إسرائيل وجرائم الحرب.. نجاح بالبرازيل وفشل عبر العالم
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
أفلحت إسرائيل في تخليص الجندي يوفال فاغداني، المتهم في البرازيل بارتكاب جرائم حرب من شباك العدالة الدولية التي كادت تمسك به في البرازيل بعد إصدار أمر اعتقال بحقه بتهمة المشاركة في ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. ورغم فرحة أهله بهروبه إلى الأرجنتين ونجاحه أيضا في الهرب من أمر اعتقال جديد هناك أيضا، فإن الشعور بالإرباك كان سائدا في الدولة العبرية.
ومعروف أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أيضا مذكرتي اعتقال بحق كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق، يوآف غالانت. وتراهن إسرائيل حتى الآن على تشريع أميركي في عهد الرئيس ترامب يقيد العدالة الدولية ويمنع مواصلة الملاحقة لمقترفي جرائم الحرب في إسرائيل. لكن هذه المراهنة لم تمنع تصاعد الجدل داخل إسرائيل حول جرائم الحرب واستمرار الحرب.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3محللون: جنود وضباط إسرائيل سيُلاحقون قضائيا حتى لو أوقفت حرب غزةlist 2 of 3إسرائيل تدق ناقوس الخطر بعد فرار جندي متورط بجرائم حرب من البرازيلlist 3 of 3رفع دعوى قضائية ضد جنديين إسرائيليين بالأرجنتين لارتكاب جرائم حرب بغزةend of list 10 دولوكانت هيئة البث العبرية نشرت، نقلا عن مصادر أمنية، أن نحو 50 شكوى رفُعت ضد جنود إسرائيليين في 10 دول مختلفة، بتهمة المُشاركة في ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وأن تحقيقات جرت وتجري على الأقل في دول بينها جنوب أفريقيا وسريلانكا والبرازيل وفرنسا .وقالت إن محاولات استهداف جنود الجيش قانونيًا في الخارج آخذة في الارتفاع، مشيرة إلى أنه "يجري التعامل مع حالات فردية بشكل خاص، كالجنود الذين يحملون جنسية مزدوجة، أو حالات تتوفر بشأنها معلومات استخباراتية". وتعمل على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين العديد من المنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية وفي مقدمتها صندوق "هند رجب" الذي اتخذ اسم طفلة فلسطينية من ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
وحسب ما توفر من معلومات فإن مؤسسة "هند رجب" تقدمت بشكاوى ضد ما لا يقل عن ألف جندي إسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب إبادة جماعية، إضافة إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة. وتقول المؤسسة على موقعها الرسمي إن الشكوى التي تم تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، مقدمة بأسماء المتهمين الألف ومدعومة بالأدلة والبراهين التي تم التحقق منها، وتثبت مشاركتهم بشكل فعال ودوري في ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكثر من عام. وتشمل التهم الموجه إلى هؤلاء الجنود الألف، تدمير البنية التحتية ومنازل المدنيين والمدارس والمستشفيات، وأيضا تهمة المشاركة في حصار القطاع ومنع دخول المساعدات الإغاثية والمياه والغذاء. وكذلك استخدام تكتيكات حربية لاإنسانية باستهداف مخيمات النازحين وتجويع الأسر المشردة. وتقول مؤسسة "هند رجب" إن من بين المتهمين ضباطا ومسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي، متهمين بتخطيط والتنفيذ والإشراف على الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين في القطاع.
إعلان صيغتانوتختلف الملاحقة القضائية للجنود الإسرائيليين في مختلف الدول التي يسمح قانونها عن الملاحقة القائمة في المحكمة الجنائية الدولية. إذ إنها حينا تتخذ صيغة الملاحقة الشخصية من أناس فلسطينيي الأصل وقع أهلهم ضحية جرائم الحرب ، وحينا آخر تتخذ صفة الملاحقة الدولية إذا كان قانون الدولة يسمح بالولاية القانونية الدولية على جرائم الحرب. وفي كثير من الحالات لا يعرف الجندي الإسرائيلي الملاحق أنه عرضة للاعتقال في دول أجنبية. ولذلك بدأ الجيش الإسرائيلي حملة واسعة ليس فقط لتعريف الجنود في القوات النظامية والاحتياطية بما يمكن أن ينتظرهم في بلاد العالم، وإنما كذلك بوجوب عدم التباهي بما كانوا يفعلون في قطاع غزة.
وبعد نجاح جهود إنقاذ فاغداني من الاعتقال بعثت منظمة "أم يقظة"، وهي تجمع لأمهات الجنود الإسرائيليين رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، حذرت فيها من الخطر القانوني الذي يواجه الجنود من المحاكم الدولية. وأوضحت المنظمة بحسب صحيفة "إسرائيل اليوم"، أنه "رغم التحذيرات المتكررة من الخطر القانوني الذي يواجه الجنود من المحاكم الدولية، فإن الحكومة لم تتخذ خطوات كافية لحمايتهم". وأضافت "لقد دفنت الحكومة الإسرائيلية رأسها في الرمال وسمحت لدوامة الفوضى التي أثارها وزراؤها المتطرفون بالخروج عن السيطرة".
وفي أعقاب قضية فاغداني، أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتين، عن وجوب إجراء نقاش عاجل حول موضوع "الحماية من الملاحقات القانونية لجنود الجيش الإسرائيلي في الخارج". وقال إن المناقشة ستكون سرية، وإنه "منذ أشهر عديدة، حذرت أنا وأعضاء لجنة الخارجية والأمن مرارا وتكرارا من أن الملاحقة القانونية تحت ذرائع كاذبة بارتكاب "جرائم حرب" لن تقف عند رئيس الحكومة وقادة الأمن بل سوف تتغلغل وتصل إلى جنود الجيش أيضًا". وأضاف "أشعر بالحرج من البرازيل وحكومتها التي خضعت للإرهاب القانوني المؤيد للفلسطينيين. وأنا أتطلع إلى الاستماع من ممثلي الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية إلى خطة عملهم فيما يتعلق بحماية جنودنا ضد العقوبات الجنائية والملاحقات".
إعلان مناقشة عاجلةكما دعا وزير الخارجية غدعون ساعر إلى مناقشة عاجلة عقدت في لجنة فرعية تابعة للمجلس الوزاري السياسي الأمني حول مسألة حماية الإسرائيليين واليهود في العالم. وسيشارك في المناقشة وزراء الحكومة وممثلو الحكومة والأجهزة الأمنية والجيش.
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، قد أعلن أن "اضطرار جندي إسرائيلي للفرار من البرازيل لتجنب القبض عليه لأنه قاتل بغزة فشل سياسي هائل لحكومة غير مسؤولة"، وتساءل "كيف وصلنا إلى أن الفلسطينيين أفضل من الحكومة الإسرائيلية على الساحة الدولية؟". واعتبر أن الجنود يجب ألا يخافوا من السفر للخارج خشية من الاعتقال، وقال إن الحادث كان يمكن تجنبه لو تم "تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحمينا قانونيا من جهة، وتفعيل نظام دعاية فعال ومنسق من جهة أخرى".
ورد وزير الخارجية غدعون ساعر قائلا "لبيد الدجال يعرف جيدا أن مثل هذه الحالات حدثت خلال فترة ولايته كوزير للخارجية ورئيس الوزراء. وأن الأشخاص الذين عملوا معه في ذلك الوقت يعرفون ذلك. صحيح أنها لم تكن بهذه الشدة، لأنه لم تكن هناك حرب كهذه ولم يتم القيام بجهد ضدنا بهذا الحجم ".
وفي مقابلة مع موقع "يديعوت" بعد انكشاف قضية فاغداني كرر وزير الحرب الأسبق موشيه يعالون تحذيراته من مغبة مواصلة الحرب واستمرار ارتكاب جرائم الحرب. وقال: "يجب على المقاتلين الذين يسافرون إلى الخارج اليوم أن يشعروا بالقلق الشديد. أولاً، ينبغي الكف عن نشر كل مقاطع الفيديو والتصريحات، لكن هذا لن يساعدهم – سيتحدث السياسيون عن ذلك. فالحقيقة أننا ننوي تقليص عدد السكان في غزة. وهذه جريمة حرب، وهذا يجعلهم مكشوفين. ويجب أن يشعر المقاتلون أيضًا بالقلق من حقيقة أن الدولة لا تعرف حاليًا كيف تحميهم". وأضاف "هذا ما يسمى بمبدأ التكامل؛ إذا اهتمت دولة ديمقراطية بنفسها، على سبيل المثال من خلال لجنة تحقيق حكومية، فيمكن أن يساعد ذلك كثيرًا. بمجرد أن نتجاهل كل هذا، كل جندي ورئيس أركان وسياسي… سيكونون عرضة لمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لدينا بالفعل رئيس حكومة انضم إلى قافلة غير مريحة مع القذافي وميلوسوفيتش وبوتين. نحن هناك بالفعل".
إعلان أمام الكاميراوحذر المحامي يوفال كابلينسكي، مدير القسم الدولي في مكتب المدعي العام الإسرائيلي سابقا الجنود الذين قاموا بالتقاط الصور في ميادين غزة ونشروا فيديوهات عما كانوا يفعلون من السفر للخارج. وأضاف "إذا لم تتفاخر أمام الكاميرا، ولم تخبر بصوت عال ميكروفون التسجيل عن أعمال العنف التي قمت بها أو لم تقم بها أو التي تنوي القيام بها، إذا لم تفكروا أن تنشروا على وسائل التواصل الاجتماعي أنفسكم تتفاخرون بالإجراءات التي تتم ضد سكان قطاع غزة، أو باختصار، إذا كنتم قادة منضبطين ومسؤولين وجنودًا مخلصين، دون "ضجيج وأجراس"، فسافروا بسلام، استمتعوا بإجازة في الخارج".
وقال كابلينسكي "إذا كنا قد تعلمنا أي شيء إيجابي مما نشر حول سلسلة الأحداث التي تورط فيها جنود في الخارج حتى الآن، فهو أن أيا من الدول المعنية لم تبدأ فعليا أي نوع من التحقيق.. كل ما سمعناه هو عن السلطات التي تلقت، دون مبادرتها، أدلة معدة من الكاميرا النشطة للجندي المحدد الذي وقع لاحقًا في مشاكل بسببها. وكانت سلطات التحقيق في هذه الدول سلبية تماما، حيث كانت تتلقى المعلومات من المنظمات المؤيدة للفلسطينيين التي تقوم بجمع المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي المرئية، حيث قدم لها الجنود أنفسهم الأدلة على صينية التيك توك والإنستغرام".
ويوضح نيك كوفمان، محامي الدفاع في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أن الضباط أكثر عرضة لخطر الملاحقة من الجنود لأنهم "أقرب إلى صناع القرار الذين يحددون سياسة الجيش الإسرائيلي في اختيار الأهداف وإدارة الحرب". ويشدد على أن الخطر أكبر على الجنود الذين وثقوا أفعالهم ونشروها على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها الدليل الذي يثبت الشكوك ضدهم. ويميز كوفمان بين الدول التي تطبق مبدأ "الولاية الدولية" -وبينها دول مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا- والدول التي لا تطبق هذا المبدأ. وحسب رأيه فإنه "في ضوء المداولات التي بدأتها جنوب أفريقيا في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فإن هناك دولاً سيكون من دواعي سرورها أن تتعامل حتى مع توثيق الجنود الذين يرددون الأغاني العنصرية باعتبارها تحريضا على الإبادة الجماعية".
إنشاء مكتبوكانت "هآرتس" كشفت مؤخرا عن إنشاء مكتب مشترك بين النيابة العسكرية ووزارة الخارجية وهيئة الأمن القومي والشاباك، لتحليل مستوى الخطر على الجنود في دول مختلفة، وتفحص إذا كانت تنوي فتح تحقيقات على أساس دعاوى مثلما حدث في البرازيل. في الأشهر الأخيرة لاحظوا في إسرائيل انتظام عدد من المنظمات المؤيدة للفلسطينيين لإنشاء قاعدة بيانات شهادات (صور وأفلام فيديو) شاركها جنود الجيش الإسرائيلي في الشبكات الاجتماعية أثناء القتال في غزة. كما أوضحت مؤخرا جهات رفيعة في جهاز القضاء الإسرائيلي، المدني والعسكري، لجهات رفيعة في المستوى السياسي بأن تصريحاتهم في وسائل الإعلام وفي الشبكات الاجتماعية لها تداعيات على الإجراءات القانونية ضد جنود الجيش الإسرائيلي في العالم. فتصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يطالبون بتجويع سكان القطاع من أجل الضغط على حماس، تؤدي إلى المس بإسرائيل في الساحة القضائية الدولية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحکمة الجنائیة الدولیة فی لاهای الجیش الإسرائیلی فی ارتکاب جرائم حرب الجنود الذین جرائم الحرب فی قطاع غزة جنود الجیش فی الخارج الجیش ا هند رجب فی غزة
إقرأ أيضاً:
قتل المدينة.. ذكريات تتلاشى في ضاحية بيروت التي دمرتها إسرائيل
بيروت، لبنان- تحتفظ زينب الديراني، مثل كثيرين من سكان الضاحية الجنوبية، بذكريات دافئة عن الحي الذي نشأت فيه، عن حفل خطوبة ابنة عمها حيث اجتمع الأهل والجيران يرقصون في الشارع أمام منزلهم في الطابق الأرضي، وعن والدها الذي كان يقصد صالون الحلاقة القريب ليحصل على حلاقة مميزة على يد إبراهيم الشهير بـ"بوب الحلاق".
