DW عربية:
2025-04-29@01:06:27 GMT

الذكاء الاصطناعي .. صديق أم عدو للبيئة؟

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

توقعات بزيادة أنشاء مراكز البيانات في المستقبل

يوما بعد يوم، يزداد استخدام  الذكاء الاصطناعي  مع تنامي تطبيقاته، فيما يرجع الفضل في ذلك إلى الضجة الإعلامية التي رافقت  إطلاق روبوت المحادثة "شات جي بي تي" الذي ابتكرته شركة "اوبن ايه آي".

مختارات الشرطة الألمانية أمام معضلة قانونية بسبب برمجيات المراقبة "شات جي بي تي".

. أوروبا وتحدي تنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي! قصائد ولوحات بالذكاء الاصطناعي.. خطر داهم على الإبداع الإنساني؟ الذكاء الاصطناعي.. تحذيرات من خطرٍ محدق "إذا لم تتم السيطرة"! الذكاء الاصطناعي قد يكشف كلمات السر لديك.. كيف؟

الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يعرف الكثير عنك، ومن ذلك كلمات السر، وليس بالضرورة اختراق جهازك، بل مجرد الإنصات لصوت لوحة المفاتيح!

أنا وقريني الرقمي - كيف يكسب الذكاء الاصطناعي الوعي "البصمة الكربونية".. إلى أي حد أنت مسؤول كفرد عن تغير المناخ؟ التغير المناخي... كيف تقلص البصمة الكربونية لطعامك؟

ومنذ تدشينه، استحوذ تطبيق "شات جي بي تي" على اهتمام الكثيرين حول العالم وحاز على إعجابهم، خاصة قدرته على التحدث والكتابة وحتى تأليف الشعر والمقالات بطريقة تحاكي البشر.

وقد أشعل ذلك صراعا وسباقا بين عمالقة التكنولوجيا لإطلاق تطبيقات مماثلة من فئة روبوتات المحادثة ما أدى إلى زيادة ضخ الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، إذ تقدر حاليا قيمة السوق العالمية للذكاء الاصطناعي بقرابة 142.3 مليار دولار، فيما يتوقع أن تصل إلى ما يقرب من تريليوني دولار بحلول عام 2030.

وبمرور الوقت، احتلت أنظمة الذكاء الاصطناعي جزءا كبيرا من حياتنا، فقد باتت تقدم يد العون للحكومات والشركات وحتى الأشخاص العاديين لمساعدتهم على العمل بشكل أكثر كفاءة واتخاذ أفضل القرارات التي تعتمد بشكل كبير على البيانات.

بيد أن هذا لا يعني أن ثورة الذكاء الاصطناعي ليس لها جوانب سلبية.

الذكاء الاصطناعي والبصمة الكربونية

يقول نشطاء إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتسبب في بصمة كربونية كبيرة ما يعني أنها تلحق  أضرارا بالبيئة والمناخ  رغم الدعوات والمؤتمرات والقمم الداعية إلى محاربة ظاهرة الاحتباس الحراري، خاصة مع تكرار ظواهر الطقس المتطرفة.

ولتوضيح ذلك بمثال عملي فإن نماذج الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى معالجة كم كبير من البيانات، فعلى سبيل المثال من أجل التعرف على صورة سيارة فإن الخوارزميات تحتاج إلى معالجة ملايين صور السيارات، فيما يتعين تغذية تطبيق شات جي بي تي بقواعد بيانات نصية ضخمة من الإنترنت حتى تتعلم كيفية التعامل مع لغة البشر.

ويُطلق على المنشأة التي يتم فيها معالجة هذه البيانات الكبيرة اسم "مراكز البيانات"، وهي تتطلب الكثير من أجهزة الكمبيوتر والحوسبة ما يعني استهلاكا أكبر للطاقة.

وفي ذلك، قالت آن مولين، الباحثة في منظمة Algorithmwatch البحثية، غير الحكومية ومقرها برلين، إن البنية التحتية لأحد مراكز البيانات وشبكات إرسال البيانات "تمثل ما بين 2 إلى 4 بالمائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. لا يتعلق الأمر فقط بالذكاء الاصطناعي، ولكن الذكاء الاصطناعي جزء كبير من ذلك على قدم المساواة مع انبعاثات قطاع الطيران".

