات ” نتعرف على مشاعر السجين الإنسانية بعيدا عن تعقيدات السياسة. ففيها يخلو السجين بنفسه، ويتفكر في عظمة الخالق فيتقرب إليه، ويقدّر أهمية الحرية والعدل والصداقة والحب في الحياة.
كان المواطن أنور السادات قد سجن مع غيره من المواطنين، ظلما ودون محاكمة رسمية، بسبب اتهامه بالعلاقة مع الحكومة البريطانية، ومشاركته في اغتيال أمين عثمان، وزير المالية في حكومة النحاس باشا.
ففي الزنزانة 54 أمضى المواطن أنور السادات عامين ونصف، تحررت نفسه من قيود الحياة، وانفتح على عالم جديد، ووصل إلى مرحلة انكار الذات، وتغليب الرحمة والتسامح على الحقد والكراهية، ثم تحول إلى الصداقة ومحبة الله، وتقديس الحب بكل معانيه، والذي من خلاله تستقيم الحياة وتزهر في مختلف المجتمعات المدنية . . !
التاريخ : 9 / 1 / 2025
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: إنكار الذات الزنزانة موسى العدوان العالم الجدید أنور السادات فی الحیاة أن الحب
إقرأ أيضاً:
هجمات العام الجديد.. داعش يتحدى العالم بـ"الذئاب المنفردة"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لم تمر الساعات الأولى فى العام الميلادى الجديد ٢٠٢٥ بسلام، حتى وضع الإرهاب بصمته معلنا عن وجوده، ومؤكدا أنه ما زال يمثل تهديدا قائمًا ضد البشرية جمعاء، حيث نفذ أحد الأشخاص، فى الحى الفرنسى بمدينة نيو أورليانز الأمريكية، عملية دهس تجمع عددا من المواطنين المحتفلين برأس السنة الميلادية، وارتفع عدد الضحايا إلى ١٥ قتيلا وإصابة ما يزيد على ٣٥ آخرين، بينما فتحت الشرطة الأمريكية التحقيقات فى العملية بوصفها "عملا إرهابيًا"، بعدما تمكنت من قتل المهاجم.
وقال مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى"FBI"، إن منفذ الهجوم مواطنًا أمريكيًا من ولاية تكساس الأمريكية، ويبلغ من العمر ٤١ عاما، وعثر بداخل سيارته على أسلحة ومتفجرات وراية لتنظيم داعش الإرهابي.
وكان الحادث محل تعليق ورأى من قبل الرئيسين الأمريكيين المنتهية ولايته جو بايدن، والمنتخب دونالد ترامب، على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلق" بايدن" على الحادث أنه لا يوجد هناك سبب يبرر العنف والإرهاب، بينما استغل ترامب الحادث ليجدد هجومه على المهاجرين غير النظاميين، قائلا: إنه كان محقا عندما قال إن المجرمين القادمين إلى أمريكا أسوأ بكثير من المجرمين الموجودين فى البلاد.
وكان “ترامب” قد لعب كثيرا على قضية المهاجرين أثناء جولته الانتخابية التى أدت إلى انتصاره على خصومه من الحزب الديمقراطي.
ولم ينته اليوم الأول من العام الجديد إلا وقد وقع تفجير سيارة أمام فندق لدونالد ترامب، وأعلنت الشرطة أيضا أنها تحقق فى الحادث بوصفه "عملا إرهابيا".
وقالت الشرطة الأمريكية، إن الحادث أسفر عن مقتل شخص وإصابة ٧ على الأقل فى انفجار سيارة أمام فندق ترامب فى لاس فيجاس.
وقبل يوم من وقوع الحادث فى الحى الفرنسى بمدينة نيو أورليانز الأمريكية، شنت فرنسا هجمات جوية على أهداف لتنظيم داعش الإرهابى فى وسط سوريا، وهى المرة الأولى التى تشن فيها فرنسا غارات على أهداف لداعش فى سوريا منذ عامين تقريبا، حيث كانت آخر ضربة لها ضد داعش فى سبتمبر ٢٠٢٢.
ونقلا عن وكالات الأنباء العالمية، فإن وزير الجيوش الفرنسى سيباستيان لوكورنو أعلن التزام بلاده بمكافحة الإرهاب فى المشرق، بعدما أعلن أن أجهزة فرنسية جوية نفّذت الأحد ضربات موجّهة ضد مواقع لداعش على الأراضى السورية.
