لماذا لم تتوقف حرب غزة حتى الآن؟
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
يمانيون../
لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال لا بد من العودة إلى يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين نفذت حركة حماس عملية تاريخية أسمتها “طوفان الأقصى”، فتوغلت إلى داخل المستوطنات “الإسرائيلية” وأسرت عدداً كبيراً من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، كان هذا اليوم مفصلياً في تاريخ الكيان، وأُخذ القرار حينها بتدمير حركة حماس بالكامل واحتلال قطاع غزة وتحقيق “النصر المطلق”، بحسب تعبير رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
تستند الهمجية “الإسرائيلية” التي أعقبت عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، والمستمرة إلى الآن، إلى اعتبار أن المقاومة الفلسطينية أصبحت تشكل خطراً “وجودياً” على “إسرائيل”، ولا يمكن التسامح مع هذا التجاوز الخطير، الذي مسّ وجود الكيان وبقائه، واقتصار الرد بعملية عسكرية “إسرائيلية” محدودة، أي باعتماد الحروب الخاطفة، أو إبرام صفقة تبادل للأسرى تكون “إسرائيل” الخاسر فيها.
حتى أن قضية استعادة الأسرى أصبحت شماعة يعلّق عليها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، كافة خططه لتفكيك قدرات حركة حماس وجرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين، تاركاً باب المفاوضات مفتوحاً مع شروط تعجيزية تعرقل ولادة صفقة تنهي الحرب مع حركة حماس. فإبرام صفقة لتبادل الأسرى من شأنه أن يوقف الحرب ومن المفترض أن يعود قطاع غزة المدمر إلى الفلسطينيين، وأن يعيد جيش الاحتلال “الإسرائيلي” انتشاره على طول حدود السادس من أكتوبر/تشرين الأول، من دون ضم أو استيطان.
وهذه النتائج لا تتوافق مع رؤية نتنياهو المستقبلية لقطاع غزة الذي يكتنفها الغموض، بالحد الأدنى لا يريد نتنياهو العودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر. بالإضافة إلى ذلك تشير التحليلات “الإسرائيلية” بأن لدى نتنياهو دوافع سياسية محضة من وراء عرقلة إيقاف الحرب، فهو يتخوّف من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذَين يعارضان صفقة التبادل، ويهددان بإسقاط الائتلاف الحكومي والذهاب إلى انتخابات تشير استطلاعات الرأي العام إلى أن نتنياهو سوف يخسرها.
وفي هذا الصدد، لا يوجد خلاف بين نتنياهو، الذي يحافظ على الغموض فيما يتصل بشمال غزة، والجيش، الذي يدعو الصحافيين لمشاهدة تدمير جباليا وتمركز قواته في “ممر نتساريم”.
وفي تحليل مستجد لخّص رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”، ألوف بن، آخر أفكار رئيس الحكومة “الإسرائيلية” ، بنيامين نتنياهو حيال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، فأشار من ضمن أمور أخرى إلى أنه يعارض التوصل إلى صفقة شاملة مع حركة حماس لإعادة المخطوفين الإسرائيليين في مقابل وقف الحرب وانسحاب الجيش “الإسرائيلي” من القطاع، ويبرّر موقفه هذا أكثر من أي شيء آخر بـ “الحاجة إلى تفكيك حركة حماس”.
من منطق عسكري لا توجد “مصلحة “إسرائيلية” ” في إصرار نتنياهو على مواصلة القتال، نظراً إلى أن الجيش “الإسرائيلي” ، كما أشار المحلل العسكري لصحيفة “معاريف” آفي أشكنازي، قام بمناورات عسكرية في قطاع غزة كلّه، ونجح في ضرب منظومة القيادة والسيطرة في حركة حماس، وفي ضرب البنى التحتية المركزية للحركة في قطاع غزة. وأنشأ مناطق فاصلة في رفح ومحور فيلادلفيا، وبالقرب من السياج الحدودي مع “غلاف غزة”، كذلك أنشأ ممراً يبلغ عرضه نحو 8 كيلومترات (ممر نتساريم). وبحسب ما يؤكد أشكنازي، هاجم الجيش “الإسرائيلي” الأنفاق الاستراتيجية والأنفاق التنظيمية في معظمها، “وهو ما يمكن أن نلمسه جيداً في الميدان من خلال تعقب تحركات عناصر حماس”، برأيه. وفي ضوء ذلك كله يستطيع الجيش “الإسرائيلي” الآن، مثلما يشدّد المحلل العسكري، السماح لنفسه بالتراجع إلى الوراء، والتمركز على خط الحدود.
