تُعدّ الدعوة لعقد المؤتمر الوطني السوري المرتقب في دمشق خطوة مفصلية في مسار الثورة السورية، حيث يمثل نجاحه تحولاً جوهريًا من مرحلة الشرعية الثورية إلى شرعية الدولة. يحمل هذا المؤتمر آمال السوريين في إنهاء حالة الفوضى وبدء مسار سياسي واضح يقود إلى بناء سوريا الجديدة. من أجل تحقيق هذه الغاية، يتطلب المؤتمر اهتمامًا دقيقًا بالتخطيط والتحضير، مع تجنب العثرات التي قد تُفضي إلى نتائج عكسية تُضعف فرص النجاح.



أهمية المؤتمر تكمن في كونه نقطة انطلاق نحو بناء دولة تحترم تطلعات الشعب السوري بعد معاناة طويلة مع الحرب والنزاع. يُعد نجاح هذا المؤتمر عاملًا حاسمًا في إرساء قواعد مرحلة انتقالية تستند إلى الشرعية الشعبية والمبادئ الديمقراطية، لكن النجاح مشروط بضمان توفير كافة الشروط اللوجستية والسياسية والتنظيمية التي تُعزز فرص تحقيق أهدافه.

التخطيط.. حجر الأساس لنجاح المؤتمر

بحسب تجربتي الشخصية كنائب ألماني سابق ومعارض سوري، أرى أن أي مؤتمر بهذا الحجم والأهمية لا يمكن أن يُحقق أهدافه دون تخطيط دقيق وتحضير شامل. يتطلب عقد مؤتمر يضم أكثر من 1200 شخصية سورية من مختلف التوجهات والخلفيات عملًا تنظيميًا يمتد على الأقل من شهرين إلى ثلاثة أشهر.

أولى الخطوات المهمة لعقد هكذا مؤتمر تكمن في تشكيل لجنة تحضيرية مكونة من حوالي عشرين شخصية ذات خبرة وكفاءة عالية في إدارة مثل هذه الفعاليات الكبرى. تُعَد اللجنة التحضيرية المحرك الرئيسي لضمان نجاح المؤتمر، حيث تضطلع بالمهام التالية:

ـ تضع جدول أعمال المؤتمر وتحدد فيه المواضيع والقضايا الرئيسية التي سيناقشها المؤتمر.

المؤتمر الوطني السوري سيد نفسه وأغلبية أعضائه هي التي تقر بجدول أعماله النهائي وتحدد المدة اللازمة لصياغة الدستور الجديد وما هي مدة المدة اللازمة للمرحلة الانتقالية, حيث أن استقلالية المؤتمر عن أي تأثيرات خارجية هي شرط أساسي لنجاحه. ينبغي أن يُدار المؤتمر وفقًا لأجندة وطنية خالصة، بعيدًا عن التبعية لأي قوى إقليمية أو دولية.ـ تعمل على صياغة الأهداف والمخرجات المتوقعة لضمان وضوح الرؤية لجميع المشاركين.

ـ تحديد آليات اختيار المشاركين وتضع معايير موضوعية لاختيار الأعضاء المشاركين، بما يضمن تمثيل جميع مكونات الشعب السوري من قوميات وأديان ومناطق، بما في ذلك النازحين واللاجئين والمغتربين.

ـ تضمن نسبة تمثيل عادلة للمرأة والشباب.

ـ تنظيم جدول زمني تفصيلي يتضمّن برنامجاً شاملاً يحدد مواعيد الجلسات وآليات اتخاذ القرارات.

ـ تبرمج تسلسل الأنشطة والفعاليات لضمان سير المؤتمر بسلاسة.

ـ تضمن الشفافية والتواصل مع الجمهور بواسطة عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن كافة تفاصيل المؤتمر: موعد انعقاده، جدول أعماله، شروط المشاركة، وآليات اتخاذ القرارات.

ـ توفير قنوات للتواصل مع الجمهور لضمان إشراك الرأي العام في العملية التحضيرية.

