تحالف غاز بقيادة روسيا وإيران.. هل ينافس أوبك ويتحكم بأوروبا؟
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
قالت الباحثة أيشواريا سانجوكتا إن روسيا وإيران تسعيان إلى إنشاء تحالف للدول المصدرة للغاز الطبيعي بهدف منافسة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بقيادة السعويدية، وممارسة نفوذ على الغرب، وخاصة أوروبا، والتحايل على العقوبات الغربية، بحسب الباحثة أيشواريا سانجوكتا، في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث (Eurasia review).
أيشواريا تابعت، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "التأثير المحتمل للتعاون في مجال الطاقة بين روسيا وإيران على أمن الطاقة في أوروبا يعتمد على تعاونهما وردود أفعال الاتحاد الأوروبي وأصحاب المصلحة الآخرين".
وأضافت أن "التطوير الناجح لموارد الغاز الإيرانية والبنية التحتية من جانب روسيا وإيران، وإنشاء مشروع مشترك لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، يمكن أن يعزز مركزهما في السوق في صناعة الغاز العالمية، وقد يمكّنهما هذا التعاون من تزويد الدول الآسيوية، مثل الصين والهند، بإمدادات غاز يمكن الاعتماد عليها وبأسعار أكثر تنافسية".
وأردفت أنه "من المعقول أن تنشئ روسيا وإيران إطارا تعاونيا لصادراتهما وسياساتهما في مجال الطاقة، مما قد يؤدي إلى إنشاء سوق غاز عالمي مع دول أخرى منتجة للغاز، مثل قطر وتركمانستان والجزائر، ومن خلال هذا التحالف، قد تمارس تلك الدول سيطرة محتملة على ديناميكيات العرض والطلب للغاز، وبالتالي ممارسة التأثير على أسعار الغاز العالمية وتوافره".
وقالت أيشواريا إن "هذا السيناريو يمكنه أن يضع عقبة كبيرة أمام أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي؛ لأنه سيجعل الاتحاد أكثر عرضة لنقص الغاز وتقلب الأسعار والرضوخ للإكراه السياسي الذي يمارسه أعضاء تحالف الغاز".
وشددت على أن "التعاون الروسي الإيراني في مجال الطاقة يعتمد على المصالح المشتركة. ومع هذه العلاقة، تريد إيران الظهور كمنتج مهم للغاز في كل من الشرق الأوسط والساحة العالمية، فيما تهدف روسيا إلى تخريب تأثير العقوبات (الغربية)، وتتضمن الاستراتيجية المقترحة شراء إيران للغاز الروسي، ما من شأنه أن يخلق توترات جديدة في سوق الطاقة العالمية ويصوغ منافسات جديدة بين دول الشرق الأوسط".
ويفرض الغرب عقوبات على روسيا جراء حرب تشنها على جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022 وتبررها بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمني القومي الروسي، فيما يعاقب الغرب إيران بسبب برنامجها النووي الذي تقول إنه مصمم للأغراض السلمية.
اقرأ أيضاً
القناة التجارية بين روسيا وإيران.. تقارب في المصالح السياسية والاقتصادية
تعاون مكثف
و"على ضوء الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، يوجد تكثيف ملحوظ في التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وإيران، بسبب المخاوف المتزايدة بشأن أزمة النفط العالمية. وتم مؤخرا توقيع صفقة بقيمة 40 مليار دولار بين غازبروم، وهي شركة طاقة مملوكة لروسيا، ومؤسسة النفط الإيرانية الوطنية، لتطوير احتياطيات النفط والغاز"، كما تابعت أيشواريا.
وأضافت: "وتجري الدولتان مناقشات حول إمكانية إنشاء منصة إلكترونية لتجارة الغاز في المنطقة الجنوبية من إيران. وفي فبراير/ شباط الماضي، أبرمت إيران وروسيا اتفاقية تعاون استراتيجي تغطي مجالات مثل الطاقة والجيش والتجارة والأمن والبرنامج النووي المدني الإيراني".
وزادت بأنه "في مارس/ آذار الماضي، تم التوصل إلى اتفاق بين باكستان وروسيا للتعاون في مجال الطاقة يتضمن بناء خط أنابيب غاز يمتد من إيران إلى باكستان، مع امتدادات محتملة إلى الهند والصين، وسيسهل الخط تصدير الغاز الطبيعي الإيراني إلى هذه الدول مع فرض رسوم عبور لباكستان وروسيا".
و"في يوليو/ تموز الماضي، أظهرت روسيا وإيران عزمهما على إنشاء تحالف عالمي للغاز من شأنه أن ينافس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) من حيث نفوذها وهيمنتها داخل سوق الطاقة العالمية"، بحسب أيشواريا.
وأوضحت أن "السوق المقترحة ستشمل منتجي ومصدري الغاز البارزين، وبينهم روسيا وإيران وقطر وتركمانستان والجزائر، وسيكون هدفها الأساسي هو مزامنة سياسات الغاز الخاصة بها واستراتيجيات التسعير، وبالتالي تعزيز تأثيرها على الأسواق الغربية، وخاصة أوروبا".
واستطردت أيشواريا: "وفي أغسطس/ آب الجاري، قدمت روسيا اقتراحا لبناء مركز للطاقة بالتعاون مع إيران، يتضمن إنشاء مشروع مشترك لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال المستخرج من حقل غاز جنوب بارس الإيراني".
وأردفت أن الاقتراح يتضمن أيضا "إنشاء سوق غاز إقليمي يشمل كذلك الدول المجاورة في مناطق بحر قزوين وآسيا الوسطى. ومن المتوقع أيضا أن تشارك روسيا في معرض النفط الإيراني، وهو معرض بارز لصناعة النفط والغاز في الشرق الأوسط مقرر عقده في سبتمبر/ أيلول المقبل".
اقرأ أيضاً
للتحكم بسوق الوقود الأزرق.. روسيا وإيران تتجهان لتأسيس كارتل عالمي للغاز
قيود غربية
وتخضع روسيا وإيران، بحسب أيشواريا، لعقوبات غربية "تفرض قيودا على مشاركتهما في سوق الطاقة العالمية، لكن من خلال التعاون يمكنهما التحايل على بعض القيود وتعزيز آفاق التجارة والاستثمار".
وشددت على أن "روسيا وإيران تمتلكان موارد طاقة وبنية تحتية تدعم كل منهما الأخرى، إذ تمتلك روسيا معرفة متقدمة وقدرات تقنية في تصنيع الغاز الطبيعي المسال وبناء خطوط أنابيب الغاز، فيما تمتلك إيران مخزونا كبيرا من الغاز الطبيعي والنفط الذي يحتاج إلى جهود التطوير والتحديث".
وتابعت: "البلدان لديهما أيضا مصالح جيوسياسية وأهداف استراتيجية مشتركة في المنطقة، إذ يعبران عن معارضتهما لوجود الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط ويدعمان الحكومة السورية (التابعة لرئيس النظام بشار الأسد) والقوات المتحالفة معها".
"كما توجد رغبة لدى روسيا وإيران في معارضة التحالف (النفطي) الذي تقوده السعودية والدول التابعة لها، بما فيها إسرائيل والإمارات، وتريد موسكو وطهران إنشاء تحالف غاز عالمي لكسب مزيد من النفوذ على الدول الغربية، ولاسيما أوروبا، التي تُظهر اعتمادا كبيرا على واردات الغاز"، كما أضافت أيشواريا.
اقرأ أيضاً
إيران: نسعى مع قطر وروسيا وتركمانستان لإنشاء مركز للغاز
المصدر | أيشواريا سانجوكتا/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران روسيا تعاون غاز طبيعي أوبك السعودية أوروبا فی مجال الطاقة الغاز الطبیعی روسیا وإیران الشرق الأوسط بین روسیا
إقرأ أيضاً:
روسيا وإيران توقعان شراكة استراتيجية شاملة
موسكو "أ ف ب": أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان بميثاق الشراكة الذي وقع اليوم بين الطرفين والذي من شأنه "إعطاء زخم" جديد للتحالف القائم بين موسكو وطهران اللتين تقيمان علاقات متوترة مع الغرب.
وفي السنوات الأخيرة، توطّد التحالف القائم بين روسيا وإيران الخاضعتين لعقوبات دولية تقيّد مبادلاتهما في ظلّ تنامي المواجهة مع الولايات المتحدة والأوروبيين.
تسعى طهران وموسكو، إلى جانب بكين، إلى التصدّي للنفوذ الأمريكي. ونسجتا علاقات وطيدة في عدّة مجالات وتتقارب مواقفهما في ملفّات دولية كثيرة، من الشرق الأوسط إلى النزاع في أوكرانيا.
وتكبد البلدان خسائر وتراجع نفوذهما خصوصا في ديسمبر مع سقوط حكم حليفهما بشار الأسد.
ووقع الرئيسان الجمعة "اتفاق شراكة استراتيجية شاملة" في كل المجالات بما فيها المجال العسكري. ولم ينشر محتوى الوثيقة بعد.
وقال بزشكيان من الكرملين اليوم إن الاتفاق "سينشط روابطنا ويعززها" وسيشكل "أساسا متينا" للعلاقات بين البلدين
وأشاد بوتين بالاتفاق مؤكدا أنه "يوفر لنا الفرصة لإعطاء زخم إضافي لجميع مجالات التعاون تقريبا".
وعقد الرئسان مؤتمرا صحفيا بعد مراسم التوقيع، وفق الرئاسة الروسية.
وعقد هذا اللقاء قبل أيّام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، هو الذي عُرف بسياسة "الضغوط القصوى" إزاء إيران خلال ولايته الأولى (2017-2021).
ويتمحور الاتفاق على "التعاون الاقتصادي والتجاري في مجالات الطاقة والبيئة والمسائل المرتبطة بالدفاع والأمن"، وفق ما كشفت السفارة الإيرانية في موسكو الأسبوع الماضي.
وفي مقال نشرته وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي، كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "هي خطوة نحو عالم أكثر عدلا وتوازنا. فإيران وروسيا، إدراكا منهما لمسؤوليتهما التاريخية، ترسيان أسس نظام جديد".
وكشف أن الفكرة تقضي بأن يحلّ "التعاون" محلّ "الهيمنة"، في تلميح إلى القوى الغربية.
وصرّح نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أن الهدف من هذه المعاهدة يقوم على "تطوير قدرات" البلدين، لا سيّما من أجل "ضمان قدرة دفاعية موثوقة".
وشدّد على أن الاتفاق "ليس موجّها ضدّ أحد"، مشيرا إلى أن الغرب يسعى "دوما" إلى إظهار أن "روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية تدبّر شيئا ما ضدّ جهة ما".
وما زالت ملامح الاتفاق غير واضحة، غير أن موسكو أبرمت اتفاقا يحمل الاسم عينه العام الماضي مع كوريا الشمالية ينصّ في أحد بنوده على "مساعدة عسكرية فورية" في حال تعرّض أحد البلدين لاعتداء من طرف آخر.
لكنّ وزير الخارجية الإيراني أكّد هذا الأسبوع، بحسب وسائل إعلام روسية، أن المعاهدة مع طهران لا ترمي إلى "إنشاء تحالف عسكري" شبيه بذاك المبرم بين موسكو وبيونغ يانغ.