الزيارة التى قام بها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إلى قداسة البابا تواضروس فى مقر البابوية، كانت فرصة لتذكير الناس بأن الفرح بأعياد الميلاد هذه السنة لا طعم له بسبب ما يتعرض له أشقاؤنا فى قطاع غزة.
صحيح أن المقتلة التى يتعرض لها أهل غزة كانت قائمة فى عيد الميلاد من السنة الماضية، ولكنها لم تكن قد بلغت هذه الحدود من الوحشية.
وهل هناك من الوحشية ما هو أشد من أن يتم قصف الخيام التى تؤوى النازحين فى خان يونس؟ أو أن يتم اقتحام مستشفى كمال عدوان وطرد المرضى وتجريد أفراد طاقم الطبى من ثيابهم؟ ثم هل هناك ما هو أفدح من أن يتم اقتياد أفراد الطاقم الطبى إلى جهة مجهولة بعد تجريدهم من الثياب؟.. هذه مجرد عينة مما يتعرض له الفلسطينيون فى أنحاء القطاع.. وإذا شئنا عينةً أخرى، فإن لنا أن نعرف أن حكومة التطرف فى تل أبيب تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين فى الخيام أو حتى الذين يبيتون فى العراء!
إن هذه كلها وقائع تنقلها وكالات الأنباء على مدار اليوم بالصوت وبالصورة، والذين يتابعونها لا يكادون يصدقون لولا أن ما يتابعونه منقول بالصورة التى لا تكذب.. الصورة التى تنقل مشاهد الأطفال الذين إذا لم يموتوا مرضًا بسبب عدم توافر الحدود الدنيا من العلاج، ماتوا جوعًا لأن المساعدات التى يجب أن تصلهم موقوفة على الحدود.
من أجل هذا كله كان الدكتور الطيب يصافح البابا ويهنىء بعيد الميلاد ثم يتساءل: كيف نفرح وأهلنا فى غزة يُطعمون الموت ويتذوقون مرارة الفقد؟
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» قد أذاعت أن عدد المفقودين فى الحرب وصل ١١ ألفًا!!.. ولهذا، فإن حديث الإمام الأكبر عن مرارة الفقد فى غزة ليس حديثًا حماسيًا، ولكنه مستند إلى ما تعرفه وتتدواله كل الوكالات المعنية بالشأن الإنسانى وعلى رأسها الأونروا بالذات.. أما عدد ضحايا الحرب فى مجملهم فإنه ١٥٣ ألفًا بين قتيل وجريح، بينهم ١٧ ألفًا من الأطفال و١٢ ألفًا من النساء!
هذه أرقام معلنة على العالم كله، ولكنه عاجز عن فعل شيء، ويبدو وكأن كل ما يخص الإنسان فيه قد مات!.. ولكن هذا لم يمنع الدكتور الطيب ولا البابا تواضروس من تذكير الناس بالفظائع الجارية، لعل أحدًا ممن يصله كلام الرجلين بستطيع أن يغير الوضع فى القطاع بيده، فإن لم يقدر على حد تعبير الحديث الشريف فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه.. وهذا أضعف الإيمان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط أحمر أضعف الإيمان سليمان جودة الزيارة
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس ووفود الأساقفة فى وداع «مطران دير مواس»
الأنبا أغابيوس.. أمين سر «الكنيسة» فى أزمة «البابا والرئيس»البطريرك: نال نصيبًا من «المحبة» وتعرض لمتاعب كثيرة دون شكوىتكليف الأنبا ديمتريوس بتسيير أمور «الإيبارشية» لحين تدبير أمرها
ودعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا أغابيوس مطران دير مواس، عن عمر ناهز 81 عامًا، بعد تعرضه لوعكة صحية فى الأيام الأخيرة.