ـ تنسق مع الأطراف الدولية من أجل دعوة مراقبين دوليين لضمان نزاهة وشفافية المؤتمر.

ـ تدعو شخصيات بارزة، مثل الأمين العام للأمم المتحدة أو قادة الدول المؤثرة والصديقة، لحضور افتتاح المؤتمر لتعزيز شرعيته الدولية.

استقلالية القرار والحذر من التسرع

المؤتمر الوطني السوري سيد نفسه وأغلبية أعضائه هي التي تقر بجدول أعماله النهائي وتحدد المدة اللازمة لصياغة الدستور الجديد وما هي مدة المدة اللازمة للمرحلة الانتقالية, حيث أن استقلالية المؤتمر عن أي تأثيرات خارجية هي شرط أساسي لنجاحه. ينبغي أن يُدار المؤتمر وفقًا لأجندة وطنية خالصة، بعيدًا عن التبعية لأي قوى إقليمية أو دولية.

بالرغم من التحديات المُلِحّة التي تعيشها سوريا اليوم، فإن التسرع في عقد المؤتمر قد يؤدي إلى نتائج سلبية تُهدد فرص تحقيق أهدافه. عدم إعطاء الوقت الكافي للتحضير والتنظيم يفتح الباب أمام وقوع أخطاء قد تكون عواقبها وخيمة على مستقبل سوريا. الانتظار بضعة أشهر إضافية لتحسين خطط المؤتمر وصقل رؤيته ليس تأخيرًا غير مبرر، بل استثمار ضروري لضمان نجاحه. فالتخطيط الجيد يتطلب النظر في كل التفاصيل، بدءًا من إعداد جدول الأعمال وحتى تحديد معايير اختيار الأعضاء وتوزيع الأدوار داخل المؤتمر ولجانه المختلفة.

المخرجات.. بوابة العبور إلى الدولة الديمقراطية

نجاح المؤتمر الوطني السوري يعتمد في نهاية المطاف على وضوح مخرجاته وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع.

يمثل المؤتمر الوطني السوري فرصة تاريخية ونادرة لرسم مستقبل البلاد بعد سنوات من الصراع. لكن هذه الفرصة تحمل في طياتها تحديات جسيمة تتطلب تعاملًا عقلانيًا ومسؤولًا.يجب أن تُسفر أعمال المؤتمر عن قرارات تُرسي الأسس لبناء دولة مدنية ديمقراطية تُحترم فيها حقوق الإنسان والمواطنة.

المخرجات المتوقعة

ـ صياغة إعلان دستوري مؤقت يتضمن المبادئ الأساسية التي ستُدار بها البلاد خلال المرحلة الانتقالية.

ـ تشكيل حكومة انتقالية متعددة الألوان تكون مسؤولة عن إدارة شؤون البلاد حتى إجراء الانتخابات وهي تعتمد على الكفاءة والشفافية في تسيير الأعمال.

ـ إقرار خارطة طريق سياسية تتضمن خطوات واضحة نحو صياغة دستور دائم، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

ـ إنشاء لجان متخصصة منها لجنة دستورية من أجل صياغة دستور جديد ولجان قانونية وإدارية واقتصادية ومالية وأمنية وسياسية ودبلوماسية وعسكرية لتنفيذ المهام الضرورية خلال المرحلة الانتقالية.

في الختام:

يمثل المؤتمر الوطني السوري فرصة تاريخية ونادرة لرسم مستقبل البلاد بعد سنوات من الصراع. لكن هذه الفرصة تحمل في طياتها تحديات جسيمة تتطلب تعاملًا عقلانيًا ومسؤولًا.

من خلال التخطيط الدقيق والشفافية في إدارة المؤتمر، يمكن أن يكون هذا الحدث محطة تاريخية تُنهي مرحلة الفوضى وتُطلق مسار بناء دولة مدنية ديمقراطية تُحقق تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والكرامة.

