في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأ السوريون فصلا جديدا من حياتهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي زجّ سوريا في حرب مدمرة، قتل وهجر خلالها الشعب السوري ودمر مقدرات البلاد طوال 14 عاما.

وللمرة الأولى منذ سنوات، عاش السوريون شهرا من الأمل بمستقبل يليق بتطلعاتهم، دون أن يغيب عنهم ثقل ذكريات الخسارات التي تركت أثرها العميق على حياتهم.

لم يعرف معظم السوريين النوم لـ3 ليال سبقت صباح سقوط النظام، مع شعورهم أن اللحظة التي انتظروها ودفعوا ثمنها غاليا باتت قريبة في ظل تقدم فصائل المعارضة نحو العاصمة دمشق وتخلي جنود جيش النظام السوري عن حمايته.

تصف وفاء الديري (29 عاما)، مستشارة ضريبية لجأت إلى ألمانيا عام 2015، فرحة صباح سقوط النظام بـ"تحقق المستحيل"، فقد اضطرت مع عائلتها للهجرة 3 مرات لبلدان مختلفة مع تصاعد عنف النظام تجاه المتظاهرين منذ عام 2011، ما جعلها تفقد الأمان والاستقرار لتعلق بالإحباط والخوف من المجهول، كما تقول.

ورغم أن الشهر الأول من سقوط النظام كان فرصة لوفاء لتفكر في المساهمة ببناء بلد اعتقدت أنه صار بعيد المنال، فإنها تصف المشاعر التي انتابتها الشهر الماضي بـ"الفرح الممزوج بالحرقة"، قائلة إنه لا يمكن تعويض عشرات السنوات التي خسرها السوريون من عمرهم تحت حكم الأسد (الأب والابن).

إعلان

فلا يزال الشعب السوري حتى اللحظة يكتشف المقابر الجماعية لآلاف المجهولين الذين قضوا تحت التعذيب، فيما تبحث آلاف العائلات عن مصير أحبائها الذين قد يكون بعضهم قضى بسجون كتب على جدرانها "الأسد للأبد".

وتتمنى وفاء بعد سقوط "أبد الأسد" لو تسأل الرئيس المخلوع كيف استطاع فعل كل ما فعله؟ وتقول "كيف تمكنت من العيش وأنت ترى شعبك يعاني كل هذه المآسي؟ كيف واجهت نفسك في لحظات الصمت بعيدا عن صخب السلطة؟".

السوريون تجمعوا في بلدان لجوئهم الأوروبية صباح 8 ديسمبر فرحا بسقوط الأسد (الفرنسية) تغيير حياة أجيال

ويتفق أحمد الأشقر (38 عاما)، ناشط سوري اضطر لمغادرة سوريا نحو لبنان ثم البرتغال، مع وفاء الديري بأن آثار خسارات الشعب السوري طوال السنوات الماضية نتيجة حكم الأسد لن تمحى بمجرد سقوطه، مشددا على ضرورة العمل لبناء الدولة التي حلم بها الشعب السوري وضحى لأجلها.

ويضيف أن الحرب غيّرت مسار حياته، شارحا "جميع خطواتنا للتقدم بالحياة -حتى البسيطة منها- كانت محفوفة بالصعوبات لأن النظام المخلوع أمسك بتفاصيل حياتنا. لقد غيّر الأسد نمط حياة أجيال كاملة لا سيما أن الكثيرين عاشوا لسنوات في المخيمات دون أن يحظوا بفرص لائقة. وهذا الأثر قد يستمر لسنوات مقبلة حتى نحصل على مسار حياة طبيعي".

ويتساءل الأشقر إذا ما كان الأسد الهارب استطاع أن يشعر بكم الآلام التي سببها للشعب السوري بعد فراره إلى موسكو، متابعا أنه حين سمع بخبر محاولة تسميم الرئيس تمنى لو يسأله "إذا ما شعر باختناق الأطفال بهجماته بالسلاح الكيماوي أو باختناق المعتقلين تحت التعذيب بسجونه الكثيرة".

الفلسطينيون خسروا أيضا

لكن يوسف شرقاوي (26 عاما)، كاتب فلسطيني سوري، يرى أنه لا يمكن توجيه أسئلة للرئيس المخلوع لأنه وفق وصفه "مريض مجرم"، متمنيا فقط أن ينال عقابه عبر المحاكمة.

فقد اضطر الشرقاوي وعائلته لمغادرة مخيم اليرموك في دمشق مع حصار النظام السوري له عام 2012، حيث عانى سكانه الفلسطينيون مع السوريين كل المآسي التي ذاقوها من جوع وقصف ودمار.

يقول شرقاوي -الذي بقي في دمشق- إن سنوات حكم الأسد الماضية اضطرته لدفن "أشلاء أصدقائه في مقابر جماعية بمخيم اليرموك"، مضيفا أن "الخوف كان سيد المرحلة" لا سيما أن الرئيس الهارب أدخل البلاد في دوامة العطالة وفقدان الجدوى والأمل، وفق تعبيره.

