المهمة الأساسية للأحزاب السياسية
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
تعتبر الانتخابات الحرة والنزيهة هى الوسيلة الوحيدة لتحقيق التداول السلمى للسلطة، ويرتبط بهذا التداول وجود تعدد حزبى حقيقى يسمح بتنافس فعلى بين عدد من الأحزاب السياسية ذات التوجهات المتبانية كى تنتقل السلطة من حزب إلى آخر، الأمر الذى يعنى أن التداول السلمى للسلطة لا يستقيم فى ظل حزب وحيد يحتكر الحياة السياسية، وتفيد التعددية الحزبية فى نشر الأيديولوجية الديمقراطية بين الناخبين، وتقود إلى الاتصال الدائم بين جمهور الناخبين ونوابهم تحت قبة البرلمان، وتسمح بتمثيل عدد كبير من الأحزاب السياسية فى المجالس النيابية، كما يمثل تعدد الأحزاب نوعًا من جماعات الضغط على الحكومة كرقيب لممارسة الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والخدمية.
الأحزاب السياسية أصبحت جزءًا رئيسيًا من السياسة العامة لكل بلد تقريبًا، تمتلك بعض الدول نظام الحزب الواحد، بينما يملك البعض الآخر نظام الأحزاب المتعددة، يستحيل وجود بلدان بدون أحزاب سياسية، تعد الأحزاب مهمة فى سياسات كل الأنظمة، ويعتبر علماء السياسة التنافس بين حزبين أو أكثر جزءًا أساسيًا من الديمقراطية.
كما يعتبر علماء السياسة أن البلدان التى يوجد فيها أقل من حزبين سياسيين هى بلدان استبدادية، كما أن الدولة التى تضم أحزابًا متعددة ليست ديمقراطية بالضرورة!
للأحزاب السياسية جذور عميقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث نشأت وتطورت بتطور مفهوم الدولة ذاته، وظهرت البدايات الأولى للحياة الحزبية المصرية مع نهاية القرن التاسع عشر، ثم برزت وتبلورت بعد ذلك خلال القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الحالى، انعكاسًا للتفاعلات والأوضاع السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية السائدة. وفى سياق الجهود الرامية لتفعيل النظام الحزبى فى مصر والقضاء على القيود التى أعاقت هذه الغاية لعقود مضت، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 28 مارس 2011 مرسومًا بقانون جعل تأسيس الأحزاب السياسية وإنشاءها بمجرد الإخطار، أدت هذه التسيرات فى وصول عدد الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة إلى أكثر من مائة حزب، لم تصل برامج معظمها بالشكل المطلوب إلى الشارع وتطلعاته، وتحولت الغالبية من هذه الأحزاب إلى مجرد يافطة تستخدم للوجاهة السياسية وسيطرت العائلات على بعض الأحزاب، ولم تعد شريحة واسعة من المصريين مهتمة بالحياة الحزبية، لقناعتهم بأنها لا تسعى للوصول إلى الحكم أو تقديم برامج حقيقية وهو ما يعتبر الأساس فى تكوين الأحزاب وفقًا للمادة الخامسة من الدستور التى تقضى بأن النظام السياسى يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة، وأصبح نهج الأحزاب السياسية التأييد والدعم الكامل لسياسات الحكومة من دون الاهتمام بشكل جدى بالأزمات التى تواجه المواطن، ما يفقدها زخمها فى الشارع.
إن فتح ملف الأحزاب السياسية للنقاش أمر بالغ الأهمية، وقد يؤدى إلى حل مشاكلها المستعصية منذ عقود والتى ترجع إلى عام 1977 الذى شهد عودة الأحزاب رسميًا بعد حلها فى يناير عام 1953، وهى تعانى أمراضًا مزمنة لم تشف منها حتى الآن. لأن أساسها كان وجود حزب واحد فعلى مدعوم من الدولة، ولا ضير إطلاقًا من وجود مئات الأحزاب على الساحة، ولكن بشرط أن تكون الأحزاب فاعلة على الأقل ثلاثة أو أربعة منها، تتنافس فى الانتخابات العامة بهدف الوصول إلى السلطة، لكن أن تهيمن على الساحة الأحزاب الكرتونية والبالونية فهذا أمر لا يليق ولا يجب أن يستمر فى ظل الانفراجة التى أتاحها الرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال الحوار الوطنى الذى دعا إليه ومهد الطريق أمام الأحزاب السياسية فى مخاطبة الجماهير والمشاركة فى وضع الحلول للقضايا العامة.