ثمة دوافع أعمق من غاية بقاء نتنياهو في سدّة الحكم. وأبرز هذه الدوافع، والذي على ما يبدو يقف أيضاً وراء قرار قيادة الجيش عدم مواجهة رئيس الحكومة، هو أن وقف الحرب في غزة يمكن أن يؤدي إلى وقف ساحة القتال مع الحوثيين في اليمن. وبحسب مقال هآرتس المذكور أعلاه “يوضح الجميع أن الغارات الجوية “الإسرائيلية” في اليمن ليست سوى تدريبات على العملية الأكبر على الإطلاق، وهي الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية”.
إجمالاً الرؤية “الإسرائيلية” تروّج للذهاب إلى التصعيد الإقليمي، كاستكمال لمشروع “الشرق الأوسط الجديد”. وتقف عوامل داخلية إلى جانب نتنياهو في مسار التصعيد، فمهاجمة إيران تحظى بشعبية وسط الجمهور اليهودي “الإسرائيلي” ، وقد ازدادت أكثر فأكثر منذ حدوث آخر التطورات المرتبطة بالساحة اللبنانية وحزب الله، وسقوط نظام الأسد في سورية.
ويبدو أن الحرب في غزة مستمرة، وطالما أن الرهائن في غزة، فإن “إسرائيل” تستطيع أن تواصل القتال، وبالتوازي ترتفع احتمالية اشتعال جبهة أخرى في المنطقة، إن تحقق الأمل “الإسرائيلي” بانتزاع موافقة أميركية بضرب إيران.
العهد الاخباري ـ الكاتب: حسين شكرون
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: حرکة حماس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا أقر ترامب صفقة عسكرية لمصر رغم الاعتراضات الإسرائيلية؟
تتوالى القرارات الإيجابية من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة بحق النظام المصري. بينما لم يمر 15 يوما على عودة الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض اتخذ عشرات القرارات السلبية تجاه أصدقاء لواشنطن ومنافسين تجاريين لها، على عكس ما يتخذه حيال القاهرة.
وبعد أيام من استبعاد ترامب، مصر، من قراره بوقف المساعدات الخارجية للكثير من الدول في 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت وكالة "التعاون الأمني الدفاعي" التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، الثلاثاء، الموافقة على بيع أنظمة دفاعية لمصر بنحو 929 مليون دولار.
وأوضحت الوكالة، أن البيع سيجري لأنظمة لتحديث السفن المزودة بصواريخ لمصر من إنتاج شركة "لوكهيد مارتن" بقيمة 625 مليون دولار، وأنظمة رادار من طراز "إيه.إن/تي.بي.إس-78" طويل المدى من إنتاج شركة "نورثروب غرومان"، مع خدمات الدعم المرتبطة بها والتي تبلغ قيمتها 304 ملايين دولار.
وإلى جانب استمرار المساعدات المالية وصفقة السلاح الجديدة، خص ترامب، ملك الأردن، والسيسي -يطلق عليه لقب الجنرال بشكل دوري- فقط من بين حكام العرب لزيارة واشنطن الشهر الجاري، في دعوة ربما لم يوجهها لأي من قادة الدول الحليفة لواشنطن، ما يربطه مراقبون بدعوات الرئيس الأمريكي المتواصلة لعمان والقاهرة بقبول تهجير 1.5 مليون فلسطيني إلى أراضيهما.
