موقع النيلين:
2025-01-09@15:53:47 GMT

حسين خوجلي يكتب: الحب في زمن الكوليرا

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

في حياة السودانيين كثير من العبارات الشعبية التي صنعها الظرفاء بعناية وموهبة وسلاسة وتلقائية، فصارت تلخيصاً لموافق وأحداث وعبر تختصر بدلالاتها القليلة المفردات كتبا وأسفار.
والذين أطلقوا مثل هذه الحكم والأمثال كُثر في كل حواضر وبوادي السودان، ويطل في مقدمتهم الشيخ العبيد ود بدر الذي سارت بأمثاله وكلماته الجزلة المضيئة الركبان.

فعندما اختلف العلماء والفقهاء حول المهدي وتكاثفت الفتاوى المعارضة لصحاب الحضرة هرع الناس إلى الشيخ العبيد متسائلين عن صحة دعاوى الرجل فأطلق فتواه الشعبية الشهيرة واختصر الجدل بقوله (كان بقى المهدي جيد لينا واكان بقى المتمهدي شين لينا)

كما له أيضا الجملة التي تعبر عن الراهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي انذاك وهو ينتقد مفارقة الناس للشريعة، تلك المفارقة التي انزلت عليهم غضب الأرض والسماء (في آخر الزمن برق القبلي يخيب، والارض تشيب، والحرة تعيب، والعاقة تجيك من القريب)

ومن حكمه الشهيرة المأخوذة من البيئة وفيها دعوة للحماية الشخصية والعامة، التي كنا نحتاج اليها هذه الأيام قبل وقوع النكبة وإن اختلفت الأدوات قوله ( العصا من الكلب، والسكين من السلب، وفكة الريق مسمار القلب والبيابا الجودية لا بُد ينغلب)

ونديده في الحكمة والأمثال السائرة الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك وله طرف وحكايات في زمانه، ومنها قبوله لدعوة من أحد الأثرياء وقد جاءها بملابسه المتواضعة من الخلوة مباشرة فصرفه الحراس باعتبار أنه احد (الشحادين) فلم يجادلهم، بل ذهب إلى داره اغتسل ولبس أجمل ما لديه من هندام وتعطر وجاءهم بالهيئة التي يحبون فأجلوه ووقروه، وادخلوه على المائدة ولدهشة الجميع أسدل الرجل الصالح كُم جلبابه في المرق والثريد حتى اتسخ بالطعام الدهين وقال حكمته المأثورة ( أكُل يا كُمي قبال فَمّي) وهي حكمة تدين العادات الاجتماعية القائمة على الشكلانية لا المحتوى ولا المضمون.

وله أيضا عباراته الذكية في استشراف الاكتشافات والمخترعات (اخر الزمن ابقى الكلام بالخيوط والسفر بالبيوت) وأيضا يتداول الناس حكمته الجهيرة في أمر الدنيا وأحوال الكسب والرزق (ان جادت عليك بي خيط العنكبوت تنقاد، وان صِعبت تقطِّع سلس الحداد)

وعندما انتبه الشاعر الشعبي والمسرحي الكبير العبادي ابن حي الاسبتاليه لتكاثف الغرباء من خلف الحدود بامدرمان ولاحظ إعمارهم العشوائي، وسيطرتهم على كثير من المهن، وهم يفتقدون للحد الأدنى من الولاء للأرض التي أكرمتهم وهم كما ترون يمارسون القتل والسلب والاغتصاب في الراهن الذي نعيشه، فقد صدق شاعرنا حين قال كأنه يعني أمدرمان الجريحة التي تُستهدف الآن الآن بالدانات من هؤلاء الغرباء ليل نهار (يا حليل أمدر القامت بجهلها، رفعت الغريب ورمت أهلها)

ويتذكر الجميع تلك الحادثة البشعة عام ٢٠١٣ حيث توقف نظامي غريب بدراجته النارية أمام مجموعة من طالبات جامعة النيلين وصوب كلاشه نحو طالبة كانت الأولى على دفعتها والتي يتوسل حبها فتأبت، فاخترقتها الرصاصات التي اودت بحياتها وسط حيرة وذعر مجتمع الخرطوم وكان تحذيرا مبكراً للجريمة المشاعة التي يعيشها شعبنا الآن. وفي خاطري تماما الرسالة التي بعثها لي مهاتفا الأخ الصحفي الصديق وأحد كتاب ألوان في بدايتها الزاهرة الاستاذ عادل الباز معلقاً، على الحادثة، وللرجل ولعٌ بالاختصار والمأثورات والحكاية والسرديات: إن لم يقرأ هذا الشقي في القران قوله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) وإن لم يطالع في كتاب الصحاح حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق” ألم يتأدب بأدب حفلات الأعراس السودانية المجانية المعطرة بالغناء الشعبي الطروب ( حبيب القلب .. يا سمير القلب .. الريدة ما بالغصب)