وقد وجد باحثون من جامعة "ماساتشوستس أمهيرست" الأمريكية أن تدريب نموذج للذكاء الاصطناعي يتطلب انبعاث قد تصل إلى 284 ألف من مكافئ ثاني أكسيد الكربون أي ما يقرب من خمسة أضعاف الانبعاثات التي تسبب فيها السيارة على مدار حياتها بما في ذلك مرحلة التصنيع.

بدورها، قالت بينيديتا بريفيني، الأستاذة في جامعة سيدني بأستراليا ومؤلفة كتاب "هل الذكاء الاصطناعي يصب في صالح كوكب الأرض؟" إنها  شعرت بالصدمة عندما قرأت النتائج التي خلص إليها باحثو جامعة "ماساتشوستس أمهيرست".

وأضافت "إذا قام الشخص بالسفر جوا من لندن إلى نيويورك، فإن انبعاثات الكربون الخاصة سوف تصل إلى 986 كيلوغرامًا. لكن تعليم خوارزمية واحدة يتطلب انبعاث 284 ألف كيلوغرام".

وتساءلت عن السبب وراء عدم إجراء مناقشات حيال سبل تقليل الانبعاثات الكربونية الصادرة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويشار إلى أن دراسة جامعة ماساتشوستس ركزت على نموذج ذكاء اصطناعي كثيف الطاقة بشكل خاص، لكن قد يعمل أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على جهاز كمبيوتر محمول ما يعني أنه سوف يستهلك طاقة أقل.

بيد أن تقنية "التعلم العميق" التي تعمل على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي أسلوب عمل الدماغ البشري مثل شات جي بي تي، في حاجة إلى قوة حوسبية كبيرة.

ولا يتوقف الأمر على ذلك بل عقب معالجة البيانات يجرى إطلاق انبعاثات في مرحلة التطبيق العملي وهو ما يتكرر مرات عديدة، خاصة مع استخدام تطبيقات الترجمة أو الاستعانة بروبوتات المحادثة.

وفي ذلك، قالت مولين إن "مرحلة التطبيق تمثل ما يصل إلى 90٪ من الانبعاثات الصادرة في دورة حياة الذكاء الاصطناعي".

يقول خبراء إن الانبعاثات الصادرة عن الطائرات ربما تقترب من الانبعاثات التي تصدرها مراكز البيانات

كيف يمكن مواجهة الأمر؟

وإزاء ذلك، طرح خبراء عدة حلول لتقليل البصمة الكربونية التي تتسبب فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيما شددت بريفيني على أنه يتعين أخذ قضايا البيئة في عين الاعتبار في هذا المجال.

وأضافت: "نحن بحاجة إلى النظر في سلاسل الذكاء الاصطناعي بشكل كامل وأيضا كافة المشاكل البيئية المرتبطة بهذه السلاسل، خاصة استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية وأيضا ما تخلفه من مواد سامة و نفايات إلكترونية".

بدورها، تقترح مولين أن تُقدم الشركات على إنشاء مراكز بيانات صغيرة من أجل ضمان استهلاك مصادر طاقة أقل مع إمكانية نقل مراكز البيانات إلى المناطق التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة ولا تتطلب كميات هائلة من المياه للتبريد مثل إيسلندا.

وقالت مولين إنه عند التطرق إلى الحديث عن مصادر الطاقة المتجددة، فإن كبرى شركات التكنولوجيا تأخذ الأمر بعين الاعتبار، مشيرة إلى أن غوغل أعلنت صفرية بصمتها الكربونية وسوف تكون خالية من الكربون تماما بحلول 2030.

أما شركة مايكروسوفت فقد أعلنت أنها تخطط للتحول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2025 مع التعهد بأن تكون خالية من الكربون بحلول عام 2030.

بيد أن استهلاك الطاقة ليس الهاجس الوحيد إذ يمتد الأمر إلى استهلاك المياه داخل مراكز البيانات لمنع ارتفاع درجة حرارة مرافقها؛ ما أثار مخاوف وبخاصة في المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي مثل سانتياغو، عاصمة  تشيلي.

