العنقاء مدرسة في غزة نهضت من دمار الحرب
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
غزة- بينما كان محمد حمّاد يسير بين أزقة الخيام، يراقب بألم وصمت تجمهر الأطفال حول قدور التكايا واصطفافهم على طابور تعبئة المياه، أطفال حفاة يتسكعون في نهار ضائع، يتأرجحون فيه بين ذل المكان وفراغ الزمان.
فر محمد إلى البحر متمعّنا في حروب إسرائيل الخفية التي تسعى لإبادة العقل بشكل بطيء ومتعمد، وبينما هو منهمك في التفكير، لاحظ وجود فتيات في عراء استراحات الشاطئ لساعات متأخرة من النهار، سألهن عن سبب وجودهن، فأجبنه "نحن طالبات في الثانوية العامة نلاحق الإنترنت الذي لا يتوفر إلا في المقاهي أو الاستراحات البحرية".
علا صوت داخلي يدعم ما يفكر فيه محمد "إنها ضرورة وحاجة ملحة"، صارعته هواجس المكان والزمان والمقدرات، استغرق في التفكير بكيفية الشروع بتنفيذ ما يصبو إليه، وأمضى عدة أيام مترنحا بين الاندفاع له والإحجام عنه.
وبقي على هذه الحال إلى أن شاهد مقابلة مصورة خلال تصفحه مواقع التواصل الاجتماعي، مع رجل طاعن في السن يقول فيها "تريد إسرائيل بشكل ممنهج أن يقضي الجيل حياته في مطاردة طوابير الطعام والشراب، لكننا مستعدون للاستغناء عن كل شيء إلا العلم والتعليم".
هو صراع الإرادة إذن الذي ثار كطوفان لدى محمد، فأخذ القرار بالتمرد على الواقع والشروع بالخطوة الأولى في بناء مدرسة لا تقتصر على كونها فضاء تعليميا، بل لتكون ملاذا لبناء الإنسان الذي تسعى إسرائيل لتدميره.
60 يوما فقط كانت كافية لتحقيق حلم محمد وفريقه، الذين نهضوا بمدرسة "العنقاء" التي اكتسبت من اسمها نصيبا وانتفضت من تحت الرماد بمفهوميها المعنوي والمادي بعيدا عن الأساطير، حيث إن 40% من مقدرات بنائها كانت من ركام الدمار الذي قاموا بإعادة تدويره.
إعلانيقول مدير مشروع إنشاء المدرسة محمد حماد للجزيرة نت "حصلنا على الحديد من الحمامات الزراعية المتكسرة، واستصلحنا البلاط من الشوارع المجرفة ومن المناطق الحدودية، واشترينا العشب الصناعي من الملاعب، حيث كان رقعا متفرقة قمنا بحياكتها وغسلها واستخدامها، حتى الزينة جلبناها من بيوت الأصدقاء والأقارب التي تعرضت لتدمير جزئي".
أما المقاعد المدرسية فكانت جزءًا من الفكرة الثورية، حيث تم انتشال مقاعد من المدارس المقصوفة، ثم تجميعها وإصلاحها وتحويلها إلى مقاعد دراسية جديدة.
وبينما اعتمد الفريق المنفذ في توفير جزء كبير من المقدرات على إعادة تدوير الركام، فإن 60% من باقي المواد اللازمة قاموا بشرائها من سوق غزة المحلي، تماهيا مع شعارهم "غزة تغيث نفسها"، "ففي ظل إغلاق الحدود ومنع إدخال الموارد، ما حك جلدك غير ظفرك" كما يقول محمد.
وفي طريق تحقيق الحلم، اعترضت الفريق عقبات كان أبرزها إيجاد مساحة واسعة مستوية، وسط تكدس قرابة مليوني نازح جنوبي القطاع، بالإضافة إلى انعدام الكهرباء والماء، وافتقار السوق لـ"شوادر الخيام".
لكن جميع العقبات تم التغلب عليها، حيث نجح الفريق وبمساهمات من داخل القطاع وخارجه في تنفيذ مشروعي توليد الطاقة الشمسية وحفر بئر مياه لصالح المدرسة تستفيد منها مئات العوائل في المناطق المحيطة، ويقول حماد "إن أمرا غريبا حدث معهم خلال حفر البئر، حيث إن المياه المستخرجة كانت عذبة، خلافا لما هو متوقع، رغم بعدها عن البحر 200 متر فقط".
