قال المهندس أحمد حامد، استشاري النظم الأمنية والذكاء الاصطناعي، إنه في عصر الثورة الصناعية الرابعة أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أهم الركائز التي تعتمد عليها الدول لتعزيز أمنها القومي؛ فمع التقدم التكنولوجي السريع ظهر الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة لمواجهة التحديات الأمنية سواء كانت تقليدية أو غير تقليدية؛ فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية حديثة، بل هو أداة استراتيجية تُمكن الدول من تعزيز أمنها القومي ومواجهة التحديات المعاصرة بفعالية.

وأضاف “حامد”، أن مصر أثبتت التزامها بالاستثمار في هذا المجال من خلال مشروعاتها ومبادراتها الوطنية، ومع استمرار هذا النهج ستظل مصر نموذجًا يُحتذى به في دمج التكنولوجيا الحديثة لتحقيق أمنها القومي ودعم استقرارها، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يوفر للدول إمكانيات غير مسبوقة لتحليل البيانات الكبيرة واستخلاص الأنماط الدقيقة التي قد تخفى على الإنسان وتشمل تطبيقاته رصد التهديدات الإرهابية من خلال تحليل الاتصالات الإلكترونية وأنماط التحركات المشبوهة وتحليل البيانات الضخمة الواردة من أنظمة المراقبة مثل كاميرات المراقبة وأجهزة استشعار والدرون وغيرها من التقنيات الحديثة؛ مما يضمن استجابة أمنية أسرع وأكثر دقة لرصد التسلل والهجمات الأمنية.

وأوضح أن جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات وتوصيلها إلى الأطراف ذات الصلة أمر حيوي لتحقيق الاستجابات الصحيحة والمناسبة، وهنا يأتي دور التكنولوجيا المناسبة والذكاء الاصطناعي فإن هذا يعني من ناحية وضع الكاميرات حول المدينة على سبيل المثال لجمع الصور المرئية من المناطق المستهدفة، ويُفضل أن تكون بدقة عالية كاملة وتم استكمال ذلك بتحليلات الفيديو المصممة للكشف عن الاستثناءات والإبلاغ عنها على الفور مثل تراكم الحشود، الدخول والتعدي على المناطق المحظورة والكشف عن الأشياء التي تركت أو التعرف على الوجوه المطلوبة أمنيًا أو لوحات تعريف المركبات وغيرها من أجهزة جمع البيانات الأخرى ذات الصلة، مثل أجهزة الكشف عن المتسللين والحرائق، والتحكم في الوصول، والكشف عن طلقات الرصاص، وأجهزة استشعار تحذير الفيضانات وحتى أنظمة الكشف عن المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية والمتفجرات والقائمة تطول.

ولفت إلى أن تقنيات جمع البيانات الضخمة تجعل النظام متعدد الأبعاد وتضع أعباء أقل على مشغل مركز التحكم من خلال لفت انتباهه تلقائيًا إلى أحداث أو قضايا محددة، والذي يتيح لمراكز التحكم الأمني في الدولة أن تكون أكثر استباقية؛ حيث يُنبه النظام المشغل ويزوده بـالمعلومات التي تم جمعها من خلال أنظمة وأجهزة مختلفة ويُتيح له بتقديم جميع معلومات ذات الصلة اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة بتنسيق متسق ومنطقي.

وأكد أن مفهوم المدينة الآمنة يطرح العديد من التحديات وليشمل الهيئات العامة المعنية التي تتعاون مع جميع أصحاب المصلحة في النظام مثل الشرطة وخدمات الطوارئ وتجار التجزئة وهيئات النقل والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الصحية والمولات وما إلى ذلك لتسهيل التعاون بين الجهات المتعددة في تطوير الإجراءات التشغيلية وخطط الاستجابة التي تخفف من آثار الحوادث المزعجة والتي بدورها تمثل الدور الفعال في تحقيق الأمن القومي.

ونوه بأن الذكاء الاصطناعي يُشكل دورًا فعالًا في تعزيز الأمن السيبراني باستخدام أنظمة تعلم الآلة للكشف عن الهجمات السيبرانية والتعامل معها قبل وقوع أضرار، وفي السنوات الأخيرة ركزت مصر على تطوير البنية التحتية التكنولوجية واستثمارها في الذكاء الاصطناعي لخدمة أهداف الأمن القومي، ومن أبرز الإنجازات إنشاء المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي الذي تم إطلاقه لوضع استراتيجية وطنية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، بما في ذلك الأمن القومي وتطوير أنظمة المراقبة الذكية والذي يشمل مشروعات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز مراقبة المدن والمنشآت الحيوية وحدود الدولة؛ كما تبنت مصر تدريب الكوادر البشرية وأطلقت العديد من المبادرات لتدريب الكفاءات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، وأنشأت الحكومة المصرية المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي بهدف وضع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي وتنفيذها، وتحديد الأولويات الوطنية في هذا المجال.

وأشار إلى أن مصر أحرزت تقدمًا ملحوظًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، مما يعكس الجهود المبذولة في تبني التكنولوجيا الحديثة وتطوير البنية التحتية للاتصالات من خلال هذه المبادرات والتقارير، تسعى مصر إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في حماية المدن، ودعم الأمن القومي، وتحقيق التنمية المستدامة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عصر الثورة الصناعية الرابعة الذكاء الاصطناعي مصر 2030 استراتيجية مواجهة التحديات الأمن القومي الاستثمار الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الأمن القومی من خلال

إقرأ أيضاً:

المعركة القادمة من أجل الذكاء الاصطناعي

في يناير (كانون الثاني) الماضي، أذهلت الصين العالم بالكشف عن شركتها الجديدة للذكاء الاصطناعي "ديب سيك"، التي ظهرت كمنافس رئيس في هذا المجال بقدرات عالية وتكاليف أقل.

التحدي الأكبر قد يتمثل في فقدان عدد كبير من الوظائف نتيجة الأتمتة

وفي هذا الإطار، قال الباحث رونان وودورث، في تحليل بموقع "جيوبولتيكال فيوتشرز" إن هذا الحدث أثار قلقاً واسعاً في واشنطن، حيث أدركت النخب السياسية هناك أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر تأثيره في التكنولوجيا فقط، بل سيمتد ليشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية. التنافس في البنية التحتية

وأضاف الباحث: يتطلب التفوق في الذكاء الاصطناعي توافر موارد ضخمة على مستوى البنية التحتية، بما في ذلك القوة الحوسبة العالية والطاقة الكبيرة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات العملاقة.
كما تحتاج الدول إلى رأس مال بشري ذي كفاءة عالية لتطوير نماذج متقدمة ومبتكرة من الذكاء الاصطناعي. لهذا السبب، بدأت الحكومات في ضخ استثمارات هائلة في بناء بنية تحتية متطورة للذكاء الاصطناعي. 

The rise of Artificial General Intelligence (AGI) — an AI system with superhuman intelligence that can perform well at almost all intellectual tasks — is now a matter of when, not if … https://t.co/2CmO285omn

— @[email protected] (@IanYorston) March 9, 2025

على سبيل المثال، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية ولايته الثانية عن مشروع "ستارغيت" بقيمة 500 مليار دولار لدعم القطاع الخاص في بناء بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي.
كما ضخت فرنسا في فبراير (شباط) الماضي استثمارات كبيرة بلغت 112 مليار دولار، منها 20 مليار من استثمارات كندية، وما يقارب 50 مليار دولار من دولة الإمارات لدعم إنشاء مراكز بيانات جديدة. وتعد الصين متفوقة في هذا المجال، حيث تمتلك فائضاً في مراكز البيانات، فضلاً عن استثمارات ضخمة من شركات مثل "بايت دانس".

التنافس على الموارد الحساسة لم تقتصر المنافسة بين القوى العظمى على التمويل فقط، بل شملت أيضاً فرض القيود على تصدير التكنولوجيا الحساسة. فقد فرضت إدارة بايدن السابقة قيوداً صارمة على تصدير الرقائق المتقدمة إلى الصين في عام 2022، في محاولة لمنعها من تطوير نماذج متطورة من الذكاء الاصطناعي. واستمرت هذه القيود حتى نهاية ولاية بايدن، مما أثر سلباً في قدرة الصين على تصنيع رقائقها الخاصة.
ورداً على هذه القيود، فرضت الصين بدورها قيوداً على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي الموارد الأساسية في تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات، حيث تسيطر الصين على نحو 70% من عمليات تعدين العناصر الأرضية النادرة، وتتحكم في أكثر من 90% من عمليات معالجتها.
هذه الخطوة أثارت قلق واشنطن، خاصة أن الولايات المتحدة تعتمد على الصين في عمليات استخراج هذه المعادن. أهمية تايوان والمعادن النادرة في الصراع

وأدركت واشنطن أن ضعفها في سلسلة إمداد المعادن النادرة يشكل تهديداً كبيراً على قدرتها التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي. ولهذا السبب، يقول الباحث، بدأت الولايات المتحدة في السعي لتعزيز استخراج هذه المعادن محلياً، بالإضافة إلى استغلال الضمانات الأمنية المقدمة لتايوان، التي تُعد قوة عظمى في تصنيع أشباه الموصلات، من أجل جذب استثمارات جديدة إلى الأراضي الأمريكية.

الذكاء الاصطناعي والجغرافيا السياسية

وأوضح الكاتب أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إعادة تشكيل النظام الجيوسياسي العالمي. فعلى مر التاريخ، كانت القوة الجيوسياسية تعتمد على السيطرة على الأرض والجو والبحر، ومع مرور الوقت أضيف الفضاء والمجال السيبراني كمجالات أخرى للتنافس. لكن الذكاء الاصطناعي يتميز بقدرته على التأثير في جميع هذه المجالات، مما يخلق فرصاً وتحديات جديدة للحكومات.
وتابع الباحث: قد تسام النماذج المتقدمة للذكاء الاصطناعي في زعزعة استقرار النظام العالمي الحالي، وتوسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، فضلاً عن منح بعض الدول تفوقاً كبيراً في المجال السيبراني.
وقد تؤدي هذه التحولات إلى تغيير كيفية ممارسة القوة السياسية والاقتصادية، مع بروز تكنولوجيات جديدة تستفيد من الذكاء الاصطناعي في تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية. 

The Coming Battle for AI https://t.co/aKMf0A69Av via @Geopolitical Futures

— Alan M Bevin (@AlanMBevin) March 7, 2025 التحولات الاقتصادية والاجتماعية 

وعلى الجانب الاقتصادي، يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين العديد من المجالات الحيوية مثل سلاسل الإمداد، وتنبؤ الاتجاهات الاقتصادية الكليّة، واكتشاف عمليات الاحتيال في الخدمات المصرفية، وزيادة إنتاجية الشركات.
بالإضافة إلى ذلك، قد يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في بعض الصناعات، مثل الزراعة وإدارة الطاقة.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر قد يتمثل في فقدان عدد كبير من الوظائف نتيجة الأتمتة. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي اعتماد القيادة الذاتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى فقدان ملايين الأشخاص لوظائفهم، مثل سائقي الشاحنات في الولايات المتحدة.
هذا التحول قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية واجتماعية إذا لم تتم معالجة هذه القضايا بشكل فعّال، حسب الكاتب.

الدعاية السياسية والحروب

ويقول الكاتب: أصبح الذكاء الاصطناعي حاضراً في الاستخدامات السياسية، خاصةً في حملات التضليل والدعاية. فالتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تجعل من الممكن إنتاج محتوى مُضلِّل بشكل أسرع وأكثر فعالية. هذه التقنيات تمثل تهديداً كبيراً للحركات السياسية، وتساهم في زعزعة الاستقرار الداخلي للدول عبر الحملات الموجهة.
وبالإضافة إلى التهديدات السياسية، يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدرات الحكومات على مراقبة مواطنيها والسيطرة الاجتماعية. والقدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات ستجعل من السهل على الحكومات السيطرة على المعارضين وقمع أي تهديدات للسلطة.


مقالات مشابهة

  • أحدث خدمات الذكاء الاصطناعي في الصين .. الاهتمام بالمسنين ورعاية ذوي الإعاقات
  • التموين تطلق البرنامج القومي لتعزيز الخبز البلدي المدعم للوقاية من أنيميا نقص الحديد
  • وزارة التموين ووزارة الصحة تطلقان البرنامج القومي لتعزيز الخبز البلدي المدعم
  • المعركة القادمة من أجل الذكاء الاصطناعي
  • وزير الطيران يبحث سبل تطوير أنظمة الحجز الإلكتروني وتطبيق الذكاء الاصطناعي مع «سيتا العالمية»
  • هواوي تستعرض أحدث حلولها المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز إمكانات شبكات الجيل الخامس خلال المؤتمر العالمي للجوال 2025
  • «سدايا» تعزز مشاركة السعوديات في مستقبل الذكاء الاصطناعي
  • في اليوم العالمي للمرأة .. “سدايا” تعزز من مشاركة المرأة السعودية في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي
  • “سدايا” تعزز من مشاركة المرأة السعودية في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي
  • "عُمان داتا بارك" تعزز مركز عمليات الأمن السيبراني بمنصة "Fortinet" المعتمدة على الذكاء الاصطناعي