وسيطرت أجواء الحزن على إيبارشية دير مواس، ودلجا، فى أعقاب نقل جثمانه إلى مقر المطرانية، حيث أقيمت صلوات تجنيزه- جنازته- هناك بحضور الأنبا ديمتريوس مطران ملوى، وأنصنا والأشمونين، والنائب البابوى للإيبارشية، والأنبا يؤانس أسقف أسيوط، والأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس قطاع وسط القاهرة، والأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة، والأنبا بيجول أسقف ورئيس دير المحرق، ومجمع كهنة الإيبارشية، وعدد من الآباء الكهنة، والرهبان، وأعداد غفيرة من أبناء الإيبارشية الذين امتلأت بهم الكنيسة، وفناؤها وامتد تواجدهم إلى الشوارع المحيطة.
وقضى الأنبا أغابيوس ما يزيد على 47 عامًا فى الحياة الرهبانية، بعد سنوات قليلة من تخرجه فى كلية الزراعة جامعة القاهرة عام 1969.
وترأس قداسة البابا تواضروس الثاني- بابا الإسكندرية- بطريرك الكرازة المرقسية صلاة التجنيز- الجنازة- بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بحضور لفيف من أساقفة المجمع المقدس، ووفود الإيبارشيات المختلفة، وعدد من الشخصيات العامة، والآباء الكهنة، والشمامسة.
وبدأ الأنبا أغابيوس – المولود بمدينة الزقازيق- محافظة الشرقية فى الثانى من إبريل عام 1944، حياته الرهبانية بدير الأنبا بيشوي- وادى النطرون، ورسم راهبًا فى 15 ديسمبر عام 1977.
وسيطرت أجواء الحزن على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية على الأساقفة، والرهبان، وكهنة دير مواس، إبان طقوس صلاة التجنيز، نظير ارتباطهم بالمطران الراحل.
وفى مطلع كلمته قال البابا تواضروس الثاني: إن الأنبا أغابيوس نال نصيبًا من اسمه الذى يعنى «المحبة»، لافتًا إلى أنه عاش حياة مليئة بالمتاعب، لكنه لم يشك إطلاقًا.
ورسم المطران الراحل قسًا فى السابع عشر من يوليو عام 1979، ورقى لدرجة القمصية فى الأول من يناير عام 1981 باسم الراهب «ويصا الأنبا بيشوي»، وعمل أمينًا للدير بتكليف من البطريرك الراحل البابا شنودة الثالث، إبان فترة الأزمة الشهيرة مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وأضاف البابا تواضروس الثانى خلال كلمته بصلاة تجنيز- جنازة – مطران دير مواس- بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أن الأنبا أغابيوس كان أمينًا، ومحبًا للبناء، والتعمير منذ توليه مهام إيبارشية دير مواس.
وانتدب «أغابيوس» للخدمة بالكنيسة المرقسية بالأزبكية، وكنيسة العذراء – وسط القاهرة- عام 1985.
وارتأى البطريرك الراحل- البابا شنودة الثالث – رسامته أسقفًا لإيبارشية دير مواس، ودلجا، وتوابعها، فى الثالث عشر من نوفمبر عام 1988، ثم رقى مطرانًا فى فترة البابا تواضروس الثانى فى 20 نوفمبر عام 2022.
وأشار البابا تواضروس الثانى إلى أن المطران الراحل عاش فى خدمة المحتاجين، والفقراء بـ «إيبارشيته»، لافتًا إلى أن هذه الإيبارشية خرجت قديسين، رغم مواجهتها صعوبات عديدة.
وأردف قائلًا: «إن لحظة انتقال الأحباء لحظة فريدة بالنسبة لنا، فهى بمثابة جرس إنذار ينبهنا بأن الحياة ستنتهى، وسيرجع كل واحد منا إلى بيته، وتجعلنا نجلس، ونفكر، وننظر إلى نفوسنا ونسأل: «هل استعددت لهذا اليوم؟!».
وقبل نحو أربع سنوات وصف الأنبا أغابيوس إيبارشية دير مواس، ودلجا بأنها نموذج مصغر لـ«مصر» فى التعايش، والمحبة، خلال لقاء جمعه بالسفير الإماراتى بالقاهرة حمد بن سعيد الشامسى، نافيًا تعرض مطرانيته لأي اضطرابات.
