بوابة الوفد:
2025-05-02@08:59:23 GMT

مجرد رقم «الأخيرة»

تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT

السعادة هى فن نصنعه بأيدينا، وكذلك التعاسة، قد يعترض كثيرون على مقولتى، ما يجعلنى أطرح سؤالا يبدو تقليديا لكنه مهم كوجود الإنسانية جمعاء، «هل يصنع الإنسان حياته وقدره»، نعم يصنع الإنسان حياته وقدره، وأستثنى بالطبع من هذا موعد ميلاده وموته، أما رزقه فهو مرتبط بسعيه، وقد لا يأتيه رزقه المالى قدر سعيه مما يغضب له الإنسان ويشعره بعدم عدالة السماء «والعياذ بالله»، ولكنه لا ينتبه إلى أنه يأخذ رزقه كاملا فى باقى نعم الله عليه بها من ستر، صحة، أسرة طيبة، زوجة أو زوج صالح، أولاد، مركز اجتماعى أو علم نافع، وهكذا، وقد لا يدرك كثيرون أن رزق المال هو أدنى الأرزاق، وكم من أثرياء حرموا اشياء كثيرة منها الصحة مثلا مما أفقدهم متعة المال، يصنع الإنسان حياته باختياراته من خلال عقله الذى ميزه الله به عن سائر مخلوقاته، يختار طريق الخير والصلاح لنفسه ولغيره، أو طريق الشر، فقد هدانا الله النجدين لنختار، أما مسألة أننا مسيرون وكل ما نعيشه مقدر ومكتوب، فهو أمر يخلط به الناس مسألة أن المكتوب لا يعنى أن الله كتب لنا طريقنا فى الحياة بالقلم والمسطرة لنسير عليه مغمضى العينين، بل يعنى أن الله يعلم وهو عالم الغيب، يعلم ما سيفعله كل مخلوق من مخلوقاته فى حياته، وكيف سيتصرف فى النعم التى أنعم عليه بها، وإلا لو كنا نسير وفق خطة مسبقة وضعها الله لنا، لما جعل هناك ثوابا وعقابا وجنة ونارا، وهى قضية قديمة حسمها الأئمة والشيوخ، لكنى أوردها هنا لزوم ما أريد قوله لنفسى أولا قبل أن أقوله لكم، أن الإنسان هو من يختار كيف يسير حياته، ليس فقط فى الدراسة والعمل والتعامل مع البشر غيره لتحقيق مستقبل ناجح وتحدى صعوبات الحياة بإرادة قوية، بل هو من يختار كل تفاصيل حياته، حتى وقوعه فى الحب هو اختيار مسبق له، لأن الإنسان يضع فى اللاوعى اشتراطات للشخص الذى يمكن أن تحبه فتاة أحلام، فارس أحلام، فإذا صادف هذا الشخص تلاقى هواه النفسى مع الواقع، فوقع فى الحب معتقدا أنه لم يختر وأن القدر اختار له هذا الحبيب بكل ما به من خير أو شر قد يتكشف فيما بعد.

ولأن الله سبحانه أورثنا الأرض بعد أن نفخ فينا من روحه، فلا يصح أن نهمل ونتغافل ونتكاسل، ونلقى بلائمة الفشل فى حياتنا على ما كتبه الله لنا وأن هذا هو قدرنا، فهذه أكذوبة نعلق عليها تقاعسنا، فهناك ملايين النماذج فى الحياة خلقها الله بعجز وإعاقات لكنها تحدت وحققت نجاحات سجلها التاريخ، وأسوق مثلين فقط، ستيفن وليام هوكينج أشهر عالم فيزياء ولد قعيدا ومعاقا، ولم يستسلم لعجزه، طه حسين لو استسلم لظروف بيته وفقدان بصره لجعل حياته كلها عتمة وظلاما، ولم يصبح وزيرا ولا عميد الأدب العربى ولم يعرفه العالم، إذن عدم اشتراط الإنسان على الله اكتمال النعم ليسعى وينجح ويسعد فى الحياة، هو الرضا الذى يمنح النجاح والسعادة، وإيلاف النعم أى اعتيادها يفقد الإنسان الشعور بها وبأهميتها، فيشعر بالضجر من حياته وعدم الرضا ويطلب المزيد من الله، ولا يتأدب حتى فى طلبه من الله بل يطلبها ساخطا غاضبا منكرا كل ما وهبه الله من نعم أخرى، ويوقف كل رضاه وسعادته على ما غاب عنه. هؤلاء البشر معتادو النعم منكرو فضلها، لو حرمهم الله من نعمة فقط مما اعتادوها كأن يفقد عينا أو يدا، جزءا من جسده، أو يصاب بمرض يجعله غير قادر حتى على تناول ساندويتش فول كان يزهده ويستنكر تكرار طعمه من قبل بسبب ضيق ذات اليد، عندها سيفيق من غفلته ويتنبه أن الله أسبغ عليه نعما لا تحصى، ومن معتادى النعم من يملأ حياته تشاؤما وبكاء ونواحا مما يلقى به فى أتون الشيخوخة والمرض بسرعة بسبب عشقه للهم والغم وتضخيم المشاكل وتهويل الصغائر، ويمكن لشاب أن يصبح عجوزا لهذه الأسباب، فيما يمكن لعجوز ان يظل شابا فى مظهره وصحته لتمسكه بالتفاؤل والطاقة الإيجابية والرضا بعطايا الله وحمده وشكره. مؤمنة أنا بأن عاشق البهجة ستأتية السعادة من حيث لا يدرى ولا يحتسب، ومعتنق الحزن سيأتيه الهم والغم من حيث لا يدرى أيضا، من يضخم المشاكل ستتضخم، ومن يهون منها ويعمل ما عليه وترك الأمر لله مدبر كل أمر ستهون المشاكل وتنفك العقد.

 فمن صبر على الابتلاء واعتقد إيمانا فى قول الله تعالى: «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، سيرى الخير قادما من قلب ما اعتقد أنه شر، وسيرى النور قادم من حلكة الظلام

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السعادة أسرة طيبة فكرية أحمد أن الله

إقرأ أيضاً:

أمين الإفتاء إلى الآباء: هذه الأعمال سبب في حفظ الله للأبناء وأموالهم

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الآية الكريمة: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ، فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾، لا علاقة لها بتبرير قيام الأب بكتابة كل ممتلكاته لبناته على قيد حياته، بل هي دعوة إلى خلقٍ آخر تمامًا، وهو الاستقامة والتوكل على الله، كوسيلة لحفظ الأبناء من بعد وفاة الأب.

وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، أن هذه الآية تأمر الإنسان بأن يُحسن علاقته بالله، وأن يأكل من الحلال، ويقول الحق، ويصلح شأنه مع ربه، لأن هذه الأمور تمثل ما أسماه بـ"أقساط التأمين الإلهي"، الذي يحفظ به الله الذرية بعد الوالد.

وأضاف أمين الإفتاء "لو أنت خايف على أولادك يضيعوا بعدك، قدم قسطين: اتقِ الله، وقل قولًا سديدًا.. هذا هو التأمين الحقيقي، وليس أن تكتب أموالك كلها لأحد دون الآخرين، مما قد يورث البغضاء والظلم ويخالف شرع الله".

وشدد أمين الفتوى على أن الخوف على الأبناء لا ينبغي أن يدفع الإنسان إلى الظلم، بل عليه أن يكون صالحًا حتى يحفظ الله أولاده، مستشهدًا بقوله تعالى في موضع آخر: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾، وهو ما يدل على أن صلاح الأب سبب في حفظ الله للأبناء وأموالهم.

وتابع: "لا تجمع من الحرام وتتركه لأولادك ثم تنتظر أن يحفظه الله، بل كن مستقيمًا مع الله، وسيكفيك الله أمر ذريتك".

طباعة شارك دار الإفتاء الإفتاء الشيخ عويضة عثمان

مقالات مشابهة

  • السيد القائد يؤكد الوقوف إلى جانب حزب الله في أي تصعيد عدواني شامل يقدم عليه العدو الإسرائيلي
  • أمين منطقة القصيم: مبادرة ولي العهد تجسد حرص القيادة على توفير الحياة الكريمة للمواطنين
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • دعاء لمن تعسر عليه الرزق .. احرص عليه يرزقك الله من حيث لا تحتسب
  • دعاء تسهيل الأمور الصعبة وقضاء الحاجة.. احرص عليه في جوف الليل
  • أمين الإفتاء إلى الآباء: هذه الأعمال سبب في حفظ الله للأبناء وأموالهم
  • ترانزيت الحياة
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • وهج الزهد.. حين تضيء القناعة طريق الحياة الزوجية
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية