دمشق تشيّع عالمها الشيخ سارية الرفاعي بحضور شعبي ورسمي
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
دمشق- وصل جثمان الشيخ الراحل سارية الرفاعي إلى دمشق، في ليلة الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري، بعد أن فارقت روحه الحياة في إسطنبول قبل يومين، حيث كان قد دخل في غيبوبة منذ شهرين.
يعود جثمان إمام جامع زيد بن ثابت إلى دمشق بعد تحريرها من نظام الأسد، وهو المُبعَد عنها تعسفا مرتين، الأولى في ثمانينيات القرن الماضي، إذ استمرت غربته 13 عاما، والثانية خلال الثورة السورية، بعد تأييده المظاهرات التي خرجت في البلاد عام 2011.
وللشيخ خطبة مشهودة في درس أقامه في موعد صلاة الفجر، بداية شهر رمضان من عام الثورة الأول، حمل فيها النظام السوري السابق المسؤولية، وكذب سردية "العصابات المسلحة" التي كانت تروج لها قنوات النظام الإعلامية، كما طالب الشيخ بالإفراج عن المعتقلين، بالإضافة لجهده الكبير الذي مكّن تجار دمشق من الإضراب بعد مجزرة الحولة عام 2012، قبل أن تفضه القوى الأمنية وتفتح المحال عنوة بعد تكسير أقفالها.
الجنازة حضرها رئيس حكومة تصريف الأعمال المهندس محمد البشير (الجزيرة) جنازة شعبية ورسميةانطلقت مراسم الجنازة من جامع زيد بن ثابت، في شارع خالد بن الوليد، وسط حضور من قوات الأمن العام وشرطة المرور، الذين أوقفوا السير لتسهيل حركة الجثمان، إلى جانب أسرة الشيخ.
ونُقل الجثمان -دون علانية- إلى المسجد الأموي، حيث انتظر المشيعون ليؤدوا صلاة الجنازة بُعيد صلاة الظهر، التي أَمها الشيخ نذير مكتبي، الذي خطب تقديما لخطبة رئيس حكومة تصريف الأعمال المهندس محمد البشير، ثم تلاها خطبة آل الرفاعي وطلبة جامع زيد التي ألقاها الشيخ جمال السيروان، وهدرت الأصوات في المسجد تلبية وتكبيرا.
وركزت الخطب على عودة الشيوخ والعلماء إلى دمشق وتحرير سوريا، والدعوة للفقيد بالرحمة وذكر مآثره، "وإن كان لم يرَ النصر ببصره، فقد رآه ببصيرته" كما قال الشيخ السيروان، إذ كان الشيخ سارية وجّه رسالة مصوّرة للسوريين عام 2013 يبشرهم فيها بالنصر.
إعلانبعد الجنازة، انتقل الموكب إلى مقبرة باب الصغير، حيث ووري جثمان الشيخ الثرى بحضور شعبي ورسمي، وكان الشيخ الراحل قد كُفن وغُسل وصُلي عليه في جامع الفاتح في إسطنبول أمس الثلاثاء، قبل أن يتم نقل جثمانه ليلا إلى دمشق.
وسيقام العزاء للرجال في جامع عبد الكريم الرفاعي في حي كفر سوسة ابتداء من اليوم ولمدة 3 أيام، وللنساء في الصالة البهية لمدة يومين، حسب النعي.
المشيعون أثنوا على الشيخ الرفاعي وأكثروا من ذكر مآثره (الجزيرة) إرث كبيرولد الشيخ في دمشق عام 1948، ودرس الفقه الإسلامي وتخرج في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر، وحصل على شهادة الماجستير عام 1977 منها.
وانضم الرفاعي إلى المجلس السوري الإسلامي، رفقة أخيه الشيخ ومفتي الجمهورية أسامة الرفاعي، الذي عاد إلى دمشق في الرابع من الشهر الجاري، واستقبله حشد كبير في جامع الرفاعي.
ومن مآثر الشيخ تأسيسه جمعية حفظ النعمة الخيرية، ويروى عنه محاربته الهدر، وهي خصلة كانت قد تغلغلت في المجتمع السوري إبان فترة حكم نظام الأسد، وقد تمكنت الجمعية من إعادة تدوير الثياب والطعام الزائد للمحتاجين والفقراء، واستمرت في عملها رغم محاولات الاستيلاء عليها من قبل النظام، إلى جانب مشاريع أخرى تُعنى بكفالة اليتيم وحفظ القرآن الكريم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى دمشق فی جامع
إقرأ أيضاً:
مخيم البريج يودّع نائب قائد القسام مروان عيسى
غزة- مُسجى داخل تابوت أخضر يعلوه علم فلسطين، شُيع جثمان مروان عيسى نائب القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الجمعة، إلى مثواه الأخير بمخيم البريج وسط قطاع غزة.
واحتشد الآلاف من سكان مخيم البريج، يتوسطهم المئات من مسلحي كتائب القسام، منذ ساعات الصباح، على المدخل الرئيسي للمخيم، في انتظار بدء مراسم الجنازة.
وما إن وصل تابوت جثمان عيسى بسيارة إسعاف على مدخل مخيم البريج، حتى سارع عناصر "القسام" إلى حمله على الأكتاف وسط إطلاق نار كثيف، وترديد الهتافات والتكبير.
وطُبعت صورة عيسى على مقدمة التابوت، فيما نقشت على جانبيه آيات قرآنية.
مناقب الشهيد
وسارت الجنازة حتى منزل عيسى، ليلقي ذووه نظرة الوداع على جثمانه قبل أن تتوجه إلى مُصلى مسجد البريج الكبير المقام على أرض نادي خدمات البريج.
وأشاد خطيب صلاة الجمعة عبد الرحمن الجمل، أحد قادة حركة حماس في المحافظة الوسطى، بمناقب عيسى.
وقال "يختار الله في كل زمان الرجال الصادقين المخلصين الذين نذروا حياتهم للجهاد في سبيل الله، وأوقفوا حياتهم على الجهاد في سبيل الله، وكان من هؤلاء الرجال القائد الهمام أبو البراء (مروان عيسى) الذي كان على العهد، عهد ربنا، بأننا ماضون على درب الجهاد والمقاومة، لن نقيل ولن نستقيل".
إعلانوأضاف "نحن اليوم في حضرة الشهداء، بل في حضرة قادة الشهداء الذين تعانقت أرواحهم مع أرواح شهداء الشعب الفلسطيني، في ملحمة عز نظيرها في التاريخ".
وعقب أداء صلاة الجنازة على جثمانه، توجهت الجنازة نحو مقبرة مخيم البريج، بمشاركة واسعة من سكان المخيم، قبل أن يوارى الثرى هناك.
عناصر مسلحة من كتائب القسام شاركت في جنازة مروان عيسى، إلى جانب أهالي مخيم البريج (الجزيرة) أيقونة للمقاومةوأبدى العديد من سكان مخيم البريج، المشاركين في الجنازة حزنهم على استشهاد عيسى.
وقال أبو محمد (55 عاما) على هامش مشاركته في الجنازة إن "مخيم البريج بالكامل، بل وقطاع غزة وفلسطين، والعالم الإسلامي بأكمله حزين على فراق أبو البراء (عيسى)".
وأضاف للجزيرة نت، أن "أبو البراء" قبل استشهاده، كان أيقونة للجهاد والمقاومة، ليس لحركة حماس فقط بل لكل الفصائل وأوقف حياته بالكامل للجهاد في سبيل الله.
واستبعد أبو محمد أن يؤثر استشهاد عيسى على قوة المقاومة، مضيفا "سيكون مشعلا لكل من يأتي بعده".
أما الشاب الذي كنّى نفسه بـ"أبو مصطفى" (30 عاما)، فكان يسير في الجنازة بواسطة عكازين، جراء إصابته في ساقه خلال الحرب.
ورغم إصابته حرص أبو مصطفى على المشاركة في الجنازة، وقال "عيسى أخونا وحبيبنا وقائدنا". وأضاف أن سكان المخيم كلهم ينظرون لعيسى من قبل استشهاده نظرة حب وتقدير فهو قائد كبير، وفق وصفه.
وتابع "هناك حزن كبير من كل سكان البريج ومن كل الفصائل وعامة الناس، لأن الكل كان يحبه ويحترمه".
ويشير "أبو أيمن" (62 عاما)، وهو رياضي سابق، إلى أنه كان زميلا لعيسى في فريق كرة السلة في نادي خدمات البريج إبان الانتفاضة الأولى (1987-1994).
وقال للجزيرة نت على هامش مشاركته في الجنازة "كان أبو البراء محبوبا من الجميع، وأذكر أنه حينما كان عضوا في فريقنا الرياضي كان متدينا، وكان يتحلى بالأخلاق الحميدة، وحريصا على لبس شورت طويل خلال التدريب واللعب، وكان حريصا على الوحدة الوطنية وخاصة لدى اللعب مع الفرق الأخرى ويحرص على منع اثارة أي عصبيات مناطقية".
إعلانكما ذكر أن عيسى كان حتى قبل الحرب الأخيرة، حريصا على دعم الرياضيين وخاصة كبار السن منهم، وتلّمس احتياجاتهم. ويضيف "سبب محبة كل سكان البريج لعيسى أنه كان وحدويا وكان يساعد الجميع ولا يرد أحدا".
عناصر القسام حملوا التابوت الذي سجي فيه جثمان مروان عيسى، وطبعت على مقدمته صورة الشهيد (الجزيرة) قصف واغتيالوأعلنت كتائب القسام، في بيان أصدرته يوم 30 يناير/كانون الثاني الماضي، استشهاد عيسى، حين كشف عن استشهاد القائد العام محمد الضيف، وعدد من كبار القادة وهم غازي أبو طماعة ورائد ثابت ورافع سلامة.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن في مارس/آذار 2024 أن مقاتلاته قصفت ما سماها قاعدة تحت الأرض لقادة في حماس قرب مخيم النصيرات وسط القطاع كان يستخدمها مسؤولان كبيران في الحركة، أحدهما مروان عيسى.
ونجا عيسى من محاولات اغتيال عدة، كما تعرّض منزله للقصف مرتين عامي 2014 و2021.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن عيسى بين 3 قادة في حماس خططوا لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى جانب كل من قائد القسام محمد الضيف وزعيم الحركة في غزة ورئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار.
ودأبت إسرائيل على القول إنه طالما ظل عيسى على قيد الحياة فإن ما تصفها بـ"حرب الأدمغة" بينها وبين حماس ستبقى متواصلة، ووصفته بأنه رجل "أفعال لا أقوال".
وعام 2021 انتخب عيسى عضوا في المكتب السياسي لحماس، وكان من حلقات الوصل بين شقي الحركة السياسي والعسكري ومن أصحاب البصمة في ملفات عسكرية عدة داخل حماس، أبرزها التصنيع والأسرى الإسرائيليون.