دار الإفتاء: القرض البنكي لتمويل المشاريع لا يعد ربا
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن القرض لتمويل المشاريع لا يعد ربا، مشيرًا إلى أنه إذا كان القرض من البنك موجهًا لتمويل مشروع أو نشاط تجاري عبر آلية شرعية واضحة، فإنه لا يعتبر حرامًا ولا يعد من جنس الربا.
وأوضح الدكتور عمرو الورداني، في فتوى له، أنه يجب التمييز بين القرض والتمويل، مشيرًا إلى أن القرض التقليدي الذي يتم مع إضافة فائدة عليه يعد من الربا المحرم شرعًا، ومع ذلك، في حالة تمويل المشاريع من قبل البنوك أو المؤسسات المالية بطريقة شرعية، يتم استخدام آلية تُسمى "التمويل" بدلاً من القرض التقليدي.
وأوضح أن "التمويل" هنا يشبه عقد شراكة بين صاحب المشروع والبنك، حيث يُعتبر البنك وكأنه شريك في المشروع، وليس مجرد مقرض يتقاضى فائدة، مشيرا إلى أن هذا النوع من التمويل الشرعي لا يُعد قرضًا بالمفهوم التقليدي، بل هو نوع من المشاركة التي تتيح للجهة الممولة أن تساهم في المشروع على أساس من الشراكة، وبالتالي لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
وأكد أنه إذا تم الاتفاق بين الطرفين على التمويل وفقًا للضوابط الشرعية المحددة في عقود التمويل، فلا حرج في ذلك، ويكون المشروع مباحًا من الناحية الشرعية.
هل الشراء بالفيزا كارد يعتبر قرضا ربويا.. أمين دار الإفتاء يجيب
الإفتاء: حالة واحدة تكون القروض البنكية فيها محرمة
ما حكم فوائد البنوك وحكم الانتفاع بها؟
قالت دار الإفتاء، إن إيداع الأموال في البنوك وأخذ فوائد منها جائز شرعًا ولا إثم فيه، وليس من الربا في شيء، بل هو من العقود المستحدثة التي تتَّفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات في الفقه الإسلامي وتشتدُّ حاجة الناس إليها، وتتوقَّف عليها مصالحهم.
وأضافت دار الإفتاء، في إجابتها عن سؤال «ما حكم فوائد وأرباح البنوك؟»، أن الأرباح التي يدفعها البنك للعميل هي عبارةٌ عن تحصيل ثمرة استثمار البنك لأموال المودعين وتنميتها، ومِن ثَمَّ فليست هذه الأرباح حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض ولا منافع تجُرُّها عقود تبرعات، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها.
حكم فوائد البنوكأفاد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، بأنه لا مانع شرعًا من التعامل مع البنوك وأخذ فوائدها والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة، من غير حرج في ذلك؛ لأن العلاقة بين البنوك والمتعاملين معها هي "التمويل".
وأوضح مفتي الجمهورية السابق: أنه إذا كانت الفوائد ناتجة عن عقد تمويل فليست الفوائد حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها، ولا علاقة لها بالربا المحرم الذي وَرَدَت حُرْمته في صريحِ الكتابِ والسُّنة، والذي أجمَعَت الأمةُ على تحريمه.
الفتوى كاملةراعت الشريعة الإسلامية حاجة المكلفين ومصالحهم، فأباحت لهم من المعاملات ما تستقيم به حياتهم، وتنصلح به أحوالهم، فجاءت النصوص بحل بعض المعاملات على وجه التفصيل؛ كالبيع والإجارة والرهن وغير ذلك، كما تواردت النصوص على وجوب الوفاء بالعقود؛ كقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (المائدة: 1)، والأصل في ذلك العموم؛ على مقتضى سعة اللغة، وأخذًا من أن الأصل في الأشياء الإباحة؛ كما قال تعالى: «وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ» (الجاثية: 13)، فتصير الآية بذلك شاملة لكل عقد يحقق مصالح أطرافه ويخلو من الغرر والضرر.