إن التنافس الشريف بين الأحزاب السياسية بشرط دمج الأحزاب المتشابهة لإفساح الساحة أمام ثلاثة أو أربعة أحزاب بات ضروريًا لإنقاذ الحياة الحزبية وتحقيق الاستفادة من الأحزاب فى المهام القومية التى تفيد الوطن والمواطن، لكن بقاء الأحزاب محلك سر والاكتفاء بالبحث عن امتيازات فلن يزيدها إلا انصراف المواطنين عنها، أما المنافسة الشريفة بينها تنفى عنها أنها أحزاب كرتونية، عائلية، أو تنشأ بالأمر المباشر لأداء مهام فعلية!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب الانتخابات الحرة الأحزاب السیاسیة أحزاب ا
إقرأ أيضاً:
على الساحة الرقمية.. تعرف على حرب أخرى مستعرة بين روسيا والغرب
تستعر حاليا حرب بين روسيا والغرب لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية، لكن ميدانها الإعلام وأدواتها الإنترنت، فلم تكتف روسيا باختراق مواقع لوسائل إعلام ووزارات غربية كبيرة، بل تسعى لتجنيد جيش من صانعي المحتوى الأوروبيين تزوده بآخر تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات الإلكترونية.
لقد استطاعت الدعاية الروسية مؤخرا انتحال صفات وسائل إعلام غربية معروفة تجاوزت الـ17 وسيلة من بينها صحيفة "غارديان" البريطانية و"ديرشبيغل" الألمانية، كما انتحلت صفات جهات رسمية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) والشرطة الألمانية ووزارة الخارجية الفرنسية والناطق باسم البيت الأبيض.
ووفقا لتقارير استخباراتية غربية استطاعت روسيا عبر كل تلك العناوين بث رسائل مختلفة إلى الجماهير الأوروبية -والغربية عموما- تتعلق أحيانا بالمساعدات المقدمة لأوكرانيا، وأحيانا باحتجاجات المزارعين وتارة بالحرب في غزة، ومرة بأولمبياد باريس.
بَيد أن ما يؤرق أوروبا حاليا هو تركيز روسيا على مواقع التواصل الاجتماعي وتجنيد المؤثرين وصناع المحتوى الأوروبيين لصالح دعايتها للتأثير في الرأي العام الأوروبي.
تركيز روسيا على مواقع التواصل الاجتماعي وتجنيد المؤثرين وصناع المحتوى لصالحها يؤرق أوروبا (شترستوك) روسيا تجند الأوروبيينكشف تحقيق نشرته صحيفة لوموند الفرنسية في 18 ديسمبر/كانون الثاني الجاري أن روسيا طورت أساليب حربها الإعلامية مع الغرب، من عمليات اختراق المواقع وزرع العملاء إلى التواصل المباشر مع صناع المحتوى من مغردين ومدونين ويوتيوبريين وكل المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.
إعلانونقلت الصحيفة عن مصادر داخل أجهزة المخابرات الفرنسية أن مقربين من الكرملين تواصلوا مع أكثر من ألفي منتج محتوى أوروبي، وأن حوالي 20 من هؤلاء، من بينهم 9 فرنسيين، قبلوا الدخول في صفقة مع الكرملين لنشر الدعاية المؤيدة لروسيا.
ويضيف التحقيق أن فرنسا رصدت عمليات تلاعب واسعة النطاق على شبكات التواصل، انطلقت في ربيع عام 2022، أي بعد وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا، وكانت تلك العمليات تهدف إلى تخويف الرأي العام الأوروبي بشأن تداعيات التدخل الغربي في ما يجري في أوكرانيا.
ووفقا لصحيفة لوموند، فقد دفع مقربون من الكرملين أموالا لنحو 20 مؤثرا -يستخدمون منصتي "تيك توك" و"إنستغرام"ـ في عدة دول أوروبية مقابل نشر مقاطع فيديو تستخدم عناصر من الدعاية الروسية، وتتناول بالخصوص قوة جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخطورة نشوب حرب عالمية بسبب تورط حلفاء أوكرانيا في الصراع.
وحسب الصحيفة فإن المؤثرين الذين جندتهم روسيا يتوزعون بين إسبانيا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا ونشروا مقاطع فيديو مقابل أموال لم يكشف عن حجمها.
