لجريدة عمان:
2025-01-09@09:18:24 GMT

في الاستـيلاء التركـي على سوريا

تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT

أنجزت تركيا الإردوجانـيّـة في سوريا من أهدافها السّياسيّـة التّوسعيّـة ما عَـسُـر عليها إنجازُهُ في ابتـداء «الرّبيـع العـربيّ» (2011) في البلدان التي كان لها فيها أتـباع (مصر، سوريا، لبنان، تونـس)، فأمكنها إيصالُ حلفائها في إدلب إلى السّلطة في دمشق بمساعدة أصدقائها الأمريكـيّـين والإسرائيلـيّـين. وما كان يمكن لمثـل هذا الظّـفـر التّـركيّ بـ«الكعـكـة» السّورية إلّا أن يستـثيـر أسئلةً حول أسباب النّجاح هنا والإخفاق هناك.

ولا مِـرْية في أنّه يمكن أن يقال في شأن نجاح نظام إردوجان في إنجاز هـدف مـدّ نـفوذه في بلاد الشّام الشّيءُ الكـثير، تـفسيرًا له، يكـفـينا منه قـوْلان دارجان:

يمكن أن يُـنْـظر إليه بما هـو نجاحٌ تـأتَّـت له في سوريا قـوّتُـه الماديّـةُ الحاملةُ التي تُـسعِـفه فيما هي قـوّةٌ انعدمتْ وجـودًا، أو هي مـمّا عـزّت نظائـرُها في بـلادٍ أخرى من بلـدان «الـرّبيع العـربيّ» كان لتركيا حلفاءٌ فيها. ثـمّة من يأخذ بهـذا التّـفسير محاولًا إقامة دليلٍ على وجاهـته من طريقِ بيانِ الفارق بين صهـوتـيْـن سياسيّـتـيْـن امـتـطتهـما تركـيا لهذا الغـرض: صـهوة «الإخـوان المسلمين» (في مـصرَ وتـونسَ وليـبـيا) وصـهوة «الجـهاديّـين» المسلَّـحيـن (في سوريا) والاسـتـنـتاج، مـن ثـمّـة، بأنّ الصّـهوة الأولى ما أفـلحتْ شـعـبـيّـتُـها الكبـيرة في أن تحـميَ مشروع الاستـيلاء لديها على الـدّولة والمجتمع، فيما أفلحتْ أسنانُ الثّانيـة ومخالـبُـها في التّـمكيـن لها في بـلاد الشّـام. وعندي أنّ التّـفسير هذا هـشٌّ ضعيفُ البنيان؛ إذْ ما عـدم إسلامـيّـو مصرَ وتونسَ إمكانًـا لاستـخـدامِ السّلاح للحفاظ على سلطانهم، بـل لقد كان العملُ المسلّـح الأسلوبَ الرّئيس لإسلاميّـي ليـبيـا ودَيْـدَنَـهم، ومع ذلك ما أصابوا كبـيرَ حـظٍّ مـن النّجاح ولا استفـادت منه تركـيا الأردوغـانيّـة. وإلى ذلك ينضاف أنّ سلاح «جـهاديّـي» سوريا ما كان سلاحَ فـريقٍ إسلاميّ سياسيّ واحـدٍ منسـجم، بـل امتشـقـتْـه عشراتُ الجماعات المتبايـنة والمتناقـضة ميـولًا، وكان من شأن هذا التّـعدُّد والتّـبايُـن -ولا يزال من شأنه- أن يُـبْـطِل مفعولَـه، جمـلةً، أو أن يصرفه وِجـهة الاقـتـتال الدّاخليّ بين حَمَلَـته من الفصائـل...

ويمكن أن يُـنْظر إلى أسبابه الرّئيـسة انطلاقًا من فـرضيّـة الجـوار الجغرافيّ القريب وما أتاحه للسّياسة التّـركـيّـة تجاه استـقرار سوريا ومصيرها السّياسيّ من ممكناتٍ لا يتـيحها بُـعْـد السّاحات العربيّـة الأخرى عنها. وما من شـكٍّ في مركزيّـة عامل الجوار الجغرافيّ في تيسير سياسات تركيا واستباحتها الدّاخـلَ السّـوريّ؛ فـلقـد وفّـر لتركيا إمكانَ احتلالها قسمًـا من شمال سوريا، مستـغـلّةً انشغالها بالمواجهات بين الجيش النّظاميّ والفصائل «الجهاديّـة» المسلّـحة؛ ووَضَـعَ تحت تصـرّفها الجغرافيا المناسبة لتقـديم الدّعم العسكريّ واللّـوجستـيّ لجماعاتها المسلّحة ولتـغذيـتها بعشرات آلاف المقاتـليـن المتـدفّـقـيـن على تركيا من أركان الأرض كـافّـة لِـ«الجـهـاد» في سوريا... إلخ. مع ذلك، لم يُـفِـدْها هـذا الجـوار الجغرافـيّ، مثـلًا، في تصفيـة «قـوّات سوريا الـدّيمـقراطيّـة» -المدعـومة من أمريكا- على الرّغـم من مواجهتها لها في معاركَ مفـتوحة متعـدّدة طَـوال العشرة أعـوام الماضية.

لسنا نحسَبُ السّـبـبـيْـن المومأ إليهما رئيسيْـن -على أهـميّـتهـما- في مضمار تـفسير نجاح نظام إردوجان في كسب معركـته العسكريّـة والسّياسيّـة ضدّ سوريا وضـدّ النّظام السّابق فيها. نميـل، عكسًا من ذلك، إلى افـتـراض أثـرٍ حاسمٍ لعاملَين آخريْـن في التّمكين لنجاح النّظام التّـركيّ في ما نجح فيـه حتّى اليـوم. أوّلهما حالة الإنهاك الشّاملة التي حـلّـت بسوريا وأوصلت قُـواها إلى لحظة الوهْـن الاستراتيجيّ؛ وثانيهما ما تـلـقّـاهُ مشروع الاستـيـلاء التّـركيّ على سوريا من دعـمٍ ماديّ وسياسيّ من الولايات المتّحدة الأمريكـيّـة ودولة الاحتـلال.

فأمّا الإنهاك المتمادي لقـوى سوريا الاقـتصاديّـة والاجتماعيّـة والبشريّـة والمؤسّساتـيّـة والحياتـيّـة فلم تبـدأ فصولُـه، كما يُظَـنّ، مع أحداث «الرّبـيع العربيّ» وانـطلاقِ المواجهة المسلّحة بين القوى النّظاميّـة والفصائـل، وما تـولَّـد من تلك الحرب من دمارٍ ومـوتٍ ولجوءٍ ونزوحٍ وانهـيارٍ اقـتصاديّ شـامل...، بـل هي بدأت قـبل هـذا التّاريخ: منـذ إصدار الكونجرس الأمريكيّ «قانون محاسبة سوريا» (2003) والشّروع في حصارها الاقـتصاديّ وتشديد العقوبات الماليّـة عليها وصولًا إلى ذُروة الإنهاك في «قانون قيصر» القـاتـل (2019) الذي صدر في العهـد الأوّل لدونالد ترامپ. ومثـلما أضعف الحصار الدّوليّ المـديد العراق (1991- 2003) فأوصله إلى لحظة الوهْـن الاستراتيجيّ التي كانت بيئـةً مناسبة للغـزو الأمريكيّ - الغربيّ له ولإسقاطِ نظامـه الوطنيّ (بـل والـدّولة فيه)، كذلك أضعـفـتِ الحـربُ الدّاخـليّـة والعقـوباتُ الأمريكـيّـة سورياَ الـدّولة والمجتمع على السّـواء إلى الحـدود التي أنجبت فيها تلك الحالة من الاستـقالة الجماعيّـة لمؤسّـسة الجيش عـن النّهـوض بدورها الدّفاعـيّ والأمنيّ (من دون أن نستـبعـد احتمال اخـتراق قـياداتـه وشراء بعضها)، والتي كانت نـتيـجتـها سقوط النّـظام من تـلقـاء نفسـه.

وأمّا الـدّعم الأمريكيّ- الإسرائيليّ لتركيـا في مشروعها للسّـطو المسلّح على سوريا فـكان حاسمًا في باب التّمكين له، ولولاهُ لَـمَا جـرُؤ نظامُ إردوجان على منح الضّـوء الأخضر للفصائل المسلّـحة للتّـقـدّم في عمق الدّاخل السّـوريّ وصولًا إلى دمشق. وها هي تصريحات قادة الدّاعميْـن ووسائـل إعلامهما تُـفْـرِج، اليـوم، عن مقـدارٍ كبيـر من المعلومات عن التّـفاهمات التي أُبرمت بين القوى الثّـلاث (أمريكا، تركيا، «إسرائيل») قصد إنجاز عملـيّـة السّطو تلك على نحـوٍ من التّـنسيق المحكَم ومن إمـداد تركيا وحلـفائها بأدقّ المعلومات عن خريطة انـتـشار الجيـش، فضـلًا عن التّـشـويش الإلكـترونيّ لمنظومة اتّـصالات الجيـش السّـوريّ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی سوریا

إقرأ أيضاً:

نائب يحمل تابوتا إلى البرلمان التركي!