يقول مولين إن مركز البيانات التابع لشركة غوغل في سانتياغو "يؤدي إلى تفاقم الجفاف مع احتجاجات ضد مركز البيانات وضد إنشاء مراكز بيانات جديدة".

الطاقة ليست المشكلة الوحيدة

ويقول خبراء إنه حتى إذا اقدمت شركات التكنولوجيا الكبيرة على تقليل استهلاك الطاقة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن هذا لا يعني أن المشكلة قد انتهت؛ إذ إن هناك مشكلة أخرى أكثر إضرارا بالبيئة.

 وفي ذلك، قال ديفيد رولنيك، الأستاذ المساعد في كلية علوم الكمبيوتر بجامعة ماكجيل الكندية وأحد مؤسسي منظمة Climate Change  غير الربحية، إنه يتعين التركيز بشكل أكبر على الطريقة التي يتم من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع الأنشطة التي تساهم في تفاقم ظاهرة تغير المناخ.

وكانت منظمة "غرينبيس" (السلام الأخضر) قد انتقدت إبرام اتفاقيات بين شركات الوقود الأحفوري من جهة وأمازون ومايكروسوفت وغوغل لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن عمالقة شركات النفط مثل "شل" و "بريتيش بتروليوم" و "إكسون موبيل" تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوسيع عملياتها في مجال النفط والغاز وخفض التكاليف وزيادة الإنتاج.

وشددت المنظمة على أن مثل هذا الاتفاقيات "تقوض تنفيذ الالتزامات المناخية التي تعهدت بها كبرى شركات التكنولوجيا".

وجدير بالذكر أن شركة غوغل قد أعلنت أنها لن تقوم باستحداث أدوات ذكاء اصطناعي مخصصة لمساعدة الشركات على استخراج الوقود الأحفوري.

يقول خبراء إن مركز البيانات تفاقم من ظاهرة الجفاف في المناطق التي تعاني من فقر مائي

تشريعات ملزمة

ورغم المخاوف البيئية، إلا أن ما بات من المؤكد هو أن استخدامات الذكاء الاصطناعي سوف تزداد في المستقبل وهو الأمر الذي دفع رولنيك إلى الدعوة إلى سن تشريعات لضمان استدامة مجال تطوير الذكاء الاصطناعي.

يشار إلى أنه حتى الوقت الراهن، لا يوجد قانون على مستوى الاتحاد الأوروبي ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في منتجات مثل السيارات الذاتية القيادة أو التكنولوجيا الطبية أو أنظمة المراقبة، إذ ما زال البرلمان الأوروبي يناقش تشريعا اقترحته المفوضية الأوروبية قبل عامين.

بموجب التشريع، فإن البرامج التي سيتم تصنيفها "عالية المخاطر" أو "ذات مخاطر محدودة" سوف تخضع لقواعد خاصة فيما يتعلق بتوثيق الخوارزميات والشفافية والكشف عن استخدام البيانات. وفي المقابل سيتم حظر التطبيقات التي تسجل وتقيم السلوك الاجتماعي للأشخاص للتنبؤ بإجراءات معينة.

ناتالي مولر و نيل كينج / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي ChatGPT غوغل شركة مايكروسوفت دويتشه فيله الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي ChatGPT غوغل شركة مايكروسوفت دويتشه فيله تطبیقات الذکاء الاصطناعی مراکز البیانات شات جی بی تی یعنی أن فی ذلک إلى أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل

 

 

أحمد بن خلفان الزعابي

 

يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أهم ما قام بتطويره الإنسان لخدمة مصالحه واستجابة للتطور والنمو الهائل الذي يشهدهُ العالم في مجال ذكاء الآلة حتى الآن، ويأتي احتفال دول العالم هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية 28-4-2025 ليوظف هذه التقنيات في مجال العمل بهدف توفير بيئة أكثر أمانًا.

ومع التطور الهائل الذي يشهده العالم في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي والرقمنة في قطاع الأعمال تحتفل منظمة العمل الدولية ILO هذا العام تحت شعار "إحداث ثورة في الصحة والسلامة دورة الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل" بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، ولا شك أن الجميع على اطلاع لما وصل إليه الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته من تقدم هائل في شتى المجالات لذلك فإنه من الأولى تطويع كل هذه التقنيات والتطبيقات والنماذج لخدمة سلامة الإنسان والحفاظ على بقائه آمنًا مطمئنًا.

