عون رجل المرحلة: أولوية الأمن على الاقتصاد
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
كانت ساعات اليوم التشاوري الطويل أمس قبيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اليوم، كافية لجوجلة مواقف الكتل النيابية المترددة في تلقف الرسالة العربية والدولية الدافعة نحو انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون، في ظل الدعم الخارجي غير المسبوق له، الذي يُنتظر أن يترجم في صندوق الاقتراع اليوم، إذا لاقت الكتل الموقف الدولي إلى آخر الطريق.
وكتبت ساببن عويس في" النهار": رغم التحضيرات التي سبقت التسمية الصريحة لعون مرشحاً لمجموعة اللجنة الخماسية، بعدما اقتصرت أعمال تلك المجموعة على وضع معايير ومواصفات، تاركة القرار في يد اللبنانيين، بقي الكباش الداخلي على أوجه، على نحو عجزت فيه الكتل الأكثر تمثيلاً على حسم خيارها وملاقاة المجتمع الدولي في خياره.
وإن كان ثنائي أمل-"حزب الله" رفع سقف المناورة حيال السير بترشيح عون، تحت ستار حاجته إلى التعديل الدستوري، فإن تردد رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع مردّه إلى عاملين، أولهما، رغبة حزبه في أن يحظى عون بإجماع قوى المعارضة، بحيث لا تتفرد القوات بتسميته على نحو يدفع الكتل الأخرى لمعارضة هذا الخيار، فضلاً عن رغبة جعجع في الاطلاع على برنامج عون الرئاسي، الأمر المتعذر حصوله في ظل تشدد الأخير في الامتناع عن إثارة الملف الرئاسي معه ما دام في موقع قيادة الجيش.
المخاوف من عدم سير الثنائي في ترشيح عون، دفع كتل المعارضة إلى وضع الخطة ب التي تعطي الأفضلية لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وهو الذي تقاطعت على ترشيحه القوات إلى جانب التيار الوطني الحر وعدد غير قليل من النواب المستقلين والتغييريين، وقد حظي في آخر جلسة انتخاب في حزيران 2023 بـ59 صوتاً مقابل 51 صوتاً لمرشح فريق الممانعة النائب السابق سليمان فرنجية.
على أهمية نقاط القوة التي تمتع بها أزعور كمرشح مقبول من القوى المسيحية وجزء كبير من المكونات الميثاقية الأخرى، وخلفيته الاقتصادية والمالية التي تعطيه زخماً في مقاربة الأزمة الاقتصادية الداخلية، انطلاقاً من شبكة علاقات عمل عليها من خلال موقعه في صندوق النقد الدولي بعد مغادرته لبنان إلى واشنطن بعد تجربة على رأس وزارة المال، فإن أبرز النقاط التي فرملت تقدمه تمثلت أولاً بأنه لم يعد قادراً على تقديم نفسه خياراً ثالثاً من خارج الاصطفافات السياسية بعدما وضعته قوى المعارضة في وجه مرشح الثنائي. كما أن تقدم الملف الأمني والاستقرار السياسي على الملف الاقتصادي لم يصبّ في مصلحة أزعور، بل دفع أكثر نحو عون خياراً أول للمرحلة المقبلة.
لا يمكن إغفال أهمية عامل إجماع القوى السياسية بمختلف تلاوينها على رفض عون خوفاً من توجهاته وإدارته للبلاد وعلاقاته بها، ذلك أن هذا العامل جعل من عون الرجل المطلوب لمواجهة تركيبة السلطة القائمة في مرحلة المتغيرات الاقليمية والدولية العاملة على إطاحة رموز الحقبة الماضية.
صحيح أن عون من موقعه على رأس المؤسسة العسكرية لم يكن بعيداً عن تركيبة الحكم، إلا أن أداءه وتجربته رفعا من رصيده الخارجي، بعدما نجح في تحييد المؤسسة عن الصراعات الداخلية، كما نجح في تنفيذ التزام لبنان بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي 1701، في خطواته الأولى، التي تتطلب مزيداً من الالتزام والاستمرار في هذا المسار.
يؤخذ على عون صرامته وصلابته ومجافاته للطبقة السياسية وعدم الانصياع لها، وهي صفات تصبّ في مصلحة الرجل أكثر مما هي ضده. وجاء توصيف النائب فيصل كرامي له في إعلانه أمس تسميته لتمتعه بالشفافية والصدقية وحسن السلوك، ليعبّر عن نقاط القوة التي يتمتع بها عون، وساعدته على تعزيز حظوظه في الوصول إلى قصر بعبدا.
أما بالنسبة إلى الدعم الدولي له، فيعكس تعويلاً على الرجل لإدارة مرحلة أمنية بامتياز تحت وطأة تطبيق اتفاق وقف النار والقرار 1701 بما فيه نزع سلاح "حزب الله". وهذا ما يفسر الشرط الدولي الذي ربط بين انتخاب عون وعودة لبنان إلى الرعاية العربية والدولية، ودعم وتمويل مشروع إعادة الإعمار.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تمارا حداد: تسليم الأسرى يحمل رسائل متعددة للإسرائيليين والمجتمع الدولي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ناقشت الكاتبة والباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد من رام الله، تطورات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة بعد تسليم الدفعة الخامسة من المحتجزين الإسرائيليين من قبل حركة حماس إلى الصليب الأحمر الدولي.
وأشارت عبر مداخلة هاتفية لقناة "النيل للإخبار"، إلى أن التسليم يُظهر نجاحًا في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، وأنه يحمل رسائل متعددة للإسرائيليين والمجتمع الدولي.
وأوضحت، أن التسليم في منطقة دير البلح في قطاع غزة يحمل دلالات سياسية، مثل التأكيد على أن هناك مناطق لم تتعرض للدمار، وأن حركة حماس ما زالت متمسكة بمقاومتها ولن تستسلم، كما نوهت إلى أن مشاهد الأطفال والنساء في هذه المراحل من التسليم قد تحمل رسائل مختلطة وتُستخدم بطريقة عكسية في إسرائيل.
وفيما يتعلق بالمفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق، أكدت أن المرحلة الأولى كانت سهلة نسبيًا لإسرائيل لأنها تتعلق فقط بإخراج المحتجزين، دون مطالبات سياسية أو أمنية، أما المرحلة الثانية فتواجه صعوبة أكبر لأنها تتضمن مطالب معقدة مثل انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وإعادة الإعمار، وهو ما يثير قلقًا كبيرًا في إسرائيل بشأن أمنها القومي.
وشددت على أهمية ضغط الوسطاء، مثل مصر وقطر والولايات المتحدة، لضمان تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق بشكل فعال، كما تناولت مسألة التهجير الطوعي التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، مشيرة إلى أن ذلك قد يتسبب في أزمات إنسانية جديدة.