أيضا؛ أعلن الرئيس الأمريكي خلال اتصال هاتفي جمعه بالسيسي، مطلع الشهر الجاري، عن إمكانية التدخل لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي العالقة بين البلدين والسودان لأكثر من 14 عاما، وذلك بحسب تصريح للبيت الأبيض.
"توقيت لافت"
وتجيء دعوة ترامب، للسيسي، للبيت الأبيض، ونيته التوسط بأزمة مياه النيل، وقراريه السابقين والذين يمسان الجيش المصري بشكل مباشر سواء باستمرار المساعدات العسكرية التي تصل منها 1.3 مليار دولار سنويا، أو بإقرار صفقة تسليح عسكرية هامة، في ظل عدة متغيرات لافتة.
أول تلك المتغيرات؛ دعوة ترامب في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، لتهجير 1.5 مليون فلسطيني إلى مصر والأردن، وتأكيده أكثر من مرة على أن القاهرة وعمان اللتين أعربتا عن رفض خطته، ستقبلان بها.
وأعلنت واشنطن عن الصفقة العسكرية، رغم إعلان السيسي، أكثر من مرة ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي، ووزير خارجيته بدر عبدالعاطي، عن رفضهما لخطة ترامب بإخلاء غزة من سكانها.
كما تأتي الصفقة في الوقت الذي أشارت فيه العديد من التقارير الصحفية الغربية والعربية إلى رفض الجيش المصري خطة ترامب، وسط تخوفات من تبعاتها على الأمن القومي المصري، ومستقبل شبه جزيرة سيناء.
وجرى الإعلان عن صفقة التسليح تلك عقب ذهاب ترامب، لما هو أكثر من التهجير والإعلان عن رغبته في احتلال الجيش الأمريكي لقطاع غزة، بقوله خلال مؤتمر صحفي جمعه برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء الماضي، إن بلاده "ستتولى" قطاع غزة، معلنا أنه لا يستبعد إرسال قوات أمريكية "لتأمين الملكية الأمريكية" هناك.
وإلى جانب ذلك فإن الصفقة تتزامن مع تحريض إسرائيلي على تسليح الجيش المصري وانتشاره في سيناء واتهامه بنقل عتاد ثقيل قرب حدود فلسطين المحتلة وزيادة عدد أفراده هناك، بالمخالفة لاتفاقية (كامب ديفيد) 1979، بل ومطالبة واشنطن منع تسليح الجيش المصري.
وقال سفير الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، لإذاعة "كول بارما": "إنهم ينفقون مئات الملايين من الدولارات على المعدات العسكرية الحديثة كل عام، ومع ذلك لا يواجهون أي تهديدات على حدودهم. لماذا يحتاجون إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟ بعد السابع من أكتوبر، يجب أن يدق هذا ناقوس الخطر. لقد تعلمنا درسنا. يجب أن نراقب مصر عن كثب ونستعد لكل سيناريو".
بل إن صفقة التسليح العسكرية الأمريكية لمصر التي أرجعها البيان الأمريكي للمساعدة بتحسين أمن دولة صديقة تظل قوة مهمة للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في الشرق الأوسط؛ تأتي في ظل استعدادات للجيش الإسرائيلي لترتيبات إخلاء غزة قسرا، بينما يواصل احتلال محور صلاح الدين منذ أيار/ مايو الماضي، رغم إعلان هدنة مع المقاومة الفلسطينية الشهر الماضي.
ونقلت قناة القاهرة الإخبارية المصرية، الخميس، عن إذاعة جيش الاحتلال، إصدار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تعليمات للجيش بإعداد خطة للسماح لسكان غزة بمغادرة القطاع عبر المعابر البرية أو البحر أو الجو.
وتعد هذه الصفقة العسكرية الأولى بعد إعلان تراجع ترتيب الجيش المصري في قائمة تصنيف (غلوبال فاير بور) للعام 2025 لأقوى الجيوش بالعالم، 4 درجات دفعة واحدة، خلال عام واحد، متقهقرا من المرتبة 15، إلى المرتبة 19.