لا شك أن الإنسان قام بتطوير أنظمة سلامة تحدّ من المخاطر في بيئات العمل الأكثر خطرًا إلا أن دخول الآلات التي يعتمد تشغيلها على تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدم ستساهم بشكلٍ فعّال في الحد من مخاطر بيئات العمل والتي تحلُّ محلَ الإنسان في مجالات العمل الأكثر خطرًا كالعمل في المناجم العميقة أو بالقربِ من المصاهر أو التعامل مع المواد الكيماوية أو المواد التي تتسم بدرجة سُميّته عالية أو رفع الأحمال الثقيلة حيث تتولى هذه الروبوتات مهام عمل متكررة وروتينية والتي يمكن برمجتها للعمل في مختلف الظروف أو حتى بشكل متواصل.

ولا يمكننا هنا أن نغفل دور الإنسان الذي قام هو بذاتهِ بإبتكار هذه التطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي حيث لولا الإنسان لما عملت هذه الآلات لأنه يبقى تهديد الاختراقات والهجمات السيبرانية قائما وبالتالي يمكن لهذه الآلات أن تتعطل وتتوقف عن العمل وبالتالي يبقى دور التدخل البشري قائمًا لمعالجة هذه المشكلة وبالتالي فإن الآلة مهما تطورت لا يمكنها أن تحلّ محل الإنسان أو تلغي دورهُ تمامًا، إنما هي تساعدهُ في تسريع العمل بكفاءةٍ وإتقان وتضمن أفضل درجات السلامة للعاملين.

من جهة أخرى، يقوم مهندسو وفنيو السلامة في أماكن العمل بإجراء تقييمٍ شامل لمخاطر بيئة العمل بشكل دوري مستمر وذلك بهدف المحافظة على بيئة العمل أكثر أمانا وضمان خلوها من التهديدات التي يمكن أن تتسبب في وقوع حوادث وشيكة، أما الآن ومع دخول الأجهزة الرقمية وأجهزة الاستشعار الذكية فيمكنها أن تساعد المعنيين في الكشف المبكر عن مخاطر بيئة العمل بكفاءة عالية حيث أصبحت هذه الأجهزة تساعد على اكتشاف المخاطر مبكرًا وبالتالي تسمح للمختصين بالتدخل مبكرًا أيضًا والعمل على معالجة أسباب الخطر مما يُساهم ذلك في بقاء بيئة العمل أكثر أمانا.

وبما أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات يشهد تطورًا هائلًا مدعومًا ببحوث تطوير التقنيات المتقدمة وأدوات الذكاء الاصطناعي وكذلك سباق شركات قطاع تقنية المعلومات المحموم لتقديم أفضل الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي والرقمنة فهذا يدعونا لتطوير سياسات سلامة وصحة مهنية تـُركزُّ على اعتماد استخدام مثل هذه التقنيات في بيئات العمل للمساهمة في الحفاظ على سلامة وصحة الإنسان في مكان العمل.

ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة سنويًا للتذكير بضرورة مناقشة أسباب الخطر في أماكن العمل واعتماد أفضل الوسائل التي تحافظ على سلامة وصحة الإنسان واستدامة موارد المنشآت وارتفاع العائدات بمختلف أنواعها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات التأمينية رسالة دكتوراه بجامعة حلوان
  • منح الباحثة بسمة صفوت درجة الدكتوراه عن رسالة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات التأمينية
  • الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل
  • هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
  • مراكز البيانات الأميركية في مرمى التجسس الصيني.. ثغرات تهدد الذكاء الاصطناعي
  • كيف خسرت آبل عرش الذكاء الاصطناعي لصالح ميتا؟
  • عسكرة الذكاء الاصطناعي .. كيف تتحول التكنولوجيا إلى أداة قتل عمياء؟
  • أمازون وإنفيديا: كل الخيارات متاحة لتطوير الذكاء الاصطناعي بما في ذلك الوقود الأحفوري
  • راية تستعرض أحدث حلول مراكز البيانات في قمة Future of Digital Countries 2025
  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري