حكم وصية من لا وارث له بجميع ماله لجهة خيرية.. الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه:"ما حكم وصية من لا وارث له بجميع ماله لجهة خيرية؟ فليس لي ورثة وأريد أن أُوصي بجميع تركتي لجهة خيرية، فهل هذا التصرف جائز شرعًا أو ماذا أفعل؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه يجوز للإنسان المكلف الذي ليس له وارثٌ أن يوصِي بجميع تركته حال حياته، ويكون تصرفه هذا صحيحًا شرعًا، ووصيته نافذة للجهة التي أوصى لها.
الوصية في الشرع هي تصرفٌ أو تبرعٌ مضاف إلى ما بعد الموت، ومعنى كونه مضافًا إلى ما بعد الموت: أنَّ نفاذ هذا التبرع لا يكون إلَّا بعد موت المُوصِي.
ومن المقرر شرعًا أن الوصية إذا زادت على ثلث التركة فلا تنفذ إلا بإذن الورثة، أما إذا لم يكن للمُوصِي ورثة، وقد أوصى بكل تركته -كما في الصورة المسؤول عنها- فقد اختلف الفقهاء في صحة الوصية:
فذهب الحنفية والحنابلة في معتمدهم إلى صحة الوصية بالمال كله لمن لا وارث له.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 82، ط. دار المعرفة): [من أوصى بجميع ماله فيمن لا وارث له عندنا يكون لِلْمُوصَى له جميع المال] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 455، ط. عالم الكتب): [(وتصح) الوصية (ممن لا وارث له) مطلقًا (بجميع ماله) روي عن ابن مسعود؛ لأن المنع من الزيادة على الثلث لحق الوارث، وهو معدوم] اهـ.
ودليل ذلك: ما جاء عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها قال: «يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ». قُلت يا رسول الله: أُوصِي بمالي كله؟ قال: «لَا». قلت: فالشَّطر؟ قال: «لَا». قلت: الثُّلُث؟ قال: «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ...» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري، فأفاد ذلك أنَّ عِلَّةَ المنع من الزيادة على الثُّلُث تعلُّقُ حق الورثة بماله، وهنا لا وارث له فلا يتعلق حق بماله فزالت علة المنع.
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايتين إلى أن هذا التصرف لا يصح، وأن الوصية غير نافذة إلا في ثلث التركة، والباقي يرد إلى بيت مال المسلمين [الخزانة العامَّة].
قال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (4/ 427، ط. دار الفكر): [تبطل الوصية لغير الوارث بزائد الثلث، فإذا أوصى لأجنبي بنصف ماله أو بقدر معين يبلغ نصف ماله نفذت الوصية بالثلث ورد ما زاد عليه لو لم يكن له وارث لحق بيت المال وهذا هو مذهب مالك والجمهور، وذهب أبو حنيفة وأحمد في أحد قوليه إلى صحتها بجميع ماله إذا كان الموصَى له أجنبيًّا ولا وارث للموصِي] اهـ.
وقال الإمام الروياني الشافعي في "بحر المذهب" (8/ 12، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: وإن لم يكن للميت وارث، فأوصي بجميع ماله: ردت الوصية إلى الثلث والباقي لبيت المال] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (4/ 77-78، ط. دار الكتب العلمية): [(ينبغي) أي يُطلب منه على سبيل الندب (أن لا يوصي بأكثر من ثلث ماله)... (فإن زاد) في الوصية على الثلث (وَرَدَّ الوارثُ) الخاصُّ المطلقُ التصرُّفِ (بَطَلَتْ في الزائد) على الثلث بالإجماع؛ لأنه حقه. أما إذا لم يكن له وارثٌ خاصٌّ فالوصية بالزائد لغوٌ؛ لأنه حق المسلمين فلا مجيز] اهـ.
وقال الإمام موفق الدين بن قُدامة الحنبلي في "المقنع" (ص: 249، ط. مكتبة السوادي بجدة): [فأما من لاَ وَارِثَ له فتجوز وصيته بجميع ماله، وعنه لا يجوز إِلا الثلث] اهـ.
موقف القانون من ذلك
بصحة ونفاذ الوصية بالمال كله لمن لا وارث له أخذ القانون المصري رقم: 71، لسنة: 1946م فنص في المادة (37) منه على أنَّه: [تنفذ وصية من لا دين عليه ولا وارث له بكل ماله أو بعضه من غير توقف على إجازة الخزانة العامة] اهـ.
كما نصَّ في المادة السابعة على صحة الوصية لجهات البر والمؤسسات العلمية الخيرية.
بيان المختار للفتوى في هذه المسألة
المختار للفتوى هو ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في معتمد مذهبهم من صحة ونفاذ الوصية بالمال كله لمن لا وارث له، لما تَقرَّر شرعًا أنَّ "حكم الحاكم يرفع الخلاف"، وأنَّ له أنْ يتخير في الأمور الاجتهادية ما يراه محققًا للمصلحة، والعمل بذلك حينئذٍ واجبٌ.
قال الإمام القرافي في "الفروق" (2/ 103، ط. عالم الكتب): [اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه، على القول الصحيح من مذاهب العلماء] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز للإنسان المكلف الذي ليس له وارثٌ أن يوصِي بجميع تركته حال حياته، ويكون تصرفه هذا صحيحًا شرعًا، ووصيته نافذة للجهة التي أوصى لها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الميراث الورث المزيد اهـ وقال الإمام قال الإمام على الث ی بجمیع لم یکن
إقرأ أيضاً:
«خيرية رأس الخيمة» تقدم 6000 مساعدة بــ 11 مليون درهم في 2024
رأس الخيمة: «الخليج»
كشفت مؤسسة رأس الخيمة للأعمال الخيرية النقاب عن تقديمها 6000 مساعدة متنوعة خلال العام الماضي 2024 بتكلفة إجمالية بلغت 11 مليون درهم.
وأكد عبد العزيز عبد الله الزعابي رئيس مجلس إدارة مؤسسة رأس الخيمة للأعمال الخيرية أن المؤسسة حرصت من خلال تقديم هذه المساعدات على أداء رسالتها وواجبها الخيري والإنساني، والإسهام في مساعدة الأسر والحالات المعوزة والمتعففة، وتعزيز الاستقرار الأسري بما ينسجم مع توجيهات قيادتنا وحكومتنا الرشيدة.
وأوضح محمد جكة المنصوري الأمين العام لمؤسسة رأس الخيمة للأعمال الخيرية أن المساعدات التي قدمتها المؤسسة خلال العام الماضي توزعت بين العديد من المجالات بغية الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المستفيدين.
وأضاف: إن هذه المجالات تضمنت مجال الإسكان الذي قدمت من خلاله المؤسسة مساعدات لـ285 أسرة مواطنة بتكلفة مليون و35 ألف درهم، فيما قدَّمت المؤسسة مساعدات سداد أقساط الإيجارات المستحقة لعدد 134 عائلة مواطنة بإجمالي 529 ألف درهم، مشيراً إلى أن المؤسسة نفذت في مجال دعم طلبة العلم مبادرة بنك دبي الإسلامي تحت شعار «بالعلم نرتقي» استفاد منها 525 طالباً وطالبة بتكلفة مليوني درهم مناصفة بين خيرية رأس الخيمة وجمعية الإمارات الخيرية، في الوقت الذي قدَّمت فيه الجمعية أيضاً مساعدات رسوم دراسية إضافية لـ255 طالباً وطالبة بمبلغ مليون و733 ألفاً و120 درهماً لتمكينهم من مواصلة تحصيلهم العلمي.
وذكر المنصوري أن المؤسسة أسهمت في مجال علاج المرضى بعلاج 235 حالة مرضية بتكلفة 416 ألف درهم، بينما حرصت على دعم الأسر المنتجة وتشجيع الأسر المواطنة على إقامة المشاريع من خلال دعمها لها وتشجيعها على الاعتماد على نفسها في مكاسب تساعدها على الإيفاء باحتياجاتها، مبيناً أن المؤسسة أسهمت العام الماضي في تفريج كربة 23 حالة من أصحاب القضايا التنفيذية وكذلك بعض من نزلاء المؤسسة العقابية الإصلاحية بمبلغ 460 ألف درهم فيما قدمت 1558 مساعدة مالية لكبار السن والعجزه بتكلفة مليون و700 ألف درهم. وأشار أمين عام مؤسسة رأس الخيمة للأعمال الخيرية إلى تقديم المؤسسة العام الماضي 3316 مساعدة في مجال بناء المساجد، وحفر الآبار وكفالة الأيتام وسقيا الماء بالإضافة للمساعدات العينية المتنوعة بإجمالي ثلاثة ملايين و340 ألف درهم، لافتاً إلى أن المؤسسة وحرصاً منها على تحقيق الاستقرار الأسري والنفسي للعائلات المواطنة وزعت 15 فيلا سكنية على 15 أسرة مواطنة مستحقة ضمن مشروع قرية خانصاحب، تتكون كل فيلا من 3 غرف نوم، وصالة، ومطبخ، وغرفة للعاملة المساعدة ودورات المياه، كما تكفلت بسداد رسوم الكهرباء لهذه الفلل وتأثيثها، وشراء 90 جهاز تكييف وتركيبها بواقع 6 أجهزة لكل فيلا بتكلفة إجمالية بلغت 625 ألف درهم.