الصومالوفى الوقت الذى تحاول عناصره وذئابه المنفردة تنفيذ عمليات لإثارة الرعب وسط الأجواء الاحتفالية المصاحبة لرأس السنة الميلادية الجديدة، أعلن تنظيم داعش الإرهابى مسئوليته عن تنفيذ هجوم شنته عناصره ضد قوات صومالية أودى بحياة نحو ٢٢ شخصا.
وشرح التنظيم فى بيان له إن الهجوم الذى شنه على قاعدة عسكرية فى منطقة بونتلاند شمال شرقى الصومال، تم تنفيذه باستخدام سيارتين ملغومتين وأودى بحياة نحو ٢٢ من قوات بونتلاند وإصابة عشرات آخرين.
وقالت قناة تليفزيونية محلية ومسئول عسكري، إن قوات الأمن فى الصومال صدَّت هجوماً نفَّذه مهاجمون انتحاريون من تنظيم «داعش» على قاعدة عسكرية فى بونتلاند.
ألمانيافى سياق التهديدات الإرهابية التى تحيط باحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد، جاء حادث الدهس فى ألمانيا قبل أكثر من أسبوع فى احتفال بسوق عيد الميلاد فى مدينة ماجديبورج.
وتعليقا على الحادث، قالت وزارة الخارجية الأمريكية فى بيان لها، إن الولايات المتحدة تشعر بالصدمة والحزن إزاء الأخبار المأساوية الواردة من مدينة ماجديبورغ. ونرسل تعازينا العميقة لأسر وأحباء القتلى والجرحى ولجميع المتضررين من هذا الحادث المروع. ونحن نتضامن مع شعب ألمانيا فى حزنه على فقدان الأرواح.
وأضاف البيان، أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة فى استمرار جهود الإنقاذ وفتح تحقيق من قبل السلطات فى هذا الحادث المروع. إن ألمانيا واحدة من أقرب شركائنا وأقوى حلفائنا وسوف نقف معهم اليوم وفى الأسابيع المقبلة. فلا يوجد مكان للعنف فى مجتمعاتنا.
وأعلنت القيادة المركزية للقوات الأمريكية (سنتكوم) أن القوات الجوية شنت غارات على أكثر من ٧٥ هدفا لتجمعات تنظيم داعش الإرهابى بوسط سوريا، بهدف منع التنظيم الإرهابى من استغلال الوضع الحالي، وأن تقييم وحصر الأضرار ما زال مستمرا.
ووفقا لبيان صادر عن القيادة المركزية، فى اليوم التالى لسقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد، فإن عشرات الضربات الجوية الدقيقة استهدفت معسكرات وعملاء داعش فى وسط سوريا.
وأضاف البيان، أنه جرى تنفيذ الضربات ضد قادة تنظيم داعش وعملائهم ومعسكراتهم كجزء من المهمة المستمرة لتعطيل تنظيم داعش وإضعافه وهزيمته، من أجل منع الجماعة الإرهابية من القيام بعمليات خارجية وضمان عدم سعى التنظيم إلى الاستفادة من الوضع الحالى لإعادة تشكيل نفسه فى وسط سوريا.
وقال البيان إن العملية استهدفت أكثر من ٧٥ هدفا باستخدام العديد من أصول القوات الجوية الأمريكية، وإن تقييم الأضرار الناجمة عن الضربات جارٍ، ولا توجد مؤشرات على وقوع إصابات بين صفوف المدنيين.
وأشارت القيادة المركزية الأمريكية، أنها ستواصل بالتعاون مع حلفائها وشركائها فى المنطقة، تنفيذ العمليات الرامية إلى إضعاف القدرات العملياتية لداعش حتى خلال هذه الفترة الحيوية فى سوريا.
ووفقا للبيان، قال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: "لا ينبغى أن يكون هناك أى شك فى أننا لن نسمح لتنظيم داعش بإعادة تشکیل نفسه والاستفادة من الوضع الحالى فى سورية، ويجب أن تعلم جميع التنظيمات فى سورية أننا سنحاسبها إذا تعاونت مع هذا التنظيم أو دعمته بأى شكل من الأشكال".