وقالت صحيفة "لوموند" إن مصادر الاستخبارات الفرنسية كشفت لها عن بعض الشخصيات المؤثرة في فرنسا استطاع الروسيون تجنيدها ودفعوا لها الأموال مقابل نشر مقاطع الفيديو لصالح الدعاية الروسية، مضيفة أن بعض هذه المقاطع تم تصويره في جنوب فرنسا، ووصل عدد مشاركات واحد من تلك المقاطع أكثر من 6 ملايين مشاركة.
وبالتزامن مع نشر تقرير صحيفة لوموند أعلن وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو يوم الأربعاء 18 ديسمبر/كانون الأول أن لدى حكومته معلومات تؤكد تلاعب روسيا بالمؤثرين في عدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، وأن التحقيقات جارية حول الموضوع.
ودعا بارو مُنشئي المحتوى وكل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى توخي الحذر الشديد فيما يتداولون لما قد يترتب عليه من تأثير على الرأي العام وما ينجم عن ذلك من تهديدات للأمن القومي الأوروبي.
وزير الخارجية الفرنسية أعلن أن لدى حكومته معلومات تؤكد تلاعب روسيا بالمؤثرين في عدد من الدول الأوروبية (رويترز) أهداف الدعاية الروسيةفي دراسة نشرتها شبكة "إن بي آر" الأميركية بعنوان "هكذا تبدو الدعاية الروسية في عام 2024" تعتبر الكاتبة شانون بوند أن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لروسيا تقوم بتضخيم القصص المتعلقة بمواضيع سياسية مثيرة للانقسام مثل الهجرة والاحتجاجات في المؤسسات الجامعية بشأن الحرب في غزة.
إعلانوحسب الدراسة فإن عام 2024 شهد تزايد الدعاية الروسية الموجهة للغرب باعتباره عاما انتخابيا مزدحما، حيث استهدفت تلك الدعاية الانتخابات الأميركية والانتخابات في أوروبا وأولمبياد باريس، وفقًا لمسؤولي الاستخبارات وباحثي الإنترنت وشركات التكنولوجيا.
فقد صرحت مديرة الاستخبارات الأميركية أفريل هينز في مايو/أيار الماضي في إحاطة أمام مجلس الشيوخ أن روسيا تمثل التهديد الأجنبي الأكثر نشاطًا للانتخابات الأميركية.
وبحسب بوند، فإن عمليات التدخل المرتبطة بروسيا تتخذ أساليب مختلفة وتسعى لتسخير أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة لاستهداف مواضيع متعددة، رغم أنها تحمل سمات متسقة وتصب في بوتقة واحدة، ومن بين أهداف الدعاية الروسية:
العمل على تآكل الدعم لأوكرانيا. تشويه سمعة المؤسسات الديمقراطية. التأثير على الناخبين لتغيير ولاءاتهم. تشويه سمعة المسؤولين الغربيين. الاستفادة من الانقسامات السياسية القائمة. العمل على تشكيل طبقة سياسية موالية لروسيا. هينز: روسيا تمثل التهديد الأجنبي الأكثر نشاطًا للانتخابات الأميركية (الفرنسية) التكتيكات الروسية في الحرب الرقميةيؤكد الباحثون أن روسيا تستخدم تكتيكات مختلفة في غزوها الرقمي للمجتمعات الغربية ومن ذلك:
شبكات دعاية متعددة المهام مثل "دابلغينغر" (Doppelganger)وفقا للباحثة شانون بوند، فإن هذه الشبكة "دابلغينغر" (Doppelganger) عبارة عن مجموعة من الحسابات ومواقع الأخبار المزيفة مربوطة بشكل مباشر بالكرملين الذي يعتمد جهاز تأثير ضخم متعدد الوسائط، يتكون من أجهزته الاستخباراتية والجهات السيبرانية الفاعلة ووكلاء وسائل الإعلام الحكومية ومتصيدي وسائل التواصل الاجتماعي لضخ الدعاية وغسيل المقالات الإخبارية المزيفة والمضللة وتوزيع نظريات المؤامرة.
واستطاعت الشبكة انتحال تصاميم وأسماء نطاقات وسائل إعلام غربية كبيرة مثل غارديان ودير شبيغل وواشنطن بوست، كما انتحلت صفة الناتو والحكومتين البولندية والأوكرانية والشرطة الألمانية ووزارة الخارجية الفرنسية.
إعلانكما قامت هذه الشبكة بتشغيل حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، واشترت إعلانات على موقع فيسبوك تستهدف الجماهير الأوروبية خصوصا الفرنسية والألمانية عبر رسائل تهدف لتضخيم المساعدات المقدمة لأوكرانيا، وإذكاء احتجاجات المزارعين.
