الخرطوم - قررت الولايات المتحدة، الثلاثاء 7 يناير 2025، أن قوات الدعم السريع السودانية "ارتكبت إبادة جماعية" وفرضت عقوبات على زعيم المجموعة شبه العسكرية.

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن القرار استند إلى معلومات حول عمليات القتل "المنهجية" التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد الرجال والفتيان والاغتصاب المستهدف للنساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة.

وقال بلينكن إن "الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة المسؤولين"، معلنا فرض عقوبات على زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، بسبب "دوره في الفظائع المنهجية المرتكبة ضد الشعب السوداني".

وقال إن دقلو تم إدراجه على قائمة العقوبات "بسبب تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في دارفور، وخاصة الاغتصاب الجماعي للمدنيين من قبل جنود قوات الدعم السريع الخاضعة لسيطرته"، وأنه وأفراد أسرته أصبحوا الآن غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة.

اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المعتمدة بعد الحرب العالمية الثانية، تعرف الإبادة الجماعية بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".

إن وصف "الإبادة الجماعية" من قبل وزارة الخارجية الأميركية أمر نادر. والقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة يوم الثلاثاء ضد قوات الدعم السريع هو المرة التاسعة فقط ــ بما في ذلك المحرقة ــ التي يتم فيها إصدار مثل هذا التصنيف.

- "صراع مسلح وحشي" -

تمزقت السودان ودفعت نحو المجاعة بسبب الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

لقد قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزح أكثر من ثمانية ملايين شخص داخليًا، مما جعل السودان مسرحًا لأكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 30 مليون شخص ـ أكثر من نصفهم من الأطفال ـ بحاجة إلى المساعدة في السودان بعد 20 شهرا من الحرب.

وقال إيديم ووسورنو، من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، أمام مجلس الأمن بمقر الأمم المتحدة في نيويورك في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لا يزال السودان في قبضة أزمة إنسانية ذات أبعاد مذهلة".

كشفت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، عن عقوباتها الخاصة ضد دقلو، متهمة قوات الدعم السريع بالانخراط في "صراع مسلح وحشي مع القوات المسلحة السودانية للسيطرة على السودان".

وقالت المنظمة في بيانها إن "قوات الدعم السريع ارتكبت خلال حملتها في دارفور والجزيرة ومناطق قتالية أخرى قائمة طويلة من جرائم الحرب والفظائع الموثقة".

وأضاف البيان أن دقلو بصفته القائد العام لقوات الدعم السريع "يتحمل المسؤولية القيادية عن الأعمال البشعة وغير القانونية التي ارتكبتها قواته".

أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية سبع شركات وفردًا واحدًا مرتبطين بقوات الدعم السريع بسبب دورهم في شراء الأسلحة للمجموعة.

وقال نائب وزير الخزانة الأميركي والي أديمو: "إن الولايات المتحدة تواصل الدعوة إلى إنهاء هذا الصراع الذي يعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر".

وأضاف أن "وزارة الخزانة تظل ملتزمة باستخدام كل أداة متاحة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان للشعب السوداني".

 

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

بعد التقدم الميداني… ما خيارات الجيش السوداني؟

تقف العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة بايدن على البرهان عقبة كؤود بين الطرفين وقد تدفع الرجل نحو الاتجاه إلى روسيا بخطوات أكثر جدية

أماني الطويل/ كاتبة وباحثة

ملخص
إن الخيارات السياسية للجيش في المرحلة المقبلة هي الأعقد، وربما تكون هذه الخيارات هي المؤشر الحقيقي الذي يمكن أن يبلور اتجاهات المستقبل للسودان من حيث استمرار الاحتقانات السياسية، أو القدرة علي بلورة معادلة استقرار سياسي يسمح بتقدم تنموي

تغيرت الموازين العسكرية الميدانية لمصلحة الجيش السوداني في عمليات متصاعدة بدأت قبل ثلاثة أشهر، وتحققت فعلياً تقديرات قادة الجيش خلال هذا التوقيت في شأن إمكانية تغيير الأوضاع على الأرض لصالحهم على حساب قوات "الدعم السريع". وأسهم في هذه الحال الجديدة بصورة رئيسة طبيعة الممارسات التي أقدمت عليها قوات "الدعم السريع" على الأرض، إذ اتسع حجم الانتهاكات ضد الأهالي المدنيين، وضُربت البنى التحتية لصيقة الصلة بحياة الناس كالماء والكهرباء حتى ينزحوا من أراضيهم، بما شكله كل ذلك من تهديد لصورة الجيش القومي وتقزيم له.

النتائج المباشرة لهذه الممارسات من جانب قوات "الدعم السريع" والمتضمنة اغتصاب النساء كان التفافاً شعبياً حول الجيش السوداني باعتباره منقذاً، وكذلك قبولاً دولياً وإقليمياً أوسع للجيش وطبيعة أطروحاته، وذلك على رغم العقوبات الأميركية التي أقرت من جانب وزارة الخزانة الأميركية التي حرصت فيها على أن تكون ضد الطرفين المتحاربين بالتوازي حتى وصلت إلى رموز القوتين، الفريق عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو قائد "الدعم السريع".

