عويضة عثمان: «لا تظنوا أنفسكم أفضل من العاصي.. فالله وحده يعلم مصيرنا»
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هناك مسألة مهمة تتعلق بالتعامل مع العاصي والمذنب، مُشيرًا إلى أهمية الرحمة والدعاء لهم بالهداية والمغفرة.
وأوضح «عثمان» في تصريح له: «بعد أداء صلاة الفريضة، وكالعادة، نلتقي مع الأصدقاء في المسجد لنتبادل الأحاديث، وفي أحد الجلسات، تم ذكر شخص عاصٍ، فقلت الله يرحمه، فاستفسر أحد الحضور عن سبب الدعاء له بالرحمة رغم ارتكابه للأفعال السيئة، فأجبته: «هل هو مسلم؟»، فقال: نعم، «هل نطق بالشهادتين؟»، فكان الجواب: نعم، فكيف لا نترحم عليه؟».
وأضاف: "نحن في كثير من الأحيان نقسو على العاصي ونتعامل معه بغلظة، رغم أنه في أمس الحاجة إلى دعائنا، لا أحد منا سيأخذ مكان الآخر في الجنة، فالله هو الذي يعلم مصيرنا جميعًا".
حكم الصوم في شهر رجب .. دار الإفتاء تجيب
حكم تأخير الغسل من الجنابة بسبب البرد وهل تلعن الملائكة الجُنب؟ الإفتاء تحسم الجدل
وأشار إلى حديث عن الإمام معروف الكرخي، الذي كان يجلس مع تلاميذه، وكان أحدهم يرى بعض الشباب يقضون وقتهم في اللهو، فظن أنه أفضل منهم لأنهم كانوا في معصية بينما هو في طلب العلم، فقال له الإمام: "إن أول مصائب الفساد هي أن ترى نفسك أفضل من الآخرين، لذلك، لا تظن أنك أفضل من العاصي، بل ادعُ له أن يذوق حلاوة الإيمان كما ذقتها أنت، لأن هذا أمر غيبي يعلمه فقط الله".
واستشهد بحديث نبوي عن رجل قال لأخيه: "والله لا يغفر الله لفلان"، فتوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "من ذا الذي يتالى عليَّ أن يقسم أنني لا أغفر لفلان؟"، ثم قال الله تعالى: "غفرت لفلان وأحبطت عملك".
وختم قائلاً: "هذا الحديث يجعلنا نتوقف ونعيد التفكير في كيفية حكمنا على الآخرين، فلا تظن أن هذا الشخص فاسق أو كافر أو عاصٍ بلا أمل، بل دعوا الله لهم بالهداية والغفران، اجعلوا قلوبكم مليئة بالرحمة، وتذكروا أن التوفيق بيد الله وحده".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العاصي عويضة عثمان المذنب المزيد أفضل من
إقرأ أيضاً:
محمد أبو هاشم: الإمام أبو حنيفة وضع أساس الاجتهاد الفقهي الذي يسر على المسلمين
قال الدكتور محمد أبو هاشم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن الإمام أبو حنيفة النعمان كان من أبرز الأئمة الذين أسسوا الاجتهاد الفقهي وساهموا في تيسير الفقه الإسلامي بما يتناسب مع واقع الناس وحياتهم اليومية.
وأوضح أبو هاشم، خلال تصريحات له، أن الإمام أبو حنيفة، ولد في الكوفة عام 80 هـ، ونشأ في بيئة علمية، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء مثل عامر الشعبي ونافع مولى ابن عمر، حتى أصبح من أبرز فقهاء عصره، معتمدًا على الرأي والحجة في اجتهاداته.
ولفت إلى أن المذاهب الفقهية الأربعة لم تخلق دينًا جديدًا، بل اجتهد أصحابها في فهم النصوص الشرعية، مما يسر على المسلمين تطبيق الشريعة في حياتهم اليومية، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه."
واشار إلى بعض اجتهادات الإمام أبي حنيفة التي أثرت في حياتنا اليوم، مثل جواز الوضوء من الصنبور، وهو ما كان موضع خلاف عند ظهوره، حتى أقره الإمام أبو حنيفة، ومن هنا جاء اسم "الحنفية" المستخدم حتى اليوم.
وأكد أن المحاكم الشرعية في مصر تعتمد على مذهب الإمام أبي حنيفة في قضايا الزواج والطلاق، حيث اشترط أن يكون الشاهد مسلمًا فقط دون الدخول في تفصيلات العدالة التي قد تُعسر الأمر على الناس.
وبين أن الإمام أبو حنيفة توفي عام 150 هـ ودُفن في حي الأعظمية ببغداد، حيث ظل مذهبه من المذاهب المعتمدة لدى أهل السنة والجماعة، داعيًا الله أن يوفق المسلمين لما يحبه ويرضاه.
حفظ الإمام أبي حنيفة، القرآن الكريم في صغره، وحجّ البيت الحرام وهو ابن ستّ عشرة سنة مع أبيه، ويروى أنّ والده ثابت قد عاصر عليًّا بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- فدعا له بالخير ولذريّته كذلك، وقد أخذ العلم عن شيوخ بلغوا أربعة آلاف شيخ، منهم سبعة من الصحابة، وثلاثة وتسعون من التابعين، ومن بقي منهم من تابعي التابعين، وقد أخذ الفقه عن حمّاد بن أبي سلمة.
ومن شيوخه أيضًا عطاء بن أبي رباح والشعبي وعمرو بن دينار ومحمّد الباقر -والد الإمام جعفر الصادق- وابن شهاب الزُّهري، وأخذ عنه العلم خلق كُثُر منهم القاضي أبو يوسف ووكيع -شيخ الإمام الشافعي- وعبد الرزاق بن همام شيخ الإمام أحمد بن حنبل.
محنة الإمام أبي حنيفة
تعرّض الإمام أبو حنيفة النعمان لمحنة في عهد الدولة الأموية وأخرى في عهد دولة بني العباس، وقد عاصر الإمام الدولتين وكانت معظم حياته أيّام الأمويّين، ففي أيّام الأمويين طلب ابن هُبيرة -وكان والي الكوفة وقتها- من الإمام أبي حنيفة أن يتولى قضاء الكوفة، فرفض الإمام أبو حنيفة النعمان ذلك، فجلده ابن هبيرة مائةسوط ورفض الإمام ولم يلِن، فعندما رآه ابن هبيرة كذلك خلّى سبيله، ثمّ لمّا ولِيَ أبو جعفر المنصور خلافة العباسيين طلب من الإمام أبي حنيفة أن يكون قاضي القضاة، وهذا منصب له أوزار كثيرة كما يرى الإمام أبو حنيفة النعمان، فرفض ذلك، فأقسم المنصور أن يكون أبو حنيفة القاضي، وأقسم أبو حنيفة النعمان ألّا يستلم ذلك المنصب، فحبسه المنصور وأذاقه من الويلات في سجنه ما لا يحتمله من هو في ريعان الشباب بل أن يحتمله ابن السبعين عامًا، فتوفّي -رحمه الله- في سجنه، وكان ذلك سنة 150هـ بعد أن قضى حياته عابدًا صائمًا ساجدًا راكعًا وقد حجّ خمسًا وخمسين مرّةً، وكان يختم القرآن في كلّ يوم مرّة، وعندما مات صلّى عليه النّاس ستّ مرّات لشدّة ازدحامهم عليه.