عين ترامب على غرينلاند.. مشروع قديم بعواقب جديدة
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
عاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى إحياء اقتراح مثير للجدل كان قد طرحه في عام 2019، يتمثل في شراء غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم والتي تتمتع بحكم ذاتي تحت السيادة الدانماركية.
وبينما قوبل الاقتراح بالرفض التام من الدانمارك عند طرحه للمرة الأولى، أعاد ترامب فتح الملف مع تهديد بفرض "تعريفات تجارية عالية جدًا" على الدانمارك في حال عدم قبولها الصفقة بحسب ما ذكره تقرير لوكالة بلومبيرغ.
وبحسب الوكالة فإن غرينلاند ليست مجرد جزيرة ذات مساحة شاسعة تفوق مساحة المكسيك والسعودية، بل هي أيضًا بوابة استراتيجية تقع بين المحيط الأطلسي الشمالي وأميركا الشمالية.
وتُعد الجزيرة مركزًا للمصالح العالمية بسبب احتياطياتها الهائلة من المعادن والوقود الأحفوري. كما أنها تستضيف القاعدة الجوية الأميركية "ثول"، التي تُعتبر الأهم في أقصى الشمال لمراقبة التهديدات الصاروخية وتتبع الأجسام الفضائية.
وفي حديثه عن أهمية غرينلاند، أشار ترامب إلى أنها "ضرورية للأمن القومي الأميركي." وسبق أن وصفها خلال ولايته الأولى بأنها "صفقة عقارية كبيرة" يمكن أن تخفف من الأعباء المالية للدانمارك.
وفقًا لتقرير بلومبيرغ، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لغرينلاند 3.2 مليار دولار (وفقًا لإحصاءات البنك الدولي لعام 2021)، وتدعمها الدانمارك سنويًا بحوالي 600 مليون دولار. ورغم ذلك، فإن الجزيرة تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، معتمدة بشكل كبير على الصيد والصناعات الأولية.
إعلانوعلى الرغم من أن غرينلاند "ليست معروضة للبيع"، فإن أي تقدير لسعرها قد يعتمد على النظر في هذه الأرقام.
وللمقارنة، بلغت تكلفة شراء ألاسكا من روسيا عام 1867 مبلغ قدره 7.2 مليون دولار، أي ما يعادل حوالي 150 مليون دولار اليوم.
عوائق قانونية وسياسيةمن الناحية القانونية، شدد البروفيسور راسموس ليندر نيلسن من جامعة غرينلاند في حديث لبلومبيرغ على أن قانون الحكم الذاتي لعام 2009 يحظر بيع الجزيرة، حيث يعترف بالغرينلانديين كـ"شعب مستقل". وأوضح أن أي عملية شراء ستتطلب استقلال الجزيرة أولاً، وهو أمر لا يزال قيد المناقشة بين السياسيين المحليين.
في هذا السياق، قال رئيس وزراء غرينلاند، موتي بوروب إغيدي: "غرينلاند لن تكون للبيع أبدًا." ومع ذلك، أضاف أن الجزيرة مفتوحة للتعاون التجاري مع العالم، خاصة في مجال المعادن الحيوية.
هذا الموقف يعكس تزايد الاهتمام بالاستقلال الاقتصادي والسياسي لغرينلاند، إذ أصدرت حكومتها العام الماضي وثيقة سياسة دفاعية وأمنية تدعو إلى تعزيز الروابط مع أميركا الشمالية.
تاريخيا، لم يكن شراء الأراضي أمرا غريبا بالنسبة للولايات المتحدة. فقد اشترت لويزيانا من فرنسا مقابل 15 مليون دولار في عام 1803، وألاسكا من روسيا مقابل 7.2 مليون دولار. بل إن الدانمارك نفسها باعت ما يُعرف الآن بجزر فيرجن الأميركية في عام 1917.
ومع ذلك، أشار تقرير بلومبيرغ إلى أن السوق الحالي للأراضي السيادية "جاف"، وفقًا لدراسة أكاديمية.
وإذا أصر ترامب على المضي قدمًا في هذا الاقتراح، فإن الأمر لن يكون بسيطًا. بموجب الدستور الأميركي، يتطلب أي شراء للأراضي موافقة الكونغرس على تمويله. لكن ترامب سبق أن أظهر استعدادًا لتجاوز الكونغرس في قضايا مماثلة، كما حدث عندما استخدم ميزانية البنتاغون لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك.