لكن اليوم، لم يتبقَ من كل تلك التفاصيل سوى صور عالقة في الذاكرة، بعدما تحولت شوارع الحدث -الحي الذي ترعرعت فيه وعاشت فيه 20 عاما- إلى أنقاض بفعل القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.
كانت الديراني (25 عاما) تعيش في منطقة الحدث، إحدى ضواحي بيروت الجنوبية، التي استهدفتها إسرائيل بشراسة خلال الحرب. في 27 سبتمبر/أيلول 2024، شنّت إسرائيل غارة مدمرة على حارة حريك، مسفرة عن تدمير 6 مبانٍ ومقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وفقا للتقارير الإسرائيلية.
بعد ساعات فقط من الهجوم، وبينما كان اللبنانيون يترقبون مصير نصر الله، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أوامر إخلاء لسكان مناطق واسعة من الضاحية، مما دفع آلاف العائلات إلى مغادرة منازلها في حالة من الذعر.
إعلانيصف المشهد خضر عيدو -وهو طاهٍ تنفيذي (26 عاما) ويعيش في بشامون قرب الشويفات- قائلا: "كانت الليالي الأولى تحت القنابل مرعبة. أصوات الانفجارات كانت تحطم الصمت، وتبث الخوف في كل زاوية من المدينة. مع كل دويّ، كنا نشعر بأن وجودنا نفسه أصبح هشا أكثر من أي وقت مضى".
على مدى الأسبوعين التاليين، شهدت الضاحية أعنف قصف إسرائيلي منذ حرب 2006، حيث استهدفت الغارات الجوية المنطقة بشكل غير مسبوق. كانت وسائل الإعلام اللبنانية تبث الدمار على الهواء مباشرة، في حين أضاءت سماء الليل ألسنة اللهب البرتقالية والحمراء، حتى بدت وكأنها شروق جديد، لكنه محمّل بالرعب بدلا من الأمل.
حياة تحت الأنقاضزعمت إسرائيل أنها تستهدف مخازن أسلحة حزب الله، لكن الواقع على الأرض كان مختلفا، فقد أسفر القصف عن مقتل أو تشريد عشرات الآلاف من المدنيين، في وقت تحولت فيه مئات المنازل والمتاجر إلى ركام، ولم يتبقَ من حياة الناس سوى ذكريات تائهة بين الأنقاض.
زينب الديراني كانت واحدة من هؤلاء الذين فقدوا منازلهم. تحاول استجماع كلماتها وهي تصف حجم الدمار الذي لحق بمسكنها: "لقد قصفوا بجوار منزلي.. المبنى لا يزال قائما، لكن كل شيء بداخله دُمر بالكامل"، وتتوقف للحظة قبل أن تتابع بصوت مخنوق: "غرفتي أصبحت لها شرفة الآن بسبب القنبلة".
ورغم أن منزلها لا يزال واقفا جزئيا، فإن ما حوله لم يكن محظوظا بالقدر نفسه، إذ فقدت الحيّ بأكمله، فقدت صالون الحلاقة الذي كان يقصده والدها، وفقدت معلمتها التي كانت تعدّها شخصية ملهمة في طفولتها.
إعلانوتضيف بأسى: "لقد قصفوا منزلها وقتلوا كل أفراد عائلتها بداخله.. زوجها، ابنتها، ولديها.. كلهم رحلوا في لحظة. كل يوم ترى شخصا يموت".
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل أكثر من 2500 شخص في لبنان على يد القوات الإسرائيلية. وفي حين استهدفت الهجمات عديدا من المناطق، كانت بيروت والضاحية الجنوبية من بين أكثر الأماكن تضررا، مما دفع بعض الخبراء إلى تصنيف ما يحدث هناك على أنه "إبادة حضرية" أو "قتل المدينة".
تصف منى حرب، أستاذة الدراسات الحضرية والسياسة في الجامعة الأميركية في بيروت، ما يحدث قائلة: "إنه ليس مجرد دمار مادي، بل إنه محو هائل للمكان والناس وذكرياتهم".
وتضيف: "الأمر يتجاوز المباني المدمرة، لقد فقدنا أيضا الأشياء غير الملموسة.. العادات، الممارسات، تفاصيل الحياة اليومية التي اعتاد الناس القيام بها في تلك الأماكن. إنه تدمير لما يحمله الناس في ذاكرتهم".