أنقرة (زمان التركية) – دخل البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، عثمان جوكشيك، إلى البرلمان حاملاً نعشاً وأكفان، ولافتة كتب عليها ”الموت هو عنوان الربح في أنقرة!“.

وكان عثمان جوكشيك قال في منشور بوقت سابق، على منصة X: ”غدًا، سيتم الكشف عن فضيحة كبيرة أخرى حول بلدية أنقرة الكبرى بعد التربح من الحفلات الموسيقية. لن تصدقوا ما ترونه وتسمعونه”.

وخلال مؤتمر صحفي في البرلمان، أوضح جوكشيك أن بلدية أنقرة طرحت مناقصة لشراء أطقم أكفان وأكياس جثث، بعد 11 يومًا من زلازل 6 فبراير، بقيمة 80 مليوناً و155 ألف ليرة.

وأضاف جوكشيك: “يفقد 30 ألف مواطن في المتوسط ​​حياتهم سنويًا في أنقرة، وتشتري البلدية ما متوسطه 30 ألف كفن كل عام. السيد منصور يافاش؛ أمر بشراء 30 ألف كفن في عام 2022 و30 ألف كفن في عام 2024. وبعبارة أخرى، لم يتم شراء أي أكفان في عام 2023”.

وتابع النائب عن حزب العدالة والتنمية، قائلا: “اشترى السيد منصور يافاش 30 ألف كفن بحوالي 10 ملايين ليرة، قلنا دعونا نعطي السيد منصور يافاش رقمًا مثل 40 ألفًا وعندما ننظر إلى الوراء نجد أنه 70 مليون ليرة. نسأل أين أنفق هذا المبلغ؟ أدركنا أن بإمكانهم شراء أكياس الجثث بمبلغ 70 مليون ليرة تركية”.

وذكر جوكشيك أن مستشفى أوسكودار الحكومي اشترى أكياس الجثث بـ 57 مليون ليرة تركية، متابعا: “عندما ننطلق من هذا الحساب، يجب أن يكون لدينا مليون و250 ألف كيس جثث. ولكن أين أكياس الجثث هذه؟ من غير الممكن الوصول إلى أكياس الجثث لأنه لم يتم الإبلاغ عنها في (منصة المشتريات العامة الإلكترونية)”.

وأشار جوكتشك إلى أنه بما أنه لم يتم الإبلاغ عنها، فلا يمكن الوصول إلى رقم. الآن هناك مشكلة كبيرة على جانبي هذه القضية. إذا كانوا قد اشتروا مليون و250 ألف كيس جثث، فأين هذه الأكياس؟ إذا لم يشتروا مليون و250 ألف كيس جثث أو إذا اشتروا كمية أقل، فسيواجهوا فرقاً كبيراً في الأسعار.

يذكر أن الرئيس رجب طيب أردوغان يشن منذ فترة هجوما على حزب الشعب الجموهري متها إياه بعدم تقديم خدمات فعلية في البلديات التي فاز بها منذ عام 2019.

Tags: أردوغاناسطنبولالعدالة والتنميةتابوتتركيا

مقالات مشابهة

  • حراك أوروبي لرفع سريع للعقوبات التي تعيق تعافي سوريا
  • ترامب والصراع الكوردي-التركي
  • وزير الخارجية التركي: لا نسعى للهيمنة أو السيطرة على سوريا
  • الاستيلاء على شقة الرئيس العراقي الراحل في دمشق!
  • بالتفصيل.. ما هي الإعفاءات التي أقرّتها أمريكا بخصوص سوريا؟
  • عاجل | السماح بدخول السوريين “المجنسين” حاملي الجواز التركي إلى سوريا
  • الجيش التركي يشن غارات جوية ويُكثّف من عملياته العسكرية شمال دهوك
  • براجمات الصواريخ.. الجيش التركي يقصف مواقع قسد في كوباني
  • نائب يحمل تابوتا إلى البرلمان التركي!