واذكر حينها أنني ذهبت إلى عزاء بود نوباوي وحكاية الطالبة القتيلة مستعرة في الأندية والمجالس والصحافة، وعندما جلست وسط مجموعة من أهل الفقيد فاجأني الهادي نصر الدين ظريف أمدرمان بحضوره الباهي وبعبارة سافرة ضحك لها الجميع ولو تدبروها لانتحبوا مليا، معلقا على الحادثة الأليمة ( يا حليل زمنكم يا استاذ كانت الريدة فيهو بالميرندا هسع بقت بالطبنجة)

وأخيراً حُق للقارئ أن يضيف لهذه الأمثلة الذكية أخرى من ظرفاء المدن والبوادي، فلعلها تساهم في التوثيق الذي اندثر بحريق البغاة التدميري لكل أنسنا وأدبياتنا، فلعل في هذا زرع بعض العزاء والسلوى في قلوب الأيامى واليتامى والنازحين، وسوف نعاود فالحديث ذو شجون.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إنجاز مجدي يعقوب الجديد.. ماذا نعرف عن صمامات القلب التي تنمو بالجسم؟

كتب- أحمد جمعة:

يستمر التفاعل بشأن ما كشفت عنه تقارير إنجليزية مؤخرًا، بالإشارة للبحث العلمي الذي يعكف عليه فريق طبي يقوده السير مجدي يعقوب، لاستبدال صمامات القلب التي تنمو داخل الجسم، بدلًا من الصمامات التقليدية التي يجرى زرعها في عمليات جراحية واسعة النطاق.

وقد يتمكن المرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية قريبًا من تركيب صمامات قلبية تنمو بشكل طبيعي داخل الجسم، مما ينهي الحاجة لإجراء عمليات جراحية متكررة.

تقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إنه من المنتظر أن يتم تركيب صمامات قلبية لمرضى القلب البريطانيين قريبًا، وهي صمامات تنمو بشكل طبيعي داخل الجسم، في تقدم كبير في علاج أمراض القلب.

ومن المقرر أن يتلقى أكثر من 50 مريضًا في المرحلة الأولى صمامات مؤقتة مصنوعة من ألياف تعمل كـ"هياكل مؤقتة" يمكن زرعها ودمجها مع خلايا الجسم، مع مرور الوقت، تذوب هذه الهياكل، تاركة وراءها صمامًا حيًا مكونًا بالكامل من أنسجة المريض الخاصة.

وبحسب "الكلية الامبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب"، في لندن، فإن إجراء جراحة لاستبدال صمامات القلب التالفة كان ممكنًا لأكثر من 60 عامًا، لكن هذا العلاج له عيوب طبية سواء مع الصمامات الميكانيكية أو البيولوجية.

وقال السير مجدي يعقوب، لصحيفة "صنداي تايمز": "دائمًا ما أقول إن الطبيعة هي أعظم تقنية. إنها تتفوق على أي شيء يمكننا صنعه. بمجرد أن يصبح الشيء حيًا، سواء كان خلية أو نسيجًا أو [الصمام الحي]، فإنه يتكيف من تلقاء نفسه. البيولوجيا مثل السحر".

بالأساس، يعد استبدال صمامات القلب علاجًا منقذًا للحياة، ولكنه نادرًا ما يكون حلاً طويل الأمد، فكل من الصمامات الميكانيكية والبيولوجية لها عيوبها الخاصة، خاصة أن المرضى الذين لديهم صمامات ميكانيكية يجب عليهم تناول الأدوية طوال حياتهم لمنع تجلط الدم.

أما الصمامات البيولوجية، فإنها تدوم فقط بين 10 إلى 15 عامًا. ويشكل العلاج تحديًا خاصًا للأطفال الذين يعانون من عيوب قلبية خلقية، إذ أن الصمامات لا تنمو مع أجسامهم ويجب استبدالها عدة مرات قبل أن يصلوا إلى سن البلوغ.

النهج الجديد الذي طوره فريق السير مجدي يعقوب في هارفيلد وإمبريال هو أكثر تكيفًا، فـ"الهدف من المفهوم الذي طورناه هو إنتاج صمام حي في الجسم، يكون قادرًا على النمو مع المريض"، كما يقول الدكتور يوان-تسان تسينغ، أستاذ المواد الحيوية في معهد القلب والرئة الوطني ومركز علوم القلب بجامعة هارفيلد.

وتبدأ العملية بـ"صمام بوليمري نانوي"، لكن مصنوع من هيكل قابل للتحلل بدلاً من البلاستيك المتين، والذي بمجرد أن يدخل هذا الهيكل الجسم، فإنه يجذب الخلايا ويعطيها تعليمات لتطويرها، بحيث يعمل الجسم كمفاعل حيوي لنمو الأنسجة الجديدة"، كما يوضح "تسينغ".

وأضاف أن "الهيكل يتحلل تدريجيًا، ويتم استبداله بأنسجة جسمنا الخاصة".

وأشار إلى أن المواد المستخدمة في صنع الهيكل هي الابتكار الرئيسي، "إنها تتمتع بالقدرة على جذب واستضافة وتوجيه الخلايا المناسبة من جسم المريض، وبالتالي تسهيل تكوين الأنسجة والحفاظ على وظيفة الصمام".