يرى أحد الباحثين في مركز "أستوديو الأشغال العامة"، وهو مؤسسة تهتم بالتخطيط الحضري وصنع السياسات في لبنان، أن الحرب لم تدمر الأبنية فحسب، بل قطعت الروابط التي تشكل نسيج المجتمع. يقول الباحث، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، للجزيرة: "الهجمات الإسرائيلية تفكك الصلة بين الناس وأحيائهم، وتقطع الروابط الاجتماعية التي تحدد هوية المجتمع".
ويتابع: "نتيجة لذلك، لا تواجه هذه المناطق الدمار المادي فحسب، بل تشهد أيضا تفككا اجتماعيا عميقا، حيث يضطر السكان إلى التخلي عن الأماكن التي شكلت حياتهم وذكرياتهم وهوياتهم".
في عام 1955، قرر محمد، جد ديانا يونس، مغادرة مدينة بعلبك في وادي البقاع شرقي لبنان، بحثا عن مستقبل جديد، فاستقر في المنطقة الواقعة جنوب بيروت، التي كانت آنذاك مجرد بساتين زيتون ممتدة على مد البصر.
يتذكر يونس تلك الفترة قائلا: "لم تكن هناك ضواحٍ كما نعرفها اليوم، لم يكن هناك سوى أشجار الزيتون وأراضٍ واسعة، لا مبانٍ ولا شوارع مزدحمة". وسط هذا الامتداد الأخضر، قرر محمد وزوجته بناء بيت صغير بأيديهما، وضعا فيه الأساس لحياة جديدة، غير مدركين أن المنطقة التي اختاراها ستتحول يوما ما إلى واحدة من أكثر المناطق حيوية وكثافة سكانية في لبنان.
مع مرور السنين، ومع توسع العمران، بدأت المدارس والجامعات تظهر في المنطقة، وهو ما جعلها مقصدا لعديد من العائلات الباحثة عن الاستقرار. كبرت عائلة محمد، وكبرت معها الضاحية، التي لم تعد مجرد مجموعة من البيوت الريفية، بل أصبحت مجتمعا حضريا متكاملا.
إعلاناليوم، يُعرف هذا الامتداد رسميا باسم "سهل المتن الجنوبي"، لكنه لا يزال يُشار إليه ببساطة بـ"الضاحية"، اسم أصبح مرادفا للتنوع والتاريخ والتحولات السكانية التي شهدتها المنطقة على مدار العقود الماضية.
تُعرف الضاحية الجنوبية لبيروت بأنها منطقة مترامية الأطراف، تضم بلديات رئيسية مثل الغبيري، وبرج البراجنة، وحارة حريك، والمريجة -تحويطة الغدير- الليلكي، إلى جانب مناطق عشوائية مثل الأوزاعي، وبئر حسن، وحرش الكتيل، وحي السلم، بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في برج البراجنة وشاتيلا.
تصف منى حرب، الخبيرة في التخطيط الحضري، الضاحية بقولها: "إنها بحجم مدينة بيروت". وتضيف: "إذا بدأنا من هذا المفهوم، فسندرك أن هذه المنطقة ليست مجرد ضاحية، بل هي مجتمع متكامل متعدد الأوجه، حيث تعيش الأسر، ويعمل الناس، ويتنقلون، ويقضون أوقات فراغهم. لكل طبقة من الحياة هنا قصة خاصة بها".
لم تكن الضاحية كما نعرفها اليوم، بل تشكلت عبر موجات نزوح متتالية خلال العقود الماضية، وهو ما جعلها ملاذا لمئات الآلاف من العائلات الفارة من العنف والنزاعات.
الموجة الأولى (1975-1976) جاءت خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية اللبنانية، حيث طُرد نحو 200 ألف شخص من سكان الأحياء الفقيرة في شمال شرق بيروت، بعضهم تعرض لمجازر نفذتها مليشيات مسيحية يمينية، وهو ما دفعهم إلى الانتقال إلى الضاحية بحثا عن الأمان.
الموجة الثانية الكبرى وقعت خلال الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في عامي 1978 و1982، وما تبعه من احتلال استمر حتى عام 2000. أسفرت هذه الأحداث عن نزوح ما يصل إلى 900 ألف شخص، معظمهم من المسلمين الشيعة، الذين استقروا في الضاحية بعد أن اضطروا لمغادرة قراهم الجنوبية.
مع هذه التحولات، تغيّرت التركيبة الديمغرافية للضاحية. كانت المنطقة تضم سابقا طائفة مارونية كبيرة، لكن كما توضح منى حرب، فإن الموارنة "هُجِّروا قسرا وبعنف" خلال موجات النزوح المتتالية. وعلى الرغم من أن بعض المسيحيين لا يزالون يعيشون في المنطقة، فإن الغالبية العظمى منهم لم يعودوا أبدا بعد تهجيرهم خلال الحرب.