ولفت البابا تواضروس الثانى إلى أن المطران الرحل تولى مهام أمانة دير الأنبا بيشوى فى فترة حرجة (1981-1985)، وهى الفترة التى عانت خلالها الكنيسة من أزمة شهيرة بين البابا شنودة الراحل، والرئيس الراحل محمد أنور السادات، لكنه رغم ذلك تعامل بحكمة، ومحبة، وحزم.
وفى تصريحات سابقة لـ«الأنبا أغابيوس» – قبل نحو عام- لفت إلى معايشته لفترة التحفظ على البابا شنودة الراحل فى أعقاب خلافه مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مشيرًا إلى أنه تمتع بالقرب من البطريرك الراحل.
وقال: إن الأنبا صرابامون – رئيس دير الأنبا بيشوي- آنذاك- تنازل عن رئاسة الدير طوال فترة التحفظ، مؤكدًا أن البطريرك الراحل كان له «قلاية»- مسكن الرهبان- بدير السريان، وقرر أن ينتقل إلى هناك، نظير أنه لم يعد له صفة «البابوية».
وفى هذه الأثناء، كان رئيس دير الأنبا بيشوى – الأنبا صرابامون- يستمع إلى صوت يقول» اذهب لإعادة البابا من دير السريان»، وقرر أن يفعل ذلك، والتقيته، وذهبنا معًا، وظلا يتبادلان النظرات، وبعدها، قال «صرابامون»: لا تجلس هنا يا سيدنا، حتى لا يضايقك العمال، والطلبة، لكن البابا شنودة تمسك برأيه.
واستطرد: ترقبت هذا المشهد، حتى وافق البطريرك الراحل على العودة لمدة يوم واحد، ومشينا معًا عبر ممر خلفى للأديرة، واستغرقنا فى مسافة تقدر بنحو «كيلو متر» قرابة الساعتين، حتى وصل البابا إلى «قلايته»، وعند منتصف الليل فوجئت براهب يطرق باب «القلاية»، ليخبرنى بوجود قوات كبيرة تحاصر الدير، وانتظرنا للصباح، وترك له الأنبا صرابامون سكنه الخاص كرئيس للدير حتى تستقر الأمور.
وأوضح البابا تواضروس الثانى أن الأنبا أغابيوس عانى فى أعوامه الأخيرة من متاعب صحية كبيرة، وتعرض لوعكة كبيرة فى أيامه الأخيرة نقل على إثرها إلى المستشفى، حتى انتقل من هذا العالم».
وأردف قائلًا: «نحن نذكر سيرته الطيبة، ونطلب صلواته».
واستطرد: «باسم المجمع المقدس وباسم الأحبار الأجلاء، والآباء الكهنة، والشمامسة والهيئات القبطية نعزى مجمع كهنة إيبارشية دير مواس، وشعبها المحب للمسيح، ولأسرته المباركة».
وكلف البابا تواضروس الثانى الأنبا ديمتريوس مطران ملوى، وإنصنا، والأشمونين، بمهام النائب البابوى لإيبارشية دير مواس، ودلجا لحين تدبير أمرها مستقبلًا.
ورحل الأنبا أغابيوس عن عمر قارب ٨١ عامًا، بعد أن قضى فى الحياة الرهبانية أكثر من ٤٧عامًا، منها ٣٦ أسقفًا، وداهمته فى الفترة الأخيرة بعض الأمراض إلى أن وافته المنية الأربعاء الماضى.
ونيابة عن مجمع كهنة إيبارشية دير مواس، وجه الأنبا دانيال مطران المعادى، وسكرتير المجمع المقدس الشكر للبابا تواضروس نظير ما أسماه «تفضلًا» بالصلاة على المطران الراحل، كما شكر أعضاء المجمع المقدس، ورؤساء ورئيسات الأديرة القبطية، والمسئولين بأجهزة الدولة المختلفة، والقيادات التنفيذية، والقيادات الدينية الإسلامية، والطوائف المسيحية، وممثلى مجلسى النواب والشيوخ بالمنيا، وعلى رأسهم محافظها اللواء عماد كدوانى على تعزيتهم فى رحيل الأنبا أغابيوس.