ويلفت البعض إلى أن الصفقة جاءت رغم الحكم على السيناتور الأمريكي الديمقراطي المعزول بوب مينينديز بالسجن 11 عاما، بجانب آخرين، في قضية متورطة بها الإدارة المصرية الحالية، ورغم ما يجري حاليا بأروقة أجهزة التحقيق الأمريكية حول ما أثير عن تقديم نظام السيسي، 10 مليارات دولار لحملة ترامب الانتخابية عام 2016.
ويرى مراقبون أن إعلان الصفقة يشير إلى تغيير في السياسة الأمريكية من الإدارة الجديدة عن سابقتها لجون بايدن، والذي شهدت نهاية ولايته تجميد الكونغرس الأمريكي، في 6 كانون الثاني/ يناير الماضي، مبلغ 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر مع استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، وتخصيصها إلى لبنان.
"مخاوف بالمقابل"
وفي مقابل، القرارات الإيجابية من ترامب إزاء النظام المصري يتخوف البعض من زيادة ضغوط ترامب على القاهرة، وخاصة في ملف المساعدات السنوية البالغة نحو 3 مليارات دولار، وتعليق المساعدات الأمنية الأمريكية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار، لبلد تعد ثاني أكبر متلقٍّ للمساعدات الأمريكية بعد الاحتلال الإسرائيلي.
كما أشار موقع "ميدل إيست آي"، الثلاثاء الماضي، إلى أن مسؤولين بوزارة الخارجية الأمريكية أبلغوا البيت الأبيض بعدم إمكانية إقناع مصر بخطة ترامب، وأن هذا الاقتراح قد يزعزع استقرار مصر، الحليف الوثيق لواشنطن، وأن القاهرة لن تخضع للضغوط المالية، ملمحا إلى أن هذا الخلاف أثار توترات بين الدبلوماسيين الأمريكيين والبيت الأبيض.
وإزاء ما صنعه الرئيس الأمريكي من جدل، تصاعدت بشكل لافت حالة التضامن عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع الجيش المصري،دعما له لما يثار عن رفضه خطط التهجير.
وحول دلالات عقد ترامب صفقة سلاح مع القاهرة رغم انتقادات إسرائيلية لتسليح الجيش المصري، وبشأن ما كانت الصفقة ضمن حزمة تحفيز للقاهرة بقبول صفقة القرن وتهجير الفلسطينيين لسيناء، واحتمالات أن تكون لمغازلة للجيش المصري، وسط تكهنات برفضه ملف التهجير، تحدث محللون لـ"عربي21".
"منزوعة القوة"
وقال الكاتب والمحلل السياسي المصري المقيم في أمريكا أحمد حسن بكر: "يخطىء من يظن أن ما أعلنه ترامب عن تهجير سكان غزة لمصر والأردن وليد اللحظة، وزلة لسان، إنما هي صفقة القرن التى أعلنها بولايته الأولى، ووافق عليها الجنرال السيسي عندما التقاه بالبيت الأبيض".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى أن "استبعاد مصر من قرار وقف المساعدات الخارجية يعود لنص معاهدة (كامب ديفيد)، على منح مصر وإسرائيل مساعدات عسكرية، ونقدية، للاستمرار بالتزامهما ببنود المعاهدة".
ويرى أن "صفقات السلاح الأمريكي لمصر منزوعة القوة، وكلها دفاعية لا تغير موازين القوة بين مصر وإسرائيل، كما تحكم تلك الأسلحة اتفاقيات بعدم استخدامها إلا بما أقرته وزارة الدفاع الأمريكية، بجانب أن صيانة أغلبها تتم بأمريكا"، مذكرا بـ"تأخير واشنطن إعادة طائرات أباتشي مصرية بعد صيانتها".
وأكد أنه "من مصلحة أمريكا بقاء جيش مصر معتمدا على سلاحها دون تنويع مصادر السلاح ليسهل التحكم فيه والسيطرة عليها"، متسائلا: "ماذا فعل جيش مصر بما لديه من أسلحة عندما استولت إثيوبيا على حق مصر بمياه النيل، وعندما احتلت إسرائيل محور فلادليفيا؟"، مجيبا: "لا شيء".