إعلانهكذا، لم تكن الضاحية مجرد امتداد عمراني للعاصمة بيروت، بل أصبحت مدينة بحد ذاتها، شكلها التاريخ، وطبعتها الهجرة القسرية، حتى باتت اليوم واحدة من أكثر المناطق تنوعا وكثافة سكانية في لبنان.
على الرغم من التغيرات الديمغرافية التي شهدتها الضاحية الجنوبية خلال العقود الماضية، فإن بعض مظاهر التعددية الدينية لا تزال قائمة. تشير حرب إلى أن "الكنائس والمقابر المسيحية تم ترميمها في العقد الأول من القرن الـ21، وظلت القداسات تُقام كل يوم أحد"، في تأكيد على أن الوجود المسيحي لم يُمحَ بالكامل من المنطقة، حتى لو أن أعداد السكان قد تغيّرت.
مع توافد موجات المهاجرين الجدد إليها، لم تعد الضاحية مجرد منطقة مجاورة لبيروت، بل أصبحت امتدادا حضريا كثيفا، يكاد يضاهي العاصمة من حيث الحجم والكثافة السكانية، حيث نما العمران بشكل متسارع، وتوسعت البنية التحتية لتستوعب الأعداد المتزايدة من السكان، مما جعلها إحدى أكثر المناطق ازدحاما في لبنان.
بالنسبة إلى محمد، جد ديانا يونس، الذي كان أحد أوائل من استقروا في الضاحية، شهد بأم عينيه كيف تحولت هذه المنطقة من بساتين زيتون هادئة إلى مدينة مكتظة بالحياة. وكما توسعت الضاحية، نمت عائلته أيضا؛ فمع مرور السنوات، تزوج كل واحد من أبنائه، وأصبح كل منهم يبني طابقا جديدا فوق بيت أبيهم، ليؤسس أسرته الخاصة، في مشهد يعكس التحولات السريعة التي طرأت على المنطقة.
اليوم، أصبحت الضاحية شاهدا على عقود من التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، من منطقة زراعية بسيطة إلى واحدة من أكثر المناطق تأثيرا في المشهد اللبناني.
غالبا ما تصف وسائل الإعلام الدولية الضاحية الجنوبية لبيروت بأنها "معقل حزب الله"، في محاولة لاختزالها في بُعد سياسي وأمني فقط، متجاهلة تعقيداتها الاجتماعية والثقافية. حتى داخل لبنان، هناك من ينظر إليها باعتبارها "غيتو" شيعيا أو منطقة متمردة، كما أشارت منى حرب في مقال نشرته عام 2009 عن الضاحية.
لكن حرب ترفض هذه النظرة التبسيطية التي تتجاهل واقع الحياة اليومية في المنطقة، وتقول في حديثها للجزيرة الإنجليزية: "مئات الآلاف من الأفراد ذوي الأصول والهويات المتعددة يعيشون هناك"، مشيرة إلى أن بيروت ولبنان عموما صغيران إلى حد يجعل من المستحيل العيش في الضاحية من دون أن تكون متصلا ببقية المدينة والمجتمع ككل.
إعلاننشأت في الضاحية عدة تيارات سياسية وحركات اجتماعية منذ ستينيات القرن الماضي، لكن الحرب الأهلية اللبنانية غيرت موازين القوى فيها. خلال الحرب، سيطرت على المنطقة حركة أمل، الذراع المسلح لحركة "المحرومين" التي أسسها الإمام موسى الصدر.
لكن في عام 1984، بدأ حزب الله في كسب أنصار داخل الضاحية، وفي عام 1989، اندلعت مواجهات بينه وبين حركة أمل، انتهت بسيطرة الحزب على أجزاء واسعة من الضاحية، ليصبح لاحقا القوة السياسية والعسكرية الأبرز فيها. حتى اليوم، يحتفظ الحزب بشبكات سياسية واجتماعية واسعة النطاق داخل الضاحية، كما أن وجود أعلامه وتجمعاته وخطاباته العامة كان مشهدا مألوفا على مدار العقود الماضية.
لكن على الرغم من وجود أنصار لحزب الله في الضاحية، فإن تصنيف المنطقة بـ"المعقل" يثير اعتراضات واسعة، ليس فقط بين الباحثين، بل أيضا بين سكانها أنفسهم. ترى حرب وآخرون أن استخدام مصطلح "معقل" يتجاهل التنوع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في الضاحية، بل ويعمل على إضفاء الشرعية على العنف ضدها، وكأنها مجرد هدف عسكري وليس حيا نابضا بالحياة.