إعلانومن جانبه، أبدى الأستاذ جوزيف بلوشر من كلية القانون بجامعة ديوك شكوكه حول نجاح مثل هذه الصفقات في العصر الحديث، حيث كتب أن "سوق الأراضي السيادية يبدو قد جف."
وبينما يرى ترامب أن شراء غرينلاند يمكن أن يعزز الأمن القومي ويحقق مكاسب استراتيجية، إلا أن العوائق القانونية والدبلوماسية تجعل من الصعب تحقيق هذه الفكرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
في مواجهة "طموحات ترامب".. غرينلاند تحظر التبرعات السياسية الأجنبية
في خطوة تهدف إلى حماية استقلالها السياسي، أقر برلمان غرينلاند قانونًا يمنع التبرعات السياسية الأجنبية، وذلك في أعقاب التصريحات المتكررة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول رغبته في السيطرة على الإقليم الواقع في القطب الشمالي.
ويهدف القانون الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، إلى تعزيز "السلامة السياسية لغرينلاند"، وفقًا لنص التشريع نفسه، الذي يشير إلى أن القرار جاء نتيجة "الوضع الحالي حيث أعرب ممثلو قوة عظمى حليفة عن اهتمامهم بالاستيلاء على غرينلاند والسيطرة عليها".
إلى جانب التبرعات الأجنبية، يفرض القانون أيضًا قيودًا على التمويل السياسي المحلي، إذ لا يُسمح لأي حزب بتلقي تبرعات خاصة تتجاوز 200,000 كرونة دنماركية (17,170 يورو)، كما لا يمكن للأفراد تقديم أكثر من 20,000 كرونة (1,717 يورو).
ووفقًا لكينت فريدبرغ، وهو مسؤول قانوني في برلمان غرينلاند، فإن التشريع الجديد يمثل "إجراءً وقائيًا في الأساس"، يهدف إلى حماية المشهد السياسي المحلي من أي تأثير خارجي.
وإلى جانب حظر التمويل الأجنبي، اتخذ برلمان غرينلاند تدابير أخرى لحماية الجزيرة من النفوذ الخارجي، حيث وافق، يوم الاثنين، على تشريعات جديدة تحدّ من شراء الأراضي من قبل غير المواطنين، ما لم يكونوا قد أقاموا في الإقليم لمدة لا تقل عن عامين.
Relatedخامنئي: "غزة الصغيرة ركّعت إسرائيل".. ووزير خارجية إيران يقترح "نقل الإسرائيليين إلى غرينلاند"استطلاع رأي يدحض مزاعم ترامب: 85% من سكان غرينلاند لا يرغبون في الانضمام إلى الولايات المتحدةالجدل حول شراء غرينلاند لم ينته بعد.. ورئيسة وزراء الدنمارك تؤكد مجددا: "أراضينا ليست للبيع"رفض رسمي وشعبي لـ"طموحات ترامب"ترامب، الذي شدد مرارًا على أهمية غرينلاند الاستراتيجية للأمن القومي الأمريكي، لم يُخفِ رغبته في ضم الإقليم إلى الولايات المتحدة. وفي تصريحات له قبل توليه منصبه الشهر الماضي، لم يستبعد إمكانية تحقيق هذا الهدف بالقوة، بينما قال نجله الأكبر، خلال زيارة قصيرة إلى غرينلاند، إن الولايات المتحدة "ستعاملهم معاملة حسنة"، في إشارة إلى إمكانية استمالة السكان المحليين.
وقد رفض رئيس وزراء غرينلاند موتي إيغيدي، بشكل قاطع أي حديث عن بيع الجزيرة، وقال إنها ورغم كونها جزءًا من الدنمارك، فإنها تتمتع بحكم ذاتي موسّع، وليس هناك أي نية للتخلي عن سيادتها.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية سكان غرينلاند، الذين يبلغ عددهم 57,000 نسمة، يرفضون فكرة أن تصبح جزيرتهم جزءًا من الولايات المتحدة، حيث أظهر استطلاع أجري الشهر الماضي أن 85% منهم يعارضون ذلك، فيما أيّد 6% فقط الفكرة، ولم يحسم 9% منهم موقفه.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كيف اهتدى دونالد ترامب لفكرة تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟ ترامب يريد الاستثمار بغزة.. رغبة الرئيس الأمريكي بالسيطرة على القطاع وتهجير سكانه تثير الجدل كاتس يوعز الجيش بإعداد خطة لترحيل أهل غزة ومقتل جنديين إثنين في انهيار رافعة بالقطاع دونالد ترامبتمويلالولايات المتحدة الأمريكيةالقانونغرينلاندالدنمارك