"يضغط ولا يحفز"
ويعتقد بكر، أن "ترامب ليس بحاجة لتحفيز القاهرة أو الأردن لقبول خطته، لأنه تلقى مسبقا موافقة السيسي، على الصفقة، وتأكيده بأنه وملك الأردن سيقبلان بخطة التهجير تعني وجود تفاهمات سرية بين أمريكا وإسرائيل من جهة، ومصر والأردن من جهة أخرى على الخطة، رغم البيانات، والجعجعة الإعلامية".
وأوضح أن "السيسي أول من طالب بتهجير سكان غزة"، ملمحا إلى أن "ما يعزز فرضية موافقة السيسي اقتراحه خلال لقاء المستشار الألماني بالقاهرة تهجير أهل غزة لصحراء النقب الملوثة إشعاعيا، حتى تنتهى إسرائيل من القضاء على حركة (حماس)، وهذا مثبت بالصوت والصورة، فكيف نستبعد موافقته؟".
وأضاف: "ترامب يعلم أن أغلب الأنظمة العربية ديكتاتورية قمعية، تستجدي الرضا والحماية الأمريكية، واستمرارها مرهون بالرضا الأمريكي، وأنها تُساق بالعصى ولا تُساس بالكلمة، لذا يُصدر الأوامر ولا يقترح الخطط؛ لذلك يطمئن لاستعدادها للتنازل حتى عن أوطانها، مقابل بقائها بالحكم تنهب وتنعم بما تنهبه من ثروات شعوبها".
وخلص للقول إن "قوة ترامب تأتي من ضعف وتشرذم الأنظمة العربية، ولن يستطيع تنفيذ خطته إلا بموافقتها ومساعدتها حتى لو كانت موافقات سرية"، مضيفا: "ولو قبل السيسى وملك الأردن إستدعاء ترامب فهذا يدل على مدى خضوعهما لأوامره، وأنهما سينفذان ما يطلبه، وأن ترامب ليس بحاجة لتقديم أي تحفيز".
"صفقات مدفوعة الثمن"
من جانبه، يرى السياسي المصري وليد مصطفى، أن "مصر وأمريكا بعيدا عن من يحكمهما فالعلاقات بينهما محورية ووثيقة ولها أهمية ودور في استقرار المنطقة، وهي ليست مع البيت الأبيض فقط ولها أكثر من اتجاه وشكل ومع وزارة الخارجية والدفاع، وهذه علاقة أخرى خاصة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف عضو حزب "الوسط" المصري المعارض: "علاقة مصر بالمؤسسات الأمريكية الحاكمة جزء وعلاقتها مع النظام الحاكم جزء آخر، وفي أوقات تكون جيدة أو يصيبها الجمود، إلا أن الإدارة الأمريكية تستمر ببعض الأشياء بغض النظر عن وجود فتور من عدمه".
وألمح إلى أنه "عندما منع الرئيس باراك أوباما قطع غيار الطائرات الأباتشي عن مصر عام 2014 بعد انقلاب 2013، جرت باقي الصفقات والمعونات وعادت قطع الغيار المتوقفة، بغض النظر عن أن الوسيط حينها كان الاحتلال الإسرائيلي أو غيره".
ولفت إلى أن "الصفقة الجديدة عبارة عن أسلحة دفاعية، ومنها أسلحة لقطع بحرية، لأن أسطولنا البحري يشارك بتأمين البحر الأحمر وله دور كبير بهذا، وهي مسؤولية تضعنا بمواجهة مع جماعة الحوثي في اليمن".
وأوضح أنه "مع إعلان إيران عن ترسانة صواريخ بحرية، يستلزم ذلك تزويد أمريكا لمصر بأشياء كثيرة، ما يضعنا في المواجهة ، وهذه أمور تقوم بحسابها الإدارة المصرية بما يعود بالفائدة على الأمن القومي المصري الممتد لكل الحدود وليس حدود مصر فقط".