تبدو العنقاء بعيون الغزيين أكثر من مدرسة وأعظم من مشروع، يتهيأ للداخل إليها أنها صرح تعليمي، ويخيل لزائرها أنه خارج جغرافيا الحرب، فهي أكبر مدرسة ميدانية في قطاع غزة، ممتدة على 3 دونمات، تضم 2500 طالب وطالبة من مرحلة التمهيدي وحتى الثانوية العامة لكلا الجنسين، خصص لكل جنس 3 أيام أسبوعيا، على 4 فترات، من الصباح وحتى الساعة الرابعة عصرا.
إعلانيعمل في المدرسة 66 معلمًا ومعلمة، معظمهم من المتطوعين أصحاب الخبرات الطويلة في التدريس، ويشيد محمد بكوادرها قائلاً "أغلبهم كانوا مديرين سابقين أو معلمين لديهم خبرة تتراوح بين 10 إلى 20 عامًا"، وقد تم تعيينهم بعدما خضعوا لمقابلات توظيف أشرفت عليها لجنة من وزارة التربية والتعليم، ليتم اختيار 66 معلما ومعلمة من أصل 400 من المتقدمين.
أما إقبال الطلاب على التسجيل فقد كان "صادما" كما وصفه حماد، وتحدث عنه قائلا "حين فتحنا أبواب التسجيل، كان عدد المسجلين يكتمل خلال ساعات قليلة، واضطررنا لإيقاف التسجيل بالقوة بعد ساعات فقط من الإعلان عنه، حيث أغلقت البوابات لإيقاف مد الراغبين في التسجيل".
وترجم هذا الإقبال انبهار العامة بالمدرسة، التي نقلت أطفالهم من جو الخيام البائس إلى مكان فسيح يضم بين جنباته ملعبا وحديقة ومساحات واسعة، وألوانا ومقاعد وإنارة ومقصفا ومتخصصين، فكانت مدرسة حقيقية تحوي ضمن أسوارها مدرسة قرآنية لتعليم التوحيد والفقه والقاعدة النورانية والسيرة وتلاوة القرآن والسنة بشكل لامنهجي.
الحلم صار حقيقةوبعد جهد مضن تكلل بافتتاح مهيب، أزيح به الستار عن حكاية تحدٍّ بدأت بفكرة وصارت حقيقة وواقعا، لم يتمالك يومها محمد دموعه حين أبصر ثمرة جهده وفريقه، واصطفاف الأطفال في مكانهم الصحيح حيث الطابور المدرسي، حينها شد صديقه من ذراعه وسجدا لله شكرا أن استخدمهم لإنقاذ 2500 طفل من وحل الجهالة وعبث التشرد، واصفا ذلك بأنه "أسعد يوم في سنين عمري كلها".
وبعد مرور شهر من انتظام الدوام المدرسي، يشيد المشرفون على المدرسة بحالة الانضباط السائدة، ويقول محمد "هناك حالة عجيبة من الانضباط والالتزام، فلا يوجد طفل يأتي مرغما للمدرسة، ولا توجد حالات لتغيب طلاب أو عدم انتظام أو هروب، الاندفاع نحو التعلم كان لافتا".
ونجح محمد في الحصول على اعتراف وزارة التربية والتعليم لمنشآته التعليمية، كما أن بيانات الطلبة مسجلة لديها، وتم الاتفاق مع الوزارة على منح شهادات للطلاب الملتزمين في نهاية العام الدراسي، كما تمكن وبالتعاون من منظمة "يونيسيف" من تحديد إحداثيات المدرسة وموقعها المكاني على نظام "جي بي إس" في محاولة لتحييدها من خطر الاستهدافات الإسرائيلية.
إعلان"ألم يكبلك الخوف من الخوض في مشروع يتجمع فيه مئات الأطفال تتحمل المدرسة مسؤولية سلامتهم؟" سألته الجزيرة نت ليجيب "أرى أن ترك الأطفال في مستنقع الجهل هو قتل بطيء لهم وقضاء على حياتهم، فهل نخشى عليهم من موت ممكن أكثر من خوفنا عليهم من موت حتمي"، وأضاف "نحن نعيش الحرب منذ 15 شهرا، إلى متى سنظل فريسة للخوف الذي يمنعنا من تحقيق أحلامنا ويدفعنا للهروب من أفكارنا؟".
تعد "العنقاء" واحدة من أكثر من 284 مشروعا كبيرا مسجلا، قام بها فريق "عونا" الشبابي التطوعي، شملت حفر الآبار وتشغيلها وفتح الشوارع وإزالة الركام ومشاريع الصرف الصحي، وإنشاء المخيمات وتوزيع اللحوم وتقديم الطرود وإنشاء مستشفى طبي ودعم النقاط الطبية، وإنشاء مدارس تعليمية ودعم نقاط التعليم.
