لجريدة عمان:
2025-01-09@08:59:28 GMT

«الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم

تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT

«الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم

أبرز أمرين في تدشين الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عمان اليوم تمثلا في أن يدشن الهُوية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بنفسه؛ وفي ذلك تقدير كبير واهتمام من جلالته بالمشروع والدور المنوط به في رسم صورة ذهنية إيجابية عن سلطنة عمان. وهذا المشروع هو جزء من استراتيجية تم تطويرها لتقود المنظومة الترويجية المتكاملة لسلطنة عمان.

أما الأمر الثاني، وهو لا يقل أهمية عن الأمر الأول، فيتعلق بالمواطنين والمقيمين على أرض سلطنة عُمان أو من صوتوا من خارجها حيث إنهم اختاروا الهُوية التي تشير إلى دلالة «الشراكة» وفي هذا تأكيد جديد على أن العمانيين يحتفون «بالشراكة» مع الآخر ويقدرون العلاقات الاستراتيجية القائمة على فكرة الشراكة المنبثقة من أصولهم الحضارية، ولكن الساعية نحو مستقبل أكثر حداثة ووضوحا. والمثير في الأمر أن يصوت غير العمانيين لهذا الشعار في إشارة إلى الصورة المتشكلة في أذهانهم عن عُمان أنها بلد «الشراكة» وبلد «التسامح» و«تقبل الآخر».. وهذا أمر مبشر بالخير للهُوية نفسها وقبول الآخر لها حيث إن نجاحها بدأ من لحظة التصويت عليها وعلى القائمين على الأمر والمعنيين بموضوع رسم الصورة الذهنية في وعي الآخر عن عُمان أن ينطلقوا من هذا النجاح.

والموضوع برمته متأصل في الثقافة العمانية، فالعمانيون شعب يملك قيم الترابط والاندماج مع شعوب العالم، بل هو شعب قادر على التأثير المقبول في الآخر لأسباب تتعلق بالشخصية والثقافة العمانيتين وأصولهما الحضارية.

وإذا كانت الهوية الجديدة معنية في المقام الأول بالترويج التجاري والاستثماري إلا أن هذا لا يتحقق عبر الخطاب الاقتصادي أو الاستثماري وحده ولكن يتحقق عبر كل الخطابات بما في ذلك الخطاب السياسي والدبلوماسي والثقافي، وهذه الخطابات الأخيرة يمكن أن تنضوي تحت مصطلح «القوة الناعمة» التي شكلها العمانيون عبر قرون طويلة وحان الوقت لتحويلها إلى قيمة مضافة للمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ومن الصعب النظر إلى مشروع الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عُمان في معزل عن جهود كبيرة وعميقة تبذل في سلطنة عمان ليس من أجل بناء صورة ذهنية عن عُمان فقط، ولكن -وهذا مهم جدا- من أجل بناء صورة عُمان الجديدة الدولة الحديثة ولكنها المتمسكة بأصولها الحضارية، الدولة المنفتحة على الآخر ولكن دون أن تنْبتَّ عن قيمها ومبادئها السياسية والثقافية، الدولة الذاهبة لبناء علاقات استراتيجية مع العالم ولكن القائمة في الوقت نفسه على مبدأ الشراكة التي تعود بالنفع على الوطن والمواطنين.

ومع تنامي هذا الجهد وبدء بروزه شامخا فوق السطح بفضل الفكر والجهود التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بنفسه سيستطيع العالم أن يعيد رسم الصورة الذهنية عن عُمان عبر تجميع الكثير من المقولات والصور والمبادئ والسرديات التاريخية والثقافية والسياسية التي ستشكل مجتمعة الصورة التي هي نحن، والقصة التي هي قصتنا، والسردية التي تمثل أمجاد قرون من العمل الإنساني الحضاري. وحين ذاك، وهو قريب لا شك، سيعرف العالم عُمان الجديدة القادمة من أصولنا الحضارية والذاهبة باطمئنان نحو المستقبل الذي نريده.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عن ع مان

إقرأ أيضاً:

كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !….. سينما

All Quiet On The Western Front
كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !..... سينما