ويرى أن "قرار ترامب باستمرار المساعدات لمصر ومنها العسكرية 1.3 مليار دولار والمقرة بمعاهدة كامب ديفيد وفي المقابل رقم أكبر بكثير لكيان الاحتلال؛ ليست مساعدات أمريكية ولكنها حقوق مصرية، مقابل أشياء كثيرة منها استقرار المنطقة وملاحة قناة السويس، فالدولة المصرية تتلقى هذه المبالغ مقابل هذه الأشياء٬ وهذا الشيء السيء في المساعدات الأمريكية".
وأشار إلى أهمية التصنيع الحربي ووقف الاعتماد على السلاح الأمريكي، ملمحا إلى أن "رد وزير الإنتاج الحربي الأسبق الفريق محمد العصار على حديث المعارضة بأن المصانع الحربية تترك الإنتاج الحربي وتصنع منتجات منزلية، ردا لا يليق بخبرته العسكرية، وقال إن خطوط إنتاج القطع الحربية بعد إنتاجها ما يكفي الجيش بدلا من أن تتعطل تنتج أجهزة منزلية، وكأن الخط الذي ينتج قطعا حربية ينتج منتجات مدنية".
"تضعنا في أزمات"
ويرى مصطفى، أن "الأسلحة الأمريكية تضع الموقف المصري في أزمات، فعندما لا يكون السلاح مملوكا لك وقطع غيار السلاح والذخيرة ليست من تصنيعك يكون قرارك مرتبطا بأشياء كثيرة تتجلى الآن في ضغط الإدارة الأمريكية للقبول بتهجير الفلسطينيين".
وقال إنه "ليس من اللائق بوزارة الدفاع ووزارة الإنتاج الحربي أن تنتج جمبري ومكرونة وأجبان وخضار وغيرها، وعلى وزارات الزراعة والصناعة وغيرهما توفير احتياجات الجيش الغذائية والصناعية والإمداد والتموين والوقود والطاقة، وللجيش الإنتاج الحربي والأسلحة والذخائر وتطويرها والاكتفاء الذاتي منها وتصدرها فيصبح لها مصدر دخل وقوة وسيطرة ووقف ممارسة أمريكا السيطرة علينا".
وأكد أن "فرحنا بالمساعدات العسكرية يقابله أن كل قطعة سلاح نستوردها تضعنا في أزمة كبيرة حيث بعد أن نشتريها ونتدرب عليها ولكن ذخرتها وقطع غيارها ليست بأيدينا ما قد يحولها لقطعة لا يمكن استخدامها، كما عبر بعض قادة الدول عن مخاوفهم من عدم السيطرة على الأسلحة المستوردة مع التطور التكنولوجي، معتبرين أنه أمر مخيف".
وأشار إلى أن "الشيء المهم والمفروض طرحه وما نتكلم عنه منذ سنوات كمعارضة وتم تخويننا هو حجم قدرتنا على الاكتفاء ذاتيا من السلاح، وقدرتنا على التعامل مع سد النهضة، ومصادر الطاقة والغاز الطبيعي، وتوفير الخبز دون قروض، والاكتفاء من الحاصلات الزراعية والصناعية، ولو وضعنا في موقف يعرض الأمن القومي كما نتعرض الآن من ضغوط".
وشدد على أن "الجيش له دور حماية البلاد والتصنيع والإنتاج الحربي وليس المدني والمشروعات المدنية تظل للمدنيين".
وختم بالقول: "علاقاتنا بأمريكا ليست علاقة شراكة وليست حتى علاقة رعاية بل أسوا من ذلك؛ ويجب أن يكون في الإدارة السياسية الحالية من يفكر بحكمة ومن يرى أن أمن النظام نفسه من أمن الشارع ومن الأمن القومي ومن رضاء الشارع عنه، والنظام يطالب باصطفاف الشعب، والشعب واضح ومصطف بقضية فلسطين، ومصطف مع قضايا الأمن القومي، ومطلوب من النظام الاصطفاف مع الشعب".