ويتحدث الشاب العشريني الطموح عن خطواته المقبلة "أسعى لتجهيز قاعات بأحدث التقنيات، بسعة تصل إلى 900 طالب لعقد الدورات اللامنهجية، كما أرنو لتوسيع المدرسة لاستيعاب أعداد إضافية من الطلبة المتكدسين على قوائم الانتظار، إضافة للسعي لتوفير الإنترنت نظرا لاحتياج طلاب الثانوية العامة له في دراستهم بشكل مستمر".
وتحول حماد من ناشط إعلامي يوثق مجازر الاحتلال في بداية الحرب على غزة إلى مؤثر وملهم يغيث المكلومين ويعزز صمودهم، يقول "وصلت لقناعة أن نروج لإنجازاتنا، لا لمأساتنا، شعبنا يستحق الأفضل، وأسعى دوما لإحداث تحول حقيقي في حياة الناس حتى في أحلك الظروف".
ويختم حماد حديثه للجزيرة نت "أكره أن تظهر غزة بمظهر المتسول، وللعالم الشرف بمساندة غزة دون منة أو تفضل، وبهمتنا المتقدة سترون غزة كما لم تروها من قبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الثانویة العامة
إقرأ أيضاً:
محامي طالبة التجمع يقدم شكوى لرئاسة مجلس الوزراء ضد المدرسة الخاصة
تقدم دفاع الطالبة كارما بشكوى لرئاسة مجلس الوزراء، ضد المدرسة الخاصة التي شهدت واقعة التعدي على الطالبة كارما في منطقة التجمع، بسبب الإهمال التي اقترفته المدرسة في حق الطالبة.
وأوضح محامي طالبة التجمع، أنه سوف يطالب بتعويض مادي عن الأضرار التي لحقت بالطالبة المجني عليها.
قررت نيابة القاهرة الجديدة، عرض كارما التي أصيبت على يد 3 فتيات داخل مدرسة شهيرة في التجمع الخامس على الطب الشرعي.
وقال أحمد تيسير والد الطالبة كارما، إنه لن يتنازل عن القضية.
وأضاف لـ صدى البلد، أنه لم يتلقى اي اتصالا هاتفيا من أسر المتهمين بشأن التصالح، قائلا: "لا تصالح ولا هنفرط في حق بنتنا".
استدعت نيابة القاهرة الجديدة، مدير أمن مدرسة شهيرة وأفراد الأمن لسماع أقوالهم في واقعة تعدي 3 طالبات على طالبة داخل مدرسة بالتجمع.
وواجهت نيابة التجمع، الثبات متهمان بالفيديوهات محل الواقعة مما أسفر عن إصابة الطالبة كارما بإصابات خطيرة مما أسفر عن نقلها للمستشفى.
وتسلمت نيابة القاهرة الجديدة فيديوهات محل الاتهام تدين الثلاث فتيات بالتعدي على الطالبة كارما داخل مدرسة شهيرة بالقاهرة الجديدة.
كما تسلمت النيابة، فيديوهين من أسرة الضحية تفيد التعدي على ابنتهم داخل مدرسة شهيرة في التجمع الخامس.
وقالت الطالبة كرما، في تحقيقات النيابة العامة بالقاهرة الجديدة، أن الفتيات قاموا بالتعدي عليها بالضرب والتنكر عليها داخل المدرسة.
وجاءت نص اقوال الطالبة المعتدي عليها،" انا كنت ماشيه في المدرسة ولما وصلت للحوش، في بنت قالتلي ألفاظ غير لائقة، وقالتلي انتي بتبصي ليه عليا هو في حاجه وبعدها ضربتني ومحستش بحاجه لانه أغمي عليه.
وحضرت الطالبة بصحبة والدها السبت الماضي أمام نيابة القاهرة الجديدة بواسطة كرسي متحرك لأنها تعاني من صعوبة الحركة.
واتهمت كرما طالبة التجمع، الثلاث متهمين بالتعدي عليها داخل المدرسة مما أسفر عن إصابتها بإصابات خطيرة، كما أنها أكدت على أن الثلاث فتيات قاموا بالتنمر عليها والتعدي.
وتباشر نيابة القاهرة الجديدة، التحقيق في واقعة التعدي على طالبة داخل مدرسة شهيرة بالتجمع الخامس مما أسفر عن إصابة الطالبة كرما.
وتحفظت جهات التحقيق على فيديوهات التعدي على الطالبة، كما استدعت شهود العيان لسماع أقوالهم في واقعة التعدي على فتاة داخل مدرسة شهيرة بالقاهرة الجديدة.
كما استمعت نيابة القاهرة الجديدة، إلى أقوال والد الطالبة المصابة على يد 3 فتيات في مشاجرة داخل مدرسة شهيرة في التجمع الخامس.
واتهم والد الطالبة، في تحقيقات النيابة العامة، المدرسة بالأهمال وعدم تدخل أفراد أمن المدرسة لحل الأزمة سريعا قبل وقوع المشاجرة.
وسألت نيابة القاهرة الجديدة والد المصابة، عن وجود خلافات بينك وبين أسرة الطالبات، حيث أكد والد الطالبة المصابة أنه لا يوجد خلافات سابقة بينه وبين أسرة الثلاث فتيات، مضيفًا، أنه لا يوجد خلافات أيضا بين نجلته وزملائها في المدرسة.
وشرح والد الطالبة المصابة، أمام جهات التحقيق تفاصيل الواقعة، حيث أكد على تعدي الفتيات على ابنته أثناء توجه الطالبات إلى الاتوبيسات عقب انتهاء اليوم الدراسي.
واوضح، أن الفتاة التي تعدت على ابنته وجهت لها الألفاظ غير لائقة وبعدها تدخلت شقيقة الفتاة المعتدية وصديقتها، وقاموا بضرب ابنتي.
وتسلمت نيابة القاهرة الجديدة التقرير الطبي الخاص بطالبة التجمع الخامس التي اصيب على يد 3 فتيات في مشاجرة داخل مدرسة في التجمع الخامس.
بنتي كانت هتموت
وكانت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة تلقت، إخطارا من قسم شرطة التجمع، يفيد تحرير شخص محضرا بإصابة نجلته بإصابات خطيرة نتيجة تعرضها للضرب داخل مدرسة شهيرة بالتجمع الخامس، معبرا في محضر الشرطة" بنتي كانت هتموت"، على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان البلاغ وتبين صحة الواقعة وان 3 فتيات قاموا بالاعتداء علي نجلته.
وكشفت المعاينة، أن الفتاة المصابة تدعى كرمة، وبها عدة إصابات، وتم تحرير محضر بالواقعة واخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيق.
وما زالت التحريات الأمنية جارية للوقوف على أسباب وملابسات التعدي على طالبة الابتدائية من قبل طالبات في نفس المدرسة، وكذا للوقوف على الحالة الصحية للطالبة بعد التعدي عليها والإصابات التي لحقت بها جراء ضربها.
وقالت إحدى شهود العيان: "مدرسة معروفة جدا في التجمع international school حصل فيها ضرب لبنت في grade 6 من بنت في grade 12، والسبب عشان أخت البنت اللي في grade 12 دي وهيا في grade 10 قالت إن البنت اللي في grade 6 بصتلها وأخت المجرمة بتقولها بتبصي لي كدا ليه".
وأكملت: "البنت في grade 6 قالتلها ما بصتش قامت الطالبة اللي في grade 10 شتمتها شتيمة خادشة وراحت جابتلها الأخت اللي في grade 12 ضربتها وقطعت شعرها غير الألفاظ غير أنها كسرت أنفها تخيلو دول بنات وفي مدرسة كبيرة أنا لو مكان أم البنت اللي اتضربت مش هتنازل عن سجن البنت".
وأكملت: "أنا لو مكان أم البنت اللي ضربت البنت يبقا معرفتش أربيها وهسجن بنتي بإيدي عشان تتربى.. حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد وواحدة من العيال اللي كانت واقفة ومعملتش حاجة للبنت وحسبي الله ونعم الوكيل في البيت وأي تقصير من المدرسة في حماية البنت.. الصورة دي صورة البنت يا حبيبتي بعد الضرب مش من حادثة ولا ماتش ملاكمة دي المفروض إنها طالبة ضربتها في مدرسة".
وقالت إحدى المتابعين: "يا ترى وزير التربية والتعليم شاف فيديو خناقة مدرسة مفروض من أنضف وأغلى مدارس التجمع، التربية أهم من التعليم يا سيدي الفاضل ولو البنت دي متسجنتش وأنا أعني معنى الكلمة إنها لازم تدخل الأحداث وباقي زمايلها اللي كانوا واقفين اتعاقبو على موقفهم السلبي وارتضائهم إنهم يشوفوا المنظر ده ويقفوا يصورو بالموبايل والمدرسة دي تتقفل لحد ما يتم إصلاح فسادها الإداري".