لجريدة عمان:
2024-10-05@08:44:05 GMT

مجتمعات قد تقود التحول العالمي

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

تبدو التحولات الديموغرافية الراهنة التي يشهدها العالم مؤثرة في قيادة التحول العالمي. سواء فيما يتصل بمعدلات النمو السكاني، أو فيما يتعلق بتحول بعض الاقتصادات العالمية الكبرى نحو الشيخوخة والانخفاض الحاد في معدلات الخصوبة. ذلك أن المسألة لا تتصل بالطريقة التي تدار بها القضية السكانية (الديموغرافية) داخل الدول نفسها؛ وإنما في تأثير ذلك على عمليات التبادل الاقتصادي، ونمو أسواق جديدة وضمورها، والحاجة إلى منتجات وخدمات عابرة للحدود، عوضًا عن حركة المواهب العالمية والتي تبدو اليوم محصورة باتجاهين أساسيين: السياسات الدافعة نحو (حمائية المواهب)؛ وهي تلك السياسات التي تدفع نحو تقييد حركة المواهب العالمية، والتشديد على الإجراءات والنظم والتسهيلات التي تسمح بحركتها في الأسواق العالمية.

أما الشكل الآخر من السياسات الذي تتنافس عليه الدول وهو (سياسات جذب المواهب)؛ من خلال تحفيز البيئة المستقطبة عبر البرامج والتسهيلات والتأشيرات والموارد ونظم الإقامة والعيش؛ التي تستهدف استقطاب أكبر قدر ممكن من المواهب في مختلف القطاعات لتحريك العمليات الاقتصادية والتنموية المختلفة. ولو حاولنا القبض على الخط الواصل بين كل هذه الاتجاهات سنجد أنه كامن في التحولات الديموغرافية.

إذن يجدر اليوم بالدول ومخططي السياسات العامة، وراسمي أجندة التنمية وضع المسألة الديموغرافية على أولويات أجندة الرصد والتتبع، ذلك أن هذه المسألة إما أن تكون تحديًا هيكليًا لمسارات التنمية على المستوى طويل الأجل، أو أن تكون أحد عناصر الفرص (غير المرئية) التي يمكن الاستثمار فيها على مستوى السياسات – الخدمات – المنتجات – الأسواق. شكل تضافر الأزمات المناخية، وتباطؤ جهود الحد من الفقر وسوء التغذية، وعودة الأوبئة العالمية بعضًا من عدم اليقين في السنوات الماضية إزاء توقعات النمو السكاني العالمي؛ إلا أن عدة مصادر تجمع أن سكان العالم سيكون بحلول عام 2030 قرابة 8.6 مليار مع بعض التباطؤ في النمو السكاني العالمي ولكنه ليس ذلك التباطؤ الحاد الذي رسمته بعض السيناريوهات. إلا أن التحولات الرئيسية في المسألة الديموغرافية العالمية التي يتوجب النقاش حولها في تقديرنا هي 5 تحولات:

1- دخول العالم إلى مرحلة (الشيخوخة العالمية): تتوقع KPMG أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأعلى إلى مليار شخص حول العالم.

2- بحسب European Strategy and Policy Analysis System سوف تقسم التركيبة السكانية المستقبلية العالم إلى معسكرين: أحدهما ينمو والآخر يتقلص. الأول، كما هو الحال في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا (نيجيريا وتنزانيا وإثيوبيا والهند وباكستان، على سبيل المثال). أما الطرف الآخر حيث يتباطأ حجم السكان مثل الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أيضًا أن تنخفض روسيا أيضًا من 143.9 مليونًا إلى 140.5 مليونًا. على الوجه الآخر تشير توقعات ذات النظام إلى أن الصين بلغت «الذروة» أيضًا وستظل مستقرة عند حوالي 1.4 مليار.

3- تبين الآثار الطويلة الإيجابية لمستويات الرعاية الصحية المرتفعة والنمو الاقتصادي على تركيبة بعض المجتمعات، وعلى أمد العمر، وتقلص الفوارق بين الجنسين فيما يتعلق بأمد الحياة. في كوريا الجنوبية على سبيل المثال تشير التوقعات إلى أن متوسط العمر المتوقع للمرأة سيكون حوالي 90 عامًا. وفي فرنسا ستكون عند 88 عامًا.