1

في هذا العام و الحرب في السودان تلقى بظلالها الكئيبة على كل الأشياء، قررت ان يكون احتفائي و احتفالي بالعام الجديد و عيد الاستقلال في المنزل مع الأسرة، و ذلك بمشاهدة فيلم يرفع الروح المعنوية قليلا . و نحن نحرك مؤشر البحث في قناة ( نفليكس ) و قع اختيارنا و بالصدفة المحضة على فيلم باسم ( كل شيء هادئ في الجبهة الغربية) !
كنت قد سمعت من قبل عن الفيلم و حصده كفيلم أجنبي على عدد كبير من جوائز الأوسكار في العام 2023 ، فقد نال جائزة أفضل فيلم أجنبي ( المانى )، أفضل سيناريو مقتبس، أفضل تصوير سينمائي، أفضل مؤثرات صوتية بالإضافة الى أفضل موسيقى تصويرية. قد يكون ذلك أحد الأسباب المحفزة لمشاهدته، برغم اعتقادي بأن هنالك سبب آخر خفى غير مفصوح عنه، و هو حرب السودان اللعينة.

2
احداث الفيلم بشكل مختصر تبدأ بتطوع أربع من الأصدقاء الألمان للحرب مع الجيش الألماني بعد أن تمت تعبئتهم في المدارس بالتطرف الوطني و كان ذلك في العام 1918 و الحرب تشرف على نهايتها، من ضمن هؤلاء ( بول بولمر ) الذى لم يتجاوز عمره السابع عشر. كانوا منشرحين و فخورين و هم يستلمون ملابس الجيش التي كانت من قبل لجنود قتلوا في نفس هذه الحرب، نزعت منها الأسماء و تم غسلها و إعادة تدويرها ! ثم تم شحنهم فى عربات ضخمة و ارسالهم الى الجبهة الغربية في فرنسا، عندما دخلوا الخنادق الفاصلة بيت القوتيين الفرنسية و الألمانية قال لهم قائدهم المباشر ( سيكون هذا منزلكم حتى نهاية الحرب... أو الموت ) !
اشتهرت الحرب العالمية الأولى بانها حرب ( الخنادق ) ، و الوحشية فاقت حد التصور و وصل ضحاياها 16 مليون شخص ....7 مليون من هؤلاء مدنيين، كما يمكن لأى مشاهد للفيلم أن يطلق عليه باختصار تسمية ( الحروب البشعة و العبثية ) . يتقاتل هؤلاء الجنود على شبر من الأرض يموت جراءه الالاف، ليستعيد الطرف الآخر في اليوم التالي هذه الأمتار التي كانت قد استلمت في اليوم السابق مع موت الالاف أيضا ! الأصدقاء الأربعة المتطوعون يموتون الواحد تلو الآخر، و لم يتبقى غير ( بول ) الذى تضاعف عمره في هذه الشهور عشرات الأعوام، و أصبح يقاتل فقط من اجل حياته و تبخرت كل أحلامه السابقة عن حماية الوطن الأم . و عندما يواجه في الخندق احد الجنود الفرنسيين يقتله ببشاعة ، و عندما يصدر من الفرنسي حشرجات من الألم و هو يحتضر، يبكى ( بول ) بحرقة و يحاول إنقاذه و لا يستطيع !!
من الجانب الآخر يستعرض الفيلم حياة القادة العسكريين في مكاتبهم الفخمة و هم يأكلون في ( الكافيار ) و يحتسون الكونياك المعتق و من ثم يرفضون أى تسوية لإيقاف الحرب ،لأن الحرب كما يقولون مرتبطة بمجد المانيا ، و الجنود في الخنادق يموتون من الجوع و تردى ظروفهم التي تدفعهم أحيانا للسرقة لإطعام أنفسهم. بالطبع هذا الكلام الذى يقومون بتسويقه محض هراء ،لأن أحدهم يقول لزميله و هم يواصلون المسامرة ( كيف تصبح قائدا مجيدا من غير حروب ) !! و من ثم هم يتناقشون كيف يبدأون حياتهم بعد انتهاء الحرب بممارسة ( البيزنس ) ؟!!!
فجأة و انا أشاهد الفيلم تجسدت أمامي حرب السودان..... المقاتلون المغيبون من الجنود و المستنفرون في الجيش السوداني و المرتزقة من الجنجويد .....و هم يقتلون....ينهبون و يغتصبون و يقصفون المدنيين في الأحياء الهادئة بالبراميل المتفجرة أو التدوين بالمدافع الضخمة باسم حماية الوطن، الدين و العقيدة، الديمقراطية و الحكم المدني ؟؟!
الصفوف المتكدسة امام " التكايا " لتناول كمشة من العدس أو الفول........هجرة 12 مليون شخص و موت 150 ألف خلال عامين و ملايين السودانيين المهددين بالموت جوعا في المعسكرات ، المدن والقرى ...ألخ......الأدهى و الامر انهم يريدون أن يحكموا السودان مرة أخرى ؟!......ارتسمت في ذهني بصورة مكبرة جنود الجيش و مرتزقة الجنجويد و كل منهما يهتف ( الله أكبر ) ! لقتل الطرف الآخر في تزييف و تزوير للدين و محاولة إعطاء ما يقومون بفعله من قتل مشروعية دينية و أخلاقية زائفة.