واستهدفت تلك الشبكة أولمبياد باريس عبر مواقع إخبارية مزيفة تستخدم اللغة الفرنسية لنشر مزاعم تتعلق بفساد الهيئة المنظمة للألعاب والتحذير من أعمال عنف محتملة أثناء الأولمبياد.
شبكة "دابلغينغر" (Doppelganger) عبارة عن مجموعة من حسابات ومواقع أخبار مزيفة (شترستوك) استخدام الذكاء الاصطناعييتم تضخيم حجم المنشورات والمقالات والمواقع الإلكترونية التي تنتجها الدعاية المرتبطة بروسيا من خلال الذكاء الاصطناعي، وهو عنصر جديد كثفت الدعاية الروسية استخدامه خلال عام 2024.
ووفقًا لتحقيقات حديثة لشركات "مايكروسوفت" و"ميتا" و"أوبن أول" فقد بدأت حملات التأثير التي تتخذ من روسيا منطلقا لها استخدام الذكاء الاصطناعي في محاولاتها للتلاعب بالرأي العام الغربي وتشكيل مواقفه السياسة، فقد استخدمته لترجمة المقالات إلى لغات أخرى وإنشاء منشورات وتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، كما استخدمته لتزييف صوت الممثل توم كروز وهو يروي فيلمًا وثائقيًا مزيفًا على منصة نت فليكس ينتقد اللجنة الأولمبية الدولية.
واستخدمت الدعاية الروسية الذكاء الاصطناعي لإنشاء فيديو للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، حيث تم تزوير أسئلة المراسلين ورد ميلر حول السياسة الأميركية في حرب أوكرانيا، وانتشر الفيديو على قنوات تليغرام الروسية ووزعته وسائل إعلام حكومية روسية، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
الدعاية الروسية استخدمت الذكاء الاصطناعي لإنشاء فيديو للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (شترستوك)وتزداد خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي عندما يتعلق الأمر بالتشويش على الانتخابات، حيث يكون الجميع بما في ذلك الفاعلون السياسيون والناخبون ووسائل الإعلام ورواد شبكات التواصل يتسابقون لمواكبة التطورات.
إعلان المواقع النائمة: تستغل الحملات المرتبطة بروسيا مواقع الويب لبناء جمهور على فترات طويلة، من خلال منشورات لا تمت في البداية بصلة للموضوع المستهدف، غير أنها ستتحول إلى عمليات تضليل في وقت محدد. التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي: تُستخدم المنصات لتضخيم المعلومات المضللة من خلال حملات منسقة وحسابات زائفة وروبوتات آلية. الهجمات الإلكترونية والقرصنة: إلى جانب خروقات البيانات لسرقة المعلومات، تعمل هذه الهجمات على تعطيل الاتصالات وتقويض العمليات الديمقراطية. الربط المكثف: حسب تحقيقات شركات المعلومات فإن من بين الأساليب التي تستخدمها الدعاية الروسية عملية ربط مكثفة لمشاكل سياسية في بلد معين بما يحدث في أوكرانيا، حيث ترسخ الدعاية في أذهان المتلقين أن تلك المشاكل ذات صلة بطريقة ما بدعم تلك الدولة لأوكرانيا. التأثير بالكلاب: أعطى تقرير لموقع لاكروا الفرنسي -نشر في مارس/آذار الماضي- نماذج من مقاطع الفيديو التي تبثها موسكو في دعايتها على الإنترنت ومن ذلك مقطع انتشر بشكل واسع بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في أوروبا يدين ما يصفه رهاب روسيا الذي وقع العديد من الأوروبيين ضحايا له منذ بداية الحرب في أوكرانيا.ويصور مقطع الفيديو -الذي تم بثه في 21 مارس/آذار الماضي من قبل العديد من السفارات الروسية حول العالم- لقاء بين أصدقاء حيث يحضر كل واحد منهم ومعه كلبه، لكن الوافد الأخير الذي يرافقه كلبه الهاسكي السيبيري يتم إبعاده عند المدخل بسبب رهاب الآخرين من روسيا، وينتهي مقطع الفيديو بعبارة "أوقفوا كراهية الروس".