وزُرعت الصمامات بالهياكل الجديدة في الأغنام وتم مراقبتها لمدة تصل إلى 6 أشهر. يقول تسينغ إن "الصمامات أدت بشكل جيد للغاية... واستمرت في العمل طوال فترة التجربة".

أظهرت الأبحاث المنشورة في "ناتشر كوميونيكيشنز بيوولوجي" نتائج واعدة في الأغنام.

وخلال 4 أسابيع فقط من الزرع، تم العثور على أكثر من 20 نوعًا من الخلايا - بما في ذلك الخلايا العصبية والدهون - في المواقع الصحيحة، مقلدة صمام قلب طبيعي.

وعلى عكس المحاولات السابقة، نجح هذا المشروع، الذي تقوده شركة "هارت بيوتيك" في مستشفى هارفيلد، في تحفيز نمو الخلايا العصبية داخل الصمام.

وبحسب "ديلي ميل" فمن المقرر أن تبدأ التجارب البشرية التي تشمل بين 50-100 مريضًا، بما في ذلك الأطفال، في غضون 18 شهرًا.

ستقارن التجارب بين الصمام الحي الجديد والصمامات الاصطناعية التقليدية، وستشمل فريقًا دوليًا من الخبراء من مؤسسات مثل كلية لندن الجامعية، ومستشفى جريت أورموند ستريت، والمراكز الطبية في نيويورك وإيطاليا وهولندا.

اقرأ أيضًا:

تحذير من تداخلات الأدوية مع البروتينات واللحوم.. هيئة الدواء تكشف أبرز الأصناف

كيف تفاعل المصريون مع عودة "البكالوريا"؟.. نقاش جاد ومنشورات ضاحكة

"طوبة" في حياة المصريين.. أبرد شهور العام "لم يُكشر عن أنيابه بعد"

هل يتحمل صندوق التأمين الحكومي ضد الأخطاء الطبية التعويض المدني دون الغرامات؟

مجدي يعقوب صمامات القلب الجسم أمراض القلب

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: رئيس الإذاعة يكشف سبب نقل برنامجي مختار جمعة وحسام موافي من إذاعة القرآن الكريم الأخبار المتعلقة "بودكاست بداية".. من أبرز شخصيات البرنامج الجديد للمبادرة الرئاسية؟ أخبار "الصحة": مبادرة "قلبك أمانة" مستمرة في رفع الوعي والاكتشاف المبكر لأمراض أخبار نبيل فرج: 46% من الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية أخبار برامج الفحص الطبي الشامل في مستشفيات أجيبادم أخبار أخبار مصر حصاد صندوق تحيا مصر في 2024.. خدمة 8.3 مليون مواطن عبر قوافل الحماية الاجتماعية منذ 6 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر رئيس الإذاعة يكشف سبب نقل برنامجي مختار جمعة وحسام موافي من إذاعة القرآن منذ 11 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر إنجاز مجدي يعقوب الجديد.. ماذا نعرف عن صمامات القلب التي تنمو بالجسم؟ منذ 14 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر نقل برنامجي محمد مختار جمعة وحسام موافي من إذاعة القرآن الكريم منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر إنشاء شركة "كونيكتا مصر لخدمة العملاء".. خطط لاستثمار 100 مليون دولار على منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر وزيرة التنمية المحلية تلتقي مع عدد من أعضاء مجلس النواب منذ 1 ساعة قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

إنجاز مجدي يعقوب الجديد.. ماذا نعرف عن صمامات القلب التي تنمو بالجسم؟

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك جوزيف عون.. الجنرال يكسب الرئاسة ويهزم "السيادة والدستور" الفائدة وأقساط الدين وقروض جديدة.. أهم الأحداث الاقتصادية المرتقبة في 2025 كيف تفاعل المصريون مع عودة "البكالوريا"؟.. نقاش جاد ومنشورات ضاحكة في الأسبوع الأول من 2025.. في الأسبوع الأول من 2025.. ارتفاع أسعار 16 سيارة جديدة بمصر 22

القاهرة - مصر

22 12 الرطوبة: 25% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • إنجاز مجدي يعقوب الجديد.. ماذا نعرف عن صمامات القلب التي تنمو بالجسم؟
  • ما هي المدة التي يجب أن يخضع فيها مرضى القلب للفحص؟.. أطباء يجيبون
  • شبانة: تصريحات الدكتور جمال شعبان ضللت الناس بعد وفاة أحمد رفعت
  • الشيخ حسين حازب : أدعو القوى السياسية أن تعلن السيد عبد الملك الحوثي قائدًا ومرجعيةً لليمن
  • أحمد ياسر يكتب: هل تعود إيران إلى سوريا؟
  • قصة ابن الشيخ القرضاوي الذي قررت لبنان تسليمه للإمارات
  • بجنيه.. مشروب في متناول الجميع يحمي القلب والكلى ويقوي المناعة وعلاج للمغص
  • حسين خوجلي: أنشودة المطر بين السياب والعقاب
  • أطباء يكشفون: هذه هي الطرق التي يمكن بها إطالة العمر