وذكر الإمام الشافعي في "تفسيره" (2/ 692، ط. دار التدمرية): [وهذا من سعة لسان العرب الذي خوطبت به، وظاهره عام على كل عقد]،وقال الإمام الرازي في "تفسيره" (20/ 337، ط. دار إحياء التراث): [دخل في قوله: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» كل عقد من العقود كعقد البيع والشركة، وعقد اليمين والنذر، وعقد الصلح، وعقد النكاح. وحاصل القول فيه: أن مقتضى هذه الآية أن كل عقد وعهد جرى بين إنسانين فإنه يجب عليهما الوفاء بمقتضى ذلك العقد والعهد، إلا إذا دل دليل منفصل على أنه لا يجب الوفاء به فمقتضاه الحكم بصحة كل بيع وقع التراضي به وبصحة كل شركة وقع التراضي بها].
ونص الفقهاء على جواز استحداث عقود جديدة؛ لما في ذلك من مجاراة ما يجد من وقائع الأحوال وتغيرها؛ بل جعلوا لأجل ذلك بابًا من الفقه أطلقوا عليه "فقه النوازل"، وهو يخص كل ما استجد من أمور لم تتناولها نصوص الشرع بالذكر على وجه الخصوص، وقالالإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (23/ 92، ط. دار المعرفة): [فإن الأصل في العقود الصحة]،وقال العلامة الدسوقي المالكي في حاشيته على "الشرح الكبير" (2/ 317، ط. دار الفكر): [والأصل في العقود الصحة]،وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 79، ط. دار الكتب العلمية) في نصرة هذا القول وترجيحه: [القول الثاني: أن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة، ولا يحرم ويبطل منها إلا ما دل على تحريمِه وإبطالِه نصٌّ، أو قياسٌ عند من يقول به، وأصولُ أحمدَ المنصوصُ عنه أكثرُها تجري على هذا القول، ومالكٌ قريب منه، لكنَّ أحمدَ أكثرُ تصحيحًا للشروط؛ فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحًا للشروط منه].
وهذا هو المعمول المفتى به في هذا الزمان الذي استجدت فيه نوازل العقود، وتنوعت فيه أساليب المعاملات ووسائلها وطرقها؛ فالأصل في العقود الصحة؛ سواء كانت عقودًا موروثةً منصوصًا عليها؛ كالبيع والشراء والإجارة وغيرها، أو كانت عقودًا مستحدثة لم تتناولها النصوص بالذكر والتفصيل على جهة الخصوص، ما دامت تخلو من الضرر والغرر، وتحقق مصالح أطرافها.
والذي استقرت عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية وقرره مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: أن الإيداع في البنوك ودفاتر التوفير وشهادات الاستثمار ونحوها هو من باب العقود المستحدثة التي يبرمها أطرافها بقصد الاستثمار، وليست من باب القروض التي تجر النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا، وهي جائزة شرعًا؛ أخذًا بما عليه التحقيق والعمل من جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغرر والضرر.
وكان تصوير هذه العقود مختلفًا فيه قبل صدور قانون البنوك: فمن العلماء المعاصرين من سلك بها مسلك القروض؛ فحرم الزيادة من غير نظر إلى القصد من العقد. ومنهم من نظر إلى مقصودها الاستثماري التي هو غرض العقد وغايته؛ فجعلها من باب التمويل، حتى صدر قانون البنوك المصري رقم 88 لسنة 2003م، ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2004م؛ ليقطع بتصوير العلاقة بين البنوك والمتعاملين معها على أنها من باب "التمويل"، وحكم الحاكم يرفع الخلاف، وإذا كانت تمويلًا فليست الفوائد حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها، ولا علاقة لها بالربا المحرم الذي وَرَدَت حُرْمته في صريحِ الكتابِ والسُّنة، والذي أجمَعَت الأمةُ على تحريمه.