وهنا سألت الصحيفة في تقريرها أستاذ علوم المعلومات في جامعة بانثيون أرنود ميرسييه، هل من الممكن التأثير على الرأي العام بالكلاب؟ فأجاب أن الأمر يتوقف على معرفة من تريد إقناعه، ففي فرنسا مثلا لا يزال هناك من يحافظ -بفعل العلاقات الأيديولوجية مع اليمين المتطرف أو بسبب الكراهية للولايات المتحدة- على شكل من أشكال الدعم لروسيا، وبالفعل فإن العديد من الفرنسيين تأثروا بهذا المقطع وأعادوا نشره، وغيرهم كثير خصوصا الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة فيتفاعلون بنشاط مع هذا النوع من عناصر الدعاية.
الاتحاد الأوروبي أعلن منذ بدء الحرب في أوكرانيا حظر نشر وبث وسائل الإعلام الروسية مثل محطة "آر تي" و"سبوتنيك" (غيتي) عمليات التصدي للغزو الرقمي الروسيمنذ بدء الحرب في أوكرانيا، أعلن الاتحاد الأوروبي حظر نشر وبث وسائل الإعلام الروسية خصوصا محطة "آر تي" و"سبوتنيك" و"فواس أوف أوروب" و"ريا نوفوستي".
إعلانلكن هذا الحظر لم يمنع هذه المحطات من الانتشار عبر مئات المواقع والمنصات الأخرى المتاحة على نطاق واسع في أوروبا.
وحسب مقال للصحفية البلجيكية إيليني كاليا بعنوان "روسيا والتضليل ومعركة أوروبا من أجل الحقيقة" فإن المفوضية الأوروبية أطلقت في شهر أبريل/نيسان الماضي تحقيقات مع مواقع فيسبوك وإنستغرام بشأن تعاملهما مع التضليل الناجم عن دول أجنبية وخاصة روسيا، وسط مخاوف بشأن التدخل الروسي في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في يونيو/حزيران الماضي.
وتشتبه المفوضية في فشل المنصات المذكورة في الحد من انتشار الأكاذيب والتلاعب الأجنبي المنسق، وعدم التحكم بشكل كاف في الإعلانات الخادعة وحملات التضليل ومزارع الروبوتات المنسقة، ويتزامن هذا التحقيق مع فتح تحقيقات مماثلة ضد منصة تيك توك ومنصات أخرى.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق منذ عام 2015 مبادرة بهدف مكافحة المعلومات المضللة التي تستهدف الاتحاد، وتقدم المبادرة قاعدة بيانات قابلة للبحث تضم أكثر من 12 ألف عينة من المعلومات المضللة المؤيدة للكرملين.
كما أعلن في عام 2021 عن تأسيس المرصد الأوروبي للوسائط الرقمية الذي يضم شبكة من مدققي الحقائق والباحثين والمؤسسات الأكاديمية تعمل على مراقبة وتحليل اتجاهات التضليل في أوروبا.
وفي يونيو/حزيران 2022، تم التوقيع على مدونة أصدرت بالتعاون مع 34 جهة كانت طرفًا في مراجعتها، بما في ذلك شركات التكنولوجيا الكبرى مثل ميتا وغوغل وتيك توك.
وحسب تقرير لوكالة فرانس برس نشر في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن هناك أعمال تخريب وحتى محاولات اغتيال، لزعزعة استقرار المعسكر الغربي وثنيه عن مواصلة دعمه لأوكرانيا.
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي أنه اتخذ عقوبات ردا على "الهجمات الهجينة" على أراضيه، ضد عملاء روس، تستهدف العقوبات 16 فردا و3 كيانات وتشمل تجميد الأصول وحظر السفر إليه وحظر الشركات الأوروبية التي تمولها.
إعلانوقررت الدول الـ27 أيضًا استهداف شبكة "دابلغينغر" المتهمة بالتضليل الرقمي لصالح روسيا، من خلال معاقبة صوفيا زاخاروفا رئيسة إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التابعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورغم كل الإجراءات التي اتخذها الأوروبيون، فإن عمليات الغزو الرقمي الروسي بدأت تؤتي أكلها وتؤثر في الرأي العام الأوروبي، وآخر مثال على ذلك ما حدث في رومانيا، حيث أنتج التأثير الروسي بشكل مفاجئ طبقة سياسية موالية لروسيا تصدرت المشهد في الانتخابات البرلمانية وفي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تم إلغاؤها لذات السبب خلال الشهر الجاري، مما أدخل البلاد في أزمة سياسية عميقة سيكون لها تأثيرها في أوروبا والمعسكر الغربي عموما.