لا تفاوض

وفي أجواء النصر هذه يحرص قائد الجيش على الإعلان في كل مدينة يدخلها منتصراً أنه "لا تفاوض"، وأن خياراته متبلورة في اتجاه القضاء على قوات "الدعم السريع". وهذا الإعلان المتكرر دوماً من جانب الفريق عبدالفتاح البرهان يقود إلى طرح بعض التساؤلات في شأن الخيارات القادمة للجيش على المستويين العسكري والسياسي، ومدى القدرة على تحقيق هذه الخيارات في ضوء معطيات معقدة على المستويين الداخلي والخارجي.

وربما تكون أول هذه الأسئلة هي هل يعني الفريق عبدالفتاح البرهان بمقولته الشهيرة بالقضاء على التمرد قدرة عسكرية وسياسية مثلاً على طرد "الدعم السريع" من إقليم دارفور، الذي يسيطر على كل ولاياته عدا عاصمة شمال دافور الفاشر التي تدور حولها معركة مفصلية؟ وإذا كان هذا الخيار ماثلاً في ذهن البرهان فهل يجد سنداً يتيح له ذلك على المستويين العسكري والسياسي؟

وثانياً هل حرص الجيش السوداني على تحرير مناطق وسط السودان والخرطوم مرتبط بصفقات أو ترتيبات سياسية تمهد لانقسام السودان، بمعنى أن تحوز قوات "الدعم السريع" على إقليم دارفور مقابل أن يكون للجيش سيطرة كاملة على شرق ووسط السودان؟ وأخيراً ما صورة الدولة السودانية إذا ما بات نصر الجيش واقعاً معاشاً؟ أي سيطرة عسكرية مطلقة على المناطق التي سبق أن انسحب منها الجيش، خصوصاً في وسط السودان والخرطوم.

وفي ضوء المعطيات العسكرية والسياسية الراهنة، فإنه من الملاحظ أن مخطط الاعتصام بدارفور قد يكون مكوناً في استراتيجيات "الدعم السريع" أكثر منه موجوداً في استراتيجيات الجيش، وذلك طبقاً لمؤشرين، الأول حال الانسحاب أو الفرار التي مارستها قوات "الدعم" أمام قوات الجيش من المناطق الداخلية في المدن، بينما كان الاحتكاك على المحاور الخارجية بين الطرفين، التي جرى فيها اكتشاف القدرات العسكرية المتقدمة للجيش على "الدعم السريع". من ثم كانت نتائج المعارك محسومة لصالحه، وذلك بعد دعم قدراته من قوات المشاة، فضلاً عن قدراته الجوية الممثلة في سلاح الطيران.

أما على المستوى السياسي فإن للجيش حلفاء من دارفور يقاتلون إلى جانبه، فضلاً عن جيوب محسوبة لصالحه ومعادية لـ"الدعم السريع" مثل الشيخ موسى هلال عم حميدتي ومؤسس الجنجويد الأول، وذلك فضلاً عن عدم قبول متوقع من جانب عبدالواحد نور وقبيلة الفور لسيطرة حميدتي على إقليم دارفور، وهو ما يرشح الإقليم لصراعات مسلحة في المستقبل القريب.

المؤشر الثاني لإصرار الجيش على عدم ترك دارفور في أيدي "الدعم السريع" هو استبساله ومن معه في معارك الفاشر، وكذلك وجود دعم إقليمي ودولي ممثلاً في السعودية ومصر ومجلس الأمن في فك الحصار عن الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

سيناريوهات محتملة

وطبقاً للمسارات العسكرية سالفة الذكر فإنه من المستبعد أن يتوقف الجيش السوداني على تخوم دارفور، لكنه في تقديرنا سيسعى إلى استعادة حامياته هناك التي فقدها، وربما يكون حسم الأمر في الفاشر لمصلحة الجيش مقدمة تحتمل سيناريوهين.

السيناريو الأول استمرار الجيش في التقدم مدعوماً بقدراته التي تطورت، وحاضنة شعبية آخذة في الاتساع نظراً إلى بزوغ أمل عودة السودانيين إلى بيوتهم، أما السيناريو الثاني فهو بدء مجهودات دولية وإقليمية لبحث مستقبل السودان، وليس فقط فكرة التفاوض مع "الدعم السريع".

وفي هذا السياق، تقف العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة بايدن قبل أيام من رحيلها على الفريق البرهان كعقبة كؤود بين الطرفين، وهي العقبة التي قد تدفع الرجل نحو الاتجاه إلى روسيا بخطوات أكثر جدية، ومن هنا قد نتوقع من إدارة ترمب تجميداً لهذه العقوبات ربما بشروط انخراط الجيش وقائده في التفاعل مع المعطيات المطروحة أميركياً في شأن وقف الحرب داخل السودان، وحال مستقبله السياسي وكذلك رغبة واشنطن في عدم إفلات السودان من مظلة النفوذ الأميركي خصوصاً والغربي عموماً، لمصلحة المعسكر الشرقي الممثل في روسيا والصين.

