مفهوم القرض الحسن وضابطه الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن القرض الحسن هو ما يُعطيهِ الشخصُ المُقرض مِنَ المالِ ونحوِهِ قربة وإرفَاقًا للشخصِ المقترِض دون اشتراط زيادة، ليرد إليْهِ مِثلهُ؛ وقد عبَّر عن حقيقته الإمام الطاهر ابن عاشور بقوله في "التحرير والتنوير" (27/ 377، ط. الدار التونسية): [القرض الحسن: هو القرض المُسْتَكْمِلُ محاسِنَ نَوْعِهِ من كَوْنِهِ عن طِيب نفسٍ وبشاشةٍ في وجه الْمُسْتَقْرِضِ، وخُلُوٍّ عن كل ما يُعَرِّضُ بالْمِنَّةِ أو بتضييق أجل القضاء] اهـ.
وأوضحت الإفتاء أن إقراض المحتاج رفقًا به وإحسانًا إليه دون نفعٍ يبتغيه أو مقابلٍ يعود عليه هو من قبيل تنفيس الكربات التي يضاعف الله بها الأجر والثواب؛ مصداقًا لقول المولى تبارك وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].
ضابط القرض الحسن
وإذا كان الشرعُ الشريفُ قد رغَّبَ في القَرْضِ الحَسَنِ وأجزل الثواب للمُقْرِضِ، وحثَّ على قضاء حوائج الناس وتفريج كروبهم، فإنَّه أيضًا قد نهى عن استغلال حوائج الناس وإيقاعهم في الحرج الذي يدفعهم لارتكاب المحظور؛ لذا كان الأصل في القرض ألَّا يَجُرَّ للمقرِض نفعًا، وأن يكون غير مشروط بزيادةٍ على أصله، وأن يكون على سبيل الترفُّق لا التربُّح.
كيفية سداد القرض
قالت الإفتاء إن الأصل أن يتم سداد القرض بمثله؛ فإنه من المقرر شرعًا وفاء القرض بمثلهِ قدرًا وصفةً بالنسبة للنقود الورقية، لأنها من الأموال المثلية، وتُرد بمثلها طالما لم ينقطع التعامل بها، ولا أثر لغلائها أو رخصها في سداد القرض ما دامت صالحة للتعامل ولم يحصل لها انهيار في القيمة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395) في شرائط القرض: [أن يكون مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مثل له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين؛ فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.
وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 162، ط. دار الفكر): [(وإن كان) مثليًا (مما يوزن أو يكال) أو يعد (فليرد مثله..)] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 33، ط. دار الكتب العلمية): [(ويرد) في القرض (المثل في المثلي)؛ لأنه أقرب إلى حقِّه] اهـ.
وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 242- 243، ط. المكتب الإسلامي): [(ويجب) على مقترض (رد مثل فلوس) اقترضها، ولم تحرم المعاملة بها.. قَالَ الْمُوَفَّقُ: إذا زادت قيمة الفلوس أو نقصت؛ رد مثلها؛ كما لو اقترض عرْضًا مثليًّا؛ كبُرٍّ وشعير وحديد ونحاس، فإنه يرد مثله وإن غلا أو رخص؛ لأن غلو قيمته أو نقصانها لا يسقط المثل عن ذمة المستقرض] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القرض القرض الحسن حكم القرض مفهوم القرض القرض الحسن أن یکون
إقرأ أيضاً:
مصرفيون ينصحون بدراسة أعباء نقل المديونية بين البنوك
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تغري بنوك عاملة بالدولة، المتعاملين مع بنوك أخرى، بالحصول على مزايا تفضيلية عند نقل المديونية إليها. وتشهد الفترة الحالية من العام، حيث حلول شهر رمضان المبارك، تزايد العروض الحصرية لنقل السلفيات والمديونية، والتي تبشر بالحصول على سعر فائدة أو نسبة مرابحة منخفضة، مع السماح بتأجيل الأقساط لمدة 7 أشهر.
وعادة ما تحمل عروض البنوك لنقل المديونية عناوين براقة مثل التخلص من عبء القسط الشهري الكبير (أو الأقساط) للمديونية، بعد تقليل القسط الشهري المسدد للقرض أو التمويلات بأنواعها المختلفة، وإمكانية الحصول على سيولة جديدة من خلال منح العملاء مبالغ إضافية كزيادة في قيمة القرض القائم. وأجمع مصرفيون على أهمية عدم الانسياق إلى إغراءات البنوك من أجل شراء المديونات لدى بنوك أخرى من دون دراسة، مؤكدين أن انخفاض سعر الفائدة أو الربح على القرض الجديد يجب ألا يكون هو المعيار الوحيد لبيع المديونية لبنك جديد، خصوصاً أن تلك العملية يترتب عليها أعباء مالية من رسوم للسداد المبكر للقرض الأصلي ورسوم معاملة وتأمين على إجمالي القرض الجديد، ما قد يجهله الكثير من الراغبين في بيع قروضهم. وطالب المصرفيون موظفي البنوك بعدم استغلال ضعف الثقافة المالية لدى بعض العملاء من أجل تحميلهم أعباء جديدة، مثل إغرائهم بتخفيض قيمة القسط الشهري للقرض بعد بيعه، دون التنبيه إلى زيادة مدة القرض، أو منح العملاء مبالغ إضافية، كزيادة في قيمة القرض من دون وجود حاجة فعلية لها، ما يورطهم في مزيد من الديون.
وأكد أمجد نصر، الخبير المصرفي، أهمية تواصل العميل المقترض والراغب في نقل مديونته، مع البنك المقرض، قبل الانتقال إلى بنك جديد من أجل التفاوض معه، وبحث إمكانية الحصول على تسهيلات أو مميزات مثل تخفيض سعر الفائدة، حيث توجد في كل بنك ما تعرف بـ «وحدة الاحتفاظ بالعملاء» لدراسة والتعامل مع مثل هذه الحالات، محذراً من أن الإقدام على بيع القروض إلى بنوك أخرى عملية معقدة، وقد يكون لها مزايا أو تتسبب في مزيد من الأعباء المالية، ولذا يجب على العميل أن يدرس الأمر بطريقة مالية ويعرف التكلفة أو المردود الإيجابي قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة التي يختلف أثرها من حالة إلى أخرى.
وحدد نصر، عدداً من العوامل التي قد تدفع عملاء البنوك لنقل مديونياتهم أو بيعها لبنوك أخرى، وأهمها أن يكون العميل المقترض راغباً في نقل المديونية من بنك تجاري إلى مصرف إسلامي، أو أن يواجه صعوبات في التعامل مع البنك المقرض، مثل عدم منح تسهيلات إضافية، أو التشدد في منحه مبلغاً إضافياً للقرض.
وأضاف أن العامل الأساسي الذي يغري غالبية العملاء لبيع قروضهم لبنك جديد، هو السعي للاستفادة من انخفاض سعر الفائدة على القرض الجديد، أو الحصول على سيولة إضافية، عبر بيع القرض القديم والحصول على قرض بقيمة أعلى من البنك الجديد، منبهاً إلى أن هناك عدداً من النقاط التي تجب دراستها قبل اتخاذ قرار نقل المديونية، وأهمها تحديد نوع القرض (شخصي، سيارة، عقاري)، ومعرفة ما تم سدادة من القرض والمتبقي ومدة السداد الباقية، ومعرفة التكلفة التي سيتحملها العميل من رسوم السداد المبكر والرسوم الإدارية التي سيتقاضاها البنك الجديد.
وذكر نصر، أن من الأخطاء الشائعة في عملية نقل المديونية، أن ينفذها المقترض في السنوات الأخيرة من عمر القرض بعد أن يكون قد سدد الجزء الأكبر من الفوائد، وأيضاً أن تكون التكلفة أعلى مقارنة بالمبلغ الإضافي الذي يتم الحصول عليه من خلال القرض الجديد، وأخيراً عدم معرفة الأعباء المترتبة من رسوم لجهات أخرى مثل دائرة الأراضي والأملاك وتكلفة تسجيل الإجارة في البنوك الإسلامية في حال نقل مديونية القروض العقارية، داعياً عملاء البنوك إلى التيقن من أن الربح هو هدف أي بنك في المقام الأول، وهو لا يقدم أي مزايا للعملاء مجاناً من دون دراسة العائد الذي يمكن تحقيقه.
واختتم نصر بالإشارة إلى أن المنافسة بين البنوك على شراء قروض العملاء لدى بنوك أخرى، تعد منافسة منطقية، لاسيما وأن قطاع الخدمات المصرفية للأفراد يعد من القطاعات الأكثر مساهمة في أرباح البنوك نظراً لارتفاع الفائدة على الإقراض، مقارنة بقطاع الشركات التي تتفاوض على التسعير بشكل كبير، وكذا لانخفاض مخاطر عملية الإقراض للأفراد بشكل عام.
عروض حصرية
ومن جهته، قال أحمد أبو زيد، مسؤول بقسم التمويلات في أحد المصارف الإسلامية، إن المصارف تستغل حلول شهر رمضان المبارك، للإعلان عن عروض حصرية لنقل السلفيات والتمويل الشخصي، تسمح بتأجيل الأقساط لمدة 7 أشهر، بحيث يبدأ سداد أول قسط في أكتوبر المقبل، ويتمكن المتعامل من استلام راتبه بالكامل خلال فترة التأجيل.
وأضاف أن من أهم المزايا لعملية نقل السلفيات أو التمويلات لدى البنوك الأخرى، أن العميل المقترض يتمكن من تقليل قيمة القسط الشهري ما يتيح له راحة مالية أكبر، كما تمكن الاستفادة من أقل نسبة مرابحة في الدولة (تبدأ من 2.5% فقط)، مؤكداً أن المصرف يوفر ميزة قد لا توفرها البنوك الأخرى، وهي أن التأمين على التمويل أو نقل المديونية يكون اختيارياً بالكامل، على عكس البنوك الأخرى التي تفرض 1% من قيمة التمويل مقابل التأمين الإجباري.