3
في نهاية الفيلم عندما يقبل الجنرالات المتغطرسون من الجانبين توقيع اتفاق بوقف الحرب في تمام الحادية عشر ظهرا بتاريخ 11-11- 1918 ، يستبق القائد الألماني المتعجرف اعلان وقف الحرب ويقوم بإرسال جنوده قبل الساعة الحادية عشر لمواصلة الحرب و مخاطبا لجنوده ان ذلك ( في سبيل مجد المانيا ) ! و كان من ضمن الجنود ( بول بولمر ). في تمام الساعة العاشرة و خمسة و أربعين دقيقة هجم الجنود الالمان على خنادق الجنود الفرنسين ( المندهشين ) ، و في خلال ربع ساعة مات كل المهاجمين الالمان و من ضمنهم ( بول ) بطعنه في ظهره و الميكرفونات تعلن وقف الطلاق النار .
وقعت معاهدة ( فرساي ) بين دول الحلفاء المنتصرين و المانيا ( دول المحور ) المهزومة في قصر فرساي بالقرب من باريس في 28 يوليو 1919 ، يقول المؤرخون و ناقدو أحداث التاريخ ان اتفاقية ( فرساي ) فرضت شروط قاسية و مهينه على دولة ألمانيا مما أعطى النازية سببا تتكئ عليه في شنها الحرب العالمية الثانية ، كما أن المعاهدة لم تهتم بإرساء قواعد ثابته للسلام و جنحت على معاقبة المهزومين.
- أعتقد أن الفيلم الذى كتبت قصته منذ قرن نجح في توصيل فكرته دون تعسف و المتمثلة، في عبث الحروب ثم عنجهية العسكر و تزمتهم، فعل ذلك من خلال احداث الفيلم المكثفة ، الموسيقى التصويرية..... و الصور المتناقضة....جمال الحياة من خلال الطبيعة الساحرة و " ثعلبه " و هي تقوم بإرضاع صغارها، و من بعدها صور الجنود المنتشرين موتى في الخنادق بأعضائهم المبتورة.... و من ثم رميه ببراءة في ذهن المشاهد..... السؤال التجريدي الذى يفتقد الإجابة ....الى متى تستمر الحروب ؟!
- هذا الفيلم هو النسخة الثالثة و المقتبسة من الفيلم الألماني الأول الذى عرض في العام 1930 و المسلسل التلفزيوني الإنجليزي في العام 1979
مخرج الفيلم الألماني : ادوارد بيرغر
كاتب الراوية الألمان : أريك ماريا ريماك
قام بدور شخصية بول بولمر الممثل النمساوي فيلكس كاميرر
- الفيلم جدير بالمشاهدة و التأمل


عدنان زاهر
1 يناير 2025

elsadati2008@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • فرنسا: عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا قد تُرفع ولكن بشرط!
  • "ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق".. موضوع خطبة الجمعة القادمة
  • يخطط لاحتلال كندا.. ترامب: لن نستخدم خطة عسكرية ولكن قوتنا الاقتصادية
  • المقاومة الحضارية الشاملة.. قاموس المقاومة (60)
  • أبو حمدان: كسرت قلوبنا ولكن ما زلنا ثابتين في الميدان
  • تعرف على الموقف النهائي لنجوم الأهلى
  • ضريبة المحمول.. الرأى والرأى الآخر!
  • عضو بـالعالمي للفتوى: على الزوجين تحديد أسس النقاش لتجنب الخلافات
  • كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !….. سينما