اليمن تحاصر “إسرائيل” وتركيا ومصر تمدانها بما يلزم!
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
يمانيون../
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، فرضت اليمن حصارا بحريا على الكيان، من دون خشية من التبعات. واستطاعت اليمن أن تغير مفاهيم الصراع البحري مع أقوى الدول البحرية وفي المقدمة أمريكا وتفشل تحالفاتها وقوة ردعها، بل وصلت التداعيات إلى خروج ميناء أم الرشراش عن الخدمة، وتأخر سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار …الخ داخل كيان العدو الإسرائيلي.
وفي موازاة الموقف اليمني وما فرضه من تداعيات وتأثيرات، كان المعول على تركيا تلك “الدولة الإسلامية” الكبيرة أن يكون لها دور حاسم في هذا السياق، وقد تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مواقف حادة تجاه “إسرائيل”، معلنًا بشكل متكرر أن تركيا قد قطعت العلاقات التجارية والدبلوماسية مع “العدو الإسرائيلي”، وأنها ستظل دائمًا مع فلسطين “حتى النهاية”. لكن إذا نظرنا إلى الحقائق على الأرض، سنجد أن التصريحات الرسمية التركية تتناقض بشكل صارخ مع الواقع، إذ تشير المعلومات الملاحية إلى استمرار حركة الشحن بين تركيا و”إسرائيل”، بل وتزايدت في فترات إعلان أنقرة قطع العلاقات التجارية ما بين مايو وديسمبر ٢٠٢٤.
أردوغان لم يتوقف عن تكرار موقفه المؤيد لفلسطين في المحافل الدولية، واعتبر أن “التاريخ سيحاكم من يقفون إلى جانب إسرائيل ويصمتون إزاء الظلم الحاصل في غزة”. لكن بينما كانت هذه الكلمات تملأ الصحف والمواقع الإخبارية، كان الواقع التجاري بين تركيا و”إسرائيل” يسير في اتجاه مغاير. بين 3 مايو و7 ديسمبر 2024، الفترة التي أعلنت فيها تركيا قطع العلاقات مع “إسرائيل”، تم تنفيذ أكثر من 340 رحلة شحن بين تركيا والموانئ الإسرائيلية، ما يعكس حجم التجارة المستمر بين الجانبين رغم التصريحات النارية التي تدعي العكس. كيف يمكن تفسير هذه الخطوة؟ هل أصبحت التجارة أولوية تفوق المبادئ السياسية والإنسانية والدينية؟.
تناقض السياسة التركية
الأرقام تتحدث عن نفسها: 108 سفن وصلت من تركيا إلى موانئ حيفا وأسدود، محملة بشحنات متنوعة تشمل النفط، الكيماويات، المركبات، والمواد الأساسية. هذا النشاط التجاري الذي استمر بشكل ملحوظ خلال الفترة التي أعلنت خلالها تركيا قطع العلاقات مع “إسرائيل” يعكس تباينًا واضحًا بين الأقوال والأفعال. فإذا كانت أنقرة قد قررت بالفعل أن “تقف مع فلسطين حتى النهاية”، فلماذا لا تترجم هذه المواقف إلى أفعال حقيقية على الأرض، بدءًا بوقف التبادل التجاري مع “إسرائيل”؟ لا يبدو أن هذا التناقض مجرد خطأ، بل يبدو أنه سياسة غير واضحة، وفي بعض الأحيان غير متسقة مع التصريحات الكبرى التي تخرج من أنقرة.
مصر: دورها في تسهيل التحركات التجارية التركية-الإسرائيلية
إلى جانب تركيا، هناك مصر التي كان من المفترض أن تكون الحليف الأبرز في هذه القضية. فبينما تعلن تركيا عن دعمها لفلسطين، نجد أن العلاقات التجارية بين تركيا و”إسرائيل” لا تزال مستمرة عبر الموانئ المصرية، وبشكل خاص عبر البحر الأبيض المتوسط. هذا التحول في مسارات الشحن بعد تعطيل ميناء أم الرشراش “إيلات” في البحر الأحمر يسلط الضوء على دور مصر في تسهيل حركة الشحن هذه. ماذا عن مواقف مصر؟ هل يبرر هذا التساهل التجاري مع “إسرائيل” باسم “الواقع الجيوسياسي”؟ وهل يعتبر هذا الموقف مساعدة فعّالة لفلسطين، أم مجرد تماهي مع الوضع الراهن؟
إن مواقف مصر تجاه “إسرائيل” رغم علاقاتها السياسية المعقدة معها لا تبدو متسقة مع المبادئ التي يفترض أن تدافع عنها في سعيها لتحسين وضع القضية الفلسطينية. فإذا كانت تركيا، رغم تصريحاتها العلنية، تواصل تجارتها مع “إسرائيل” عبر مصر، فإن ذلك يطرح تساؤلات حول جدوى هذه التصريحات في ظل استمرار هذه الأنشطة التجارية.
تركيا: من “التحالف الإنساني” إلى “الصفقات الاقتصادية”
من المؤسف أن تركيا، التي تتحدث دائمًا عن ضرورة زيادة الضغط الدبلوماسي على “إسرائيل”، تظل تستفيد اقتصاديًا من التجارة معها في ظل هذه الظروف. كان من المتوقع أن تتخذ أنقرة خطوات عملية أكثر في هذا الشأن، بدلاً من الاكتفاء بالتنظير والتهديدات السياسية. هل يعقل أن تكون المصالح الاقتصادية بهذا الحجم هي العامل الأكثر تأثيرًا في السياسة التركية، على حساب المواقف المبدئية؟ أما مصر، التي تقع على مقربة من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فإنها أيضًا تتحمل جزءًا من المسؤولية. ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن دورها في دعم القضية الفلسطينية، لا يمكن تجاهل دورها كحلقة وصل بين تركيا و”إسرائيل” عبر موانئها. مصر كانت قادرة على إغلاق هذه الثغرة التي تسمح بحركة التجارة بين الطرفين. لكن للأسف، يبدو أن المصالح الاقتصادية والتجارية كانت تفوق الاعتبارات السياسية والإنسانية في هذا السياق.
في النهاية، سيحكم التاريخ على هذه المواقف، وقد يجد في تباين التصريحات والأفعال سمة بارزة للسياسة التركية تحديدا في هذه المرحلة. إذا كانت تركيا ومصر تسعيان فعلاً للوقوف إلى جانب فلسطين، فلماذا تستمران في تسهيل حركة التجارة مع العدو الإسرائيلي؟ هل هذه الدول قادرة على اتخاذ مواقف أكثر حزماً، أم أن الحسابات الاقتصادية تتغلب على المبادئ السياسية والدينية؟
في ظل هذه المعطيات، قد يتساءل الكثيرون: إذا كانت تركيا ومصر غير قادرتين على اتخاذ خطوات حقيقية، فكيف يمكن أن نتوقع تغييرًا حقيقيًا في الوضع الفلسطيني؟.
موقع أنصار الله . تحليل | علي ظافر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: بین ترکیا و إسرائیل
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تعلن الحرب على تركيا صحيفة ومشهورة تكشف تفاصيل المعركة
وأكدت لجنة "ناغل" التي يقودها الجنرال الإسرائيلي، يعقوب ناغل، في تقريرها أن إسرائيل "يجب أن تكون مستعدة لمواجهة مباشرة مع تركيا التي ترغب في استعادة الإمبراطورية العثمانية".
وتقول الصحيفة أن تقييم لجنة "ناغل"، جاء على "خلفية السياسة العدوانية المتزايدة التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة، والتي يعتبرها بعض المحللين تتعارض مع المصالح الإسرائيلية".
وبحسب التقرير الذي تم تقديمه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فإن "خطر توحيد الفصائل السورية من شأنه أن يخلق تهديدا أمنيا لإسرائيل"، ويزعم أن "القوات المدعومة من تركيا يمكن أن تعمل كأداة وسيطة، ما يؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة".
و"ناغل" هي لجنة "فحص ميزانية الأمن وبناء القوة" ويرأسها الجنرال احتياط يعقوب ناغل. وتم تشكيلها في العام 2023 وتعنى بتقديم توصيات لوزارة الدفاع الإسرائيلية بشأن جبهات قتال محتملة.
ويقول التقرير إن "التهديد من سوريا يمكن أن يتصاعد إلى شيء أكثر خطورة من التهديد الإيراني"، وينص على أنه "من أجل التمكن من الرد في الوقت المناسب على التهديدات الناشئة في المنطقة، يوصى بزيادة ميزانية الدفاع الإسرائيلية إلى أربعة مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة، فضلا عن تعزيز تدابير أمنية على طول حدود وادي الأردن، نظرا للتوترات المحتملة مع الأردن".
وفي نهاية ديسمبر الماضي، أكد مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لمديرية الاتصالات في إدارة الرئاسة التركية، أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل مقطوعة تماما، ولم تتخذ أنقرة أي خطوات لتحسينها. وأكد بيان صادر عن إدارة الرئيس التركي أن "العلاقات بين تركيا وإسرائيل انقطعت بشكل كامل نتيجة لجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة".
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم اتخاذ أي خطوات لاحقة لتحسين العلاقات