ويرى أن سقوط نظام الأسد نقل الشعب السوري من القهر والهدر الإنساني إلى الإنجاز وحرية التعبير ومعرفة الحقوق والواجبات، قائلا إن الأيام الماضية كان فرصة للسوريين ليكتشفوا أنفسهم.

إعلان

أما محمد أبو شكر (31 عاما)، مصور فلسطيني سوري لجأ إلى ألمانيا، يؤكد أن سقوط نظام الأسد سيغير حياته، لأنه أتاح له فرصة لم الشمل مع عائلته بعد 14 عاما من الفراق.

كما صار لأبو شكر بلدا يمكن أن يستقر فيها ويبني مستقبلا جديدا يحقق ما ضحى السوريون لأجله، بحسب ما يقول.

ويسخر أبو شكر قائلا "أتمنى لو أسأل الأسد إذا كان يشرب المرطبات بمنفاه في موسكو؟"، بإشارة إلى رفض الأسد لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحجة أنه ليس هناك ما يناقشه الاثنان، إذ يعتقد البعض أن ذلك الموقف كان سببا أساسيا في سقوطه.

دون خوف وبانتظار العدالة

كذلك تريد خديجة أمين (36 عاما)، صحفية سورية، أن تسخر من الرئيس المخلوع بعد أن عاشت ريعان شبابها بالخوف في سوريا نتيجة سياسة الاستبداد التي اعتمدها النظام طوال سنوات.

وتتمنى لو تسأله كيف يشعر وهو يشاهد على الشاشات تدمير تماثيله وتمزيق صوره ثم وضعها في القمامة، وتشدد "أود لو أعرف كيف يشعر وهو يرى احتفالاتنا بسقوطه".

وتؤكد أن حياتها بعد 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي ليست كما قبلها، شارحة أن "الطمأنينة تعلو ملامحها" لأنها استعادت وطنها ويمكن أن تعود إليه حين تريد بعد 5 سنوات من الغربة دون أن تضطر لتخفي آراءها خشية القتل والمهانة.

من جانبها، تؤكد مزنة الزهوري (31 عاما)، ناشطة سورية لجأت إلى لبنان، أن الشعب السوري يشعر بأنه استعاد كرامته بعد 14 عاما من التهجير والتعذيب، وتطالب بمحاكمة عادلة لمن ارتكب الجرائم بحق السوريين.

وتقول إن سنوات الحرب غيّرت حياتها بما لا يمكن تعويضه، لا سيما أنها فقدت أفرادا من عائلتها بجرائم النظام في حمص وسط سوريا، مشددة على أنها ستبقى بانتظار العدالة.

ورغم أن التحديات المقبلة ستكون كبيرة لبناء الدولة، فإن المستقبل يحمل للسوريين وعدا بحياة أفضل، وفق ما يقول الباحث السوري سوار العلي (29 عاما).

إعلان

ويضيف أنه يشعر بالمسؤولية للعودة إلى وطنه بعد سنوات من الهجرة في بلاد مختلفة للمساهمة ببناء سوريا الجديدة بالخبرات التي اكتسبها بغربته، مشددا على أن سقوط النظام فرصة "لحب سوريا وكل السوريين".

لكن سؤالا واحدا يدور بذهنه ويود لو يسأله للرئيس المخلوع، إذ يقول العلي مستحضرا قصيدة الكاتب السوري سامر رضوان: "ما السر في أن تستريح على الحرائق، أن تطل على الجماجم كل صبح بابتسام، أن تقشّر قهرنا ليصير في عينيك أحلى؟ كيف تحرق دمع أمي كي تدفئ جملة صنعتها، وهما بأنك خالد؟".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشعب السوری سقوط النظام

إقرأ أيضاً:

مصير مسؤولي النظام السوري الهاربين إلى روسيا إقامة جبرية في مجمع خارج موسكو

سرايا - خاص - نقلت وسائل إعلام سورية عن مصادر، الثلاثاء، أن المسؤولين والضباط العسكريين والأمنيين الكبار في نظام "المخلوع" بشار ، الذين هربوا إلى روسيا، يقيمون داخل مجمع تعود ملكيته للمحاربين القدامى في إحدى ضواحي موسكو، ويخضعون لما يمكن وصفه بـ"الإقامة الجبرية".

وقالت المصادر، إن هؤلاء المسؤولين والضباط يعيشون ظروفاً "مهينة"، وممنوعون من التحرك خارج المجمع السكني.

وأضافت أن من بين هؤلاء المسؤولين، وزير الدفاع علي عباس، وسلفه علي أيوب، ورئيس هيئة الأركان عبد الكريم محمود، مدير إدارة المخابرات العامة حسام لوقا، ورئيس مكتب الأمن الوطني كفاح ملحم، وقائد القوات الخاصة اللواء سهيل الحسن، ووزير الأوقاف عبد الستار السيد، وعشرات العسكريين والأمنيين.

وأشار المصدر إلى نقل هؤلاء المسؤولين ضمن دفعتين على الأقل، الأولى يوم سقوط نظام الأسد في 8 من الشهر الماضي، والثانية على متن طائرة شحن في 13 من الشهر الماضي.

إقرأ أيضاً : تجدد الاشتباكات بين مسلحين وأمن السلطة في مخيم جنينإقرأ أيضاً : وفاة والدة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية المعتقل لدى الاحتلال إقرأ أيضاً : "هيئة البث العبرية" تكشف تفاصيل اتفاق إطلاق سراح المحتجزين بغزة



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #روسيا#وفاة#الدفاع#مستشفى#الاحتلال#علي#محمود#العسكريين#القوات#موسكو



طباعة المشاهدات: 1342  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 08-01-2025 10:46 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
العثور على جثتين في حجرة معدات هبوط طائرة بأمريكا عارضة أزياء بريطانية تستأصل 8 أعضاء من جسمها للعلاج من السرطان الأيام البيض لشهر رجب 2025 وفضل صيامها هبوط اضطراري لطائرة تقل 173 راكباً .. حادث جديد يواجه بوينغ الأردن ردًا على خرائط للاحتلال: أوهام يتبناها... محتجون يغلقون معبر نصيب الحدودي بالإطارات المشتعلة السلطة الفلسطينية تطلب من أميركا 680 مليون دولار... وزير الخارجية السوري من عمّان: سنمحي تركة الاسد من... مدير مكتب بشار الأسد: لا أجزم أنها لونا الشبل تعرضت... تجدد الاشتباكات بين مسلحين وأمن السلطة في مخيم جنينوفاة والدة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية..."هيئة البث العبرية" تكشف تفاصيل اتفاق...قوات الأمن السورية تسيطر على معبر نصيب بعد أعمال شغبمنظمة الصحة العالمية تعلّق على انتشار فيروس...مسؤولون في الجيش الإسرائيلي: العمليات البرية في غزة...إعادة إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس كوريا الجنوبيةإعلام إسرائيلي: الصفقة مع حماس ستنقل قرار الحرب للضفةمدير مكتب بشار الأسد: لا أجزم أنها لونا الشبل تعرضت... أول تعليق من رنا سماحة بعد الانفصال باميلا الكيك تتحدث عن قناعها الشهير وسبب اختياره جوني ديب يحذر من عمليات احتيال تستهدف معجبيه زوجها كان وزيرا في عهد الأسد .. ممثلة سورية شهيرة... أجرأ رد في بداية العام .. جينيفر كوليدج: سآكل ما... الاتحاد يقصي الهلال ويطير لنصف نهائي كأس خادم الحرمين فريق فني أردني لتقييم الشبكة الكهربائية السورية عبدالله القططي مدرباً لنادي الجزيرة نيمار: أتفق مع رونالدو في هذا الامر رسميا .. سون في توتنهام حتى 2026 "لم يستطع العيش بدونها" .. زوج مصري يقتل زوجته وينتحر شنقا ببث مباشر الحسناء راعية الأغنام تحصد ملايين المشاهدات وتصبح نجمة "تيك توك" تعرضت لخطأ طبي .. نجاة راقصة مصرية من الموت تحرش بقاصرات داخل مركزه وصورهن .. المؤبد لمحفظ قرآن في مصر تعليقاً على انتقادات ابنه .. والد ماسك للبريطانيين "تجاهلوه" واقعة غريبة .. موكل مصري يختطف محاميه بعد خسارته القضية كارثة تحل بعائلة برازيلية بسبب "كعكة عيد الميلاد" حسابات على فيسبوك لبيع الأطفال .. صدمة وتحرك في دولة عربية زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا ويخلف عشرات الضحايا عارضة أزياء بريطانية تستأصل 8 أعضاء من جسمها للعلاج من السرطان

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • ردود حذرة ومتأنية.. ماذا يعني سقوط الأسد لدول الخليج؟
  • وزير الدفاع السوري: النظام البائد استعمل الجيش لأطماعه وقتل الشعب
  • مصير مسؤولي النظام السوري الهاربين إلى روسيا إقامة جبرية في مجمع خارج موسكو
  • صحيفة: كفاح ملحم المسؤول الأمني البارز بنظام الأسد موجود في لبنان
  • السوريون ليسوا وحدهم.. اللاجئون الفلسطينيون يبحثون عن ذويهم الذين أخفاهم الأسد
  • إيران: ننتظر رسالة من الجانب السوري لاستئناف رحلات الطيران
  • ماذا يستفيد السوريون من تخفيف أميركا للعقوبات؟
  • ما تداعيات سقوط نظام آل الأسد على ثورات الربيع العربي؟
  • من حافظ إلى بشار الأسد.. هكذا سقط النظام السوري في لبنان أيضا