بريق العروض
وبدوره، نصح يوسف السويدي، الخبير المصرفي، المقترضين وعملاء البنوك بشكل عام بعدم الانسياق إلى بريق العروض التي تعلن عنها بعض البنوك الصغيرة، والتي قد لا تتعامل بشفافية، فتغري العميل المقترض بسعر فائدة أقل من دون أن توضح له الأعباء المترتبة من رسوم معاملة ورسم للتأمين على القرض الجديد وفروقات قد تمثل مبلغاً شهرياً قليلاً، ولكنها تشكل مبلغاً كبيراً على مدار سنوات القرض، داعياً المقترض الراغب في نقل المديونية أو القرض الذي حصل عليه إلى بنك أخر، إلى ضرورة معرفة الرسوم والفوائد التي سيتحملها لنقل المديونية لبنك جديد، وعدم الانسياق فقط إلى سعر الفائدة المنخفض كعنصر وحيد لنقل المديونية.
وأكد السويدي على ضرورة دراسة جودة الخدمات وتكاملها كعنصر مهم للتعامل مع البنك الجديد، إذ أن المقترض قد يوفر مبالغ شهرية زهيدة من نقل المديونية، ولكنه قد يعاني من عدم جودة الخدمات التي يوفرها البنك الجديد أو عدم تكاملها.
وطالب السويدي، موظفي البنوك بعدم استغلال ضعف الثقافة المالية لدى بعض العملاء من أجل تحميلهم أعباء جديدة مثل إغرائهم بتخفيض قيمة القسط الشهري للقرض بعد بيعه، دون التنبيه بزيادة مدة القرض، أو منح العملاء مبالغ إضافية كزيادة في قيمة القرض من دون وجود حاجة فعلية لها، ما يورطهم في مزيد من الديون، منوهاً أن علاقة البنك مع العميل لا بد أن تكون قائمة على الثقة، لأن البنك إذا خدع العميل بقرض أو استغل نقطة ضعفة وعدم ثقافته المالية لمرة واحدة، فقد يفقد ثقة العميل طوال العمر، وتالياً يخسر البنك على المدى الطويل.
فوائد نقل المديونية
أكد أحمد أبو زيد أن من أهم فوائد نقل المديونية، ما يسمى بجدولة الدين، حيث يتمكن العميل من توحيد وتجميع ديونه والتمويلات أو القروض التي حصل عليها في بنك واحد لإعادة ترتيبها وإدارتها، من حيث تحديد مبلغ الالتزام الشهري بدقة وتسديد قسط واحد بدلاً من عدة أقساط، إضافة إلى الرغبة في الحصول على خدمات ومنتجات جديدة غير متوفرة في البنك الذي يتعامل معه، ومنها مزايا البطاقات الائتمانية الحصرية وسهولة التعامل والحصول على الخدمات عبر التطبيق المصرفي. وأوضح أنه في بعض الحالات قد يشكل (مبلغ القسط/الأقساط) نسبة عالية من دخل العميل الشهري، لذا يلجأ العميل لبنك آخر لإعادة هيكلة دينه من أجل تقليل القسط الشهري عبر تمديد فترة السداد. وأشار إلى أن أي خطوة الهدف منها تقليل الأعباء وتخفيض تكاليف القروض والديون من خلال ما يسمى بإعادة الهيكلة، لابد وأن تتم بعد دراسة، لافتاً إلى أن أي قرار على هذا النحو تجب ترجمته إلى أرقام فعلية يستطيع من خلالها الشخص الحكم على تصرفه، وإن لم يحسن ذلك، فعليه اللجوء إلى أهل الخبرة لإرشاده إلى اتخاذ القرار السليم، حتى يتجنب الوقوع مرة أخرى في نفس المشكلة أو الخسارة.
جدوى نقل المديونية
من جانبه، أكد الدكتور غسان طاهر، الخبير الشرعي في الصيرفة الإسلامية، أنه ليس من الضروري أن يكون نقل المديونية من بنك إلى آخر، أوفر أو أكثر جدوى، حتى وإن كانت نسبة الأرباح المعلنة أقل عن نسبة الأرباح على المديونية القائمة، خصوصاً إذا أمضى العميل عدداً ما من السنوات في تسديد ما عليه، مرجعاً ذلك إلى أن أغلب التكاليف يكون العميل قد تكبدها ودفعها في السنوات الأولى من عمر القرض، وما تبقى من تكاليف لا يمثل إلا النسبة الأدنى من التكلفة، ولهذا فإن الجدوى من نقل المديونية تكون معدومة.
ودعا طاهر، عملاء البنوك إلى عدم التسرع في نقل ديونهم لبنوك أخرى والانسياق وراء الإغراءات والإعلانات من أجل الحصول على مبالغ إضافية، وبالتالي زيادة الأعباء المالية عليهم وعلى أسرهم لسنوات أطول، وكذا تحمل تكاليف السداد المبكر والرسوم الإدارية للمديونيات الجديدة وغيرها من رسوم، والتي قد تكلف مبالغ طائلة في حال ما إذا كان حجم المديونية كبيراً، ناصحاً الجميع بالحرص على عدم تقييد دخولهم بديون وأعباء لا طاقة لهم بها، والابتعاد قدر المستطاع عن الاستدانة.