تقول حرب: "هناك صورة نمطية غير إنسانية تروجها وسائل الإعلام الغربية، تربط جميع سكان هذه المنطقة بتوجهات سياسية معينة، وهو أمر بعيد عن الواقع".
قبل أن تتحول الضاحية إلى ساحة حرب، جاءت زينب الديراني إليها عام 2021 من بلدتها قصرنبا في البقاع بحثا عن فرص عمل، في وقت كان فيه لبنان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه. كانت زينب تحمل طموحات كبيرة، وبذلت جهدا هائلا في حياتها المهنية، إذ عملت لأكثر من 14 ساعة يوميا إلى جانب دراستها للكيمياء والتشخيص الطبي.
إعلانلم تكن تحب حيّها كثيرا، لكنها رغم ذلك تحتفظ بذكريات جميلة عن الجلوس مع والديها في نهاية اليوم، يتبادلان الأحاديث، وعن عمتها التي كانت تمرّ لزيارتهم باستمرار.
نشأت منى حرب في الضاحية الجنوبية، لكنها غادرتها قبل نحو 30 عاما. أما والدها، فكان يذهب إلى برج البراجنة لشراء الخبز واللحوم والجبنة واللبنة حتى أسابيع قليلة مضت.
تقول بأسى: "كان المنزل جيدا وآمنا"، قبل أن تتوقف للحظة وتضيف بصوت منخفض: "قبل ذلك".
اليوم، يجد أكثر من مليون شخص -أي ما يعادل 20% من سكان لبنان- أنفسهم في حالة نزوح قسري بسبب الحرب الأخيرة. وبينما دُمّرت منازلهم، لم يجد كثيرون منهم مأوى، فافترشوا الحدائق العامة، والشوارع، وحتى شواطئ البحر، في مشهد يعيد إلى الأذهان الأزمات الإنسانية التي عصفت بلبنان على مر العقود.
يقول الباحث في أستوديو الأشغال العامة: "بالنسبة إلى النازحين، الصدمة مزدوجة، ليس فقط لأنهم طُردوا من منازلهم تحت التهديد، ولكن لأنهم يشهدون أيضا محو روابطهم الثقافية والجسدية بأرضهم". وأضاف أن ما يحدث في الضاحية ليس مجرد قصف عشوائي، بل هو "محاولة متعمدة لمحو وجود المجتمع ذاته"، في إشارة إلى حجم الدمار الذي طال المنطقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
ليالٍ مرعبة ودمار ممنهجمنذ 27 سبتمبر/أيلول 2024، شنت إسرائيل عشرات الغارات على الضاحية، وفقا لمصادر محلية. وبعد توقف استمر أسبوعا تقريبا، استؤنف القصف بوتيرة أعنف، إذ شهدت ليلة 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024 واحدة من أشد ليالي القصف رعبا، حين شنت إسرائيل 17 غارة جوية أسفرت عن تدمير ما لا يقل عن 6 مبانٍ، كان من بينها مكتب قناة الميادين الإعلامية.
ويؤكد الباحث في أستوديو الأشغال العامة أن "رسم خريطة للدمار أمر معقد، لكن الواضح هو أن الضاحية تعرضت لهجمات وحشية يومية". ويضيف: "ما يميز هذه الضربات هو العنف العشوائي ضد المدنيين، حيث لم تعد تقتصر على أهداف عسكرية مزعومة، بل امتدت لتشمل الأبنية السكنية والشوارع والمحال التجارية".
إعلانوكانت الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء تصدر عبر منصة إكس، حيث نُشرت خرائط للضاحية مع تمييز المباني المستهدفة باللون الأحمر. وفي كثير من الحالات، مُنح السكان ساعة واحدة فقط للمغادرة، ومع كل ليلة كانت المهلة تقلّ، لتتحول إلى دقائق معدودة في بعض الأحيان.
يضيف الباحث: "المباني والشوارع والأحياء بأكملها تم تحديدها ورسم خرائطها بشكل منهجي، ثم استُهدفت بغارات جوية دقيقة، في إطار إستراتيجية مدروسة للقضاء على المساحات المدنية".
المأوى المفقوديوم 27 سبتمبر/أيلول 2024، أجبرت زينب الديراني وعائلتها على مغادرة منزلهم. انتقل والداها للعيش مع شقيقتها في أحد الأحياء المسيحية، بينما وجدت زينب ملجأ مؤقتا في متجر بعين الرمانة.
ومع استمرار عمليات الإخلاء، انتقدت منظمة العفو الدولية الطريقة التي أُجبر بها السكان على المغادرة، ووصفتها بأنها "مضللة وغير كافية". وأشارت إلى أن بعض الهجمات وقعت بعد أقل من 30 دقيقة من إصدار التحذير، بينما جاءت هجمات أخرى من دون أي تحذير على الإطلاق.
صدمة الفقدانبالنسبة لمازن، وهو صاحب محل هدايا وعطور في المريجة، لم يكن القصف مجرد كارثة مادية، بل كان فقدانا لكل ما كان يعني له الحياة. كان يعيش حياة هادئة مع قطته المحبوبة "سيسي"، التي أصبحت نجمة حسابه على "تيك توك". ولكن عندما ضربت غارة جوية المبنى الذي يسكن فيه حين كان خارجه لشراء بعض الحاجات، انهار المبنى بالكامل، تاركا سيسي تحت الركام.
وفي مقطع فيديو انتشر على "تيك توك"، ظهر مازن وهو يقف أمام أنقاض منزله يبكي بحرقة وينادي على قطته المفقودة، بينما انهالت التعليقات برموز تعبيرية باكية وأخرى تعبر عن الحزن.
يقول مازن للجزيرة: "ذهبت كل حياتي، لا مشكلة، سأجد منزلا آخر… لكن الشيء الوحيد الذي يهمني هو إذا ما كانت سيسي قد نجت. إن شاء الله لم تمت".
لم يفقد الأمل في العثور عليها، فكل يوم يذهب إلى موقع الدمار بحثا عنها، وينام في العراء، متنقلا بين الشوارع والشرفات، ويقول: "ما زلت أعيش حياة هادئة، لا يهمني أي حزب أو طائفة، أنا فقط أحب الحياة والقطط والحيوانات"، يقول بنبرة مفعمة بالألم والاستسلام.
إعلان تاريخ يعيد نفسهلم تكن هذه المرة الأولى التي تعيش فيها الضاحية هذا النوع من التدمير الشامل. ففي حرب يوليو/تموز 2006، خاض حزب الله وإسرائيل حربا استمرت 34 يوما، قُتل خلالها أكثر من 1220 شخصا، معظمهم من اللبنانيين، في حين دُمر حوالي 245 مبنى وفق ما أطلق عليها الجيش الإسرائيلي "عقيدة الضاحية"، وهي تكتيك عسكري يقوم على التدمير غير المتناسب.
ورغم الحروب السابقة، فإن الضاحية استمرت في النمو واحتضنت سكانها النازحين من مناطق أخرى. لكن اليوم، يواجه بعض هؤلاء السكان واقعا مختلفا، إذ لم يعد كثيرون يرون في الضاحية مكانا يصلح للعيش بعد انتهاء الحرب.
تقول ديانا يونس: "عائلة خالي قررت عدم العودة. يخططون لبيع كل ممتلكاتهم هنا والانتقال إلى مكان آخر. لم يعد أحد يريد الضاحية".
ذكريات تتلاشى وأحلام تتبددنشأت منى حرب في الضاحية، التي غادرتها قبل 30 عاما، وكان والدها حتى وقت قريب يذهب إلى برج البراجنة لشراء الخبز والجبنة، ليس لعدم توفرها في مكان آخر، ولكن لأن هذه الرحلة عبر الأزقة الضيقة كانت تمنحه شعورا بالانتماء والارتباط بالمكان.
تقول بحزن: "هذا مجرد مثال بسيط على شيء قريب مني تم محوه تماما".
أما زينب الديراني، التي حلمت دائما بحياة خارج الضاحية، فوجدت نفسها أمام واقع لم تكن تتمناه. "أردت الرحيل، لكن ليس بهذه الطريقة… أشعر أن كل أحلامي تنهار"، تقول بصوت يملؤه الألم والصدمة.
وتضيف: "ما زلت أعيش في حالة إنكار… وكأنني في كابوس لا أريد أن أستيقظ منه، لأنني عندما أفعل، سأجد نفسي أمام حقيقة قاسية لا أعرف كيف أتعامل معها".
ففي حين تتلاشى ذكريات الطفولة والأيام الجميلة، يغلب شعور الرعب والخوف من المستقبل على سكان الضاحية. وتختتم زينب حديثها بعبارة موجعة: "نحن نجلس وننتظر يومنا… من المؤسف أن أقول هذا، لكننا ننتظر اللحظة التي سنُقتل فيها مثل أحبائنا وأصدقائنا".
إعلان