*نائب ألماني سابق من أصل سوري

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الرأي سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤتمر الوطنی السوری المدة اللازمة التی ت

إقرأ أيضاً:

62 بحثاً علمياً في مؤتمر «الأكسجة خارج الجسم» بأبوظبي

أبوظبي (وام)

أخبار ذات صلة «الشؤون الإسلامية» تطلق الدورة الثانية لـ«مساجدنا حصن وإيمان» «جمعية أمراض القلب الخلقية» تنظم فعاليات توعوية

عقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني للنسخة الحادية عشرة للمؤتمر الإقليمي لجنوب وغرب آسيا وأفريقيا للعناية المركزة والإنقاذ المتخصص في الأكسجة خارج الجسم 3 جلسات رئيسة، بمشاركة أكثر من ألف من الخبراء والأطباء والمختصين والمحاضرين العالميين في مجال دعم الحياة خارج الجسم. ويركز المؤتمر الذي، تستضيفه أبوظبي على مدى ثلاثة أيام، على أحدث التطبيقات والتقنيات في مجال الأكسجة الغشائية خارج الجسم «لإيكمو».
وناقش المؤتمر العديد من المواضيع المهمة خلال جلسات يومه الثاني مثل استخدامات برنامج «الإيكمو» في رعاية الصدمات و«الإيكمو الخالي من الهيبارين» وعلاج نقص الأكسجين في الدم، إضافة إلى التطبيقات المتخصصة في علاج السرطان والحروق باستخدام الأكسجة الغشائية خارج الجسم. وشارك في هذه الجلسات نخبة من الخبراء من مختلف دول العالم مثل الإمارات، والسعودية، والكويت، وقطر، والمغرب، وسنغافورة، وألمانيا، وجنوب أفريقيا، وإيطاليا، وأستراليا، والهند.
وجرى تنظيم 4 جلسات ركزت على الأكسجة خارج الجسم للأطفال وتوقيت استخدام جهاز «الإيكمو» للأطفال الرضع، وهل هو ممنوع للأطفال، وأهمية القسطرة في طب الأطفال، وتحدث خلالها أطباء مختصون من الإمارات، والسعودية، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأميركية.

5 بحوث مرشحة
تم عرض 62 بحثاً علمياً تم اختيارها من قبل اللجنة العلمية من أصل 80 ملخص بحث تم تقديمها من قبل أطباء ومختصين من مختلف المستشفيات والمراكز الطبية في الإمارات ودول مجلس التعاون ودول آسيا وأفريقيا. وذكر الدكتور عمر خان رئيس لجنة الأبحاث في المؤتمر أن اللجنة رشحت 5 بحوث للفوز بجائزة المؤتمر لما تقدمه من أفكار مبتكرة في استخدام برنامج «الإيكمو» خاصة في مجال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تقييم المرضى وتخفيض المضاعفات أثناء العلاج. كما تم تنظيم العديد من ورش العمل التي قدم خلالها الخبراء خلاصة تجاربهم وقاموا بتدريب المشاركين على استخدامات جهاز «الإيكمو».

مقالات مشابهة

  • أكبر تظاهرة تقنية عالمية.. ​​​​​​​18 دولة تشارك في "ليب 2025" بالرياض
  • قراءة في انسحاب المجلس الوطني الكوردي من الائتلاف السوري
  • كينشاسا مدينة ليوبولد التي استعادت أفريقيتها
  • تغير المناخ الفرص والتحديات.. جامعة حلوان تنظم المؤتمر العلمي للملكية الفكرية
  • 62 بحثاً علمياً في مؤتمر «الأكسجة خارج الجسم» بأبوظبي
  • الدخول للعمق.. مؤتمر لشباب إيبارشية دشنا
  • وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروسي في البلاد
  • مؤتمر رؤساء الجامعات الفرانكفونية بضيافة الشارقة
  • التعليم والتحديات الأسرية في الشرق الأوسط.. محور نقاش مؤتمر Œuvre d’Orient بالقاهرة
  • تدريب 50 طبيبة على الموجات فوق الصوتية في مؤتمر بصحار