وطبقاً لهذا المشهد، فإن الخيارات السياسية للجيش في المرحلة المقبلة هي الأعقد، وربما تكون هذه الخيارات هي المؤشر الحقيقي الذي يمكن أن يبلور اتجاهات المستقبل للسودان من حيث استمرار الاحتقانات السياسية، أو القدرة علي بلورة معادلة استقرار سياسي يسمح بتقدم تنموي.

وغالب الظن أننا أمام السيناريوهات التالية، الأول الاعتماد على الحاضنة الشعبية الموقتة التي تبلورت للجيش تحت مظلة تزايد المطلب الشعبي في ضمان الأمن الإنساني للسودانيين، وعودة النازحين إلى مواطنهم. وطبقاً لذلك يتم الاستمرار في شيطنة كل القوى السياسية السودانية، والانخراط في مشروع يضمن سيطرة مطلقة على السلطة في السودان، مع الإعلان أنها مرحلة انتقالية، وذلك بالتوازي مع هندسة نوع من الموالاة السياسية للجيش معتمدة على قطاعات منزوعة السياسة.

هذا الخيار طرحه الفريق أول عبدالفتاح البرهان، حين قال إن نائبه ياسر العطا يملك مشروعاً يستبعد القوى السياسية القديمة، ويعتمد على الشباب. وهذا التوجه قد يجد داعمين إقلييمين عطفاً على ما أفرزته الحرب السودانية من انقسامات اجتماعية وقبلية من ناحية. وكذلك وجود حال قبول واسعة لفكرة الحاكم الفرد سواء من الجيش أو غيره، دعمتها إقليمياً حالتا كل من لبنان وسوريا، بعد أن دفع المجتمع الدولي في الحال اللبنانية إلى تولي موقع الرئاسة قائد الجيش. أما في سوريا فجرى قبول ترؤس أحمد الشرع للبلاد دون أية شرعية مؤسسة على حوار أو توافق وطني.

والسيناريو الثاني هو إدراك قادة الجيش أن مشروع تقسيم السودان ماثل وبقوة وتدفع إليه شركات عالمية حالياً، تسعى إلى نهب موارد دارفور خصوصاً الذهب والصمغ الغربي، بما لها من وكلاء محليين يدفعون نحو تكوين حكومة منفى بشعارات سياسية رنانة، فيتكرر بذلك مشهد الكونغو في السودان، التي يُنهب منها معدن الكولتان اللازم لبطاريات أجهزة الاتصال والسيارات، وذلك تحت مظلة صراع مسلح.

هذا الإدراك إذا تحقق في ذهنية قادة الجيش السوداني فربما ينحازون إلى خيارات خلق حال توافق وطني واسع، يضمن الحفاظ على التراب الوطني السوداني ويحقق أمنه القومي بعد أن تهدأ المدافع، مما يتطلب من الجيش في المرحلة المقبلة الوقوف على مسافة واحدة من كل المكونات السياسية السودانية، وعدم إعطاء وزن أعلى لهؤلاء الذين شاركوا في العمليات القتالية طمعاً ربما في إعادة سيطرتهم علي مفاصل الدولة السودانية، وكذلك تحجيم حال الاستقطاب السياسي بين الأطراف السودانية بخطط مدروسة، وأيضاً الدفع نحو حوارات متعددة المستويات في شأن مستقبل السودان.

وعليه، فإن دعم فكرة عقد النسخة الثانية من مؤتمر القوى السياسية السودانية بالقاهرة قد تكون خطوة في هذا الاتجاه، وأحسب أن الحوار حول العلاقات المدنية العسكرية في السودان طبقاً لنتائج هذه الحرب خطوة موازية من حيث الأهمية، التي يمكن أن يكون لها مسار منفصل بين خبراء ومتخصصين مستقلين. وإجمالاً يصنع المنتصرون التاريخ، المهم أن يكون هذا التاريخ صناعة لأمن ممتد واستقرار سياسي وصيانة للدولة من تقسيم يبدو مرئياً.

نقلا عن اندبندنت عربية

   

مقالات مشابهة

  • البرهان يُحدد شرطاً للتفاوض مع الدعم السريع
  • الجيش السوداني يحقق مكاسب هائلة في سعيه لاستعادة العاصمة التي مزقتها الحرب
  • في معتقلات الدعم السريع والإغتيال بالرصاص ..إستمرار حصد أرواح الشباب من قبل قوات حميدتي
  • بعد التقدم الميداني… ما خيارات الجيش السوداني؟
  • ما حقيقة الصورة المتداولة لـقبر حميدتي قائد الدعم السريع في السودان؟
  • حرب السودان: 12 مليون نازح وبنيةٌ صحية منهارة واستهدافٌ ممنهج للمستشفيات والأطباء
  • مواجهات ضارية بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” للسيطرة على جسر استراتيجي في الخرطوم
  • الأمم المتحدة تعرب عن قلقها من النزوح الجماعي للمدنيين من الفاشر
  • الأمم المتحدة تطلب من جوبا تلبية معايير انتخابات 2026
  • السودان يهاجم جنوب السودان .. اعتراف بمشاركة مرتزقة مع الدعم السريع