حكم فوائد البنوك وإيداع الأموال في البنكوبناءً على ذلك: فإنه يجوز التعامل مع البنوك، وأخذ فوائدها شرعًا، والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة من غير حرج.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القرض حكم فوائد البنوك فوائد البنوك حكم القرض حكم القرض من البنك المزيد دار الإفتاء حکم فوائد فی العقود ناتجة عن هی عبارة من باب فی ذلک کل عقد حرام ا عقود ا
إقرأ أيضاً:
“التخطيط” تستعرض محاور التعاون مع "الدولية الإسلامية لتمويل التجارة" و"الإسلامية لتنمية القطاع الخاص"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استعرضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، محاور التعاون والشراكة بين الحكومة، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة ITFC، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص ICD التابعتين للبنك الإسلامي للتنمية، وذلك عقب توقيع برنامج العمل السنوي للمؤسستين في مصر لعام 2025 بقيمة 1.5 مليار دولار.
وقالت الوزارة في بيان، إن العلاقات بين جمهورية مصر العربية والبنك الإسلامي للتنمية ومؤسساته التابعة، تاريخية ووثيقة ومتنوعة في العديد من مجالات التنمية، موضحة أنه في مرحلة ما قبل إنشاء المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة فقد اعتمد البنك الإسلامي للتنمية منذ عام 1985م إلى عام 2007م حوالي 1.675 مليار دولار لمصر لتمويل استيراد البترول ومنتجاته وكذلك القمح، كما استفادت من هذه المبالغ هيئات ومؤسسات حكومية عديدة من خلال تمويل استيراد مدخلات صناعية ومواد أولية وقطع غيار بجانب البترول ومشتقاته بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للبترول.
وأضافت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أنه بعد إنشاء المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة فقد اعتمدت المؤسسة منذ بدء عملياتها عام 2008م وحتى يناير 2025 حوالي 18.7 مليار دولار، لتمويل استيراد البترول ومنتجاته بالإضافة إلى السلع الغذائية ومنتجات أخرى، وبالتالي يبلغ المجموع الكلي لعمليات تمويل المؤسسة لصالح مصر 20.4 مليار دولار.
وسلط التقرير الضوء على برامج تنمية التجارة بين مصر والمؤسسة، ومنها البرنامج الثنائي لجمهورية مصـر العربيـة ضمن برنامـج جسـور التجـارة العربية الافريقيـة (AATB)، الذي يهدف إلى زيادة التكامل الاقتصادي ودعم النمو المستدام في جميع البلدان العربية والافريقية وينصب التركيز في جهود تشجيع التجارة تحديدا علي القطاعات التي يتم فيها إنشاء قيمة مضافة كبيرة، ولاسيما في الصناعات التي تعتمد علي قوة عاملة أكثر مهارة والصناعات التي يمكن أن تعزز المزيد من الاستثمار.
وأشار التقرير إلى برنامج مبادرة المساعدة من أجل التجارة للدول العربية (الافتياس) (Aid for Trade Initiative for Arab States “AfTIAS”)، ويهدف البرنامج إلي تحسين التجارة الدولية في المنطقة العربية وجعلها أكثر كفاءة وشمولية، وإيجاد فرص العمل, كما تم توقيع اتفاقية الشراكة بين المؤسسة، واكسبولينك، ومركز تدريب التجارة الخارجية، وذلك لإنشاء أكاديمية التصدير في مصر خلال الاجتماع السنوي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في مايو 2023.
من جانب آخر، أشار التقرير إلى تعزيز العلاقات المصرية مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص ICD، في إطار جهود الدولة لتمكين القطاع الخاص وتعزيز قيادته لجهود التنمية، حيث تبلغ إجمالي اتفاقيات المؤسسة للقطاع الخاص في مصر 315 مليون دولار، بينما يتيح البرنامج السنوي لعام 2025 نحو 100 مليون دولار لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتتوسع من خلاله المؤسسة في الاستثمارات المباشرة والأدوات التمويلية بالعديد من القطاعات، وتقديم خدمات استشارية في قطاع الصكوك للحكومة .