4- على مستوى الاقتصادات المتقدمة تبدو اليابان أكثر الدول تأثرًا بالمسألة الديموغرافية والتحولات الناشئة عنها. تتوقع تحليلات Center for Strategic and International Studies أن ينخفض النمو السكاني بين 15 - 25% بحلول عام 2050 إذا لم تستطع اليابان تحقيق تدفقات هائلة لهجرة السكان. على الجانب الآخر ورغم العدد الهائل لسكان الصين، إلا أن التوقعات تشير إلى الفترة بين عامي 2030 - 2050 ستشهد انكماشًا حادًا للسكان في سن العمل، مما قد يؤثر على مستويات النمو والإنتاجية والوضع الاقتصادي بشكل عام.

5 - التحول الخامس والمهم هو الذي تقوده القارة الإفريقية. حيث تحوي اليوم أكثر من 60 ٪ من سكان القارة دون سن 25 عامًا. ما يعني تزايدًا في قوة العمل للقارة الإفريقية خلال السنوات القادمة، مع التوقعات بزيادة النمو السكاني. ورغم التحديات الهيكلية التي تواجهها بعض دول القارة لناحية تأهيل وتمكين الموارد البشرية والاستثمار في المهارات؛ إلا أن المنتدى الاقتصادي العالمي التقط تحولًا نوعيًا في هذا الصدد فإفريقيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لم تشهد تباطؤًا في استثمار رأس المال الاستثماري. ففي عام 2022 تجاوز قطاع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في إفريقيا علامة 3 مليارات دولار لأول مرة، وجمعت 633 شركة ناشئة في إفريقيا مجتمعة 3.3 مليار دولار. وهو ما يمثل زيادة بنسبة 55.1٪ عن 2.15 مليار دولار التي تم جمعها في عام 2021 بواسطة 564 شركة ناشئة في إفريقيا (حسب بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي).

إذن ما تفرضه هذه التحولات في تقديرنا هو توسيع إطار النظر للمسألة الديموغرافية، عبر طرح مجموعة من المداخل الاستفهامية في الكيفية التي ستضغط بها المسألة الديموغرافية على مسائل مثل: إنتاجية العمل والعمالة، وقدرة نظم الحماية الاجتماعية على مواكبة هذه التحولات، والأنماط الجديدة المتطلبة لإدماج الشباب في أسواق العمل وفي أنماط المشاركة العامة، وفي نوعية المنتجات والخدمات التي سيفرضها توسع فئة كبار السن، وعن منظومات الطفولة المبكرة والأسس المحددة لجودة خدماتها لتمكين الاستثمار في هذه المرحلة. وعن وضع أطر فاعلة للاستثمار في المواهب والمهارات ليس بصورة عارضة – آنية – وإنما وفق إطار استراتيجي محكم وطويل المدى، وعن سياساتنا تجاه اجتذاب/ هجرة المواهب والعقول والأفكار والمنتجات. وعن قدرتنا تجاه أن نكون أسواقا لتقديم (خدمات ومنتجات) نوعية تشكل ميزتنا النسبية سواء في الصناعة أو السياحة أو قطاع الخدمات. وعن آفاق تعاوننا العلمي والثقافي مع الدول التي تستثمر في بناها الديموغرافية الشابة. ونعتقد في هذا الصدد أن وجود وحدة/ مركز وطني لدراسات السكان والتنمية أصبح ضرورة مرحلية، بحيث يمكّن منظومة السياسات العامة من التنبه إلى الفرص والتحديات التي تفرضها مسألة الانتقال الديموغرافي العالمي، ويضع استراتيجيات بعيدة المدى للاستثمار فيما يُعرف بالعائد الديموغرافي إضافة إلى توجيه بوصلة سياسات الهجرة والمواهب، عوضًا عن التنبيه إلى الاتجاهات العالمية التي ستتشكل وتؤثر بشكل مباشر على السياق المحلي فيما يرتبط بالمسألة الديموغرافية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی إفریقیا إلا أن

إقرأ أيضاً:

مصر تفوز بجائزة المجلس العربي لشباب العالم عن مشروع "التحول الرقمي من أجل التنمية المستدامة"

فازت مصر، ممثَلة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بجائزة المجلس العربي لشباب العالم في نسختها الأولى لعام 2024 عن مشروع "التحول الرقمي من أجل التنمية المستدامة في مصر" في مسار تمكين الشباب في المشاريع والمنظمات (الممكنون).

وتسلمت وزارة الاتصالات الجائزة خلال الحفل الختامي الذي انعقد في مملكة البحرين ونظمه المجلس العربي للشباب بالشراكة مع الاتحاد العربي للتطوع وبالتعاون مع جامعة الدول العربية، وبرنامج متطوعي الأمم المتحدة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والمعهد العربي للتخطيط في الكويت، ومنتدى شباب العالم، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد).

وتفوق مشروع التحول الرقمي من أجل التنمية المستدامة على 586 مشروعًا ممثلين أكثر من 34 دولة حول العالم، إذ حقق المعايير الرئيسية للجائزة، المتمثلة في تحقيق الأثرين الاجتماعي والبيئي باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين الشباب.

ويأتي فوز مصر بالجائزة تتويجًا لجهود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تحقيق التنمية المستدامة وتمكين الشباب باستخدام تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى عرض نجاح التجربة المصرية في مجال تمكين الشباب وتحقيق التنمية المجتمعية الرقمية، والاستفادة من أفضل الممارسات العربية والدولية، وتسهيل عملية التشبيك عالميًا. كما استوفى المشروع شروط قابلية التوسع والاستدامة وبناء شبكة من الشركاء الاستراتيجيين.

وجدير بالذكر أن وزارة الاتصالات أطلقت المشروع بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ضوء استراتيجية "مصر الرقمية" وأهداف التنمية المستدامة وذلك بهدف تطويع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة المتمثلة في دعم النمو الاقتصادي، مع مراعاة البُعدين الاجتماعي والبيئي، ذلك من خلال تمكين الفئات الأكثر احتياجًا في المناطق النائية، والسيدات، والأشخاص ذوي الإعاقة. 

ويقدم المشروع مجموعة من الحلول والبرامج التدريبية المعنية بكيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في رفع القدرات الرقمية للشباب، وتعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للسيدات العاملات في القطاعات غير الرسمية من خلال تقديم تدريبات في مجالات التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي وحلول الذكاء الاصطناعي والشمول المالي لرائدات الأعمال، بالإضافة إلى دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل من خلال توفير منصة إلكترونية للتوظيف والتدريب والتأهيل. 

كما يُولي المشروع اهتمامًا برفع الوعي بالمخاطر الإلكترونية والتهديدات الرقمية، وكذلك تسخير تكنولوجيا المعلومات في مواجهة التحديات البيئية ورفع الوعي بتغير المناخ.

ويعتمد المشروع على شبكة عريضة من الشركاء وأصحاب المصلحة من الهيئات الحكومية، والمنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات الأكاديمية، والقطاع الخاص لضمان استدامة النموذج الإنمائي.

تجدر الإشارة إلى أن جائزة المجلس العربي للشباب هي مبادرة عربية تأسست بناءً على توصيات المؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية في دورته الثالثة والخمسين، وهي إحدى الجوائز العالمية التي تستهدف شباب العالم في مجالات متعددة لتكريم المشروعات الإبداعية والاستثنائية وإبراز الجهود المتميزة للشباب في تحقيق التغيير الإيجابي. وتتنوع مجالات الجائزة ما بين الثقافة التكنولوجية، والتمكين اللغوي والتفكير الناقد، والمجتمعات السلمية والعادلة والمواطنة المحلية والعالمية، والإبداع في حل المشكلات والقيادة وصنع القرار.

وتركز هذه الجائزة على أهداف التنمية المستدامة، وتربط المشروعات المشاركة بشكلٍ مباشر بأهداف التنمية المستدامة، مما يعزز من أهمية هذه المشروعات في مواجهة التحديات العالمية. وتعتمد الجائزة على مهارات القرن الحادي والعشرين من خلال تشجيع استخدام المهارات الحديثة والابتكارية في تنفيذ وتحقيق الأثر الاجتماعي والبيئي للمشروعات، وقابليتها للتوسع والاستدامة، بالإضافة إلى الاعتماد على أدوات التكنولوجيا وتطبيقاتها.

مقالات مشابهة

  • «مصدر» تحرز تقدماً في تنفيذ خطط النمو لمحفظة مشاريعها العالمية
  • مصر تفوز بجائزة المجلس العربي لشباب العالم عن مشروع "التحول الرقمي من أجل التنمية المستدامة"
  • "مصدر" تحرز تقدماً في خطط النمو لمحفظة مشاريعها العالمية
  • “مصدر” تحرز تقدما في تنفيذ خطط النمو وزيادة القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعها العالمية
  • رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي تُشارك في القمة العالمية للبنية التحتية الرقمية
  • رئيس "الإسكان الاجتماعي" تُشارك في القمة العالمية للبنية التحتية الرقمية المنعقدة بالقاهرة
  • “ايدج” تشارك في مهرجان “تكنوفيست 2024” لدعم المواهب العالمية
  • الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل وظائف الموارد البشرية
  • "ايدج" تدعم المواهب العالمية في "تكنوفيست 2024"
  • أحمد بن سعيد: دبي تقود جهود تعزيز التوازن بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية